فبراير 5, 2025
upload_1738225189_1829351463

رياض سعد

الرئيس عبدالفتاح السيسي صرح أكثر من مرة : بان همه الاول والاخير مصر والمصريين ولا غير , فالرجل يبتغي من كل تحركاته واتفاقياته وتصريحاته مصلحة مصر والمصريين , وبالتالي لا يهم السيسي بعد تشخيص هدفه في علاقاته مع العراق , في ان تقيم احدى الشركات المصرية الوهمية دعوى ضد شركة الخطوط الجوية العراقية وتطالب العراق بخسارة مليار دولار , او ان تطالب الحكومة المصرية بإقرار رواتب تقاعدية للعمال المصريين الذين عملوا في العراق  وقد تم لهم ذلك ؛ وكأن المصريون لم يكتفوا بما نهبوه من العراق ايام شبابهم ؛ حتى طالبوا الحكومة العراقية برواتب تقاعدية مجزية بل لعلها اعلى من رواتب بعض المتقاعدين العراقيين , وهذه الحادثة الفريدة من نوعها في العالم , اوان تعمل الشركات المصرية في العراق , وترجع العمالة المصرية الى العراق مرة اخرى وبأعداد كبيرة ؛ فكل هذا لا يهم ؛ فالسيسي وغيره ينظرون للعراق كبقرة حلوب ليس الا .

ومن اخير الزيارات المصرية المشؤومة الى العراق وليس اخرها , زيارة رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي  في 30 يناير 2025 , وكالعادة وحسب الاسطوانة المخرومة ؛ جاءت الزيارة تحت عنوان : (( تعزيز التعاون الإقليمي  والعربي وتبادل الخبرات في القضايا المشتركة )) وقد وقع العراق ومصر 12 مذكرة تفاهم في مختلف المجالات ؛ كما فعلها من قبل , وقد أشار مدبولي إلى أنه سبق أن تم توقيع 11 مذكرة تفاهم في يونيو/حزيران 2023، وتم تعزيزها بتوسعتها وتنويعها إلى نحو 12 مذكرة في مجالات مختلفة … ؛ وأكد السوداني، خلال مؤتمر صحافي مع مدبولي : «توفر أرضية خصبة للتعاون والشراكة والتبادل التجاري والاقتصادي والتنموي والثقافي والعلمي»، لافتاً إلى أنه بلغ حجم التعاقدات مع الشركات المصرية لتنفيذ مشاريع البنى التحتية أكثر من 600 مليار دينار عراقي (460 مليون دولار).

وأكد مظهر محمد صالح مستشار رئيس مجلس الوزراء : (( أن مذكرات التفاهم التي أبرمها العراق مع مصر لا تحتاج إلى موافقة برلمانية، كونها تدخل ضمن صلاحيات السلطة التنفيذية الحصرية … ؛ وأشار صالح في حديث للجزيرة نت إلى أن هذه المذكرات لا تخضع لقانون الاتفاقات والمعاهدات رقم 35 لسنة 2015، والذي يستوجب تصويت مجلس النواب، بل هي مقدمة لبناء علاقات متينة بين البلدين الشقيقين اللذين يشكلان محورا أساسيا في الشرق الأوسط والعالم العربي … , وأوضح أن عددا كبيرا من مذكرات التفاهم قد وُقّعت، مما يرسي الأسس للتعاون الاقتصادي والثقافي والاجتماعي وبناء جسور من الثقة طويلة الأمد، مؤكدا أن العراق بحاجة إلى خبرة مصر واستقرارها، وأن البلدين يمثلان ركنا أساسيا في المنطقة العربية ؛ وشدد صالح على أهمية زيارة رئيس وزراء مصر للعراق وتوقيع مذكرات التفاهم العديدة، والتي تعد اللبنة الأولى لاتفاقات أكبر في المستقبل، وستساهم في تحقيق التنمية المستدامة بالعراق، مشددا على أن مصر ستستفيد من قدرات العراق التاريخية وموارده الاقتصادية , وأعرب عن اعتقاده بأن هذه المذكرات تمثل نقلة نوعية مهمة في العلاقات بين البلدين … )) .

ان اشادة مظهر محمد صالح بهذه الاتفاقيات ؛ تذكرني بتهريج وسائل اعلام البعث الصدامي البائد الذي اشاد بمجلس التعاون العربي  البائس والذي يضم العراق واليمن والاردن ومصر وقتذاك , وبالاتفاقيات التي عقدها مصطفى الكاظمي مع المصريين , وغيرها , والتي كانت عبارة عن حبر على ورق بالنسبة للعراق فهي اشبه بالمشاريع الوهمية او الرديئة او الصفقات الخاسرة , اذ لا يحصل العراق منها على اية فوائد حقيقية تذكر ؛ بل انما تصب تلك الاتفاقيات الباطلة لصالح الجانب المصري فقط , ولعل مشروع الشام او انبوب نفط العقبة والذي يهدف الى نهب نفط الجنوب لصالح مصر والاردن , من اوضح الشواهد على ما ذهبنا اليه .

واليكم بعض الامثلة على الاتفاقيات التي ابرمت بين الطرفين خلال هذه الاعوام ؛ فقد عقدت حكومة الكاظمي وغيرها اتفاقيات ومذكرات تفاهم في مجالات عدة :

1.      ـ ملف الإعمار والاسكان : اذ تمّ الاتفاق على توقيع اتفاقية الإعمار مقابل النفط  والمال ، حيث تقوم شركات مصرية بتنفيذ المشروعات الاسكانية والتنموية في العراق مقابل النفط الذي تستورده مصر من العراق وكذلك المال العراقي ؛ ولعل صفقة بناء مدينة سكنية من قبل شركة رجل الأعمال المصري المهندس نجيب ساويرس والذي تدور حوله شبهات الفساد والتلكؤ بإنجاز الاعمال الرصينة من الشواهد , فقد قدمت له الحكومة العراقية الارض وكافة التسهيلات ومع ذلك هنالك تلكؤ في العمل واستغلال وارباح خيالية واسعار باهظة ، ولأجل هذه الذرائع البائسة طلبت مصر مد انبوب نفط من البصرة اليها , ويمر عبر الاردن , والذي سوف يكلف العراق عشرات المليارات من الدولارات ؛ من أجل بيع مصر 1.5 مليون برميل شهرياً ؛ حيث ستحصل مصر على النفط العراقي بأقل من ثمنه بـ 16 دولارًا للبرميل …!!

والمصيبة ان ملكية هذا الانبوب تعود للاردن ومصر فيما بعد , وتشغل الاف الايدي العاملة الاردنية والمصرية , حيث ستقوم مصر بانشاء مصانع ومصافي تكرير المنتجات النفطية ؛ لتعيد بيعها علينا وبأضعاف مضاعفة , وكل هذا لا يهم ؛ فالمهم هو التضامن العربي والقومية العربية المريخية المتحدة , وجامعة الافلاس العربية ( والكلاوات ) القومجية ؛ ويدعي البعض اننا سوف نحصل كذلك من مصر على الخبرة ؛ فالخبرة المصرية في الاسكان معروفة , ولا أدري ان كانت مصر ذات خبرة في الاسكان , فلماذا تسقط البنايات السكنية في مصر بين الفينة والاخرى , وهل مصر اكثر خبرة من الصين او تركيا او كوريا الجنوبية او غيرها في الاسكان ؟!

2.      التبادل التجاري والاستثمار : فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين مصر والعراق في عام 2019 ما يقرب من 486 مليون دولار، حيث بلغت الصادرات المصرية إلى العراق 479 مليون دولار، وبلغت الواردات المصرية من العراق 7 ملايين دولار ؛ ومما لا شك فيه ان 7 ملايين من الواردات العراقية هي براميل النفط التي تباع بخسارة , انعم واكرم بهكذا تبادل تجاري , هذه التجارة والا فلا  ؛ واما الاستثمارات فهي مصرية فقط وقد مر عليكم استثمار نجيب ساويرس – ( ومن هل المال حمل اجمال )  …!!

3.      الصناعة: الاتفاق على فتح السوق العراقية أمام المنتجات المصرية، من خلال سعي العراق إلى تنظيم معرض دائم للمنتجات المصرية في السوق العراقية وتقديم كافة أشكال الدعم له؛ فهناك عدد من الصناعات التي تمثّل فرصة للشركات المصرية بالسوق العراقي، منها الجلود والسيراميك والأدوية والحديد والبتروكيماويات ؛ ولا ارى مثالا ينطبق على مصيبتنا اكثر من المثل الشعبي القائل : (( جمل الغركانه غطه )) فالسوق العراقية التي تم اغراقها بالبضائع التركية والايرانية والسعودية والكويتية والاردنية والسورية والامارتية  وغيرها ؛ والتي تعاني من كثرة العرض وقلة الطلب بسبب الفائض وهروب العملة الصعبة والاموال العراقية الى الخارج ؛ لا تحتاج الى مصيبة مصرية اخرى ؛ بل اننا اليوم بأمس الحاجة الى ايقاف الاستيرادات وغلق الحدود , واحياء الصناعة الوطنية والعمل على الاكتفاء الذاتي , ومنع تهريب العملة الصعبة ؛ ولكن مصر كالعادة تحب المشاركة مع الاخرين في سفك الدم العراقي ونهب الثروات الوطنية وتخريب الصناعات العراقية وتعطيل الطاقات البشرية .

4.      النقل : طلبت حكومة الكاظمي وبذريعة التعاون في مجال النقل , من مصر صيانة الطائرات العراقية , وكأن الفرق الفنية العراقية غير موجودة , او لا يستطيع العراق ارسال الكوادر الفنية والتخصصية الى الخارج لدخول الورش والدورات ,  وفي زيارة مدبولي الاخيرة ايضا ابرمت حكومة السوداني مذكرة تفاهم للنقل البري للأشخاص والبضائع بين وزارتي النقل في البلدين , ولا ادري أيوجد عراقي يفضل قطع مئات الكيلومترات من اجل زيارة مصر , لاسيما وان مصر متشددة فيما يخص دخول العراقيين , فضلا عن سوء معاملتهم واستغلالهم  وسرقتهم من قبل المصريين وشركات السياحة المصرية , نعم ان هذا الاتفاق يصب في صالح مصر , اذ سوف يتوافد المصريون علينا للعمل في العراق ومنافسة اليد العاملة الوطنية …!!

5.      الكهرباء: الاتفاق على نقل الخبرات المصرية في مجال الكهرباء من حيث تصنيع الكابلات وإنشاء محطات إنتاج الكهرباء، وتصنيع العدّادات الحديثة إلى العراق، والمساهمة في إعادة إعمار الشبكة العراقية؛ بالإضافة إلى إمكانية تصدير مصر الكهرباء إلى العراق، حيث حقّقت مصر فائضاً في إنتاج الكهرباء بأكثر من 27 ألف جيجاوات نتيجة لمشروعات إنتاج الكهرباء التي أنجزتها خلال السنوات الست السابقة … ؛ وهذه الاتفاقية التي وقعت عليها حكومة الكاظمي مما تضحك لها الثكلى , اذ ان مصر تتعاقد مع الشركات الاجنبية في مجال الكهرباء , والعراق يهرول لها ويترك الاجانب الخبراء , وهل مصيبة الكهرباء في العراق والتي عجز سكان الارض والسماوات والدول الشرقية والغربية مجتمعة عن حلها , يستطيع (الكدعان ) حلها وبكل بساطة ؟!

6.      التعليم: اذ تمّ توقيع برنامج تنفيذي بين الدولتين في مجال التعليم العالي في الفترة من2020 -2022 ، ويتضمّن تبادل أعضاء هيئة التدريس في مختلف التخصصات لتقديم المحاضرات وتبادل الخبرات … ؛ واسفرت تلك الاتفاقية عن مجيء مئات الاساتذة المصريين الى العراق مما أثر سلبا على الاساتذة العراقيين , فقد تم الاستغناء عنهم بسبب منافسة الاساتذة المصريين لهم , لان المصريون يقبلون بأجور أقل , واغلب هؤلاء الاساتذة من ذوي التوجهات الطائفية والتكفيرية والقومجية ومن محبي المجرم صدام ,  وتمت زيادة عدد الدارسين العراقيين في مصر؛ فهناك نحو 22 ألف طالب عراقي في مصر بمرحلتي البكالوريوس والدراسات العليا ؛ وكأنما مصر تفضلت علينا بالسماح لنا بإرسال المزيد من الطلبة العراقيين الذين سوف يخسرون الاف الدولارات ؛ والذين طالما تعرضوا للمضايقات والاستغلال وسوء المعاملة في مصر ؛ وهذه الاتفاقية كأخواتها هدفها نفع مصر ونهب العراق فحسب ...!!

ولكي لا تختلط الاوراق , وبالمختصر المفيد , فقد ابرمت حكومة السوداني مع مدبولي والحكومة المصرية 12 مذكرة تفاهم في مجالات كثيرة بينها النقل والتنمية المحلية والتجارة وصيانة الصوامع والاتصالات … .

وتوقيع بروتوكول تعاون في مجال التنمية المحلية بين أمانة بغداد ومحافظة القاهرة ؛ علما ان القاهرة مليئة بالأوساخ والمشاكل البلدية والعامة ؛ وامانة بغداد معروفة للعراقيين , وعليه ارى ان المثل المصري الشعبي يصح ان يكون عنوانا لهذا التعاون : ((اتلم المتعوس على خايب الرجا )) …!!

ومذكرة تفاهم في مجال تعزيز المنافسة ومكافحة الممارسات الاحتكارية بين مجلس شؤون المنافسة ومنع الاحتكار في العراق، وجهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية بمصر.

وفي مجال الآثار والمتاحف تم توقيع مذكرة تفاهم بين الهيئة العامة للآثار والتراث بوزارة الثقافة العراقية والمجلس الأعلى للآثار المصرية.

و توقيع مذكرة تفاهم في مجال التقييس والسيطرة النوعية.

ومذكرة تفاهم للتعاون في مجال تنظيم الرقابة والإشراف على الأسواق المالية.

والبرنامج التنفيذي بين وزارتي الثقافة في البلدين للأعوام من 2025-2027.

ولا اعلم ماذا يقصد مستشارنا الموقر بهذه العبارة : (( أن مصر ستستفيد من قدرات العراق التاريخية وموارده الاقتصادية )) فما هي القدرات التاريخية , وما علاقة مصر بالقدرات التاريخية العراقية , وكيف تستفيد مصر منها ؟

وهل وظيفة مستشارنا الموقر مظهر محمد صالح بيان كيفية استفادة المصريين من خيرات العراق , وما دوره في قلب المعادلة , و العمل على استفادة العراقيين من مصر والمصريين , لعل مستشارنا يعلم علم اليقين ان هذا الامر يعتبر من المستحيلات , فدونه خرط القتاد كما يقولون , وبما اني مولع بالأمثال الشعبية اعتقد ان المثل الشعبي العراقي يبين لنا صعوبة استفادة العراق من مصر : (( يطلب من الحافي نعال )) .

وللحديث بقية … .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *