نوفمبر 21, 2024
HILAL_2

اسم الكاتب : سليم مطر

HILAL 2

هذه الدراسة غايتها تبيان الفكرة التالية: إن ظهور الاسلام والعربية وما اعقبه من انبثاق (الحضارة العربية الاسلامية)، مهما اعتقدنا بدور الارادة السماوية وكذلك تأثير البداوة([1])، فأنه خصوصا نتاج تحولات تاريخية حصلت في منطقة الهلال الخصيب (العراق والشام ومصر)، وتراكم إنجازات ثقافية ودينية استغرقت أكثر من 1500 عام، قد شاركت بها الاقوام البدوية الجديدة الثلاثة التي ظهرت تقريباً في نفس الحقبة (أكثر من ألف عام ق.م): الآراميون والعبرانيون والعرب!

إن أهم سبب لمنع الفهم الواقعي العقلاني لتاريخ (العالم العربي: شعوبه وقومياته وأديانه) يكمن في التغييب التام لـ (الفهم الجغرافي التاريخي:Historical Geography)([2]) والاعتماد على (الفهم العرقي القومي التقطيعي التوراتي)([3])، أي الفصل القسري والعزل التام بين: الحُقب التاريخية المتتالية، وكذلك بين تواريخ الاقوام والاديان المختلفة. وكأنها حُقب وتواريخ لكواكب مختلفة ليست بينها أية علاقات جغرافية وبشرية.

إن (الفهم الجغرافي التاريخي) الذي نعتمده يتقيد بهذين الشرطين المهمين جدا:

EURPA 5

1ـ اعتبار (الحُقب التاريخية المختلفة) لأية منطقة: (بلد معين أو اقليم جغرافي كبير مثل اوربا أو العالم العربي، أو افريقيا السوداء، أو شبه القارة الهندية.. الخ)، أشبه بالسلالة العائلية: الابناء نتاج الآباء، نتاج الاجداد.. الخ.. فلا يمكن فهم (حُقبة) دون اعتبارها وريثة طبيعية للحُقبة التي سبقتها. فمثلا، لا يمكن فهم (الحُقبة العربية الاسلامية) دون ربطها مع (الحُقبة ألآرامية ـ المسيحية) التي أنجبتها.

2ـ اعتبار تواريخ أقوام أي بلد واقليم كبير متداخلة عرقياً وثقافياً وسياسياً، ويتوجب دراسة كل منها ضمن هذا التداخل. فلا يمكن فهم تاريخ انسان ما، دون فهم تاريخ عائلته وبيئته الاجتماعية والتاريخية. كذلك لا يمكن فهم تواريخ كل من الآراميين والعبرانيين والعرب، دون دراسة التأثيرات والامتزاجات العديدة بين بعضهم البعض في الامكنة والازمنة المتداخلة التي عاشوها. كذلك لا يمكن فهم تاريخ (أكراد العراق وسوريا) دون ربطه بعموم جغرافيا وتاريخ العراق وسوريا واقوامها ومختلف حقبها([4]). ولا يمكن فهم (تاريخ البربر) دون ربطه بعموم جغرافية وتاريخ أقوام شمال افريقيا وبالذات الفينقيون ثم العرب([5]).

Afro Asiatic language

أخيراً، لا يمكن فهم تواريخ واصول (شعوب العالم العربي الحالي) دون ربطه بتواريخ وأصول جميع الاقوام والشعوب والحقب التاريخية التي سبقت وعاصرت (الفتح العربي الاسلامي) وما أنتجه من ثقافة وحضارة كبرى([6]). إن دراستنا هذه مثال تطبيقي لهذا الفهم (الجغرافي التاريخي).

    *   *   *

دور الرُحّل (البدو) في تاريخ العالم

الهندو اوربية

أمضت البشرية مئات الآلآف من الاعوام في (ترحال دائم) بحثا عن (الصيد وجمع الثمار). ولم تكتشف الاستقرار إلّا قبل حوالي (12 الف عام) مع (أكتشاف التدجين والزراعة) وكان ذلك في (شمال بلاد النهرين والشام)([7]). ولكن مع ذلك ولأسباب بيئية يندر فيها الغذاء (البوادي والثلوج والبحار والجبال..)استمرت أقسام من البشرية في ممارسة حياة الترحال، مثل: (بدو البوادي ورعاة الجبال واسكيمو الثلوج)، خصوصاً بعد أن تحول كثير منهم الى (قبائل رعاة) يتنقلون مع مواشيهم بحثا عن المراعي([8]).

إن هذه الاقوام المترحلة قد لعبت أدواراً حاسمة في تاريخ البشرية. فجميع الدول والحضارات السابقة للعصر الحديث، أقامتها هذه الجماعات البدائية. إذ طالما تكررت في التاريخ الحالة التالية: أقوام مترحلة تقوم بغزو مناطق: (قرى ومدن) زراعية مستقرة، فتقوم خصوصاً بتدمير قياداتها ودولتها، كي تقوم هي نفسها مع الزمن بتكوين قيادات ودولة جديدة، وربما أيضاً حضارة جديدة تهيمن وتزدهر، حتى تتعب وتفسد لتموت على يد أقوام بدائية نازحة جديدة. وهكذا دواليك([9]). أمثلة:

(القبائل الهندو اوربية: الآرية) التي كانت تعيش في جنوب روسيا الحالية منذ الالف الثالث ق.م وبفضل اتقانها استخدام الخيول تمكنت من غزو جميع اوربا وأقسام من آسيا لتذوب فيها الاقوام الاوربية القديمة([10]).

كذلك (قبائل اللاتين) التي قضت على (دولة الاتروسك)، ثم أسست امبراطورية روما، التي قضت عليها (قبائل الجرمان ثم الفيكنغ) التي أسست غالبية السلالات الملكية الاوربية، وأطلقت اسم قبائلها على دول: انكلترا وفرنسا والمانيا..الخ([11]).

كذلك مثال (قبائل العرب) التي قضت على (امبراطوريتي الفرس وبيزنط الشرق)، لتأسس أكبر امبراطورية وحضارة عربية اسلامية. وبعد ان هَرِمَت (امبراطورية العرب العباسية) قضت عليها (قبائل المغول). كذلك (قبائل الترك) التي قضت على (دولة البيزنط) لتحل محلها (الامبراطورية العثمانية). بل حتى الآن، هنالك بعض المفكرين الاوربيين يقولون: ان (الحضارة الغربية) سوف تقضي عليها من داخلها: “قبائل!” المهاجرين؟!([12]).

آراميون وعبرانيون وعرب!

Karkar

مسلة كورح للملك شلم نصر(854 ق.م) عن انتصاره ضد التحالف ألآرامي العبري العربي

في (نصب: وثيقة: كورح) عن (معركة قرقر: 853 قبل الميلاد ) للملك الآشوري (شالم نصر الثالث)([13]) يذكر انه انتصرعلى جيش مشترك لتحالف قبائل:(آرامية وعبرية وعربية) قرب مدينة (حما) السورية: الاراميون (مشيخة دمشق)، والعبرانيون (مشيخة اسرائيل)، والعرب (مشيخة جندبة العربي). وهذا أقدم نص في التاريخ يذكر تسمية (عربي)([14]).

إن هذه المعركة تستحق اعتبارها اولى وأهم علامات البروز السياسي والعسكري لهذه الاقوام البدوية الجديدة المختلطة والمتداخلة بينها لغوياً وقبائلياً، إذ أعلنت اتحادها لتحدي أكبر امبراطورية في تلك الحقبة: النهرينية الآشورية. والاكثر من هذا إن هذه القوى الجديدة قد تلقت دعماً عسكرياً من دولة أيضاً قوية: (مصر) المنافسة الدائمة لـ (دولة النهرين: العراق) في السيطرة على الشام([15]).

HANIBAL

هانيبال: حنبعل، آخر قائد شرقي(فينقي : قرطاجة تونس) حارب المشروع الروماني لاحتلال الشرق. مع فشل هانيبال وهزيمته انطفأت آخر مشاعل المقاومة الشرقية.

ليس صدفة إن هذه الاقوام البدوية الخارجة من واحتها الصحراوية (بفضل الجمل: أكثر من الف عام ق.م) (حصان الصحراء)، بدأ دورها يبرز في المنطقة في نفس الفترة التي بدأت فيها تهديدات (موجة القبائل الرحل الآرية: الهندواوربية) التي كانت قد برعت بتدجين واستخدم (الحصان)، كأخطر آلة حربية جديدة([16]) ثم نجحت بتكوين اولى دولها في (اليونان وايران، ثم روما)([17]) حتى تمكنت أخيراً من القضاء على الدولتين العراقية والمصرية، المحتضرتين، واحتلال كل الهلال الخصيب ثم شمال افريقيا، إبتداءاً من القرن السادس ق.م([18]). وقد اكتمل خضوع عموم الشرق مع نهاية (دولة قرطاجة الفينقية: الكنعانية) في شمال افريقيا على يد الرومان في القرن الثالث ق.م.

AKMIN

إن خضوع المنطقة لهذا الاحتلالات الاجنبية: (الآرية: الايرانية واليونانية ثم الرومانية) كان اعلاناً عن نهاية (حقبة الحضارة الشرقية: الهلال الخصيب المصري ـ الشامي ـ العراقي) التي دامت أكثر من ألفي عام (من الالف الثالث ق.م حتى أواسط الالف السابقة للميلاد) ومعها انتهت كل (البنية الاقوامية والثقافية والعقائدية واللغوية) التي شكلتها. (هذا لا يعني ابدا ابادة السكان الاوائل بل ذوبانهم التدريجي في الاقوام البدوية الجديدة). كان من الطبيعي ان هذا (الفراغ الكلي) في المنطقة يستحيل على المحتلين الايرانيين واليونان ثم الرومان ان يملئونه، رغم سيطرتهم السياسية العسكرية، وذلك بسبب اختلافهم الكلي (أقوامياً وثقافياً وعقائدياً ولغوياً) عن سكان المنطقة وتكوينهم البيئ الطبيعي.

Map Diadochs ar

امبراطورية الاسكندر المقدوني الذي توفى في (بابل: العراق) بعد ان اتخذها عاصمة لامبراطوريته العالمية. وقد تم تقسيم الامبراطورية بين ورثته من القادة واستمرت ثلاثة قرون حتى القرن الاول ومجيء الرومان

لهذا فأن هذه (الاقوام البدوية الجديدة: الآرامية العبرية العربية) كانت هي الوحيدة المهيئة لملئ هذا الفراغ الشامل، لسبيين:

ـ إنها من نفس الأساس الأقوامي والثقافي واللغوي(السامي ـ الحامي) لسكان المنطقة، لأنها من نفس البيئة والمنطقة، بالاضافة الى تمضيتها لقرون في تواصل فعلي غزواتي وتحالفي وتجاري ومشايخي مع أقوام المنطقة ودولها: العراقية والكنعانية والمصرية.

E1qXJvFWYAAwIrt

لاول مرة يتم تصوير الجمال وكانت بمناسبة معركة قرقر ضد التحالف الآرامي العبري العربي

ـ إن حياتها البدوية وامتلاكها للجمال (خيول الصحراء) وخبرتها بالعيش في البادية، منحتها القدرات القتالية الفائقة بالكرّ والفرّ والاحتماء السريع في أعماق بواديها. بالاضافة الى قدرات التنقل التجاري بين مدن الهلال الخصيب.

هكذا بدأ التاريخ يبلور بوضوح الدور المحتم وغير الواعي لهذه القبائل البدوية اليافعة والمحاربة، لتشييد مرحلة جديدة ومكملة للمرحلة السابقة المنتهية. استغرق المخاض منذ اول ظهورها ثم في ظل الاحتلالات الاجنبية: (ايرانية ويونانية ورومانية ثم بيزنطية) حوالي 1500 عام (بين 1000 ق.م و 600 م) حتى تمكنت هذه الموجة الجديدة من تحقيق واجبها التاريخي المحتم، أي انشاء امبراطورية وحضارة جديدة، ألا وهي: (الحضارة العربية الاسلامية)!

HOUITAT

خلال هذه الـ (1500 عام) قامت هذه الاقوام البدوية بانجازات تاريخية متوالية ومترابطة، قبل بلوغ (المرحلة العربية الاسلامية العليا)، هكذا كالتالي:

الانجاز الاول: تدوين اللغة ألآرامية ونشر الابجدية الكنعانية في العالم (منذ القرن السابع ق.م)

Carpentras Stela in CIS II 141 cropped

مسلة كاربنترا: Carpentras Stele الذي عثر عليه في جنوب فرنسا، وهو من بين اقدم النصوص المكتوب بالآرامية ويعود الى القرن الرابع ق.م 
مما يجلب الانتباه ان هذه المسلة مصرية الاصل وهي شعر رثاء لاحد الموتى وصلاة الى الالهة المصرية اوزيس. من المحتمل ان نقلها الى جنوب فرنسا تم عن طريق المحاربين والتجار الفينقيين القرطاجيين.علما بأن هنالك نصوص آرامية اقدم تعود الى القرن التاسع ق.م.

(الآراميون) هم اولى الاقوام الجديدة التي ظهر اسمها قبل الالف الاول ق.م، ونشطوا في شمال بلاد النهرين وسوريا. ثم بالتدريج فرضوا سيطرتهم على عدة مناطق وكونوا مشايخهم (ممالكهم) مثل: آرام نهرين ودمشق وبيت عديني وغيرها الكثير من المشايخ المتفرقة والمتغيرة. كذلك دخلوا في الجيش والدولتين الآشورية ثم الكلدانية. ويبدو ان هؤلاء (الآراميين) كانوا مختلطين أكثر من غيرهم في الاقوام الجبلية الشمالية (قفقاس وارمن واسلاف الاكراد) المحاذية لها في شمال النهرين المرتفعة والجبلية([19]).

شاء التاريخ والظروف أن تنجز هذه القبائل أكبر خطوة حضارية لغوية جديدة وعالمية منتظرة: تدوين لـغتهم القبائلية: (ألارامية) بـ(الكتابة الحروفية: الابجدية) التي أبدعها جيرانهم الحضر وأبناء عمومتهم (الكنعانيون الفينقيون) في الشام، والتي هي أسهل بكثير من (الكتابتين الصوريتين: المسمارية العراقية، والهيروغلفية المصرية) السائدتين خلال الفي عام([20]).

ROM

بهذه الخطوة العظيمة أصبحت (الآرامية) أول لغة تنتشر في العالم تكتب بالأبجدية. فمع تكاثر الهجرة الآرامية من سوريا الى النهرين، بدأت لغتهم وكتابتهم تنتشر بالتدريج في الدولة الآشورية ثم الكلدانية منذ القرن السابع ق.م. ثم أصبحت اللغة المشتركة للأمبراطورية الايرانية الاخمينية بعد احتلال العراق ثم الشام ومصر، في القرن السادس ق.م وقد انتشرت في عموم آسيا والبحر المتوسط، وتبناها الهنود والايرانيين واليونان والرومان، وعموم العالم([21]). والأهم إن هذه (الآرامية) أصبحت اللغة التعبيرية الكتابية لجميع هذه الاقوام البدوية الجديدة، فبها كتب اليهود توارتهم وتلمودهم([22])، وبها كتب المسيحيون أناجيلهم، وبها عبّر أهل الممالك والمشايخ العربية (السابقة للأسلام): البتراء وتدمر والحيرة وبصرى..

الانجاز الثاني: تدوين التوراة بواسطة العبرانيون([23])

Ezekials

يهود العراق اعوام الثلاثينات، وخلفهم منارة قبر النبي حزقيال(ذو الكفل) جنوب العراق. هم أنفسهم يهود بابل الذين بغالبيتهم رفضوا عرض ملك الاخمين الايراني بالعودة الى فلسطين.

إن ما يعرف بـ (الاسر البابلي: 597 ق.م) هو بالحقيقة جزء بسيط من (سياسة تهجير طوعي واجباري) مارستها (دولة النهرين: السلالتان الآشورية ثم الكلدانية) لنقل السكان وخصوصاً النخب المؤثرة، لضمان السيطرة على منطقة وتطوير منطقة أخرى. ويقدر العدد خلال ثلاثة قرون بأربعة ملايين من المهجرين في أنحاء العراق والشام([24]).

هكذا تم نقل (النخبة العبرانية) في (فلسطين: مشيختي يهودا واسرائيل) الى (بابل) منذ القرن السابع ق.م. في بابل تمكن هؤلاء أشباه البدو من اكتساب هذه الحضارة العظيمة التي كانت في طور الاحتضار مثل شقيقتها المصرية، بعد أكثر من الفي عام من السيطرة والازدهار. قامت هذه الجالية العبرية في بابل بتدوين تراثها الشعبي (وربما بعضه كان مكتوباً بصورة أولية ومبعثرة) وحكاياتها البدوية القديمة وتنقلاتها بين بوادي العراق والشام وسيناء وحتى مصر. إن عظمة (النصوص التوراتية) تكمن في براعتها بشحن هذه (السيرة العبرية البدوية) بالمخزون الثقافي والعقائدي للحضارة البابلية (بالاضافة الى المؤثرات الكنعانية والمصرية) التي يعيشون فيها منذ قرن([25]). لقد حّسم أمر(التوراة) وتوحيد مدوناتها المتفرقة في كتاب واحد: (توراة: تراث) بـ (اللغة الآرامية البابلية) السائدة، بعد تكليف هذه الجالية من قبل (الاخمينيين الايرانيين) الذين احتلوا بابل (538 ق.م)، أن يعودوا الى فلسطين ليكونوا حكامها نيابة عن الاخمين([26]).

Korch

العملة التي اصدرتها اسرائيل عام 2018 امتنانا لترامب الذي اعترف بالقدس عاصمة اسرائيل، ولقورش الملك الاخميني الايراني الذي اعاد اليهود الى فلسطين ومنحهم السلطة الكاملة.

بفضل سلطتهم السياسية على فلسطين، ورغم انهم اقلية، تمكنوا من فرض (التوراة) ككتاب مقدس يمثل عقيدتهم وتاريخهم وميراثهم البدوي، ونجحوا بالتمايز عقائدياً ولغوياً عن الشعب الكنعاني الاصلي المحكوم.

مما يستحق التأكيد بأن هذه (التوراة) قد تبنّت الكثير من الاساطير البابلية والكنعانية والحكم والقوانين والمفاهيم، ومزجت بين سير (حكماء النهرين القدماء) مع سير (شيوخهم وأجدادهم) لتصويرهم كـ (أنبياء). وتبنت خصوصاً (جوهر الديانة النهرينية) القائمة على: الايمان الدنيوي ورفض الحياة الأخرى والعقاب والثواب([27]). (عكس عقيدة مصر القائمة على فكرة ألآخرة ويوم الحساب التي تبنتها فيما بعد المسيحية ثم الاسلام)، لكن التأثير المصري في التوراة يتجلي في فكرة (التوحيد الالهي المحدود): اله واحد ليس لكل البشرية بل لشعب معين، من خلال تجربة (الاله اتون المصري) ثم (يهوه العبراني) ([28]).

106094409 137286614658708 6876773555718903126 n

إن الاهمية التاريخية والدينية لـ (التوراة) وسبب تقديسه من قبل جميع الاقوام البدوية (الأرامية العربية العبرية)، تكمن في أنه:

للمرة الاولى تمكنت هذه القبائل الصاعدة، من امتلاك كتاب يعبّر عن ميراثاتها وذكريات أسلافها.

ليس صدفة أن (جغرافية التوراة) هي نفسها جغرافيا الهلال الخصيب: العراق والشام ومصر. وجميع أبطالها وأنبياءها إبتدءاً من (ابراهيم.. الخ) هم أشباه بدو رحل، بمواجهة ملوك المنطقة الجبابرة و”الكفرة!”، مثل (نمرود ونبوخذ نصر البابلي والفرعون المصري). التوراة تكرر خصوصاً ذكر أخبار أبناء عمومتهم العرب([29]) والآراميين([30]). من بداية التوراة يقول (ابراهيم) الذي هو حسب التوراة الجد الاول للعبرانيين والعرب: (أَرَامِيًّا تَائِهًا كَانَ أَبِي، فَانْحَدَرَ إِلَى مِصْرَ وَتَغَرَّبَ هُنَاكَ فِي نَفَرٍ قَلِيل).(تثنية 26: 5).

إنهم مثل كل الجماعات البدوية والمهاجرة في تاريخ العالم، التي عانت التهميش والاحتقار من قبل المتحضرين المستقرين، عبّروا في التوراة عن الغيرة والنقمة إزاء أهل الحضارة المستقرين: (بابل الملعونة التي بلبلت الالسن، وهي مدينة الملك الملعون نمرود والملك نبوخذ نصر)([31])، و(الكنعانيون، الذين يستحقون الابادة والاستيلاء على بلادهم، لمجرد ان “يهوه” أمر بذلك!؟)، و(المصريون الحاميون الذين استعبدوا العبرانيين)! واعتباره جميع هذه (الشعوب المتحضرة) كفرة عبدة أوثان ومن نسل كوش بن حام الفاسد الذين جعل “يهوه” أحفاده زنوجاً يستحقون العبودية!!([32]).

إذن، (جوهر التوراة وقيمتها) تكمن في: أنها خلاصة الميراث الشفاهي لهذه الاقوام البدوية الجديدة، وهذا يفسر لمأذا أصبحت المصدر الاولي للأديان (الابراهيمية) التي أعقبتها: المسيحية ثم الاسلام!

أي بوضوح: ان علاقة المسيحية والاسلام بالتوراة، ليست فقط علاقة دينية سماوية، بل هي خصوصا خصوصا علاقة اقوامية ثقافية.

الانجاز الثالث: انبثاق المسيحية واللغة السريانية، وبروز دور العرب في التبشير المسيحي

GASSASNA

راية دولة الغساسنة العربية في جنوب سورية، وتحمل رسم القديس جرجيس، ودامت من القرن الثالث حتى مجيء الاسلام

إن الخطوة الدينية الثانية الكبرى التي أنجزتها الاقوام البدوية الجديدة المستقرة والمختلطة مع الكنعانيين والنهرنيين بالاضافة الى المصريين، تتمثل بابداع (المسيحية) والتي تجاوزت اليهودية بـناحيتين مهمتين جدا:

ـ إنها تجاوزت (الحدود اليهودية القبائلية العبرانية) نحو(عموم البشر في الأرض جمعاء). وذلك بإبدال (الاله يهوه البدوي القبلي المتجبر)، بـ (ايليا، الاله الكنعاني البابلي الشامل لجميع البشر، مع التثليث)([33]).

ـ ان اله المسيحية، ليس مادي بشري مثل “يهوه” التوراة، بل هو(عرفاني روحاني سماوي) رافض للبدن وشهواته، وللحضارة المادية القاسية (زمن الهيمنة الرومانية على المنطقة)، ويدعو الى ترك البدن وخلاص الروح في الحياة الآخرى (المورثة عن الديانة المصرية). كذلك هو يدين العنف ويدعو الى الرحمة والمحبة. ان الخلاص المسيحي فردي شخصي، في السماء، بينما الخلاص اليهودي جماعي قومي، في الدنيا:(الارض الموعودة فلسطين).

Sant katrin

دير(سانت كاترين) القبطي في صحراء سيناء، وهو من اقدم الاديرة في التاريخ(القرن الرابع م) ولا زال نشطا حتى الآن

لكي تميّز الكنائس المسيحية الشرقية نفسها، عن تسمية (اللغة الآرامية) التي كانت لغة الوثنيين، استخدمت تسمية (السريانية) كلغة دينية مسيحية خاصة ومتميزة. إن المسيحية الشرقية قد لعبت دوراً كبيراً في بناء الأساس الثقافي والديني في تكوين (هوية الاقوام الجديدة) ونقلها ثقافياً ودينياً من (ميراث البداوة القبائلي البدائي: اليهودي) الى مرحلة ثقافية ودينية عليا قائمة على الانسانية والسلام. ليس صدفة إنها سرعان ما أصبحت ديانة الغالبية الساحقة من أبناء المنطقة: (عموم العالم العربي الحالي) بالاضافة الى باقي عالم البحر المتوسطي([34]). وهذه الديانة المشتركة بقدرما كانت نتيجة لتقارب أقوام الشرق، فإنها أيضا لعبت دوراً حاسماً في زيادة هذا التقارب العقائدي ليكون أيضاً تقارباً لغوياً من خلال انتشار اللغة (ألآرامية ـ السريانية) بين جميع كنائس المنطقة (بما فيها مصر)([35]) باعتبارها لغة السيد المسيح وتلامذته، حيث تمكنت من منافسة اللغتين اليونانية واللاتينية لغتي المحتلين الرومان ثم البيزنط([36]). فهي كانت اللغة الثقافية والدينية للمشايخ العربية المسيحية، مثل الغساسنة في سوريا والمناذرة في العراق.

OGESTINE

تمثال (القديس اوغسطين: الفينقي الجزائري، القرن الرابع م) امام الكنيسة التي تحمل اسمه في مدينته(عنابة: هيبون: الجزائر)، ويعد اهم فلاسفة المسيحية ومؤلف كتاب(مدينة الله) التي ظل المصدر الاول للثقافة المسيحية الاوربية طيلة القرون الوسطى.
ثم هنالك مسألة مهمة تستحق التأكيد: ان القبائل المحسوبة على (العرب: أي تحمل اسمهم، ولكن تكتب بالآرامية)، قد لعبت الدور الاول والاكبر في المسيحية الشرقية. مثال: إن أول (سلالة حاكمة) تتبنى المسيحية رسميا هي (مملكة ابجر الخامس)([37]) بالاضافة الى نشاط هذه القبائل المتنقلة في نشر المسيحية في أنحاء الشرق بما فيها الجزيرة العربية([38]). ويُعتقد ان الامبراطور الروماني (فيليب العربي: Philip the Arab) كان مسيحيا([39]).

1265

الامبراطور الروماني(فيليب العربي:Philip the Arab) 204- 249 م ، وهو من اصل سوري 

وان اسم العرب قد تداولته الكتابات المسيحية الاولى:

ـ (كريتيون وعرب نسمعهم يتكلمون بألسنتنا بعظائم الله) (أعمال الرسل 11:2)

ـ (انْطَلَقْتُ إِلَى الْعَرَبِيَّةِ (بادية الاردن)، ثُمَّ رَجَعْتُ أَيْضًا إِلَى دِمَشْقَ) (القديس بولص يتحدث عن عزلته في البادية لثلاث سنوات).(غلاطية:1: 13-19).

إن شعوب الشرق المسيحية كذلك تمايزت مذهبيا عن المذهب الرسمي البيزنطي الحاكم، إذ صنعت مذاهبها وكنائسها الوطنية، مثل: (الدوناتية: Donatism) في شمال افريقيا، والآريوسية(آريو الليبي: Arius) في عموم البحر المتوسط، والقبطية في مصر، واليعقوبية في الشام، والنسطورية في العراق([40]). وقد تحولت البوادي، مثل سيناء وبادية الشام والجزيرة العربية، الى ملاجئ وملتقيات للنسّاك المسيحيين المعارضين([41]).

لكن مشكلة (المسيحية) إن الظروف أدخلتها في تناقض كبير مع جوهر كتابها المقدس (الانجيل) الكامل الروحانية والتصوف، من خلال تبنيها أيضاً (التوراة) المناقضة في جوهرها تماما لـ (روحانية الانجيل)([42]). ويبدو ان هذا الاقحام التوراتي فرض نفسه من قبل (الدولة البيزنطية) التي عندما تبنت المسيحية في القرن الرابع م، وبسبب (روحانية وسلمية الانجيل) احتاجت (التوراة) ليكون مصدراً لممارستها السياسية والعسكرية وحروبها([43]).

الانجاز الرابع: انبثاق الاسلام واللغة العربية

AAARAB

هنالك أربعة أمور يتوجب التوقف عندها للحديث عن تاريخ نشوء الاسلام والعربية:

1ـ إن تاريخ العرب كأقوام بدوية ومستقرة، استمر لقرون طويلة حتى الاسلام ممتزجاً تماماً مع الآراميين والعبرانيين، لا يتميزون سوى بإسمهم وألقابهم: (عرب، اسماعيليون، هاجريون، طائيون، انباط.. الخ)([44]). أما لغتهم المتداولة كتابياً حتى ظهور القرآن فهي (ألآرامية، ثم “النبطية” الخليطة بين الآرامية والعربية)، والمفترض إن لغتهم الشفاهية لهجات عربية مختلفة، لم تترك آثاراً مكتوبة أو شهادات عنها.

2 ـ إن انبثاق الاسلام جاء كذروة للتراكم والتطور الثقافي والديني لأقوام المرحلة الجديدة التي تعيشها منذ حوالي 1500 عام. ليس صدفة إن الاسلام اعتبر نفسه مكملاً لليهودية والمسيحية، لأنه جمع بتلقائية تاريخية بين صفتين حاسمتين: عقيدة روحانية، وبنفس الوقت مشروع دولة وحضارة:
ـ الجانب اليهودي (التوراتي والتلمودي) المتمثل بالجهادية الحربية، وكذلك الناحية التشريعية والرقابية الصارمة على حياة المؤمنين. ومعه فكرة (الخلاص الجماعي الدنيوي) ولكن ليست (اقوامية عبرانية) بل اشمل واوسع، ما اسماه: (الامة الاسلامية).

ـ الجانب المسيحي الشمولي الانساني التبشيري والتوسعي بأسم اله ناطق بالرحمة والغفران. ومعه فكرة الخلاص المسيحي الشخصي الفردي، في الآخرة ويوم الحساب حيث وعد الجنة وجهنم.

هاتين الصفتين (اليهودية الحربية والتشريعية) مع (المسيحية الانسانية التبشرية) شكلتا القفزة الثقافية العقائدية الكبرى في تاريخ المنطقة وأقوامها، وأهَلّت الاسلام والعرب القيام بالخطوة التاريخية المنتظرة منذ 1500 عام: ازالة حقبة الاحتلال الاجنبي عن عموم المنطقة وشرق البحر المتوسط، وبناء دولة وحضارة جديدة ووريثة للحضارة الشرقية المندثرة.

ARAB 1 1 a

3ـ الذي ساعد على تقبل الاسلام، انه ظهر في حقبة كانت فيها (المسيحية الشرقية) تعاني من الانقسامات والصراعات الداخلية وجدالات شرسة وساذجة عن (ماهية المسيح وعلاقته بالاقانيم الثلاثة)؟! بالاضافة الى أن (الامبراطورية البيزنطية) الحاكمة كانت تبرر شرعيتها بهذه المسيحية([45]).

والأهم، إن الاسلام قد انبثق في حقبة احتضار وهرم الامبراطوريتين المحتلتين للمنطقة: الايرانية والبيزنطية، بسبب صراعاتها الداخلية والخارجية.

إن أوضح دليل على تمثيل (الاسلام والعرب) لطموحات عموم شعوب المنطقة، ذلك الانتشار السريع للدين واللغة العربية، وإن الامبراطويات: (الاموية والعباسية والاندلسية) سرعان ما أشركت في قياداتها وجيوشها وفتوحاتها ومغانمها جميع شعوب الشرق حتى الذين لم يدخلوا الاسلام، مثل النصارى واليهود([46]). وكانت العبارة السحرية العجيبة التي تسمح لمن يقولها أن يكون عضواً فعالاً في الدولة الجديدة، هي: ((الشهادة: أشهد أن لا اله إلا الله..)).

FINIQ

4ـ إن الاسلام وقد ساعدته طبيعة الحقبة والتراكم الثقافي واللغوي للقبائل العربية، تمكن أن يقدّم لغة جديدة واصيلة: (العربية) التي هي نتاج وتجاوز للغات شعوب المنطقة حينها: (الآرامية السريانية) في الشام والعراق، والقبطية المصرية، ولغات شمال أفريقيا. علماً بأن ديانة بعل الكنعانية مع اللغة الفينيقية (القرطاجية) ظلت منتشرة في جميع سواحل شمال أفريقيا لقرابة الف عام، بالاضافة الى المسيحية، وتشابه وتداخل البيئة شبه الصحراوية لعموم شرق المتوسط، وتقارب اللغات (السامية الحامية)، كل هذا ساعد على تقبل العربية وانتشارها السريع([47]).

ABASIT

الدول والسلالات المسلمة المختلفة التي قامت في العصر العباسي

* * *

    إذن كما توضح من دراستنا هذه، إن ظهور الاسلام والعربية وما لحقه من انبثاق (الحضارة العربية الاسلامية)، لم يكن كما هو متداول، نتاج البداوة والصحراء وروح الغزو، والقرار السماوي، قدرما هو نتاج تطور تاريخ المنطقة وتراكم انجازات ثقافية ودينية خلال أكثر من 1500عام.

المصادر

[1] ـ نحن لا ننفي دور الارادة السماوية في ظهور الاسلام، بل نقول بان هذه الارادة لا تتعارض مع وجود عوامل تاريخية جغرافية في هذا الظهور.

[2]ـ بالحقيقة ان (الفهم الجغرافي التاريخي) يستفيد أيضاً من (مدرسة الحوليات: Annales) التي أسست لأسلوب جديد في البحث التاريخي، يتجاوز السرد المعتاد عن دور الملوك والدول، الى البحث عن الخفايا الاجتماعية والاقتصادية في مسيرة التاريخ.

ـ لقد طبقنا هذا الفهم الجغرفي التاريخي، في كتابنا الاخير (تاريخ العراق: الارض والشعب والدولة). حيث وضحنا فيه مثلاً، ان (الآشورييين والاكديين والكلدان) وغيرهم، ليسوا (أقوام مختلفة) بل هي (سلالات حاكمة) بدليل انها تتكلم بنفس (اللغة الاكدية) وتؤمن بنفس (عقيدة الكواكب والاخصاب). فهل يصح مثلا اعتبار (الامويين والعباسيين) شعوب مختلفة، أم سلالات؟ ابحث عن عنوان كتابنا الصادر بثلاث طبعات، وأيضا منشور كاملاً في موقعنا.

ـ ابحث عن: المفهوم العرقي للتاريخ: History and Ethnicity

[3] ـ إن أوضح مثال على اعتماد التوراة على المفهوم القومي والعنصري، فكرة (انحدار جميع اليهود من (الاسباط أي القبائل الاثنى عشر) وكذلك فكرة (أحفاد حام، السود المغضوب عليهم)، وقد تبناه الكثرة من المستشرقين في كتابة تاريخنا، وشجعه الاسلاميون والعروبيون، حتى بلغ ذروة سذاجته في (قسر الجغرافيا لتكون خاضعة للتاريخ العرقي) لدى (كمال صليبي: التوراة جاءت من جزيرة العرب: 1985)، ثم وريثه (فاضل الربيعي: فلسطين المتخيلة : ارض التوراة في اليمن القديم ).

[4]ـ عن تاريخ اكراد العراق وسوريا، ابحث عن دراستينا:

ـ أكراد النهرين : العراق وسوريا، ومراحل تاريخهم الخمس، منذ السومريين وحتى الآن/ سليم مطر

ـ أكراد العراق وسوريا، وأصولهم المشتركة مع سكان البلدين منذ فجر التاريخ وحتى الآن/ سليم مطر

[5]ـ عن تاريخ البربر، ابحث عن دراستنا:

ـ البربر: الامازيغ ومشكلة (العنصرية الجينوية)!؟/ سليم مطر

[6]ـ عن تاريخ العالم العربي، ابحث عن دراستنا:

ـ كيف تكون (العالم العربي) الحالي: بـ(التعريب القمعي)، أم بـ(الجغرافية والتاريخ)؟ سليم مطر

[7]ـ ان 99% من تاريخ البشرية كان في حياة الترحال، ابحث عن:

ـ كتاب بالفرنسي: Jacques Attali – une histoire du nomadisme

كذلك ابحث عن: Nomads

عن اكتشاف التدجين والزراعة، ابحث عن:

ـ العصر الحجري الحديث: نيولتك: Neolithic. ويسمى ايضا (الثقافة النطوفية) نسبة الى (منطقة النطوفية) في فلسطين التي تم فيها اكتشاف أقدم القرى الزراعية التي تعود الى 12 الف عام.

كذلك هنالك خبر مهم عام 2022 عن أهم اكتشاف حصل في (شمال النهرين: الرقة السورية)، ابحث عن:

ـ “كنوز ضخمة”.. دولة عربية تفاجئ العالم باكتشاف تاريخي مذهل.

ـ أول مزارعين في العالم كانوا من قرية عربية.. تعرف عليها.

[8]ـ هنالك فكرة خاطئة سائدة عندنا تربط بين (البداوة) و(الصحراء)، ولكن في الحقيقة ان المفهوم أوسع بكثير، لانها تعني (الجماعات الرحل) الباحثة عن الثمار والحيوان، وايضا (الرعاة: الشاوية، واشباه الرعاة). ويشمل هذا التعريف ايضا (اشباه البدو) أي الذين يجمعون بين الاستقرار والتنقل، مثل حال (رعاة الجبال) الذين يصعدون الجبال صيفا ويهبطون الى الوديان شتاءا.

وهنالك بيئات معيشية مختلفة للبداوة: جبلية (مثل الاكراد)، وغاباتية (حالات بعض جماعات افريقيا وهنود حمر)، وكذلك بحرية (حالة الفيكنغ شمال اوربا)، وكذلك الثلوج (حالة الاسكيمو في شمال اوربا وسيبريا).

[9]ـ عن تداول وصراع الحضارة والبداوة، تطرق للموضوع مختلف المؤرخين، وأولهم (ابن خلدون: المقدمة/ الفصل الثالث: في أن البدو أقدم من الحضر). ثم المؤرخ (توينبي) وغيرهم..

كذلك كتاب: الغرب والعالم: كافين رايلي: فصل 5/ (مترجم عن الانكليزي) سلسلة عالم المعرفة.

[10]ـ عن دور الخيول في توسع القبائل الهندواوربية، ابحث عن:

– The history of horse riding

ـ الموسوعة العربية: الاريون

– David W. Anthony, The Horse, the Wheel, and Language, Princeton, Princeton University Press, 2007, p 59

ـ بالانكليزي: Indo-European expansion and horses

ـ بالفرنسي: expention indo-européens et les chevaux

[11]ـ ابحث عن: Alamans Anglo-Saxon/ Francs/

[12]ـ ابحث عن :الاستبدال العظيم : Great Replacement

[13] ـ ابحث عن (معركة قرقر او قرقور) كذلك : (مسلة كورح: شلمنصر الثالث)

[14]ـ هنالك تفسيرات عديدة لمعاني اسماء هذه الاقوام الثلاثة، لكننا نميل الى التفسيرات التالية:

1ـ الآراميون: من آرام، أي المرتفع (ورم بالعربي)، أي سكان المنقطة المرتفعة من شمال وادي النهرين العراقي السوري.

2ـ عبرانيون: أي العابرون، المتنقلون.

3ـ عرب: من غرب (العين والغين تتبادلان في السامية)، أي غرب الفرات التي لا زال اسمها في العراق: البادية الغربية (بادية الشام). ولا زال أهل العراق يسمون سكان أعالي الفرات: (الغربية)، وعكسهم سكان شرق العراق جنوب دجلة: (الشروكية، الشرقية).

ـ ابحث عن عن دراستنا المنشورة: اسم (عرب:ARABE) واسم (اوربا، Europe)،نفس الاصل والمعنى: غــرب، غروب: EREB / سليم مطر  

[15]ـ نفس المصدر السابق. علماً بأن مصر كانت محكومة حينها من السلالة 22 الليبية ـ الشامية)

ـ بالنسبة للسلالة 22 بين (945ـ720) التي حكمت مصر هنالك نقاش حول أصلها: واضح إنها ليبية، لكن أيضاً هنالك علامات تدل على علاقتها بالشام، فأسماء الملوك بعضها سامي مثل (سركون ونمرود). ثم الغريب انهم اتخذو مدينة ( تانيس : حجر) الواقعة شمال شرق مصر، قرب البحر الابيض وسيناء! وكأنهم أرادوا أن يبقوا على تواصل مع سيناء وسواحل الشام. والتفسير المعقول: انهم: (ليبيون فينقيون). وخصوصا انه في هذه الحقبة بالذات كان الاستقرار الفينقي الشامي في ليبيا وعموم شمال افريقيا في أول زخمه.

[16]ـ عن القبائل الآرية: الهندو اوربية واستخدام الحصان، راجع هامش سابق، رقم(9)

[17]ـ قبل الظهور الصريح للآريين، ظهرت في الهلال الخصيب في أواسط الالف الثاني ق.م، موجة من الاقوام الخليطة الغير واضحة الهوية والمكان الاصلي: الهكسوس والحيثون والحوريون وشعوب البحر. (ابحث عن هذه الاسماء).

[18]ـ منذ القرن السابع برزت (الدولة الميدية) في شمال غرب ايران، بتحالفها مع (الكلدان) في جنوب العراق لاسقاط السلالة الآشورية وصعود السلالة الكلدانية وعاصمتها (بابل). أما الحضور (الآري) الأول الأكبر للمنطقة، فتمثل بـ (الدولة الاخمينية الايرانية) التي احتلت العراق والشام ومصر لأكثر من قرنين، حتى نهايتها على يد (قوة آرية) جديدة (امبراطورية الاسكندر المقدوني اليونانية).  

[19]ـ ابحث عن: (الاراميون).

ـ وعن الاختلاط الارامي مع الحيثيين وغيرهم:

-Lafont, Tenu, Philippe Clancier et Francis Joannès, Mésopotamie : De Gilgamesh à Artaban (3300-120 av. J.-C.), Paris, Belin, coll. « Mondes anciens », 2017/ , p. 631

[20]ـ كان من الاسهل على البدو الاراميين تعلم (الكتابة الحروفية الكنعانية) بدلا من (الكتابة الصورية المصرية والعراقية المعقدة جدا). ابحث عن: اللغة الآرامية: من اقدم النقوش الارامية، (نقش برراكب) في شمال سوريا (730 ق.م)، وهو خليط من كلمات كنعانية وآرامية جديدة.

– Ryan Byrne, Encyclopaedia of Language and Linguistics, Elsevier, 2006, « Middle Aramaic Scripts ».

– Inland Syria and the East-of-Jordan Region in the First Millennium BCE before the Assyrian Intrusions, Mark W. Chavalas, The Age of Solomon: Scholarship at the Turn of the Millennium, ed. Lowell K. Handy, (Brill, 1997), 169

[21]ـ عن أصل الكتاب الحروفية، ابحث عن:

ـ تاريخ الأبجدية: History of the alphabet

[22]ـ عن نصوص التوراة والتلمود، ابحث عن:

ـ الآرامية التوراتية: Biblcal Aramaic

– يقول الباحث باليهودية (عبد الوهاب المسيري):

إن العبرية من المجموعة الكنعانية “مع المؤابية والفينيقية، كان يتحدث بما الكنعانيون ثم اتخذها العبرانيون الذين كانوا يتكلمون إحدى اللهجات الآرامية القديمة” لغة لهم بعد تسللهم إلى أرض كنعان. وسُميت هذه اللغة «عبرية» في وقت متأخر، فلا يوجد في صحف العهد القديم ما يدل على أنهم كانوا يسمونها بهذا الاسم، إذ كان يُشار إليها مصطلح »يهوديت» يهودي أو «لسان كنعان»، ولم يظهر مصطلح «لاشون عفريت»، أي «اللسان العبري»، إلاّ مع كتاب المشناه في القرن الثالث م.. وان يهود بابل كانوا يتحدثون بالآرامية.

– ابحث عن كتاب: عبد الوهاب المسري: الجماعات اليهودية: التحديث والثقافة (المجلد الثالث) ص 447 ـ 450

[23]ـ ان كلمة (توراة תוֹרָה) ادعّوا إن معناها (قانون) وهذا ليس مضبوط، لان كلمة: (חוֹק: خوق / حق: قانون). بينما هنالك كلمة (מוֹרֶשֶׁת/ مورشت أي موروث). لهذا فأن كلمة (توارة) فسرت مجازا: (التعاليم الموروثة).

[24]ـ عن سياسة التهجير الآشورية، راجع:

la Mesopotamie/Georges ROUX/P270-271 / مترجم الى العربية (بلاد النهرين)

ـ فراس السواح / آرام دمشق / ص250 ـ 252

ـ كتاب: ” اختراع الشعب اليهودي/ شلومو ساند(مترجم).

كذلك ابحث عن:

ـ نتائج التهجير القسري في العراق القديم الدولة اآلشورية أنموذجا/ دراسة الاعرجي والكعبي/ مجلة كلية التربية العراقية.

ـ التهجير/ الموسوعة العربية 

[25]ـ عن اليهود وبابل، وعن تاريخ تدوين التوراة، رغم محاولات التوراتيين باصطناع آثار تؤكد تاريخ التدوين مع التاريخ الديني، إلاّ أن هنالك اتفاق على ان التدوين الحقيقي والنهائي للتوراة تم أثناء تواجدهم في بابل بعد القرن 6 ق.م . ابحث عن:

بالعربي:

ـ كتابنا المعنون: تاريخ العراق: الارض والشعب والدولة/ ص 107: ملحق: اليهودية، ديانة بابلية: حقيقة السبي البابلي؟

ـ كتاب: بابل والتوراة/ الاب سهيل قاشا

ـ كتاب: الحدث التوراتي/ فراس السواح/قسم 8

ـ العراق البلد الأكثر ذكرا في التوراة/ صباح أصلان

بالانكليزي:

– How do we know that the Old Testament was mostly written during the Babylonian captivity

– Genesis 1-11 was written during the Babylonian exile

بالفرنسي:

L’Ancien Testament et l’exil/ كذللك: La bible face a la critique historique –

ـ كتاب: موسى والتوحيد / سغموند فرويد: ( رغم انه يهودي، إلاّ أنه اعتبر موسى ضابط مصري من أنصار الفرعون التوحيدي بعد الانقلاب عليه.

[26]ـ عن الاخمين واليهود، ابحث عن دراستنا: وزير خارجية ايران يهين التاريخ العراقي، بالاعتماد على التوراة!/ سليم مطر

– JUDEO-PERSIAN COMMUNITIES ii. ACHAEMENID PERIOD

[27] ـ عن مفهوم الآخرة في العراق القديم، إن أوضح وصف نجده في (أسطورة هبوط انانا ـ عشتار إلى العالم السفلي)، إذ تقول عن علام الموتى: «الغبار هو طعامهم والطين هو قوتهم، فهم لا يرون الضوء حيث يسكنون في الظلام.». كذلك (ملحمة كلكامش) تختتم بالقول: أن الحياة الأبدية الحقيقية هي صفة للآلهة وحدها.

– ابحث مثلا، عن:

ـ Ancient Mesopotamian religion

ـ فكرة الموت في وادي الرافدين ووادي النيل/ سعد سوسه.

ـ عالم الجنة والخلود في معتقدات بلاد الرافدين ومصر القديمة/ مصطفى بوجناح/ جامعة ابن طفيل / كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية/ المغرب.

[28]ـ عن الديانة المصرية ويوم الحساب، ثم عبادة (اتون) ابحث عن:

ـ المعتقدات المصرية القديمة بالحياة الآخرة/ Ancient Egyptian afterlife beliefs

[29]ـ تذكر الذكر اسم (العرب) عشرات المرات بصيغ مختلفة، أما مباشرة: عربي، وأعرابي، وعربان. كذلك مرادفاتها، مثل: “هعرب” بالإضافة الى: “الاسماعيليين، المديانيين، العمالقة، بني المشرق، المعونيين، الأنباط. كذلك حسب قبائلهم: العمالقة، الهاجريين، الاسماعيليين، اليطوريين (يطور)، والمعونيين، والمديانيين، ونافيش، ونوداب، و(بوز) وقيدار، وشبا، وتيماء..الخ..

– ابحث عن دراسة: يوحنا كتناشو: المصطلح عرب في العهد القديم، رابطة الشرق الأوسط للتعليم اللاهوتي، المجلة، (2010): 1- 11.

[30]ـ عن ذكر الاراميين: (سفر الاخبار الاول: 19)

[31]ـ لعن بابل في التوراة: سفر التكوين وسفر دانيال.

[32]ـ عن لعن الكنعانيين والمصريين طالع خصوصا: سفر الخروج.

الطريف والذي يستحق الانتباه ان التوراة اعتبرت جميع الشعوب المتحضرة في المنطقة: (الكنعانيون والمصريون وحتى النوبيون وأهل اليمن، وكذلك قوم نمرود البابلي) هم (أحفاد حام بن نوح) الذي نقم عليه يهوه بجعل أحفاده من الجنس الاسود!؟ :
أبناء حام : (كوش أب النوبيين) و(مصرايم أب المصرين) و(كنعان اب الكنعانيين) (سفر التكوين 10 ). كذلك (كوش) هو والد (نمرود: ملك شنعار: بلاد النهرين)!؟

[33]ـ هنالك حقيقة مهمة تستحق الانتباه رغم ان المسيحية كانت ولا زالت تعتم على أهميتها: ان السيد المسيح والأناجيل لم تستخدم أبداً تسمية (يهوه) العبراني المتجبر، بل اسم (ايليا: أي العالي: الله) المتداول لدى العراقيين والشاميين. وإن آخر عبارة لفظها السيد المسيح على صليبه، كانت بالآرامية: (أيلي إيلي لما شبقتني؟) أي: الهي الهي لماذا تركتني؟!

ـ ان (وحدانية الاله) في المسيحية منقوصة بإشكالية (التثليث: الاب والابن والروح القدس)، التي كانت سببا في الكثير من الانشقاقات في المسيحية، والتي رفضها الاسلام. سنتتطرق اليها في القسم القادم عن (الاديان الابراهيمية الثلاثة).

[34]ـ عن انتشار الكنائس المسيحية في الشرق: طالع:

ـ تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية ـ جزء اول ـ الأب ألبير أبونا ـ دار المشرق ـ بيروت ـ ط 3 : 1992/ وهو موجود ايضا في الانترنت. كذلك ابحث عن: تاريخ كنيسة المشرق.

ـ دراسة جيدة وشاملة للمفكر اللبناني (المسيحي) (ادمون رباط) (المسيحيون في الشرق قبل الإسلام):

[35]ـ عن العلاقة بين اللغتين السريانية والقبطية ابحث عن دراسة جيدة بعنوان: نبذة مختصرة عن العلاقات القبطية السريانية عبر العصور.

كذلك: القمص يوسف الحومى يستعرض العلاقات التاريخية بين الكنيسة القبطية والكنيسة السريانية.

[36]– عن دور المسيحية الشرقية، ابحث عن دراستنا: نحو رؤية جديدة لتاريخ الاديان: مثال المسيحية والاسلام/ سليم مطر.

ـ كذلك: تاريخ المسيحيين العرب/ ويكيبيديا

[37]ـ منطقة (الرها ونصيبين) في شمال النهرين شمال شرق سوريا، وحاليا تابعة لتركيا: اورفا.  

[38]ـ عن دور العرب في تاريخ المسيحية، ابحث عن:

ـ تاريخ المسيحيين العرب/ كذلك: تاريخ المسيحية الشرقية

ـ Arab Christians
The Arab Christian: A History in the Middle Eastـ

[39]ـ الامبراطور فيليب العربي، اثل سوري (القرن الثالث م) ، ويعتقد انه تبنى المسيحية. ابحث عن:

ـ Philip the Arab and Christianity

ـ Le christianisme de l’empereur Philippe l’Arabe

ـ Eusèbe de Césarée, Histoire ecclésiastique, t. VI, p. 34

[40]ـ عن طوائف المسيحية في الشرق، ابحث عن : الاريوسية واليعقوبية والقبطية والنسطورية والدوناتية..
كذلك درساتنا السابقة، مصدر رقم 5.

[41]ـ عن المسيحية في سيناء: سيناء أصبحت ملجأ للرهبان المسيحيين الهاربين من السيطرة البيزنطية

حكاية نقوش الأنباط بسيناء..

[42]ـ لقد أطلقت المسيحية على (الانجيل) تسمية (العهد الجديد) وعلى (التوراة) تسمية (العهد القديم) وجمع الكتابين في كتاب واحد مع وثائق أخرى تحت تسمية (الكتاب المقدس: بيبل). ابحث عن: الكتاب المقدس.

[43]ـ عن الدولة البيزنطية والمسيحية: هنالك جدلات وفرضيات عن تاريخ ادخال التوراة في المسيحية وأيضا تاريخ تدوين الانجيل. لكننا نميل الى فرضية دور الدولة الرومانية البيزنطية. ابحث عن: الملك قسطنطين.

ـ أما عن تأثير التوراة في سياسة الدول المسيحية فابحث عن كتاب: (الكتاب المقدس والاستعمار الاستيطاني: الأب مايكل برير).

[44]ـ عن أسماء العرب في التوراة:

ـ تذكر الذكر اسم (العرب) عشرات المرات بصيغ مختلفة، أما مباشرة: عربي، وأعرابي، وعربان. كذلك مرادفاتها، مثل: “هعرب” بالإضافة الى: “الاسماعيليين، المديانيين، العمالقة، بني المشرق، المعونيين، الأنباط. كذلك حسب قبائلهم: العمالقة، الهاجريين، الاسماعيليين، اليطوريين (يطور)، والمعونيين، والمديانيين، ونافيش، ونوداب، وبني المشرق، و(بوز) وقيدار، وشبا، وتيماء..الخ..

ـ يوحنا كتناشو: المصطلح عرب في العهد القديم، رابطة الشرق الأوسط للتعليم اللاهوتي، المجلة، (2010): 1- 11.

[45]ـ أولى الانشقاقات التي حدثت في المسيحية كانت في الشرق: اريوس الليبي: حوالي 300 م) و(نسطور السوري: حوالي 400م).

[46]ـ ابحث مثلا عن:

ـ دور السريان في الحضارة العربية الاسلامية.

ـ دور اليهود في الحضارة العربية الاسلامية.

[47]ـ عن تأثير الفينقية في شمال افريقيا، ابحث عن دراسة:

ـ انتشار اللغة الفينيقية في الشمال الإفريقي القديم وعلاقتها باللغة اللوبية/ بوغرارة وفاء.

ـ جذور التأثيرات الفينيقية – القرطاجية على السكان المحليين في شمال أفريقيا “814 ق. م حتى مجيء الرومان/ رسالة ماجستير/ جامعة طرابلس.

كذلك: الفينيقيون في الجزائر/ ويكيبيديا

ـ عن استعمال الفينيقية في غالبية الكنائس في شمال افريقيا (بعضها باللاتينية)، طالع:

-Païens et chrétiens: la religion et la vie religieuse dans/Robin lane Fox/ P288
ـ Revue Africaine V62 p340 : H.Basset

ـ Saint Augustin et la survivance de la langue punique [article]/ Comptes rendus des séances de l’Académie des Inscriptions et Belles-Lettres Année 1950

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *