علي اغوان
بينما تنشغل القوى السياسية الحالية بملف تقاسم السلطة ، مارك سافايا سيأتي الى بغداد قريباً جداً وسيبلغ القوى السياسية الكبرى في هذا النظام بمجموعة توصيات تريدها الولايات المتحدة منهم ، على رأسها واهمها ما يتعلق بتنصيب رئيساً لمجلس الوزراء واشياء كثيرة معقدة اخرى مثل مستقبل سلاح المقاو.مة والنفط والكيان وايران !
سَيُذكرهم مارك بعد وصوله بشيء مهم وهو ان اموال نفط العراق الذي يُباع لدول العالم يتم وضعها منذ عام 2003 حتى الان بشكل مستمر في حساب الحكومة العراقية في البنك الفيدرالي الامريكي .
هذا الحساب محمي بحصانة سيادية امريكية تمنع تفعيل عشرات الدعاوى القضائية المكتسبة للقرارات القطعية الباتة والملزمة للعراق بدفع تعويضات مالية مباشرة لعشرات الجهات المشتكية عليه خلال السنوات السابقة،بالتالي هذا البنك يوفر خدمة حماية اموال العراق من اي دعاوى قانونية ، هذا اولاً .
ثانياً ، سيقول مارك لهم ان وزارة الخزانة قد ترسل تقريرها المباشر الى البنك الفيدرالي والذي سيشير الى ان هناك مؤشرات واضحة على ان الدولار الذي يذهب الى العراق ، يخرج من العراق ويهرب بطريقة غير قانونية الى جهات معادية للولايات المتحدة ، تستحوذ هذه الجهات على هذه العملية من خلال هيمنتها على بعض المصارف المحلية ، بالتالي سيتم الحد من عملية ارسال دفوعات الدولار وتعطيل جزء من هذه العملية لحين ايجاد الية شفافة وواضحة مع منع تسريب الدولار وتهريبه الى الخارج .
هنا سنكون امام تلكؤ كبير في عملية وصول الدولار الى العراق . عدم وصول الدولار الى العراق هو اشبه بقطع الماء عن المنزل ، حيث لن يستطيع سكان هذا المنزل الاستحمام كل يوم بسبب المخزون القليل ، ولن يستطيعوا غسل ملابسهم والصحون والاواني باستمرار ، وسيخصصون الجزء الاكبر للطبخ والشرب والدخول الى الحمام ، والوضوء اذا كان رب المنزل متدين كما هو حال اغلب المتدينين الذين يحكمون العراق .
المهم ، تلكؤ وصول الدولار الى بغداد يعني ان الحكومة – حكومة تصريف الاعمال الحالية او الحكومة التي لن ترضى عنها الولايات المتحدة – ستكون في مأزق حاد جداً وستضطر لايقاف الانفاق في كل الاتجاهات عدا الانفاق التشغيلي المتعلق بدفع الرواتب .
هذه العملية – اعني دفع الرواتب – اذا ما تلكأت قد تشهد معها تحولات اقتصادية ومالية كثيرة منها ارتفاع سعر الصرف لارقام فلكية وانهيار قيمة العملة المحلية والبطالة ويصبح طول الشهر لدى الموظف ما بين 40 و 50 يوم بعد ان كان 30 يوم لكي يستلم راتبه الذي قد يكون فيه ادخار اجباري من 30% الى 50% مع تضخم كبير سيصيب البلاد واحتمالية حدوث احتجاجات شعبية واسعة مرافقة لكل هذه الاحداث .
انا لا اقول ان ذلك سيحدث بنسبة 100% بقدر ما اقول ان مارك سيقول لهم ان ذلك قد يحدث ان لم تستمعوا لرغبات الرئيس ترامب وتصححوا سلوك نظامكم السياسي الداخلي وتمدينه اكثر وايقاف عسكرته وتعيدوا صياغة علاقاتكم الخارجية بما يتفق مع توجهات الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة !!
هذه واحدة من الادوات التي يمكن ان تستخدمها الولايات المتحدة ضد العراق في المرحلة القادمة !
السؤال الان ، اين مستشاري هذه الدولة ،اين كبار خبرائها وعلمائها السياسيين والاقتصاديين والاستراتيجيين ؟ ،هل تدرك هذه القوى السياسية التي تتقاسم السلطة الان ما تستطيع فعله الولايات المتحدة بنا بتوقيع واحد ؟ من رهن العراق بهذا الشكل ومن جعله في هذا الموقع السيادي الضعيف ؟! بل من سيتحمل مسؤولية الاجيال القادمة جراء هذا الفشل والهوان ؟!