الكاتب : فاضل حسن شريف
عن تفسير الميسر: قال الله تعالى عن أمة “وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ” ﴿النمل 83﴾ ويوم نجمع يوم الحشر من كل أمة جماعة، ممن يكذب بأدلتنا وحججنا، يُحْبَس أولهم على آخرهم، ليجتمعوا كلهم، ثم يساقون إلى الحساب. وجاء في تفسير الجلالين لجلال الدين السيوطي: قال الله تعالى عن أمة “وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ” (النمل 83) “و” اذكر “يوم نحشر من كل أمة فوجاً” جماعة “ممن يكذب بآياتنا” وهم رؤساؤهم المتبعون “فهم يوزعون” أي يجمعون برد آخرهم إلى أولهم ثم يساقون.
وعن تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قال الله تعالى عن أمة “وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ” ﴿النمل 83﴾ أي يدفعون عن ابن عباس وقيل يحبس أولهم على آخرهم واستدل بهذه الآية على صحة الرجعة من ذهب إلى ذلك من الإمامية بأن قال إن دخول من في الكلام يوجب التبعيض فدل ذلك على أن اليوم المشار إليه في الآية يحشر فيه قوم دون قوم وليس ذلك صفة يوم القيامة الذي يقول فيه سبحانه “وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا”. وقد تظاهرت الأخبار عن أئمة الهدى من آل محمد صلى الله عليه وآله وسلّم في أن الله تعالى سيعيد عند قيام المهدي قوما ممن تقدم موتهم من أوليائه وشيعته ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته ويبتهجوا بظهور دولته ويعيد أيضا قوما من أعدائه لينتقم منهم وينالوا بعض ما يستحقونه من العذاب في القتل على أيدي شيعته والذل والخزي بما يشاهدون من علو كلمته ولا يشك عاقل أن هذا مقدور لله تعالى غير مستحيل في نفسه وقد فعل الله ذلك في الأمم الخالية ونطق القرآن بذلك في عدة مواضع مثل قصة عزير وغيره على ما فسرناه في موضعه وصح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم قوله (سيكون في أمتي كل ما كان في بني إسرائيل حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة حتى لو أن أحدهم دخل جحر ضب لدخلتموه). على أن جماعة من الإمامية تأولوا ما ورد من الأخبار في الرجعة على رجوع الدولة والأمر والنهي دون رجوع الأشخاص وإحياء الأموات وأولوا الأخبار الواردة في ذلك لما ظنوا أن الرجعة تنافي التكليف وليس كذلك لأنه ليس فيها ما يلجىء إلى فعل الواجب والامتناع من القبيح والتكليف يصح معها كما يصح مع ظهور المعجزات الباهرة والآيات القاهرة كفلق البحر وقلب العصا ثعبانا وما أشبه ذلك ولأن الرجعة لم تثبت بظواهر الأخبار المنقولة فيتطرق التأويل عليها وإنما المعول في ذلك على إجماع الشيعة الإمامية وإن كانت الأخبار تعضده وتؤيده ومن قال إن قوله “ويوم يحشر من كل أمة فوجا” المراد به يوم القيامة قال المراد بالفوج الجماعة من الرؤساء والمتبوعين في الكفر حشروا وجمعوا لإقامة الحجة عليهم.
وعن التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قال الله تعالى عن أمة “وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ” ﴿النمل 83﴾ “ممن يكذب” من هنا بيانية، وليست للتبعيض، مثلها في قوله تعالى: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثانِ أي كل الأوثان لا بعضها، والمعنى ان في الأمم مصدقين بآيات اللَّه ومكذبين بها، واللَّه سبحانه يحشر غدا للحساب والجزاء جميع المكذبين دون استثناء، ومعلوم ان اللَّه سبحانه يحشر المصدقين والمكذبين، ولكن الغرض من ذكر المكذبين التهديد والوعيد “فَهُمْ يُوزَعُونَ” تمنعهم الملائكة من الذهاب يمنة ويسرة، وتسوقهم إلى الموقف سوق النعاج إلى الذبح.
جاء في موقع مؤسسة تراث الشهيد الحكيم عن مفهوم الامة في السياق القرآني للدكتور محمد جعفر العارضي: الأمَّة: جماعة تجتمع على أمر ما، من دين، او مكان،او زمان. وردت لفظة (الأُمَّة) في القرآن الكريم في دلالتها الاجتماعية (56 مرة. وعلى الرغم من تعدد السياقات التي تحتوي هذه اللفظة، وكثرة تفريعاتها، ومن ثمَّ كثرة دلالاتها، الا إنَّنا نجد السيد محمد باقر الحكيم قدس سره قد أدار هذا التعدد السياقي وعالجه معالجة شاملة منتجة، فبدا ممهدا تارة، و مستنتجا تارة اخرى فتناول مفهوم (الأُمَّة) بلحاظين هما: تناوله بلحاظ دلالته على البعد الاجتماعي المجرد، بمعنى دلالته على (مجرد الجماعة) البشرية (التي تربطها رابطة الاجتماع). و من ذلك قوله تعالى: “نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ” (النحل 92) وورد لفظ الامة في: النساء: 41، الانعام: 42، 48، الاعراف: 160، 168، يونس: 47، النحل: 36، 63، 84، 89، المؤمنون: 44، النمل: 83 “وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ” (النمل 83)، القصص: 23، 75، العنكبوت: 18، فاطر: 24، غافر: 5.. وتناوله بلحاظ دلالته على البعد المعنوي و الفكري للجماعة البشرية.
عن شبكة الألوكة الشرعية مفهوم ومقومات الأمة في النص القرآني للكاتب الدكتور أسعد بن أحمد السعود: لأمة في ظل قيادة النبي: لقد نفَذ أمرُ الله في خلقِ أُمة محمد كما دعا لها إبراهيم عليه السلام، وأول ذِكرٍ لها جاء في التوراة، فبشَّر بها نبي الله موسى عليه السلام قومَه بني إسرائيل، فلما حرِّفت التوراة من بعد موسى غاب الخبر عنها، وعندما بعَث الله عيسى ابن مريم نبيًّا إلى بني إسرائيل، جدَّد ذكر محمد صلى الله عليه وسلم والمؤمنين به في الإنجيل، وبشَّرهم به، لكنهم حرَّفوا الإنجيل وغاب ذكرُها ثانيةً، ولَمَّا تحقَّقت بَعثة النبي صلى الله عليه وسلم، وبدأت علامات الأمة تظهر تِباعًا على الملأ جميعًا، جاءت آيات الله في القرآن العظيم تَكشف كل ذلك: أولًا: ذكر صفات أمة محمد في التوراة: قال تعالى:” مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ” (الفتح 29). 1- علامات الإيمان والمؤمنين في مَثَلِ الأمة في التوراة: الركوع والسجود، وسِيمَا ذلك في الوجوه. 2- علامات نصر النبي ودِينه في مَثَلِ الأمة في التوراة: الشِّدة على الكفار، والرحمة بين المؤمنين. ثانيًا: ذكر صفات أمة محمد في الإنجيل: قال تعالى:” وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ” (الفتح 29). 1- علامات الإيمان والمؤمنين في مَثَلِ الأمة في الإنجيل: ارتباطهم بِنَبِيِّهم كارتباط الزرع بالشَّطءِ، حُبٌّ شديد وفِداء. 2- علامات نصر النبي ودينه في مَثَلِ الأمة في الإنجيل: فاستغلَظ، فاستوى، إغاظة الكفار دليل القوة ووَحدة الصف المتين. ثالثًا: مثل أمة محمد والمؤمنين في القرآن العظيم: جاء في خواتيم سورة البقرة من القرآن العظيم الآية الشاملة المباركة التي تلخِّص وتجمع معنى الإيمان، قال تعالى:” آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ” (البقرة 285). وربما يقول قائل: هذه صفات إيمان عامة غير ثابتة عند أمة محددة معينة، فأين أولئك الذين تتجمَّع بهم الأُمة، ويكونون أركانها إذا ما غاب عنها النبي وأصبحتْ أُمة بلا نبي؟