فاضل حسن شريف
جاء في کتاب الإسلام والمسيحية سفينتان ترسيان على شاطئ الحق للشيخ محمد جان وهبي أبو جودة: أن افتراض أن يساوي أحدهم أخاه في المعرفة يستلزم امتلاك الأول نفس مدركات ومعلومات الثاني دون فرق. لا بزيادة ولا نقصان، وبذلك يعلم كل المسائل تماماً مثله، ومما لاشك فيه فإن الله تعالى كامل المعرفة، مما يحتم على المسيح عليه السلام أن يكون كامل المعرفة ليكون مساوياً لله كما يزعم، ولكن هل هو كامل المعرفة ليكون مساوياً لله كما يزعم، وهل يتبنى الكتاب المقدس فكرة أن المسيح كامل المعرفة؟ قطعاً لا والدليل أنه عندما سئل المسيح عليه السلام من قبل تلاميذه عن تاريخ اليوم الآخر، والذي لا يعلم به أحد سوى الله، لم يجبهم بأنه يعلمه ولم يقل أنه لا يريد الإفصاح عنه لأنه سر، بل قال: (وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد ولا الملائكة الذين في السماء ولا الابن إلا الأب وحده). مرقص 13: 32. وهكذا يكون المسيح قد اعترف بأنه لا يملك العلم المطلق لكل شيء، وأقرّ بأن الله تعالى وحده كامل المعرفة وهذا واضح في القرآن الكريم حيث نقرأ في سورة البقرة 33 بسم الله الرحمن الرحيم “ألم أقل لكم إنّي أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون (33)” (البقرة 33) وفي شأن معرفة المسيح ينقل عنه القرآن أنه قال: (تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنّك أنت علام الغيوب (116)” (المائدة 116) سورة المائدة / 116 / والخلاصة الثابتة ان المسيح عليه السلام باعترافه ليس مساوياً لله بالمعرفة.
وعن علاقة السيد المسيح عليه السلام بالشيطان يقول الشيخ محمد جان وهبي أبو جودة: أغرب الروايات المدونة في الكتاب المقدس، حيث نسب إلى المسيح عليه السلام، أنه جرّب من إبليس اللعين فترة أربعين يوم، وهذا نصها (وللوقت أخرجه الروح إلى البرية وكان هناك في البرية أربعين يوماً يجرّب من الشيطان وكان مع الوحوش وصارت الملائكة تساعده). فضلاً عن استحالة تطبيق هذا النص على الله عزّوجلّ، فإنه لا يجوز أيضاً أن ينسب للمسيح عليه السلام لعدة أسباب أبرزها. (أ) كون المسيح عليه السلام نبياً من عند الله، مما يوجب عصمته عن أي خطأ، فلا يعود هنالك من مبرر للتجربة التي تعرض لها. (ب) كون الله تعالى لا يسمح بتجريب أنبيائه، سيما من إبليس اللعين.. (ج) لأن الشيطان لا يستطيع الاقتراب من عباد الله المخلصين، فما بالك الأنبياء المعصومين. فقد ورد في القرآن الكريم أن الشيطان توعد وهدد بإغواء جميع البشر باستثناء العباد المؤمنين المخلصين الذين لا يتأثرون بإغواءات الشيطان وأساليبه الماكرة إذ تقرأ في سورة الحجر 40 “ولأغوينّهم أجمعين (39) إلا عبادك منهم المخلصين (40)” (الحجر 39-40) فهل كان قادراً على إغوائهم ولم يرد ذلك؟ كلا على الإطلاق فهو يمثل قوى الشر التي لا تهاب شيئاً سوى قوى الخير والإيمان المزروعة داخل أولئك العباد المؤمنين. وإذا افترضنا أن المسيح هو الله تعالى كما تزعم الكنيسة، لابد لنا من حذف هذا النص من الكتاب المقدس لأنه يتنافى مع ما ورد في يعقوب 1: 13 حيث يقول: (لأن الله غير مجرب بالشرور وهو لا يجرب أحداً) فكيف تستطيع الكنيسة أن تجمع بين النقيضين، وتثبت أن الله تعالى قد جرب من إبليس اللعين الذي هو أصل كل الشرور وإنه في نفس الوقت لا يجرب بالشرور كما ورد أعلاه.
وعن الثالوث يقول الشيخ أبو جودة في كتابه: إذا أردنا أن نؤمن بالثالوث لابد لنا أن نرضخ للواقع الذي يفرضه علينا، أي ان الله تعالى له سيرة حياة بشرية عادية، فقد ولد من امرأة صالحة، وكان ينمو ويتقدم في القامة والمعرفة والعلوم، نتاج تلقينه الدروس من قبل الكهنة في حينه، وبقي هكذا حتى بلوغه سن الثلاثين سنة، فكرس وقته وعلمه لهداية الناس وإرشادهم لما فيه الخير والصلاح والسعادة في الدارين الدنيا والآخرة، كان (الله) كالبشر يأكل ويشرب يجوع ويعطش يتعب وينام، والأغرب أنه يصوم ليكفر عن ذنبه، وقد جربه إبليس اللعين أربعين ليلة، وقد أعلن نفسه إلهاً لليهود فقط دون سائر البشر وبالتالي هو إله اليهود وليس رب العالمين، إذ احتقر جميع الأمم غير اليهودية واصفاً إياهم بـ (الكلاب) والعياذ بالله، وبعد هذه التضحيات العظيمة التي قدمها للشعب اليهودي، يقتل صلباً منهم تقديراً لجهوده المبذولة في سبيل إرضائهم ثم يقوم من الموت في اليوم الثالث ويصعد إلى السماء ليعد نفسه للرجوع، هادفاً إبادة أعدائه الذين تفوقوا عليه أول مرة. وأن القرار يعود إليك أخي القارئ لتحدد ما إذا كان هذا الواقع معقولا لديك، وأما رأي المسيح عليه السلام من هذه العقيدة، فقد أظهره بوضوح عندما قال: (لأني أعطيتكم مثالاً… الحق الحق أقول لكم أنه ليس عبد أعظم من سيده ولا رسول أعظم من مرسله) يوحنا 13: 15 و 17. وقد أعلن نفسه كرسول من الله عندما قال (لم آتي لأفعل مشيئتي بل مشيئة الذي أرسلني) يوحنا 6: 38.. ورأي الله تعالى مدون في القرآن الكريم إذ يقول: “ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمّه صديقة” (المائدة 75) سورة المائدة الآية / 75 /.
وعن الخمر يقول الشيخ محمد جان وهبي أبو جودة: (الخمر في القرآن والكتاب المقدس): (لمن الويل لمن الشقاوة لمن المخاصمات، لمن الكرب لمن الجروح بلا سبب لمن أزمهرار العينين، للذين يدمنون الخمر الذين يدخلون في طلب الشراب الممزوج، لا تنظر إلى الخمور إذا أحمرت حين تظهر حبابها في الكأس وساغت مرقرقة، في الآخر تلسع كالحية وتلدغ كالأفعون، عيناك تنظران الأجنبيات وقلبك ينطق بأمور ملتوية، وتكون كالمضطجع في قلب البحر أو كالمضطجع على رأس سارية يقول ضربوني ولم أتوجع لكلوني ولم أعرف متى أستيقظ أعود أطلبها بعد). هذا ما جاء في سفر الأمثال من وصف للخمر الشاربيه وقد حرم الخمر وأدين شاربه في الكتاب المقدس والقرآن الكريم، حيث نقرأ في سورة المائدة 90 ـ 91 “يا أيّها الذين ءامنوا انّما الخمر والميسر والانصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلّكم تفلحون(90) إنّما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدّكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل انتم منتهون (91)” (المائدة 90-91). والسؤال الأبرز لماذا حرم الخمر؟. إن الله عزّوجلّ أعلم بما ينفع الإنسان وبما يضره، وقد حرم الخمر لأن ضرره يتعدى حدود منفعته، حيث نقرأ في سورة البقرة 219 “يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما” (البقرة 219). تحريم الخمر في الكتاب المقدس: ورد في سفر اللاويين 10: 9 (وكلم الرب هارون قائلاً خمراً ومسكراً لا تشرب أنت وبنوك لكي لا تموتوا فرضاًَ دهرياً في أجيالكم وللتمييز بين المقدس والمحلل وبين النجس والطاهر). لقد وضع هذا النص الخمر في خانة الشراب المحرم وأنزله منزلة النجس باعتراف الكتاب المقدس كفرض إلهي دائم عندما قال: (فرضنا دهرياً = أبدياً… وللتمييز بين المقدس والمحلل وبين النجس والطاهر). وقد قدم المفعول به على الفعل والفاعل مما يفيد الحصر، ليؤكد على أهمية تركه والابتعاد عنه والملفت أنه حرم في سفر التشريع الأبرز اللاويين: (وهو عائد إلى سبط لاوي أحد الأسباط الاثني عشر، وكانت مهامه محصورة في الهيكل وله امتياز التشريع والتعليم الديني كونه الذي يتلقى التعاليم من الأنبياء ويحفظ تابوت العهد الذي يحوي الوصايا الإلهية التي أنزلها الله تعالى على موسى عليه السلام).