فبراير 4, 2025
download (1)

الشيخ عز الدين محمد البغدادي

عندما اندلعت احداث “الربيع العربي” سنة 2011 مع ما نتج عنها، حاولت ان ادرس ذلك وأقدم رؤية فقهية واقعية لما حصل، حيث هناك نظريتان في الفكر السياسي الاسلامي في التعامل مع الحاكم الجائر، الاولى هي نظرية الثورة والثانية نظرية الطاعة. والبحث صار احد اهم فصول كتاب “وظيفة الرعية في السياسة الشرعية” والتي ناقشت فيها ادلة النظريتين، وتبين لي أن مفردة “الثورة” التي كانت تمثل شيئا جميلا ومقدسا في المفاهيم السياسية للجمهور هي خيار صعب جدا، وخطير جدا خصوصا اذا اقترن بالسلاح.

كما ناقش الكتاب مفاهيم من قبيل “الفتنة” و”البغي” “وجهاد المحتل” وغيرها مما يرتبط بالموضوع. عموما كان الرأي السائد في الفكر السياسي الاسلامي يميل لنظرية الثورة باعتباره تطبيقا لمبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتطبيقا لفكرة الجهاد. إلا أن معظم الفقهاء السنة والشيعة معا تغيرت رؤيتهم بفعل التجارب الواقعية، وصاروا أبعد عن فكرة الثورة. نعم اختلف التعبير عندهم ففي الفقه الشيعي كان يعبر عنها بالتقية؛ أما في الفقه السنة فلم يكن مصطلح التقية يستخدم كثيرا. وقبل هؤلاء كانت هناك حكم سياسية لا سيما عند الفرس حيث كان ينظر اليهم باعتبارهم أصحاب رؤية في السياسية، وكان من تلك العبارات “ملك غشوم (اي ظالم) ولا فتنة تدوم”.

أبعد الناس عن السياسة هم المتدينون، وهم أفقرهم نظرا في ذلك وأضعفهم تدبيرا. والأنكى من ذلك أنهم لا يعرفون حدود قابلياتهم، ويعتقدون بأن الحق معهم وأنهم يمثلون سلطة مطلقة لا تقف عند حد. ولهذا كلما خبت نارهم نفخ العدو فيها لأنهم يعرفون بأنهم الاقدر على تدمير البلاد والعباد.

عندما يكون ظلم الحاكم مبررا للثورة عليه، أفلا يفترض أن تتصرف بطريقة عادلة وحكيمة؟ ماذا لو استبدل الظلم بظلم أشد منه؟ فكيف اذا اضفت الى ذلك استبدال العمران بالخراب؟ ما يحدث لا يمكن تفسيره الا بكونه مشروع خراب وتدمير بكل ما تعنيه الكلمة، وبلا حدود.

(ملاحظة: تم حذف الفيديو المرفق لبشاعته ومراعاة لسياسة الفيس بوك)

عز الدين البغدادي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *