اياد السماوي
كنت اتساءل مع نفسي لماذا لا تقوم الحكومة الحالية بتطبيق القاعدة الفقهية ( الضرورات تبيح المحظورات وتقدّر بقدرها ) على حالة نقص السيولة التي تعاني منها الحكومة والتي تسببت بحالة من الإنكماش الاقتصادي .. هنالك كتلة نقدية هائلة تقدّر بمائة ترليون دينار عراقي ، وهذه الكتلة النقدية خارج التعاملات المالية والاقتصادية اليومية ، بمعنى أنّها موجودة في البيوت وخارج النظام المصرفي ، ومن المؤكد أنّ الجزء الأكبر من هذه الكتلة النقدية الهائلة هي أموال سوداء بمعنى أنّها أموال غير قانونية ومصادرها غير قانونية ، أي أنّها أموال فساد ( بمختلف أنواعه ) ، المشكلة في هذه الأموال السوداء أنّها تستخدم في مجالات لا تخدم الاقتصاد الوطني بل تساهم في نشر المخدرات والدعارة والجريمة المنظمة والنشاطات غير الاخلاقية وغير القانونية ، ناهيك عن عدم توظيفها في المجالات التي تخدم الاقتصاد الوطني وعملية التنمية الاقتصادية .. أنا لا أعلم حجم هذه الكتلة النقدية السوداء ، ولكنّ تقديرات الخبراء تقول أنّ حجم هذه الكتلة يتجاوز المائة ترليون دينار عراقي ، السؤال المطروح هو هل تستطيع مؤسسات الدولة العراقية الوصول إلى هذه الكتلة ومصادرتها وزج أصحابها الفاسدين في السجون ؟ ومن هم أصحاب هذه الأموال السوداء ؟ وهل يمكن الوصول إليهم ومحاسبتهم ؟ أنا شخصيا أقولها وبالمطلق كلا ثم كلا ثم كلا ، إذن ما العمل لتحويل هذه الكتلة النقدية الهائلة إلى كتلة نقدية تساهم في بناء البلد وتقدمه ؟ الجواب من وجهة نظري هو إرجاع هذه الأموال إلى النظام المصرفي ، كيف يمكن أرجاعها إلى النظام المصرفي وهي أموال غير قانونية ؟ هنا تأتي أهمية استخدام القاعدة الفقهية ( الضرورات تبيح المحظورات ) ، أي لا بدّ من تجميد كافة الملاحقات القضائية بحق أصحاب هذه الأموال وتشجيعهم على إيداعها في المصارف العراقية الرسمية مع اسعار فائدة مغرية ، وربّ سائل يسأل وكيف سيثق أصحاب هذه الأموال بوعود الحكومة بعدم ملاحقة أصحابها قانونيا ومصادرتها ؟ والجواب بكل تأكيد عند الحكومة فهي المعنيّة بتوفير هذه الضمانات القانونية ، فعلى سبيل المثال قبول إيداع هذه الأموال بأرقام سريّة وليس بالأسماء وعند جهات مصرفية غير خاضعة لقرارات الحكومة كالبنگ المركزي العراقي .. المهم هو ايجاد طريقة تضمن عدم ملاحقة أصحاب هذه الأموال ( الفاسدة قطعا ) وعدم مصادرتها ، عودة هذه الكتلة النقدية الهائلة إلى النظام المصرفي العراقي ، ستنتهي ليس فقط أزمة السيولة المالية الحالية ، بل ستغني الحكومة عن طرق أبواب المؤسسات المالية الدولية من أجل تمويل عجز الموازنة الذي أصبح مزمنا .. أياد السماوي في ١٤ / ١ / ٢٠٢٥