![462544723_1291057058981629_3759163500101657650_n](https://iraqination.net/wp-content/uploads/2025/01/462544723_1291057058981629_3759163500101657650_n-1024x1024.jpg)
حسين الشمري
التداخل بين المحكمة الاتحادية ومجلس القضاء الأعلى والأحزاب السياسية:
أزمة توازن السلطات في دولة القانون🛑
في ظل الأنظمة الديمقراطية، يُعد الفصل بين السلطات أحد المبادئ الأساسية التي تضمن العدالة والاستقرار. لكن عندما تصبح المؤسسات القضائية مسرحًا للصراعات السياسية، ينهار هذا التوازن، ما يؤدي إلى اهتزاز ثقة المواطن بالدولة. الصراع القانوني بين المحكمة الاتحادية ومجلس القضاء الأعلى ليس مجرد خلاف إداري أو قانوني، بل هو جزء من ديناميكيات أوسع تُشكِّلها المصالح الحزبية والسياسية وهو موجود في اغلب دول العالم حتى المتقدمة ..
—
المحور الأول: الجذور القانونية للصراع
اختلاف المهام والصلاحيات:
المحكمة الاتحادية تتمتع بصلاحيات دستورية عليا مثل تفسير النصوص الدستورية وحسم النزاعات بين السلطات. في المقابل، مجلس القضاء الأعلى مسؤول عن تنظيم عمل المحاكم والإشراف على القضاء العادي. لكن الخلاف يظهر عند تداخل هذه الصلاحيات، خاصة فيما يتعلق بالقضايا السياسية الكبرى، مثل الانتخابات أو القرارات المصيرية.
غياب التشريعات الواضحة:
هناك فراغ قانوني في بعض النصوص الدستورية، ما يترك المجال مفتوحًا للتأويل.
هذا الفراغ يمنح الأطراف المختلفة، سواء المحكمة أو المجلس، فرصة للمطالبة بصلاحيات إضافية وهو امر طبيعي لتدارك حداثة التطور القانوني والمجتمعي .
—
المحور الثاني: التدخل السياسي وتأثير الأحزاب
السيطرة على القضاء:
تسعى بعض الأحزاب السياسية إلى التأثير على القرارات القضائية من خلال الضغط على القضاة أو التدخل في عملية تعيينهم. هذا التدخل يضعف استقلالية القضاء ويخلق انقسامات داخل المؤسسة القضائية نفسها وهناك برامج واليات لمعالجة هذا الامر سواء من مجلس القضاء او المحكمة الاتحادية ذاتها للحد من التدخل في عمل القضاء .
القضايا الكبرى كساحة للصراع:
الانتخابات: المحكمة الاتحادية دائمًا ما تكون في قلب النزاعات المتعلقة بنتائج الانتخابات.
تشريع القوانين: أحيانًا تُستخدم المحكمة كأداة لتعطيل أو تمرير قوانين تخدم أجندات حزبية.
توزيع الثروات: مثل قضايا النفط والغاز التي تُعد من أبرز الملفات الخلافية بين الحكومة الاتحادية والإقليم.
—
المحور الثالث: التأثير على الدولة والمجتمع
تآكل ثقة المواطن في القضاء:
عندما تصبح القرارات القضائية مشوبة بالتأثير السياسي او يتم فهمها على هذهِ الشاكلة من قبل المجتمع، يفقد المواطن ثقته في القضاء كضامن للعدالة.
تعطيل المؤسسات الديمقراطية:
الصراعات القضائية والسياسية تؤدي إلى تعطيل عمل البرلمان والحكومة، مما ينعكس سلبًا على التنمية والاستقرار.
الاستقطاب المجتمعي:
يُستخدم الصراع القضائي لإذكاء الانقسامات بين فئات المجتمع، سواء كانت طائفية، قومية، أو حزبية.
—
المحور الرابع: نماذج من الواقع
قرارات المحكمة الاتحادية المثيرة للجدل:
مثل رفضها بعض القوانين الانتخابية أو تدخلها في النزاعات بين الإقليم والمركز، مما أثار حفيظة بعض الكتل السياسية. والامر طبيعي بحد ذاته لأن عمل المحكمة المحترمة يستوجب التدخل القانوني واصدار قرارات قانونية عامة ..
—
المحور الخامس: الحلول الممكنة
إصلاح النظام القضائي:
تعزيز التشريعات التي تُحدد بوضوح صلاحيات كل من المحكمة الاتحادية ومجلس القضاء الأعلى.
ضمان استقلالية القضاء من خلال تقوية الآليات التي تحمي القضاة من الضغوط السياسية.
تعزيز الشفافية والمساءلة:
نشر القرارات القضائية مع توضيح أسبابها لتقليل الشكوك حول حياديتها واعداد برامج ثقافية وقانونية تابعة لمؤسسة مجلس القضاء الموقر والمحكمة الاتحادية المحترمة .
الحد من التدخل السياسي:
فرض عقوبات على الأحزاب التي تتدخل في شؤون القضاء وتخاطب القضاء بلهجة غير مُلائمة.
وتوعية المواطنين بدور القضاء المستقل كضمانة لدولة القانون.
بين التحدي والإصلاح🛑
الصراع بين المحكمة الاتحادية ومجلس القضاء الأعلى والأحزاب السياسية يعكس أزمة عميقة في بنية النظام السياسي والقانوني في الدولة. إن استعادة الثقة بالنظام القضائي تتطلب جهودًا مشتركة تشمل إصلاح القوانين، تقوية المؤسسات، وتعزيز ثقافة احترام الفصل بين السلطات. بدون هذه الإصلاحات، ستبقى الدولة عالقة في دائرة مفرغة من الأزمات.
المحامي حسين الشمري