من المسؤول عن إهانة الدولة ؟

عمر الناصر

اكثر من عقد ونصف من الزمن وانا اكتب مقالات  كأوراق بحثية، واضع خطط لرسم السياسات لتستفيد منها المؤسسات ومراكز الفكر والابحاث والصحف والمجلات، بما يليق لان تكون عليه الدولة الحارسة او المتجانسة، او ربما لغرض ان عليها الوزارات ودوائر ومؤسسات الدولة ، واحاول جاهداً الغوص بمسارات التحليل السياسي ورسم السياسات العامة لادارة الدولة، لايجاد “مودل” يتوائم ويتناغم كلياً مع رؤى بناء الدولة، كجزء من الخبرة المكتسبة من الدول والديموقراطيات المتقدمة. الدولة لا تحتاج لأعداء خارجيين كي تُهان ، بل يكفي أن نسلط الضوء على جانب اجتماعي او سياسي واحد معتم لنكتشف حجم وعمق المشكلة، وابسطها نفتح باب الترشيح لمنصب رئيس الوزراء، لكي نرى موسم سياسي يشبه “التخفيضات السنوية”، تُعرض فيه بعض الأسماء التي ما ازل الله بها من سلطان ، محترقة ” معطبة ” وبعضها “اكسباير” ، لكنها تُقدَّم بعبارات فخمة منمقة وبراقة مثل “رجل المرحلة، الخيار الوطني، وصاحب الخبزة والخبرة ” خبرة في ماذا ياترى؟

هل المسؤول عن اهانة الدولة هو السياسي الذي يعتقد أن رئاسة الوزراء هي “استحقاق شخصي”؟ أم ببعض الأحزاب التي لا ترى في الدولة سوى غنيمة موسمية تستحق الابتلاع ؟ أم بالإعلام الذي يغسل بعض الوجوه بمساحيق التحليل المدفوع الثمن؟ أم بالانحطاط الاخلاقي والتعري والالفاظ النابية والبذيئة الخادشة للحياء، والذي بات مجلس النواب عاجز عن تحقيق سياسة الردع الاستباقي قبل ان تغزو تلك الجيوش البيوت المحافظة؟ ام بمسابقات الارداف والافخاذ في مهرجانات واعياد الفاشنستات والبلوكرات؟

إهانة الدولة العراقية لا تبدأ من الخارج، بل من الداخل، حين يُختزل المنصب السيادي بشخصيات لا تمثل هيبة الدولة ولا آمال الناس وطموحاتهم، وحين ينتظر المواطن” المگرود” تشريعات صارمة لايلبى طلبه البرلمان، بل يُطلب منه أن يصفق للخيار السيئ لأنه “الأقل سوءًا” وتلك هي الكوميديا السوداء .

ويبقى السؤال الحقيقي متى سنتوقف عن إهانة الدولة؟ بتعمد بعضنا عن عدم وضع المعايير التي تقطع الطريق امام محاولات نشر الفوضى، والترويج للفشل على أنه إنجاز، وللرداءة على أنها واقعية سياسية؟

انتهى //

خارج النص // لو لم يكن القضاء هو الغدة المناعية الحارسة للدولة ، لابتلعتها المفاهيم والافكار الدخيلة .