سلمان رشيد الهلالي
ذكر المهندس البريطاني ويل كوكس (1852 – 1932) الذي صمم سدة الهندية على نهر الفرات عام 1911 في احدى كتبه التاريخية عن مجاري الانهار في العراق انه وجد ملامح الذكاء العراقي الفريد بصورة لم يجد مثلها في مصر التي صمم فيها خزان اسوان عام 1898 وعزى ذلك الى طبيعة البيئة الجغرافية القلقة في العراق التي تحث على الابتكار والحركة والصراع بين الانسان والبيئة وخاصة قضية الانهار والفيضانات والصراع بين الفلاح والراعي . الفلاح الذي يريد تنظيم الري من اجل الزراعة والراعي الوافد من الجزيرة العربية الذي لايريد تنظيم الري او السدود من اجل ان يفيض الماء وتنمو الحشائش للرعي . (وذكر انها القصة الرمزية المذكورة في التوراة حول الصراع بين هابيل وقابيل ) فضلا عن نزعة الجدل والمقارنة بين الحكام والاحوال والسياسة وغيرها , ولكن قد يكون طبيعة الطعام دور في ذكاء العراقيين فمن المعروف ان تناول طعام الاسماك بكثرة يساهم في تزايد نسبة الذكاء وقيل بانه ربما كان السبب في ظهور الحضارات الاولى قرب ضفة الانهار (العراق ومصر والهند والصين)او على ضفة البحار (اليونان والرومان) او على ضفة المحيطات (لندن وواشنطن)اي الحضارات الغربية الحديثة .. الا انه يمكن القول ان العراقيين اذكياء مع وقف التنفيذ , فالملاحظ لما يطرحه اغلب العراقيين من اراء ومقالات في الانترنت وغيرها او المنشورات الخاصة بالفيس بوك ان الكثير منها يتميز بالغباء والسذاجة والنظرة القاصرة والتبسيط في الامور والاتباعية والتقليد الحرفي للاخبار والتسرع والاشاعات والتصديق الاعمى لكل مايطرح بل والترويج لعبارات وقصص واراء تنال منه شخصيا او تسيىء له وطنيا و اخلاقيا وووو وغيرها من السلبيات التي لاتليق بالشعوب البدائية فكيف بالعراقيين الذين قيل عنهم سابقا انهم يقراون الممحي !! او مفتشين باللبن !! (او حتى بالتيزاب كما يقول بعض المتطرفيين) وهذا الامر المؤسف لايشمل العامة من الناس فقط بل يشمل حتى اصحاب الشهادات الاكاديمية العليا في الجامعات وغيرها , ونادرا ماتجد هناك مقالات او اراء رصينة اوموضوعية وعلمية بل ربما لاتجد ذلك الا عند عدد محدود من الكتاب والمنظرين والباقي يغلب عليها نسق السديم والتقليد والشعبوية والعصابية .والتبسيطية والخطابية والحماسية , واعتقد ان السبب هو ليس بذكاء العراقيين كما قلنا , وانما هو ان العراقي في الاصل يريد ان يتغابى , وذلك من اجل تمرير اجندة واهداف معينة , وهذه الاجندة قد تكون سياسية او ايدولوجية ثورية او شخصية او مذهبية او دينية تضليلية وغيرها , وحتما ان تمرير تلك الاجندات والافكار التضليلية تتنافى مع الذكاء , فالغباء افضل مسار لتمرير الاجندات ولكن فات على العراقيين ان التغابي هو في المحصلة النهائية نوعا اخر من الغباء , فقيمة الذكاء ليس ايجابية بحد ذاتها وانما في تحصيلها ونتائجها المتحققة , فما الفائدة ان كنت تملك ذكاء وتطرح افكارا غبية , او تمرر عليك اجندات غبية تقليدية وساذجة … اذن العراقيون اذكياء ولكنهم يتغابون ….