فبراير 5, 2025
Dr Fadhil Sharif

فاضل حسن شريف

عن تفسير الجلالين لجلال الدين السيوطي: قال الله تعالى “فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ” إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ” (البقرة 182) “فمن خاف من موص” مخففا ومثقلا “جنفا” ميلا عن الحق خطأ “أو إثما” بأن تعمَّد ذلك بالزيادة على الثلث أو تخصيص غني مثلا، “فأصلح بينهم” بين الموصي والموصى له بالأمر بالعدل “فلا إثم عليه” في ذلك، “إن الله غفور رحيم”.

وعن تفسير الميسر: قوله سبحانه “حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ” ﴿المائدة 3﴾ مُتَجَانِفٍ اسم. متجانف: مائل جائر، منحرف. مُتَجانِفٍ: مائل أو راغب و متعمد. مُتجانف لإثم: مائل إليه يتجاوز قدر الضرورة. حرَّم الله عليكم الميتة، وهي الحيوان الذي تفارقه الحياة بدون ذكاة، وحرَّم عليكم الدم السائل المُراق، ولحم الخنزير، وما ذُكِر عليه غير اسم الله عند الذبح، والمنخنقة التي حُبِس نَفَسُها حتى ماتت، والموقوذة وهي التي ضُربت بعصا أو حجر حتى ماتت، والمُتَرَدِّية وهي التي سقطت من مكان عال أو هَوَت في بئر فماتت، والنطيحة وهي التي ضَرَبَتْها أخرى بقرنها فماتت، وحرَّم الله عليكم البهيمة التي أكلها السبُع، كالأسد والنمر والذئب، ونحو ذلك. واستثنى -سبحانه- مما حرَّمه من المنخنقة وما بعدها ما أدركتم ذكاته قبل أن يموت فهو حلال لكم، وحرَّم الله عليكم ما ذُبِح لغير الله على ما يُنصب للعبادة من حجر أو غيره، وحرَّم الله عليكم أن تطلبوا عِلْم ما قُسِم لكم أو لم يقسم بالأزلام، وهي القداح التي كانوا يستقسمون بها إذا أرادوا أمرًا قبل أن يقدموا عليه. ذلكم المذكور في الآية من المحرمات -إذا ارتُكبت- خروج عن أمر الله وطاعته إلى معصيته. الآن انقطع طمع الكفار من دينكم أن ترتدوا عنه إلى الشرك بعد أن نصَرْتُكم عليهم، فلا تخافوهم وخافوني. اليوم أكملت لكم دينكم دين الإسلام بتحقيق النصر وإتمام الشريعة، وأتممت عليكم نعمتي بإخراجكم من ظلمات الجاهلية إلى نور الإيمان، ورضيت لكم الإسلام دينًا فالزموه، ولا تفارقوه. فمن اضطرَّ في مجاعة إلى أكل الميتة، وكان غير مائل عمدًا لإثم، فله تناوله، فإن الله غفور له، رحيم به.

جاء في تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قال الله تعالى “فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ” ﴿البقرة 182﴾ “فمن خاف” أي خشي وقيل علم لأن في الخوف طرفا من العلم وذلك أن القائل إذا قال أخاف أن يقع أمر كذا فكأنه يقول أعلم وإنما يخاف لعلمه بوقوعه ومنه قوله “وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم” وقوله “إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله” “من موص جنفا” أي ميلا عن الحق فيما يوصي به فإن قيل كيف قال فمن خاف لما قد وقع والخوف إنما يكون لما لم يقع قيل أن فيه قولين (أحدهما) أنه خاف أن يكون قد زل في وصيته فالخوف يكون للمستقبل وهومن أن يظهر ما يدل على أنه قد زل لأنه من جهة غالب الظن ( والثاني ) أنه لما اشتمل على الواقع وعلى ما لم يقع جاز فيه خاف فيأمره بما فيه الصلاح فيما لم يقع وما وقع رده إلى العدل بعد موته وقال الحسن الجنف هو أن يوصي به في غير قرابة وإنما قال ذلك لأن عنده الوصية للقرابة واجبة والأمر بخلافه وقيل المراد من خاف من موص في حال مرضه الذي يريد أن يوصي جنفا وهو أن يعطي بعضا ويضر ببعض فلا إثم عليه أن يشير عليه بالحق ويرده إلى الصواب ويصلح بين الموصي والورثة والموصى له حتى يكون الكل راضين ولا يحصل جنف ولا إثم ويكون قوله “فأصلح بينهم” أي فيما يخاف بينهم من حدوث الخلاف فيه فيما بعد ويكون قوله “فمن خاف” على ظاهره ويكون الخوف مترقبا غير واقع وهذا قريب غير أن الأول عليه أكثر المفسرين وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليه السلام.  وقوله “أو إثما” الإثم أن يكون الميل عن الحق على وجه العمد والجنف أن يكون على جهة الخطأ من حيث لا يدري أنه يجوز وهو معنى قول ابن عباس والحسن وروي ذلك عن أبي جعفر عليه السلام “فأصلح بينهم” أي بين الورثة والمختلفين في الوصية وهم الموصى لهم “فلا إثم عليه” لأنه متوسط مريد للإصلاح وإنما قال “لا إثم عليه” ولم يقل يستحق الأجر لأن المتوسط إنما يجري أمره في الغالب على أن ينقص صاحب الحق بعض حقه بسؤاله إياه فبين سبحانه لنا أنه لا إثم عليه في ذلك إذا قصد الإصلاح وقيل إنه لما بين إثم المبدل وهذا أيضا ضرب من التبديل بين مخالفته للأول بكونه غير مأثوم برده الوصية إلى العدل “فإن الله غفور رحيم” يعني إذا كان يغفر الذنوب ويرحم المذنب فأولى وأحرى أن يكون كذلك ولا ذنب وروي عن الصادق عليه السلام في قوله “جنفا أو إثما” أنه بمعنى إذا اعتدى في الوصية وزاد على الثلث وروي ذلك عن ابن عباس وروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم أنه قال من حضره الموت فوضع وصيته على كتاب الله كان ذلك كفارة لما ضيع من زكاته في حياته وبالله التوفيق.

جاء في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله سبحانه “حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ” ﴿المائدة 3﴾  قوله تعالى: ” فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ” المخمصة هي المجاعة، والتجانف هو التمايل من الجنف بالجيم وهو ميل القدمين إلى الخارج مقابل الحنف بالحاء الذي هو ميلهما إلى الداخل. وفي سياق الآية دلالة أولا على أن الحكم حكم ثانوي اضطراري، وثانيا على أن التجويز والإباحة مقدر بمقدار يرتفع به الاضطرار ويسكن به ألم الجوع، وثالثا على أن صفة المغفرة ومثلها الرحمة كما تتعلق بالمعاصي المستوجبة للعقاب كذلك يصح أن تتعلق بمنشئها، وهو الحكم الذي يستتبع مخالفته تحقق عنوان المعصية الذي يستتبع العقاب.

جاء في موقع فيصل نور عن من صور البديع في تفسير أبي السعود للدكتور سامي عطا حسن: من صور الطباق في تفسير أبي السعود: قوله تعالى: “فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ” (البقرة 182) “فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ” أي توقعَ وعلِم (جَنَفًا) أي ميلاً بالخطأ في الوصية “أَوْ إِثْمًا” أي تعمداً للجنف “فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ” أي بـين المُوصىٰ لهم بإجرائهم على منهاج الشريعةِ الشريفةِ “فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ” أي: في هذا التبديل، لأنه تبديلُ باطلٍ إلى حق، بخلاف الأول “إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ” وعدٌ للمُصْلِح، وذكرُ المغفرة لمطابقة ذكرِ الإثم، وكونِ الفعل من جنس ما يُؤثِم.

الاصلاح بين الناس هو الخير “أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ” (البقرة 224)، والاصلاح الى اليتامى “وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَىٰ قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ” (البقرة 220)، وعند حصول مشاكل بين الناس فعليك بالاصلاح”فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ” (البقرة 182)، والاصلاح بين افراد الاسرة “وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَٰلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا” (البقرة 228)، “إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا” (النساء 35)، والاصلاح بين الناس يعتبر معروف وصدقة “الَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ” (النساء 114)،  والاصلاح بين الناس من التقوى “فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ” (الانفال 1)، والاصلاح بين المؤمنين “إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ” (الحجرات 10).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *