الكاتب : فاضل حسن شريف
عن تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله جل جلاله “الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ ۙ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ” ﴿التوبة 79﴾ وصفهم الله بصفة أخرى، فقال: “الذين يلمزون” أي: يعيبون “المطوعين” المتطوعين بالصدقة “من المؤمنين”، ويطعنون عليهم “في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم” أي: ويعيبون الذين لا يجدون إلا طاقتهم، فيتصدقون بالقليل. قيل: اتاه عبد الرحمن بن عوف بصرة من دراهم تملأ الكف، وأتاه عقبة بن زيد الحارثي بصاع من تمر، وقال: يا رسول الله! عملت في النخل بصاعين، فصاعا تركته لأهلي، وصاعا أقرضته ربي. وجاء زيد بن أسلم بصدقة، فقال معتب بن قشير، وعبد الله بن نبتل: إن عبد الرحمن رجل يحب الريا ويبتغي الذكر بذلك، وأن الله غني عن الصاع من التمر، فعابوا المكثر بالريا، والمقل بالإقلال. “فيسخرون منهم” أي: فيستهزؤون منهم “سخر الله منهم” أي: جازاهم جزاء سخريتهم حيث صاروا إلى النار “ولهم عذاب أليم” أي: موجع مؤلم. وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه سئل فقيل: يا رسول الله أي الصدقة أفضل؟ قال جهد المقل.
جاء في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله جل جلاله “الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ ۙ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ” ﴿التوبة 79﴾ التطوع الإتيان بما لا تكرهه النفس ولا تحسبه شاقا ولذلك يستعمل غالبا في المندوبات لما في الواجبات من شائبة التحميل على النفس بعدم الرضى بالترك. ومقابلة المطوعين من المؤمنين في الصدقات بالذين لا يجدون إلا جهدهم قرينة على أن المراد بالمطوعين فيها الذين يؤتون الزكاة على السعة والجدة كأنهم لسعتهم وكثرة مالهم يؤتونها على طوع ورغبة من غير أن يشق ذلك عليهم بخلاف الذين لا يجدون إلا جهدهم أي مبلغ جهدهم وطاقتهم أو ما يشق عليهم القنوع بذلك. وقوله: ﴿الذين يلمزون﴾ الآية كلام مستأنف أو هو وصف للذين ذكروا بقوله: ﴿ومنهم من عاهد الله﴾ الآية كما قالوا. والمعنى: الذين يعيبون الذين يتطوعون بالصدقات من المؤمنين الموسرين والذين لا يجدون من المال إلا جهد أنفسهم من الفقراء المعسرين فيعيبون المتصدقين موسرهم ومعسرهم وغنيهم وفقيرهم ويسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم، وفيه جواب لاستهزائهم وإبعاد بعذاب شديد.
وعن التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله جل جلاله “الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ ۙ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ” ﴿التوبة 79﴾ اللمز العيب، والمراد بالتطوع هنا بذل المال تفضلا لا وجوبا. وما زال الحديث عن المنافقين، وهاتان الآيتان تعرضان لونا آخر من آثامهم وأذاهم المتصل للنبي والمؤمنين.. في ذات يوم حث النبي ( صلى الله عليه وآله ) على البذل في سبيل اللَّه، فاستجاب المؤمنون من صحابته، وتطوع بعضهم بالآلاف. وبعضهم بصاع من تمر، كل حسب طاقته، فعابهم المنافقون، وقالوا عن المكثر: إنه يبذل رئاء، وعن المقل: انه يذكّر بنفسه. إن شأن المنافقين الرياء فيما يقولون ويفعلون، فقاسوا الغير على أنفسهم، ووصفوه بوحي من واقعهم. وقوله تعالى: ” والَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ ” يشير إلى الفقراء الدين تصدقوا بالقليل لأنه مبلغ طاقتهم ” فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ ” استخفافا بما بذلوه. ومن كلام الإمام علي ( عليه السلام ): لا تستح من إعطاء القليل فإن الحرمان أقل منه. ” سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ ولَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ” ومعنى سخرية الخالق جل وعلا انه يجازي الساخر بالعذاب الأليم على سخريته.
جاء في المعاجم: الجهد: (مصطلحات): بفتح الجيم، المشقة، (وبضمها وفتحها) الطاقة، ففيها معنى المبالغة. (فقهية). جاهَدَ: (فعل). جاهدَ / جاهدَ في يجاهد، مُجاهَدةً وجِهادًا، فهو مُجاهِد، والمفعول مُجاهَد للمتعدِّي. جاهد الشَّخصُ/ جاهدَه الشَّخصُ:سعى وحاول بجِدّ، بذل وسعه. مجاهدةُ النفس: جهاد روحيّ للنفس بفطامِها عن الشهوات والرِّضا بمشيئة الله. جهَدَ: جهَدَ يَجهَد، جَهْدًا، فهو جاهد، والمفعول مجهود (للمتعدِّي): • جهَد الشَّخْصُ: 1 جَدّ وبذل غاية وسعه:جهَد لينجح: • لم يَأْلُ جَهْدًا: لم يُقصِّر. 2 سعى حتَّى وصل إلى الغاية:سعَى جهدَه لمساعدة والديه. 3 بلغ المشقَّة:عمل حتى جَهَد. • جهَد خادمَه: حمّله فوق طاقته، أتعبه:جهده المرضُ/ الحبُّ. جهد الشّخْص: جَدّ وبذل غاية وسعه:جهَد لينجح: ° لم يَأْلُ جَهْدًا.
جاء في ميزان الحكمة للشيخ محمد الريشهري: الأمر بالجهاد بالأيدي والألسن والقلوب – الإمام علي عليه السلام: جاهدوا في سبيل الله بأيديكم، فإن لم تقدروا فجاهدوا بألسنتكم، فإن لم تقدروا فجاهدوا بقلوبكم. – عنه عليه السلام – في كتاب للأشتر -: وأن ينصر الله سبحانه بقلبه ويده ولسانه، فإنه جل اسمه قد تكفل بنصر من نصره وإعزاز من أعزه. – عنه عليه السلام: إن أول ما تقلبون عليه من الجهاد الجهاد بأيديكم ثم بألسنتكم ثم بقلوبكم، فمن لم يعرف بقلبه معروفا ولم ينكر منكرا قلب، فجعل أعلاه أسفله. – رسول الله صلى الله عليه وآله: إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه. – الإمام علي عليه السلام: الله الله في الجهاد بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم في سبيل الله. (انظر) المعروف (2): باب 2699، 2700. الشعر: باب 2025.