الكاتب : فاضل حسن شريف
قوله تعالى “لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ” (البقرة 256) على الفرد ان يبين للشخص المسلم حرمة العمل المحرم وليس الواجب منعه بالقوة. والدين يفرق بين الرشد والغي”لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ” (البقرة 256). جاء في الموسوعة الإلكترونية لمدرسة أهل البيت عليهم السلام التابعة للمجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام عن آية لا إكراه في الدين: التعارض مع الجهاد الابتدائي: يذهب بعض الباحثين إنَّ الجهاد الابتدائي يتعارض مع مضمون آية لا إكراه في الدين، لأنَّ الآية المذكورة تنفي الإكراه في الدين، ولكن الجهاد الابتدائي هو فرض الإسلام على الآخرين بالسيف. وفي هذا السياق توجد هناك ثلاث آراء: الرأي الأول: ذكرهُ البعض منهم كالعلامة الطباطبائي إنَّ الجهاد الابتدائي هو الدفاع عن الأمر الفطري للتوحيد والدفاع عن الأنسانية، ومنع الإنسان من السقوط في هاوية الحيوانية، ويُعتبر هذا الأمر ضروري ومشروع. الرأي الثاني: يرى أصحاب هذا الرأي إنَّ الجهاد الابتدائي يهدف إلى إزالة الموانع والمعوقات في طريق الدعوة إلى الإسلام، وإنّه لا يتعارض مع آية لا إكراه في الدين. الرأي الثالث: يعتقد أصحاب هذا الرأي إنَّ هذا التعارض موجود وإنَّ الجهاد الابتدائي يجبر الناس على اعتناق الدين الإسلامي. يعتقد الشهيد مطهري إنَّ الجهاد الابتدائي له جانب دفاعي ولا يتعارض مع هذه الآية، وإذا كان الكفار لا علاقة لهم بالمسلمين، فالإسلام ليس له علاقة بعقيدتهم.
من رسالة ماجستير للسيد الطاهر بن احمد (2010) عن الاقليات: الأقلية هي مجموعة من سكان الدولة تختلف عن الأغلبية في الأنتماء الديني أو اللغوي أو العرقي أو الإثني، وعلى هذا الأساس وغيرها من الخصائص والمميزات صنفت الأقليات إلى عدة أنواع منها: – الأقلية الدينية “لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ” (الكافرون 6): والتي تم تعريفها على أنها جماعة عرقية يمثل الدين المقوم الرئيسي لذاتيتها وتمايزها عن غيرها من الجماعات العرقية التي تشاركها ذات المجتمع، ومن الملاحظ أنه من النادر أن توجد دولة في العالم متجانسة دينياً، لذا فإن الأقليات الدينية تتواجد في شتى أنحاء العالم، لبنان على سبيل المثال يضم جماعة من المسلمين السنة “وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ” (الحجر 13)، وجماعة من الشيعة “وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ” (الصافات 83) والدروز، وجماعة المارون المسيحية “لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ” (النساء 172)، وجماعة الروم الأرثوذكس وغيرها، وفي مصر نجد المسلمين “بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ” (البقرة 112) والأقباط، وفي العراق السنة والشيعة والمسيحيين واليهود “إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ” (البقرة 62)، هذا التنوع الديني في مجتمع واحد لا يكتسي أهمية سياسية داخلية كانت أو دولية، إلا إذا ترتب على وجودها صراع أو تنازلات”وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا” (الأنفال 46) في مجالات القيم”فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَة ” (البينة 3) أو الثروة “أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ” (المؤمنون 55) أو السلطة “إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ” (الحجر 42)، أو ظهرت نتيجة هيمنة وظلم”لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ” (النساء 148) الأكثرية “وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ” (الروم 30). – الأقلية اللغوية: الجماعة الفردية من سكان دولة ما، والتي تتكلم لغة “وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ” (إبراهيم 4) أو لغات تختلف عن لغات الأغلبية، ولعل أبرز الأمثلة عليها كندا، إسبانيا، الهند، العراق. هذه الجماعات اللغوية أو الأقليات اللغوية تعيش بشكل طبيعي، طالما احترمت خصوصيتها اللغوية “وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ” (النساء 46) ورقيت في مجالات الحياة العديدة، كلغة للتعامل “وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ” (البقرة 139)، والتخاطب، والتعليم، ولغة تواصل “وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ” (القصص 51) في الصحافة بأنواعها.
جاء في جريدة الشرق الأوسط من هم الإيزيدية؟ للكاتب دلشاد عبد الله: طقوس الإيزيديين تتمثل في دعاء الصباح والمساء ودعاء الليل، وصيام ثلاثة أيام، وهناك طقوس أخرى كزيارة معبد لالش في (عين سفني) ومراسم العيد وخصوصا عيد رأس السنة، إضافة إلى طقوس تقديم النذور والخيرات وطقوس أخرى تمتد إلى آلاف السنين. وهناك نصوص تتحدث عن الممارسات الحياتية اليومية، وحول جمع هذه النصوص، قال دوملي، إن (المجلس الروحاني الإيزيدي العالي شكل لجنة خاصة لجمعها وتدوينها وتوثيقها في كتاب). ويعد (لالش) من أقدس معابد الإيزيديين ففيه قبر الشيخ آدي المقدس لدى أتباع الديانة كما أنها مقر المجلس الروحاني للديانة الإيزيدية في العالم. ويزور الإيزيديون مرة واحدة خلال حياتهم على الأقل لالش وتستمر الزيارة سبعة أيام. أما الإيزيديون القاطنون في المنطقة فيقومون بزيارة سنوية خلال فصل الخريف. وهناك معابد أخرى في مناطق سنجار وبعشيقة وتلكيف ومناطق أخرى من سهل نينوى. وحول أهم الأعياد الدينية للإيزيديين قال دوملي: (الإيزيديون يملكون إرثا حضاريا كبيرا يبرز من خلال الأعياد الرئيسة للديانة وأهمها عيد جمايا أو جما، الذي يبدأ في 6 أكتوبر (تشرين الأول) إلى الـ12 منه ثم عيد الصوب في ثاني أسبوع من شهر يناير (كانون الثاني) حيث يصوم الإيزيديون ثلاثة أيام ثم يكون الجمعة عيدا، ثم عيد رأس السنة الإيزيدية أو (الأربعاء الأحمر) الذي يعتبر من الأعياد المهمة ويصادف أول أربعاء من السنة الجديدة حسب التقويم الشرقي، وهناك أعياد أخرى أهمها عيد (خضر إلياس) الذي يصادف الجمعة الثانية من شهر فبراير (شباط). وحول أسباب لبس الإيزيدي للملابس العربية التقليدية والعقال بينما هم أكراد، قال دوملي: (الملابس الإيزيدية الأصيلة كانت ملابس كردية مع وجود التشابه بينها وبين الملابس الرومانية والتركية القديمة، لكن بسبب عمليات التعريب المستمرة التي استهدفت الإيزيديين في جنوب جبل سنجار وشماله وشرقه، أدت إلى تغيير هويتها التراثية والقومية، وارتدى الإيزيديون هذه الملابس للاحتماء بها والحفاظ على هويتهم ووجودهم والجيل الجديد من الإيزيديين لا يرتدون هذه الملابس). وقد شهد أتباع هذه الديانة على مدار التاريخ في بلاد وادي الرافدين الكثير من الويلات والإبادة الجماعية، إذ يقول دوملي: (التاريخ لم يرحم الإيزيديين في هذا البلد، هذه الديانة تعرضت لكثير من الويلات، فكل القوة الكبيرة التي كانت تأتي إلى المنطقة كانت تكبر على حساب الإيزيدية، ولأن هذه الديانة لم تكن تبشيرية لذا كانت تتقلص وتتراجع باستمرار، فعندما جاء الرومان إلى المنطقة تعرض الإيزيديون إلى الويلات والكوارث على أيديهم، لذا نرى أن الإيزيديين يستخدمون كلمة رومي إشارة منهم إلى الشؤم، كذلك فعل بهم الفرس. أما الدولة العثمانية فإنها ارتكبت أبشع الجرائم ضد الإيزيدية وكانت أعدادهم في تلك الحقبة الزمنية مئات الآلاف، وكانت هناك مساحات شاسعة بيد الإيزيديين في كردستان الشمالية (جنوب شرق تركيا الحالية). ثم جاءت المرحلة الأخيرة من الفرمانات الكبيرة في نهاية العهد العثماني وخصوصا في القرن التاسع عشر على يد محمد باشا الراوندزي عام 1834، الذي شن حملة كبيرة أنهى بها وجود الإيزيديين في منطقة سوران ودمر وجودهم في سهل نينوى، وتلتها فرمانات أخرى من فريق باشا عام 1894 وتلاه فرمان آخر على يد الفريق وهبي باشا، وكل هذه الفرمانات كانت تصدر من الباب العالي. ومع نهاية الدولة العثمانية حلت كارثة أخرى بالإيزيديين وهي كارثة تشكيل الدولة العراقية، وحركت الدولة العراقية في أعوام 1931 و1933 الجيوش التي هاجمت المواطنين الإيزيديين العزل في سنجار بسبب رفضهم لأداء الخدمة العسكرية.