الكاتب : فاضل حسن شريف
ن الصبر مطلوب لمجابهة العدو القوي مثل فرعون فالملك لله وليس لفرعون، وفي حين الوقت المناسب عند تقوية قوم موسى عليه السلام وضعف قوة فرعون آنذاك تتم المجابهة للقضاء على فرعون. ومن هذه القصة التي فيها الحكمة فلا تستعجل القلة من المقاومة العراقية و يتطلب منها الصبر حتى تتعاون الدول المحيطة مع بعضها للقضاء على عدوها التي تتقاتل معه المقاومة العراقية والوقت المناسب في عدم مساعدة الدول العظمى للعدو المشترك. جاء في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله تعالى “قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا ۖ إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۖ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ” (الأعراف 128) وهذا من موسى عليه السلام بعث لبني إسرائيل واستنهاض لهم على الاستعانة بالله على مقصدهم وهو التخلص من إسارة آل فرعون واستعبادهم ثم بعث على الصبر على شدائد يهددهم بها فرعون من ألوان العذاب، والصبر هو رائد الخير وفرط كل فرج، ثم علل ذلك بقوله: “إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ” (الأعراف 128). ومحصله أن فرعون لا يملك الأرض حتى يمنحها من يشاء، ويمنع من التمتع بها من يشاء بل هي لله يورثها من يشاء، وقد جرت السنة الإلهية أن يخص بحسن العاقبة من يتقيه من عباده فإن استعنتم بالله وصبرتم في ذات الله على ما يهددكم من الشدائد وهو التقوى أورثكم الأرض التي ترونها في أيدي آل فرعون. ولذلك عقب قوله: “إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ” الآية بقوله: “وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ” (الأعراف 128) العاقبة ما يعقب الشيء كالبادئة لما يبدأ بالشيء، وكون العاقبة مطلقا للمتقين من جهة أن السنة الإلهية تقضي بذلك وذلك أنه تعالى نظم الكون نظما يؤدي كل نوع إلى غاية وجوده وسعادته التي خلق لأجلها فإن جرى على صراطه الذي ركب عليه، ولم يخرج عن خط مسيره الذي خط له بلغ غاية سعادته لا محالة، والإنسان الذي هو أحد هذه الأنواع أيضا حاله هذا الحال إن جرى على صراطه الذي رسمته له الفطرة واتقى الخروج عنه والتعدي منه إلى غير سبيل الله بالكفر بآياته والإفساد في أرضه هداه الله إلى عاقبته الحسنة، وأحياه الحياة الطيبة، وأرشده إلى كل خير يبتغيه.
جاء في تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله تعالى “قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا ۖ إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۖ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ” (الأعراف 128) قال ابن عباس: كان فرعون يقتل أبناء بني إسرائيل، فلما كان من أمر موسى ما كان، أمر بإعادة القتل عليهم، فشكا ذلك بنو إسرائيل إلى موسى، فعند ذلك “قال موسى لقومه استعينوا بالله” في دفع بلاء فرعون عنكم “واصبروا” على دينكم، وعلى أذى فرعون، “إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده” أي: ينقلها إلى من يشاء نقل المواريث، فيورثكم بعد إهلاك فرعون، كما أورثها فرعون. وهذا وعد لهم بحسن العاقبة، ليكون داعيا لهم إلى الصبر “والعاقبة للمتقين” معناه: تمسكوا بالتقوى في الدنيا، فإن حسن العاقبة في الدارين للمتقين، والعاقبة: ما يؤدي إليه البادئة، إلا أنه إذا قيل العاقبة له، فهو في الخير، وإذا قيل العاقبة عليه: فهو في الشر، كما يقال: الدائرة له وعليه، والدبرة له وعليه.
جاء في معاني القرآن الكريم: قصص القص: تتبع الأثر، يقال: قصصت أثره، والقصص: الأثر. قال تعالى: “فارتدا على آثارهما قصصا” (الكهف 64)، “وقالت لأخته قصيه” (القصص 11) ومنه قيل لما يبقى من الكلإ فيتتبع أثره: قصيص، وقصصت ظفره، والقصص: الأخبار المتتبعة، قال: “إن هذا لهو القصص الحق” (آل عمران 62)، “لقد كان في قصصهم عبرة” (يوسف 111)، “وقص عليه القصص” (القصص 25)، “نقص عليك أحسن القصص” (يوسف 3)، “فلنقصن عليهم بعلم” (الأعراف 7)، “يقص على بني إسرائيل” (النمل 76)، “فاقصص القصص” (الأعراف 176). والقصاص: تتبع الدم بالقود. قال تعالى: “ولكم في القصاص حياة” (البقرة 179)، “والجروح قصاص” (المائدة 45) ويقال: قص فلان فلانا، وضربه ضربا فأقصه، أي: أدناه من الموت، والقص: الجص، و (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تقصيص القبور) (الحديث عن جابر بن عبد الله يقول: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تقصيص القبور، أو يبنى عليها أو يجلس عليها أحد).
وعن صلح الحسن عليه السلام لحفظ وحدة القبلة وتثقيف أهل الشام بالسنّة يقول السيد البدري في كتابه: وكان الحسن عليه السلام أمام هذا العرض بين إحراجين: الأوّل: فهو إن رفض اُطروحة الصلح يكون قد سجّل على نفسه أمام الشاميين مخالفة لقوله تعالى: “وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُو اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمْ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ” (الأنفال 60) “وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا” (الأنفال 61)، ويكون بذلك قد أمدَّهم بمبرر قويّ لحربه.