(ازمة العراق ليس حاكم شيعي يحكمه)..و(ليس الحل حاكم سني بديل)..(فالحاكم السني يقمع الجميع).. و(الحاكم الشيعي يفسد الجمع)..(لو كان صدام بظل نظام بعد 2003 لكان مثل المالكي او الجعفري)..

سجاد تقي كاظم

بسم الله الرحمن الرحيم

(ازمة العراق ليس حاكم شيعي يحكمه)..و(ليس الحل حاكم سني بديل)..(فالحاكم السني يقمع الجميع).. و(الحاكم الشيعي يفسد الجمع)..(لو كان صدام بظل نظام بعد 2003 لكان مثل المالكي او الجعفري)..

قبل البدء نضع حقائق:

لا يمكنك إصلاح السياسي قبل إصلاح النظام..

ولو حكمت أي طائفة أخرى في ظروف 2003 نفسها، لكانت النتيجة مشابهة.

لنتفق اولا على حقيقة:

الحاكم في العراق ليس كياناً منعزلاً، بل هو نتاج النظام الذي أنتجه… فسلوك الحاكم يتشكل بناءً على طبيعة النظام الحاكم والهيكل الذي يعمل ضمنه، وليس فقط هويته الشخصية أو الطائفية.

اي هل يمكن القول لا الحاكم الشيعي يفسد الجميع بطبيعته، ولا الحاكم السني يقمع الجميع بطبيعته.

بل هناك منظومة سياسية غير صحية تنتج:

1.    الفساد عندما يكون الحاكم ضعيفًا

2.    القمع عندما تكون الدولة بلا ضوابط

3.    والطائفية عندما يغيب مشروع وطني جامع.

عليه هل : الحل الحقيقي يبدأ من بناء دولة مؤسسات، لا دولة طوائف.

ام الحل هو (تغيير الطائفة الحاكمة) وليس تغيير (فلسفة الحكم)؟

ليطرح سؤال هل الفساد في العراق بنيوي وليس طائفيًا؟ بمعنى (الفساد لا ينتج عن طائفة بعينها)، بل عن:

1.    غياب رقابة مؤسسية

2.    غياب الشفافية

3.    تقاسم المغانم

4.    تخادم بين الأحزاب النافذة

ولهذا فإنك تجد:

1.    سياسيًا شيعيًا فاسدًا

2.    وسياسيًا سنيًا فاسدًا

3.    وسياسيين من مختلف المكونات شرفاء

عليه هل يمكن القول:

المشكلة ليست في الهوية؛ بل في النظام الذي يكافئ الفاسد ويكسر النزيه.

فوفق نظرية البوصلة الأخلاقية، المشكلة تكمن في غياب نظام يعزز نمو البوصلة الأخلاقية للحاكم والمواطن على حد سواء… فلكي تنضج بوصلة المجتمع الأخلاقية يجب أن توجد:

·        مؤسسات تحاسب

·        قوانين تطبّق على الجميع

·        خوف صحي من نتائج الفساد (كما تقول النظرية: الخوف دافع للمعنى والسلوك الأخلاقي)

·        قيم مشتركة تتجاوز الطائفية

وعندما يضعف هذا الإطار، ينمو الفساد كبديل، بغض النظر عن هوية الحاكم.

 فهل الفساد ظهر لأن الشيعة حكموا

ام لأن الظروف التي وصل فيها الشيعة إلى الحكم كانت مختلفة جذريًا عن الظروف التي حكم فيها السنة قبل 2003.. اي الفارق ليس دينيًا أو طائفيًا، بل بُنيوي، سياسي، واجتماعي.

فبعد 2003 ظهر “فساد دولة ضعيفة.. فعندما سقط النظام:

1.    انهارت الدولة من جذورها

2.    تفككت المؤسسات

3.    حلّت الفوضى محل القانون

4.    ظهرت الأحزاب المسلحة

5.    تم توزيع الدولة على مبدأ محاصصة

وفي ظل دولة ضعيفة، ينمو الفساد تلقائيًا مهما كان الحاكم—شيعيًا أو سنيًا أو كرديًا.

وهذا يفسر لماذا ارتبط الفساد بصعود الشيعة بعد 2003؟

1.    فالشيعة استلموا الحكم في لحظة انهيار الدولة بالكامل.

تولّوا سلطة بلا مؤسسات جاهزة، بلا جهاز إداري متماسك، وبلا خبرة سياسية تراكمية مثل التي امتلكها النظام السابق.

2.    المحاصصة الطائفية: الأحزاب الشيعية والسنية والكردية اقتسمت الدولة. لكن لأن الشيعة هم الأكثرية عددًا وسياسيًا، أصبحت حصتهم الأكبر—فتبدّى فسادهم أكثر.

3.    النفوذ الخارجي (أمريكا، إيران، قوى إقليمية): العراق أصبح ساحة صراع، وهذا أتاح:

·        تمويل أحزاب

·        دعم فصائل

·        شراء ولاءات

الاقتصاد الريعي (النفط) :تدفقت مليارات النفط في دولة بلا مؤسسات فالعائد كان ضخمًا والضبط معدومًا…الشيعة كانوا “مشتتين سياسيًا” بعد 2003:عشرات الأحزاب، ميليشيات، تيارات دينية، مدنية، عشائرية بينما قبل 2003 كان النظام موحّدًا تحت سلطة واحدة.

فلو افترضنا وجود شخص من خلفية شيعية في موقع قيادي مطلق ضمن بنية حزب البعث القمعية

 التي لا تقبل الشراكة ولا المعارضة، لكان سلوكه على الأغلب قمعياً وشبيهاً بسلوك صدام حسين، لأن النظام يفرض على القيادة أن تكون ديكتاتورية للبقاء في السلطة..

عليه يطرح سؤال.. هل القمع هنا هو سمة النظام وليس سمة المذهب..؟

من جهة ثانية:

لو افترضنا وجود شخص من خلفية سنية كصدام في موقع بظل نظام محاصصة لكان مثل المالكي والدعوة:

هذا منطقي أيضاً… لسببين:

1.     نظام ما بعد 2003 بطبيعته يحد من قدرة أي طرف واحد على السيطرة المطلقة ويجعل الفساد والصفقات السياسية هما الآلية الرئيسية للحكم والبقاء في السلطة، بدلاً من القمع الشامل. لانه نظام ما بعد 2003 قائم على المحاصصة الطائفية وتقاسم السلطة بين الكتل..

2.    الشخص الذي يعمل ضمن هذا النظام، حتى لو كان بذهنية صدام حسين، سيضطر للتعامل مع واقع الشراكة (ولو كانت شراكة فاسدة) وسيكون مقيداً بالكتل الأخرى، وسينخرط في منظومة الفساد وغياب المساءلة التي يوفرها نظام المحاصصة.

فحين تكون الدولة ضعيفة ومؤسساتها غير فاعلة، يملأ الفراغ:

1.    أحزاب طائفية

2.    ميليشيات

3.    شبكات فساد

4.    زعامات عشائرية

وهذه القوى تهيئ بيئة لتدخلات اقليمية تعقد المشهد العراقي..

 ولينتج عنه ان هذه القوى تفرض منطقها على الدولة بدل أن تخضع لها.

بمعنى لنرى تغييراً حقيقياً في أسلوب حكم، يجب تغيير البيئة التي “تعشش” فيها المشاكل

 أي إصلاح النظام السياسي جذرياً وبناء دولة مواطنة قوية ومؤسسات فاعلة تقلل من تأثير البيئة السلبية على قرارات الحاكم.

ليطرح سؤال: (هل العقيدة الشيعية تخلق بيئة للفساد.. بمجهول المالك ..)؟

ام الإنسان الفاسد يستغل أي مبرر—فقهيًا أو غير فقهي.نتيجة بنية سياسية منحرفة فالمحصلة:

  الفساد السياسي ليس نتيجة عقيدة.. وهذا يحدث في كل الطوائف:

1.    بعض الفاسدين يستغلون الدين

2.    وبعضهم يستغل القومية

3.    وبعضهم يستغل السلطة نفسها.

عليه هل ..المشكلة ليست في العقيدة؛ المشكلة في الإنسان عندما تضعف بوصلة القيم.

ليطرح سؤال ثاني : هل العقيدة الشيعية تشرع الخيانة بمعنى ..(هل الولاء لإيران جزء من العقيدة)؟

ام هذه رؤية سياسية، وليست دينية. . بوقت هناك تيارات شيعية مختلفة:

1.    تيار وطني

2.    تيار إيراني

3.    تيار عروبي

4.    وتيار يرفض ولاية الفقيه أصلًا

إذن: الولاء لإيران ليس عقيدة، بل اختيار سياسي يقوم به بعض الأحزاب، ويتعلق بالمصالح، وشبكات النفوذ، والبيئة الجيوسياسية التي عاش العراق فيها بعد 2003.

عليه .. هل يمكن القول:

ليس صحيحًا أن فساد الحاكم الشيعي نابع من العقيدة، ولا صحيح أن العقيدة تشرعن السرقة أو الخيانة.

ام الصحيح هو:

أن بعض القوى السياسية استغلت الدين لمصالحها.

وأن النظام السياسي العراقي يسمح بالفساد لغياب الرقابة والمؤسسات.

وأن الولاء لإيران أو غيرها هو خيار سياسي لا علاقة له بجوهر المذهب.

وأن المشكلة في البنية، لا في الهوية.

ووفق نظرية البوصلة الأخلاقية، الحل ليس بتغيير طائفة الحاكم، بل ببناء نظام يعزز القيم، ويمنع الفساد، ويقوّي بوصلة المجتمع الأخلاقية.

من جهة ثانية:

لماذا  يبدو الفساد مرتبطًا بالشيعة ؟

1.    لأنهم حكموا تحت شعار “حماية المذهب”

2.    وحكموا تحت عنوان..”المكوّن الأكبر”.,. نحن نمثل المكون الاكبر..

3.    ويرجعون كل شيء بالحكم بعد 2003 الى (المرجعية ومباركة المرجعية)..

4.    هذه الحكومات تمثل حكومات الاغلبية الشيعية..

5.    “الشيعة يحكمون باسم المرجعية، إذن فسادهم يتحمل وزره المذهب.”

عليه الاستخدام السياسي لتلك الشعارات..  هو ما ربط الفساد بالهوية.

 بينما الأكراد والسنّة لم يحكموا بهذه الصيغة؟

الإجابة المختصرة: نعم،   أحد الأسباب الظاهرة—  لأن الشيعة أكثر فسادًا، بل لأن طريقة وصولهم إلى الحكم بعد 2003 حملت طابعًا مذهبيًا أكثر من غيرهم، مما جعل الفساد يظهر وكأنه “شيعي الهوية” بينما هو فساد سياسي–بشري في الأصل.

.فهل التعميم بأن “الحاكم السني يقمع الجميع” أو “الحاكم الشيعي يفسد الجميع” هو تبسيط مخل

وتوصيف غير دقيق، ويقع في فخ الخطاب الطائفي الذي يعمم الأفعال الفردية أو المنهجيات السياسية على مجموعات سكانية كاملة ..

فالازمة.. ليست مجرد مسألة هوية طائفية للحاكم (سواء كان شيعياً أو سنياً)، بل هي أزمة نظام سياسي

 شاملة ومتجذرة. ..تتجاوز المشكلة الانقسامات الطائفية الظاهرية لتشمل مجموعة معقدة من العوامل، أبرزها:..

نظام المحاصصة الطائفية:  الذي نتج من نظرية (مشاركة جميع الطوائف والقوميات- المكونات بالحكم)‼! فكرس الانقسامات وتقويض الهوية الوطنية الموحدة، ما أدى إلى تشكل إقطاعيات سياسية وطائفية تتميز بالفساد والإفساد..الفساد المستشري..الاقتصاد الريعي : يعتمد الاقتصاد العراقي بشكل شبه كامل على النفط..التدخلات الإقليمية والدولية: للعوامل الخارجية تأثير كبير في تعميق الأزمة السياسية والصراعات الداخلية في العراق…غياب المؤسسات القوية: فشلت النخبة السياسية في بناء مؤسسات دولة قوية وشاملة لجميع المكونات، مما أدى إلى ضعف الدولة وتفشي النزاعات .. الصراعات السياسية المزمنة: الخلافات المستمرة بين الكتل السياسية تعطل عمل البرلمان والحكومة وتؤدي إلى شلل سياسي. 

ما سبق نتج عنه (الدولة أضعف من المجتمع).

اما الأسباب الحقيقية وراء المشاكل التي قد يواجهها العراق، والتي تتجاوز الهوية الطائفية للحاكم، هي:

طبيعة الأنظمة الشمولية والقمعية: الأنظمة التي مارست القمع في التاريخ العراقي لم تكن المشكلة فيها هي الهوية السنية لحكامها، بل طبيعة النظام نفسه (نظام الحزب الواحد الشمولي)، الذي كان يقمع أي معارضة سياسية أو أي مكون لا يتوافق مع أيديولوجيته، سواء كانوا سنة أو شيعة أو أكراداً أو غيرهم ..القمع نابع من الرغبة في السيطرة المطلقة، وليس من المذهب.

نظام المحاصصة والفساد: بعد عام 2003، تحول النظام إلى نظام محاصصة قائم على تقاسم السلطة والمنافع بين الأحزاب الممثلة للمكونات الرئيسية  .

فالفساد الذي شهده العراق ليس حكراً على المسؤولين من خلفية شيعية،

بل هو ظاهرة منتشرة داخل جميع الكتل السياسية التي شاركت في السلطة، سنية وكردية وشيعية على حد سواء. الفساد نابع من غياب المساءلة والمؤسسات القوية، وليس من المذهب.

ضعف دولة المؤسسات وغياب القانون: المشكلة الأساسية هي غياب دولة المؤسسات القوية التي تحاسب الجميع وتطبق القانون بعدالة. عندما يكون الولاء للطائفة أو الحزب أقوى من الولاء للدولة، يضعف تطبيق القانون وينتشر الفساد والقمع.

الاستقطاب السياسي والتدخلات الخارجية: الصراعات السياسية المزمنة والتدخلات الإقليمية عززت الانقسام الطائفي واستخدمته كأداة لتحقيق مصالح سياسية، مما أدى إلى تغذية هذه التعميمات المغلوطة.

باختصار، القمع والفساد هما نتاج نظام سياسي معيب وثقافة سياسية فاسدة وفشل في بناء دولة مواطنة قوية، ولا علاقة لهما بجوهر أي دين أو مذهب. الحل يكمن في الإصلاح الشامل وبناء دولة المواطنة التي تحاسب الفاسد والقامع بغض النظر عن انتمائه.

عليه الحاكم بالعراق ابن بيئة التي يعشش بها..

1.    هو “ابن بيئته السياسية والاجتماعية” التي نشأ وعمل فيها.

2.    تتشكل سلوكياته وقراراته وتوجهاته بشكل كبير بناءً على العوامل المحيطة به،

 وهذا ينطبق على أي حاكم في العالم وليس في العراق فقط.

يمكن توضيح ذلك من عدة زوايا في السياق العراقي:

1.    البيئة الطائفية والمجتمعية: الحاكم يتأثر بالنسيج الاجتماعي الذي أتى منه، بما في ذلك التوترات الطائفية والعشائرية والقومية. هذه الخلفيات تؤثر في تحالفاته وولاءاته الأولية، وقد يجد صعوبة في التحرر منها عند ممارسة السلطة.

2.    البيئة السياسية (نظام المحاصصة): البيئة السياسية الحالية في العراق هي نظام “محاصصة” يفرض على الحاكم العمل ضمن شبكة معقدة من التوازنات والمصالح الحزبية والكتلوية. لكي يبقى الحاكم في منصبه، يجب أن يلعب وفق قواعد هذه البيئة، والتي تتطلب في كثير من الأحيان تقديم تنازلات تتعلق بالفساد أو التعيينات على أساس الولاء بدلاً من الكفاءة.

3.    بيئة الصراعات وغياب الدولة القوية: الحاكم يعمل في بيئة تتسم بغياب دولة المؤسسات القوية وضعف سيادة القانون وانتشار الميليشيات والتأثيرات الخارجية. هذه البيئة تجعله أحياناً يميل لاستخدام القوة أو التحالف مع جهات غير رسمية للحفاظ على سلطته أو لتنفيذ أجنداته.

ولنتبه لماذا لصق الفساد بالحكم الشيعي اكثر من غيره؟

فالعامل النفسي–الاجتماعي..من منظور نظرية البوصلة الأخلاقية:

عندما تُمنح جماعة كانت مهمّشة تاريخيًا سلطة كبيرة دون إطار أخلاقي واضح أو مؤسسات تضبط سلوكها، قد يحدث:

1.    سباق على المكاسب

2.    محاولة تعويض “حرمان تاريخي”

3.    صراع داخلي بين القوى الشيعية نفسها

4.    ضعف الشعور بالخطر أو العاقبة

النظرية تقول:

الإنسان ينحرف أخلاقيًا عندما يغيب الخوف من العاقبة ويضعف الشعور بالمسؤولية الوجودية.

والبيئة بعد 2003 كانت بيئة:

1.    بلا خوف

2.    بلا قانون

3.    بلا هوية وطنية

4.    بلا انتماء جامع

فحدث التفسّخ الأخلاقي.

هل هذا يعني أن السنة كانوا “أنظف” من الشيعة؟

لا. الفساد لا علاقة له بالمذهب، بل بنوع النظام السياسي.

الحكم السني قبل 2003 كان سلطويًا  يمنع الفساد العشوائي بالقوة