اسم الكاتب : علي ثويني ـ السويد
المدائن العراقية. . . النشأة والتسميات..
علي ثويني ـ السويد
نظام المدن المدورة، ابداع عراقي اصيل نجده تقريبا في جميع المدن العراقية في مختلف المراحل. لاحظ المدن اعلاه، آشور وكروكوك وبغداد واربيل وسامراء.
شهدت أرض العراق أولى تجارب إنشاء المدن في التاريخ البشري، ويمكن إرجاع العلم بحيثياتها إلى السومريين، حينما دونوا كلامهم وحاجاتهم وهواجسهم. وفي مدوناتهم فصلوا المدائن إلى صنفين؛ ما قبل الطوفان وما بعده. وفي شجون البحث العلمي يعتقد أن الظاهرة الحضرية نمت لدى العراقيين من حاجات الاجتماع البشري والإنتاجي والتجاري، ليطأ بعد سنّة التطور أغراضا عقيدية، تداخل الدين فيها مع حيثيات الحياة الاجتماعية، واقترنت العقائد بالحياة المدنية وتواشجت علاقة البشر بالعمارة والحضارة، ثم تصاعدت وتشعبت، حتى أمست المدينة المكان الذي يتجسد به القسطاس والدين.
وهكذا أرتبط تأسيس المدن بالأسطورة والطالع والابراج كونها من تداعيات الإيمان الروحاني، وفسرت تسمياتها على أسس الأسطورة والخرافة وساذج المنقول من القول حتى أعتبر العراقيون الأوائل أن (أوروك) شيدتها الآلهة بنفسها لتحميها. وتصاعدت وتيرة الحاجة للمدينة الحامية المغدقة بالنماء والغامرة بالأمن، حتى اعتبرت تباعا بيتا جماعيا حاميا، كما هي واردة في ملحمة كلكامش، حينما نعتت (كيش) بالبيت، وتوصي الملحمة:
على بنائي البلاد أن يحفروا أسسا متينة/ وحين هبطت الملوكية من السماء/ من بعد أن أنزل تاج الملوكية السامي من السماء/ أسست المدن/ بعد أن عينت مواضعها وسميت بأسمائها. (1)
وبموجب الوصية الأخيرة فإن للتسمية أثر سحري وغيبي للمدينة، وبدأت تسميات المدن ترد بمعان عبيدية (قبل الكتابة) أو سومرية مقدسة، واستعملت مفردة (Uru اوري ـ بالسومرية، وهي اساس لفظة ـ ارض) و( Alu ـ اولوـ بالاكدية، حيث استدبل حرف الراء باللام). ووردت بصيغة مركبة للدلالة على المدينة، ولاسيما في أوروك وأريدو(أوريدو)، وأبعد من ذلك (أورشاليم) أي مدينة السلام، و اخترقت اليونانية ثم اللاتينية التي وردت بصيغة (أوربان) ومنها (أوربانزمUrbanism) بعني تخطيط المدن، ومكثت في بعض اللغات الأوربية وتعني المدينة كما في الرومانية(أوراش Oras) وبالهنكارية(أورشاك Orszag). . الخ.
ونجد اليوم أن بعض البلدان قد سميت بأسماء مدنها الكبرى كما الحال في الجزائر وتونس ومراكش(قبل أن تصبح المغرب). وعلى نفس المبدأ ثمة رأي مفاده أن أسم العراق متأتي من تسميه مدائنه الأولى حيث يرى الدكتور محمود حسين الأمين بان أسماء مدن العراق القديمة التي كانت موجودة قبل ظهور السومريين أو مايسميهم البعض (الفراتيين)، تتشابه إلى حد بعيد مع اسم العراق أما في مقطعها الأول أو مقطعها الأخير مثل (أوروك Uruk) و(أوروكوك Urukug) و(لراك Larak) ونظرا للتشابه اللفظي القائم بين (U) في لغة سكان بلاد الرافدين الجنوبية القدامى و(ع) العربية أو كما تدعى (السامية) الغربية، إن لم يكن الحرفان أصلا حرفا واحدا، وكذلك التشابه القائم بين حروف (ك) الموجود في أسماء المدن المذكورة والحرف(ق) في كلمة عراق، فأن التسمية “عراق” يمكن أن تكون واردة من أسماء هذه المدن الثلاث، ولأن هذه المدن الثلاث تشكل حدود بلاد سومر أو سهل شنعار(الاسم الوارد في العهد القديم)، وهي منطقة السواد العباسية أو المنطقة الجنوبية من العراق المحصورة بين النهرين وبين الخط الممتد شمالا من مدينة الكوت الحالية حتى جنوبي بابل عند نهر الفرات. وهكذا يمكن أن تصبح التسمية على بلاد الأوروك نسبة إلى المدن الثلاث: لراك في الشمال جنوبي الكوت وأوروك (الوركاء أو أيرك) في الجنوب الغربي والتي كانت تقع في الدور الحجري الحديث على نهر الفرات أو على (هور) يأخذ ماءه من الفرات. ومدينة أوروك في شرقي المنطقة المذكورة. هذا إضافة إلى أن مدينة أوروك تعني بالسومرية(المستوطن أو المسكن) وتكتب (Ungu Ki) ويقابل المقطع (Ungu) في اللغة الأكدية الاسم ( سبت ـ Subtu) الذي من معانيه (مستقر) ومنها ورد السبات والسبت ومازال العراقيين يستعملون كلمت (اسبط) أي (أهدا وأستقر). وتعد أوروك أهم مدن هذا الإقليم و مهد الحضارة قبل ظهور الكتابة السومرية (3200 ق. م). وهكذا يذهب الدكتور الأمين بأن أسم العراق أو أراك قد أخذت من التسمية أوروك وغوروك وعروك أو عروق ثم عراق تخفيفا. (2)
وقد تجسد الأمر في تسمية البلد بحسب أكبر مدائنه حينما أطلق اليونانيين على العراق أسم (بابلونيا) أي بلاد بابل. وفي السياق فأن أسم بابل أو (باب-أيل) يعني باب الله، وأطبقت شهرة المدينة الآفاق حينما نسبت إليها بلبلة الألسن كما في العهد القديم، و في القرآن الكريم مشيرة لسحر أهلها. ومن المعلوم أن بابل نشأت من قرية سومرية أو أكدية ثم بلدة في أواخر الألف الثالث قبل الميلاد، ونمت حتى أمست أهم مدينة في التاريخ البشري.
البيت العراقي لم يتغير منذ العهد السومري
قرية ومدينة
لقد ورد مفهومي قرية ومدينة في العربية، وتداول أسم القرية أكثر من المدينة في القرآن الحكيم، حيث وردت كلمة المدينة 14 مرة في الذكر الحكيم كما في (وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ) (3)، و وردت كلمة القرية 33مرة، كما في قوله تعالى (وَاسْأَلْهُمْ عَنْ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ) (4). والقرية تطلق على أي تجمع بشري، وأهل القرى هم المجتمعات، وورد في النصوص القرآنية :(إِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَة) (5)، أو (وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ) (6). ودعيت المدن بالقرى.
والقرية ترد بالعربية من مصدر (قر ومنها أستقر) أي مكث وبقى كما في قوله تعالى(وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) (7). وجذرها وارد من مصادر اللغات التي يدعوها الغربيون إصطلاحا (السامية) والعروبيون بأسم (العربية البائدة)، ومنها اللغات العراقية والشامية القديمة وأقدمها بالخصوص الأكدية في العراق وتليها الكنعانية في الشام، ولهجتي الأكدية كانت اللهجة البابلية واللهجة الآشورية، ثم جاءت اللغة الآرامية لغة أهل العراق والشام تباعا والتي أثرت بالعمق في شقيقتها العربية. وهكذا وبحسب تلك اللغات كان المعنى يقصد منه الجزء الثالث من المدينة الذي هو منطقة الحرس (كار Kar باللغة السومرية و Karu باللغة الاكدية) (8). وهو مركز النشاط التجارى ولاسيما المرتبط بالتجارة الخارجية. وهكذا فان (الكارو)لا يطابق ميناء القرون الوسطى المبكرة من حيث الوظيفة فحسب، بل من حيث التسمية أيضا. ووردت الكلمة بصيغة (كريات) في العبرية.
كان (الكارو)الأكدي مستقلا من الناحية الإدارية، وكانت له صفة قانونية خاصة، الأمر الذي ينطوي على أهمية بالنسبة إلى سكان المدينة الذين يسيرون شؤونهم هناك. كان يعيش في (الكارو) التجار الغرباء، وكانت عندهم دكاكينهم (9). ومن الجدير ذكره أن من الصيغة القديمة لهذه الكلمة ربما يرد معنى أسم كربلاء عندما يحلل الى(كورو- بعل) أي قرية الاله بعل. وقد كان وقعها مبهما على سمع سيد الشهداء الإمام الحسين(ع) عندما قربها من كلمتي (كر وبلاء) العربيتين، وأعتقد العامة أنها هي الأصل.
أما كلمة “مدينة” فأنها ترد في الآرامية بصيغة(مدينتا)، وتشترك بها مع العربية وكانت تطلق على المكان الذي يكون فيه القضاء، ومقطع “دين” الوارد من ضمنها يعني العدالة كما في (مدين) الواردة في الذكر الحكيم والمتكونة كذلك من حرف (م) الدال على الصفة وبذلك فهي تعني العادل، ومن كلمتي (دين أي ديانة، ودين بمعنى الواجب إزاء الآخر) . وبنفس السياق اللغوي فقد أصبحت المدينة هي المكان الذي تتوفر به العدالة والقضاء والأمن أكثر من أي مكان أخر لوجود السلطة والحضارة، وورد اصطلاح(الديان) في الحديث النبوي الشريف، ويعني الملك أو الحاكم. وقد تكون مأخوذة من “مدن بالمكان” أي أقام به. وربما كان الهدف من إيراد مفهومي (قرية) و(مدينة) في القرآن الكريم، للتفريق بصفة التقاضي (10). وهكذا جاءت بالعربية تصنيفات كثيرة للمدن بحسب حجمها وكثافة سكانها، ومهامها، حتى وردت بصيغ شتى مثل كوره وقصبه وقصبة عامره أو بلده أوبليده أو حتى رستاق.
لقد نشطت حركة التمصير في السواد (العراق)، بعد الفتح الإسلامي، وكان العراق أول مسرح لتجسيد التحضر الإسلامي في الكوفة والبصرة 636-638م. ويمكن رصد أهم الأعراف في مدن الإسلام الواردة من جذور عراقية هو وجود المسجد وقصر الإمارة متتاخمة كبؤرة حضرية، كما في مدن النامات السومرية، عندما كانت الزقورة تشكل قلب المدينة على تخوم قصر الحاكم. ويمكن أن يكون للتخطيط العضوي الذي اتبع في رسم طرق الأحياء والارباض بحسب سجية الأرض الطوبغرافية، وما يلحقها من مقتضيات وظيفية وتخطيطية، بما يحاكي النهج العراقي القديم الذي وجدت اقدم امثلته في شوارع وأزقة مدينة أور التي تتجه شعاعيا من المركز.
و تأسست المدن الإسلامية في العراق كما في البلدان الإسلامية الأخرى لأسباب أهمها حربي مثل الكوفة والبصرة أو استيطاني مثل الأنبار والحلة أو إداري مثل واسط وسامراء أو سياسي مثل بغداد والهاشمية أو تجاري مثل الموصل أو ديني مثل النجف وكربلاء والكاظمية والزبير.
وهنا نرصد حالة غريبة من إنشاء مدن درست بعد أن دب النشاط في مقابرها الواقعة في العادة على تخومها، و مبررها أن تلك الجبانات (11) تكتنف ضريحا لولي أو شخص صالح، ثم توسعت وتطورت بعد حين. فهاهو مثال الكاظمية على طرف بغداد الشمالي تأسست حول جبانة (مقابر قريش) على تخوم بغداد المنصورية، بعد جذب مصدره ضريح الإمام موسى الكاظم بن جعفر الصادق(ع) الذي توفى عام 799م. والأعظمية نشأت على تخوم قبر الإمام المعظم أبي حنيفة النعمان(رض) المتوفى عام 770م، بعد أن كانت جبانة أسمها (الخيزران). وهاهي النجف الأشرف تزدهر على طرف الصحراء المتاخم لمدينة الكوفة، و التي اضمحلت وبقيت جبانتها تنبض بالحياة على هالة من الحظوة أحيط به ضريح أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (ع). والحال نفسه ينطبق على مدينة الزبير حول قبر الصحابي الزبير بين العوام(رض) على تخوم البصرة وفي موقع جبانتها، وسامراء الحديثة حول ضريح الإمامين الحسن العسكري وعلي الهادي (ع) على تخوم المدينة العباسية.
المدرسة المستنصرية
التواريخ
و حفلت كتب التاريخ بالكتابة عن تلك المدن وأختص بها أعلام بعينهم. فالبصرة كتب عنها ابن شبه وألف عن بغداد طيفور(819-893م) وابنه والسرخسي و أبن الخطيب في كتابه المرجعي (تاريخ بغداد)، وألف عن الكوفة الهيثم بن عدي. وعميد كتاب الخطط المؤرخ تقي الدين المقريزي ومؤلفه الموسوعي (المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار) ورهط من مؤرخي البلدان مثل ياقوت الحموي في (معجم البلدان) واليعقوبي في (كتاب البلدان) والبلاذري في (فتوح البلدان). وقد ورد وصف لمدائن العراق القديمة في كتب الرحالة الإغريق والرومان مثل هيردوس وسترابون، ولاسيما خلال الحقبة السلوقية (من القرن الرابع حتى الثاني قبل الميلاد).
ووردت أخبار المدن العراقية من الرحالة المسلمين في ثنايا أدب الرحلات، وكان جل هؤلاء يسافرون لأداء فريضة الحج، ثم تأخذهم متعة السبل ونزوة المغامرة إلى مدائن يصفوا مشاهداتهم لها، و أهمهم ابن جبير الأندلسي الذي أرخ لرحلته إلى الحجاز وعروجه على العراق. ثم ابن سعيد المغربي والعياشي والمقري ولسان الدين ابن الخطيب والشريف الإدريسي(عام 1154م) و ناصري خسرو (اواسط القرن الحادي عشر) وإبن بطوطه(أواسط القرن الرابع عشر).
وإبان عصور الظلام التي تبعت سقوط بغداد عام 1258، وحلول الدول التترية إلأيلخانية والتيمورية والتركية (الخروفية) والصفوية ثم العثمانية، اضمحل الدفق العمراني في العراق ودرست المدن العامرة ليعم بها الخراب وينعق على أطلالها البوم. والحال عينه حدث حتى لبغداد المخملية، التي كادت أن تدرس عام 1831، بعد طاعون وطوفان داود باشا الكرجي (1816-1831)، حتى وصل تعداد سكانها إحدى عشر ألف ساكن جلهم من اليهود والنصارى، . و أضطر الوالي التركي (علي رضا اللاز) (1831-1842) الى التوسل بسكان ديالى والحلة والمحمودية واليوسفية وأعراب الجزيرة للحلول في بغداد ليتسنى له أن يحقق نصاب بشري لولاية يمكن أن يحكمها، حتى شكى حاله إلى السلطان محمود (12).
وإبان تلك الحقبة الكلحاء في تاريخ التمدن العراقي حدثت قطيعة مع سنة العمران، وشوهت وحرفت أو حتى (ترّكت) بعض أسماء المدن العراقية. ويذهب الباحث العراقي سليم مطر الى أن آلة التدمير التي إجتاحت العراق خلال تلك الحقبة كانت أكثر وقعا من مثيلاتها في بلاد الشام ومصر (13). ودرست إبان تلك الحقبة جل الأسماء الرافدية القديمة بسبب تقادم الزمن المرافق لحالة الإنحدار الحضاري وقلة السكان، مما خلق صعوبة تطابق اسمائها مع ماورد في المدونات التاريخية ولاسيما العتيقة وأخرها الآرامية أو في المدونات اليونانية والرومانية أو ماورد في مجامع الموسوعات الإسلامية، مما دعى الى بحث وتمحيص في المواقع والأبعاد والمواصفات وبعض الشواهد والأمارات، قبل أن تأخذ التسمية سندا يؤسس عليه.
و يجدر التنويه هنا الى أن مؤرخوا العهود الإسلامية حاولوا تقريب الكثير من التسميات الى اللغة الفارسية لفقه جلهم بها، وأبتعدوا عن التمحيص في أصولها العراقية القديمة كالسومرية والبابلية والآشورية لإندراسها، أما بالنسبة للآراميةاو (لغة النبط) كما سموها فلم يكن لهم علما بها لما شهدته من إضمحلال، ناهيك عن العامل الإجتماعي والنفسي لمتداوليها، وهم يقبعون درجة أدنى في السلم الإجتماعي. ومكثت الآرامية شحيحة التداول لدى بعض الجماعات المنعزلة، و تبعت حركة إحياء تلك اللغات أو الفقه بها فتوحا من التفاسير والإكتشافات التي دحضت الكثير مما حوته بطون كتب التراث الإسلامي. وهنا نرصد أن كلمة (أعجمي) التي نقصرها اليوم على الإيرانيين، كانت تطلق على الفرس والإراميين(النبط) والأكراد، وكل سكان العراق الأوليين على حد سواء. ولهذا كانت بعض الكلمات يقال عنها أعجمية، وفهمها القوم بأنها فارسية، ولكنها يمكن أن تكون آرامية الأصول.
ثم تصاعد الإهتمام الغربي بمدائننا وأنبرى لها رهط من العلميين و المغامرين والمستشرقين والجواسيس. ونشهد على ذلك بما كتبه الدنماركي كريستن نيبور (1767) و البريطانيان (هود) عام 1818م و(فريزر) والأنكيزي كلوديوس ريج (1808-1821)، و(فالين الفنلدي “والي”) 1843، وغيرهم الكثيرون من الغربيين الذين دونوا وصف رحلاتهم في العراق ومازالت كتبهم مهملة وبعيدة عن التداول. وقد نفاجأ بين الحين والآخر بكتاب عن رحلة مدونة الى العراق تصف الكثير من المواقع والتواريخ.
وأنتقل الأمر في أواسط القرن التاسع عشر الى علماء الحفريات، بعد نشوء علم الحفريات (أركيولوجيا) ثم الباحثين الموسوعيين في العمارة منذ بواكير القرن العشرين مثل الإنكليز (كرزويل)(1879-1974) و (كرترد بيل) (1869-1926) والألماني (هرشفلد) والفرنسي (لويس ماسينيون) (1889-1961). وعلى خلاف ذلك لم نجد في الأرشيف التركي العثماني أي إشارة لمدينة أو قرية عراقية إلا في سياق ذكر المردودات المالية وجباية الضرائب التي تجنيها السلطنة والسلطان، وبطانته، أو يشذ عنها تدوين الحالة التمردية للعشائر والمدن التي تسير لها (الحملات التأديبية) لقمع الأهالي والتنكيل بهم.
شجون التسميات
ثمة فسيفساء من التسميات في المدائن العراقية نادرا ما نجده لدى البلدان الأخرى، فثمة أسماء مكثت سومرية أو أكدية وأنتقلت الى فرعيها البابلي والآشوري، وثمة نسبة كبيرة من الاسماء القديمة من الآرامية (النبطية). وفي العهود المتأخرة نجد الكلمات وقد أخذت تسميات فارسية وكردية أو أقل من ذلك يونانية، وظهرت التسميات التركمانية بعد حلول العربية وبالتوازي معها وهي قليلة. وهنا يجدر التذكير أن التسميات تعلقت بالشعوب التي بنت مدائن وأسست لحياة حضرية، أما الشعوب المتنقلة أو الرعوية، فلم تهتم بتأسيس مدن، ثم بمسمياتها. و خلال جردنا للمدن نرصد مجموعة من المعطيات المشتركة ترسم ملامح منهجية عامة للتسميات، وهي:
1. الاسماء العراقية القديمة وقد حرفت أو توائم أو عرب في سعي إلى سهولة اللفظ مثل أوروك و(الوركاء) ونفر وعانه وسامراء والموصل وكربلاء والنجف والانبار، وغالبية المدن والبلدات العراقية.
2. الاسماء العراقية القديمة ولكنها اساسا قريبة جدا من الصيغة العربية، فتم تعريبها تماما بعد الفتح العربي، مثل الكوفة والبصرة وسامراء.
3. تسميات عربية خالصة المعاني مثل واسط والحلة. وبالمقارنة فأن المنهاج العربي الإسلامي لم يكن مثل اليوناني والروماني، ينسخ الاسم القديم ويحل محله أسم من لغاتهم، كما ورد أسم العراق باليونانية (ميزوبوتميا) أي بين النهرين أو المياه حينما كان شائعا في حينها أسمه الأرامي (بيث نهرايا).
4. إختزال الأسماء العراقية القديمة كي تكون مستساغة وذات معنى معقول، و قريب من اصل التسمية، كما هو الحال في أسم مدينة (كشكر) القديم الذي أصبح قلعة سكر و(بيت ذرايا) أصبح بدره.
5. ثمة أسماء فارسية- كردية قربت من اللفظ البسيط مثل خسرو آباد التي أمست (خرسباد) أو خرم آباد التي أمست(خرنابات).
6. اسماء تركمانية عراقية، مثل مدينة (طوز خرماتو) بمعنى(مملحة الخوري متي).
7. اسماء يونانية مثل(الاسكندرية) و(سلوقيا). .
8. تطور لاحق اقترنت به التسميات بأسماء الأشخاص من أمراء وملوك وولاة وأصحاب الحيثيات، لتخليد اسمائهم، مثل الهاشمية والمتوكلية والعمادية والسليمانية والمدحتيه والناصرية والمحموديه أو بأسماء السلالات والعشاير كسوق الشيوح (وكان سوق النواشي) أو حتى سنجار.
9. كنية أو صفة لموضع كواسط وخان النص، أو حتى حالة ارتبطت بتذكار أو حدث معين كالقادسية (وتعني المقدس في الآرامية)، أو حتى مستوحاة من القرآن الكريم مثل (دار السلام) كأحدى أسماء بغداد.
وهكذا أحتفظت القليل من المدائن السومرية بأسمائها الأولى، بسبب التقادم أو ربما حرفت أو عربت كما مثل (عانة) التي تحمل أسما سومريا ورد ذكره في مدونات الدولة الآشورية، وبالأخص في عهد الملك (توكلتي نينورتا الثاني) سنة (889 – 884 ق. م) حيث كانت تسمى (عانات)، ووردت في المصادر الرومانية واليونانية بصيغة (أناتا)، وربما تكون التسمية مختزلة من تسمية سومرية اقدم تيمنا بآلهتهم (أنانا أو عنانا). وعلى تخومها ترد مدينة هيت من مصدر بابلي آشوري بصيغة (أيتو) أو (هيتو) وتعني (القير). وبنفس السياق نجد ما أحتفظ بأسماءها الأولى مثل مدينة (إربل) أو (اربيل) وحرفت الى (هولير) لدى العامة الأكراد، والتي يرتقي تاريخها الى اقدم العهود الآشورية، بل لعلها الموضع الوحيد الذي ظل عامر أو آهلا بالسكان ومحتفظا باسمه و بالقلعة الباسقة المدورة حتى اليوم. وأسمها (أربع أيل) يعني (الآله الاربع)، ولذلك التربيع مدلولات رمزية في الثقافة العراقية. والحال ينطبق على مدينة نينوى التي أحتفظت بأسمها في المصادر العربية، قادما من تسميات بابلية وآشورية وربما سومرية تتشابه مع أسم مدينة (نينا) الواقعة آثارها اليوم قرب الناصرية باسم (تل سرغل). وهذا الاسم مرتبط باله الماء(نون) ومنه اشتق اسم( يونان) او يونس حسب التورات وحكايته الشهيرة مع الحوت(الماء!). ومن بقايا هذا التراث العراقي القديم، يشيع حتى الآن في الموصل بالذات اسم(ذو النون)، ولا يدري الناس ان هذا الاسم يرتبط بنفس اصل اسم مدينتهم(نينوى)!
وبصدد التسميات الآشورية نجد أسم (كركوك) بالرغم من عراقيته الأصلية، فأن بعض المتعصبين يثير لغطا حول أصلها العراقي لأسباب ومآرب سياسية شتى. و جاء ذكر المدينة في كتاب ” اخبار الشهداء والقديسين “لبعض رجال الدين النصارى الكلدان : بأن الذي أنشأ هذه المدينة (سردنابال ملك الآشوريين وكان سبب إنشائها أن ضابطا من الماذيين يدعى (أرباق)عصى حكومته فعزله الملك الآشوري عن وظيفته، و أمر بإنشاء مدينة هي التي سميت بعد ذلك (كركوك) في كورة (باﮔرمي)، و جلب لها آلف نسمة من الآشوريين فأسكنهم فيها. ثم حدث أن عظم شأنها وصارت تدعى (كرخ سلوك) المشتقة من الكلمة الآرامية ” (كارخا بيث سلوك) أي قلعة او مدينة سلوقس، وهكذا وردت في كتاب “السينود “النسطورية المسيحية” منذ سنة 410 م. وقد سماها بطليموس (ﮔورﮔورا)، وجاء ذكرها في المصادر العربية القديمة باسم (كرخيني) (14).
وقال ابن عبد الحق المتوفى سنة 1338م عن كركوك (15) : (كرخيني، قلعة حصينة بين (دقوقاء) و(أربل) على تل عال ولها ربض) وكان ياقوت الحموي المتوفى سنة (1228 م) رآها في القرن السابع للهجرة، وكتب: (كرخيني. قلعة في وطاء من الأرض حصينة بين دقوقا واربل، رأيتها وهي على تل عال ولها ربض صغير) وذكرها في معجمه ووردت هذه التسمية بصورة (كرخيتي) كما ذكرها ابن الفوطي (16). ويمكن أن تكون الهيئة الصرحية المدورة لمدن أربيل وكركوك هي من خصوصيات مدن الرافدين حتى اليوم، والتي يكتنف التل الذي تربض عليه أسرار مدائن دارسة بنيت تحتها.
وبالرغم من إختراق الف عام من الحكم الفارسي واليوناني والروماني لتاريخ العراق أو لأجزاء منه بعد سقوط بابل (539 ق. م- 630 م) فأن الأسماء التي بقيت من تلك الحقبة قليلة مقارنة بالأسماء الموروثة من الحقب العراقية العتيقة. ومن المدائن التي لها أسماء يونانية أو فارسية (طيسفون) وتعني بالفارسية المدينة البيضاء، وأسم(سلوقيا) المقدوني متاخما لها. و في العهد العباسي وردت طيسفون بأسم (لحف) أو (الكور) ومن المعلوم أن المدائن القريبة منها بقيت محتفظة بأسمائها الآرامية وهم (بدرايا) و(بسكايا) و(بسمايا) وحتى (بعقوبة). ومن التسميات الفارسية، أسم (مندلي) التي وردت في كتب المؤرخين العرب بأسم (البندجين) الموروث من تلك الحقب. وقال عنها المرحوم العلامة أنستاس الكرملي (مجلة لسان العرب) إن الاسم الأصلي لها هو (وندنيكان) :إنها جمع وندنيك الفارسية ومعناه (الملاكون الطيبون) وكان قد ذكرها هيرودوتس المؤرخ بأسم (أردريكا) وقال عنها ان فيها عيون نفط. وهي متكونة من كلمتين فارسيتين (بند) ومعناها (حدود) و(ينك) ومعناها (الطيب) وبذلك يكون المعنى (حدود الطيب) لموقعها بين السهل والجبل. وهنا نرصد أن أسم جزيرة بوتان أو (جزيرة إبن عمر) الواقعة شمال الموصل ربما أحتفظت بالأسم اليوناني حيث أن (بوتامي) يعني النهر، وهو ماينطبق على صفتها، ومن نفس المصدر جاءت كلمة (ميزو- بوتاميا) وميزو تعني وسط.
وثمة مبالغة في نسب الأسماء الى الفارسية مثلما كلمة (أنبار) وتعني الجسور، وربما تعود للأرامية بما يحاكي العربية (نبر) أي أرتفع، ويمكن أن يكون مرده إرتفاع أرضها، ومن نفس المصدر جاءت كلمة “المنبر” الإسلامية، و (نبرة الحديث) أي مرتفعه. ومن التسميات التي أشيع بأنها فارسية أسم مدينة(الأبلة) كما هو وارد عند للجواليقي(1073-1144م) وقد أورد خرافة ساذجة بهذا الصدد (17). والأبلة هي المرسى الواقع في البصرة، وأشتهر في أحداث الفتح الإسلامي. ويقول طه باقر أن ألأقرب أحتمالا لأصل الكلمة هو الكلمة البابلية(آبّلو) التي تعني البوابة الكبيرة، بفعل كونها بوابة العراق على البحر(18).
واسم (خانقين) قديم كذلك، يمكن ان يكون من مركب لكلمتين (فارسية- كردية) تبدأ بـ “خان” وتعني الدار والتي اصبحت فيما بعد تعني محط رحال التجار ومخزن بضائعهم ,ثم “خانقه ” ومعناها دار العبادة ومنها جاءت كلمة “خانقاه” التي استعملت مرادفة لمأوى الصوفية الذي يشملهم للانقطاع للعبادة (كما الدير النصراني)، والذي كان في الاصل يوظف لعابري السبيل وتطور وضيفيا حتى أصبح (خانا) أو (تيما) تجاريا (19).
ووردت مرادفات لأسماء المدن والقرى مثل (دور)، (كور) (وتعني قرية)، كذلك تسمية (بيت) التي إختزلت في الآرامية الى حرف(باء) الذي نجده في جل المدن العراقية بعد الفتح الإسلامي مثل (بصرياثا) والأصل (بيت صرياثا) وتعني (منطقة الصرايف) وبدرة (بيت ذرايا) أي مدينة الذرى (من فعل ذر الحبوب) وبعشيقة (بيت العشيقة) وبعقوبة (بيت العقوبة) وهو موضع الفاحص اوالمعقب لأنها على طريق القوافل الى ايران، وحتى بغداد من (بيت حداد، او خداد، وهو اله القوة والصواعق) كما هو وارد في مدونات بابلية. والأصل الآرامي ينطبق كذلك على (القادسية ـ قداشا) المتكرر أسمها مرتين إحداها في موضع جنوب الكوفة الذي جرت به الواقعة المعروفة والثاني يقع على تخوم سامراء كما يشير الى ذلك ياقوت في معجمه. وفي السياق نجد أن (لكش) الأكدية تعني مكان جمع الغلة أو الثمار.
اسد بابل، لا نعتقد انه كما يشاع يرمز الى سيطرة البابليين على الشعوب المنكسرة،
بل يرمز الى (حالة اخصاب) بين الاسد رمز الفحولة وتحته رمز الانوثة..
وتحتفظ منطقة سامراء بالكثير من التسميات القديمة ومنها إسمها بعد أن حرف معناه ليطابق (سر من رآى) العربي. ويعود السكن في منطقة سامراء الى عصور غابرة في القدم، وأقيمت على أرضها حضارة غير مكتوبة قبل السومرية (4500ق. م). حيث يعتقد طه باقر أن الأسم وارد من مركب (سو-ور-ما-تا) (سورماتا) البابلي الآشوري (20). ويؤكد ذلك المؤرخ الروماني(أميانوس مرسيلينوس) بأسم (سوميرة) بعد أن رافق الأمبراطور (يوليان) في حملته على المنطقة عام 363م. وقد قتل الأمبراطور في المعركة وأنسحب الجيش عابرا دجلة في موضع يدعى (دورا) وهي منطقة الدور التي سيرد ذكرها. وقد سميت منطقة سامراء (الطيرهان) أيام الدولة الساسانية. ومازال إقليم سامراء يحتفظ بأسماء قديمة مثل النهروان والشاذروان ثم بوران وهي أسماء أنهار، يمكن أن تكون كلمات كلدانية أو آرامية قديمة قد أكتسبت صيغة الجمع (ان). ونجد كذلك أسم نهر القاطول، الذي ورد في معجم البلدان لياقوت بانه متات من القطل وهو القطع، وثمة الكثير من الأسماء على وزن(فاعول) وهي صيغة آرامية مازالت متداولة في اللغة العامية العراقية (21). ومن التسميات الآرامية مدينة (كفري) الوردة من (كفر)(بفتح الكاف) التي تعني قرية، والتي هي واردة في النصوص المسمارية الأكدية ثم البابلية والآشورية بلفظ (كبرو Kapru)، ووردت بالآرامية بصيغة (كبرا Kopra) وفي العبرانية بصيغة (كوبيرKoper) أو (كوفير)، وأطلقت في البابلية على القرية الزراعية والمزرعة والضيعة، وقد ذكرت في بعض رسائل (تل حرمل). علما بأن حروف( و، ب، ف) تتبادل في اللغات السامية، فتسمية (حواء) في العبراني (حفاء) او (حباء)..
وتكريت القريبة من سامراء كانت مستوطنة في العصور البابلية والآشورية ووردت في مدونات نبوخذنصر(605-662 ق. م) بهيئة (تكريتا)، وورد أسمها في المدونات القديمة كذلك بأسم (برتا) الواردة من البابلية الآشورية (برتو) وتعني القلعة. وقد فسر الغربيون الأسم بأنها وارد من الرومانية من تسمية نهر دجلة (تكريتوس)، في القرن الثالث والرابع الميلاديين، وهو وقت متاخر جدا للتسمية القديمة (22).
و نجد الحال نفسه ينطبق على أسم مدينة (الموصل) الآرامي، والذي تم تعريبه فيما بعد، بمعنى الطريق الموصل، بينما في الاصل الآارمي هو( مسبايلا) وربما تعني( مصب ايل) أي مصب مياه الاله ايل! وتأسست الموصل عام 640م. وثمة أسم (مسيلا) شائعا لهذا الموقع منذ القدم، وورد في رحلة القائد اليوناني (زينفون) عندما حارب قورش الفارسي عام 401 ق. م. وكان الأسم المتداول لها ايام الساسانيين حتى سقوط دولتهم هو(نو أردشير)، وسماها النصارى العراقيون بأسم (حصن هبرايا) أي (الحصن العبوري). وهكذا الحال مع تسمية (الرقة) وعربت الى (الرافقة)الواقعة في اعلى الفرات وبناها الرشيد عام 772م كعاصمة عباسية صيفية، والتي فسرت بمعاجم اللغة بأنها تعني رقاق الارض التي يغطي الماء ثم ينحسر وينضب. والكلمة واردة من الأكدية بهيئة (رقُّو) بالمعنى نفسه، ثم ولجت البابلية بالمعنى عينه (23).
ومن المدن الرافدية التي هي اليوم في الجزء التركي من الجزيرة الفراتية مدينة (حران)، التي أمست (الرها) أو (أورفه)، و التي أضاءت اليونان والغرب بعلوم الرافدين. والكلمة واردة من الأكدية (خرّانو) أو (حرانو) التي تعني الطريق ولاسيما طريق القوافل، لوقوعها على طريق الحرير القديم.
وبنفس الصدد نذكر ان العديد من المدن قد أنشأت على طرق القوافل ولاسيما على هذا الطريق، التي لم يأخذ العراق نصيب وافر منها لمرورها في شماله عند حدود (الموصل) و(الحضر) بإتجاه حلب والشام والأسكندرونة وسواحل البحر المتوسط. أما طرق الحجيج الى الحجاز فقد كانت الأوفر حضا لمرورها من شماله حتى جنوب غربه، ولذلك نشأت القرى المطوقة للخانات ومحطات القوافل. ومن أقربها لبغداد اليوسفية والمحمودية التي أنشأت حول خان الشيخ محمود بن عبدالوهاب الذي بناه عام 1868 على أول مرحلة من بغداد باتجاه كربلاء والنجف (24). وثمة كذلك خان بني سعد وخان النص وخان الربع وخانقين. وقد اتفقت الأعراف التنظيمية لطرق القوافل أن يبنى الخان على مسافات شبه ثابتة قدرها يتراوح بين 30-35 كلم وذلك بسبب تحمل الأنعام والإنسان لهذه المسافة في سفره مدتها يوم واحد حيث يبات الليل ويشرع بالسفر باكرا. وقد كان الخان يشكل بؤرة اجتماعية تشبه المدن المحصنة على الطرق تعيش فيها دائما جماعات المعتاشين على نشاطهم الخدمي بها.
ولم تسلم مدائن الإسلام من بعض الغموض والتحريف والفذلكة التفسيرية غير المقنعة، وخير مثال على ذلك اسم بغداد حيث ذكره ياقوت الحموي في معجم البلدان بانه مشتق من جذور فارسية بصيغة (باغ- داد) وتعنى بستان لشخص يدعى داد. لكن البحوث الحفرية اوصلتنا لمعنى اخر منقوشا على رقم بابلي باسم (بكددوا) او (بغددوا) تعود الى عصر حمورابي(1792- 1750 ق. م) (26) و مصدره الكلمة المركبة (بيت كدادو) التي تعني الحظيرة او ربما المرعى. ومما يؤكد هذا المنحى لاسم بغداد هو ما نوه عنه الطبري وأكده المسعودي، بان اسمه سوق الغنم. وورد تفسير للتسمية من أمين الريحاني في (ملوك العرب) بأنها من أصل (بعل داد) أي مدينة بعل. ومن الجدير ذكره هنا هو اكتشاف حصن في كرخ بغداد عام 1848 يعود لحقبة نبوخذ نصر البابلية. اما (دار السلام)فهو مقتبس من اسم دجلة نهر السلام ونهر اللبن في انهار الجنة وإقتداءا بقوله تعالى: (والله يدعوا الى دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون) (26).
والحال نفسه ينطبق على أسم الكوفة، ويقول الطبري فيها : والكوفة على حصباء وكل رملة حمراء. يقال لها سهلة وكل حصباء ورمل هكذا مختلطين فهو كوفة. وربما تكون قد حرفت من اسم (كوثى) الذي ورد في التاريخ القديم، لعدة دلالات، والتي يعتقد أنه المصدر الذي وردت منه قبيلة قريش الحجازية. حيث ثمة شعور غريب راود العرب دائما بأنهم من أصل (بابلي) قد عبر عن نفسه من خلال الاعتقاد بقدوم اسماعيل(ع) من (أور) كون ابراهيم (ع) بنى الكعبة. وثمة حكاية تناقلتها التواريخ وأوردها إبن أبي الحديدعن الإمام علي(ع):(قال محمد بن سيرين : سمعت عبيدة قال : سمعت عليّاً (رض) يقول : من كان سائلاً عن نسبتنا فإنّا نبط من كوثى). وقال أبو المنصور: فإنها نبط من كوثى, ولو أراد كوثى مكة لما قاله نبط. وكوثى العراق هي سُرّة السواد من محل النبط. وإنما أراد عليٌّ أن أبانا إبراهيم كان من نبط كوثى). ونحو ذلك قال ابن عباس: (نحن معاشر قريش حيّ من النبط من أهل كوثى. والنبط من أهل العراق). ويراد بنبط العراق: البابليون تحديدا(27).
وأسم (كوث أو كوثي) هذا له دلالات أسطورية بحسب العهد القديم (التوراة) حينما يرد أنه من أبناء نوح الذي عاش الطوفان في العراق، ثم رحل عنه نحو الغرب، وهو من أسماء مكة، وكما يذكر الطبري في تاريخه، ويضيف(أما التي يخرج منها الدجال فهي كوثى ربا ومنها كانت أم إبراهيم عليه السلام وقد تقدم اسمها، وأبوها هو الذي احتفر نهر كوثى) (28). ويعتقد اليوم أن أطلال مدين كوثى تقع على تخوم (اليوسفية) جنوب بغداد.
ونجد الكثير من المدائن التي بنيت على أنقاظ المدن الدارسة أو على تخومها لتستفيد من مخلفات مواد البناء التي توّظف في إنشائها ومنها بغداد التي بنيت من بعض أنتقاظ المدائن، و (الموصل) بنيت على تخوم نينوى التاريخية لنفس السبب، و(الحلة) المبنية على تخوم بابل. و الحلة تأسست على يد ” الأسرة المزيدية” التي كانت تقطن ضواحي البصرة، وكانت لها إمارة رسمية واسعة تابعة للدولة البويهية، وبسبب الحروب رحل ابا الحسن علي بن مزيد الأسدي إلى قرية “النيل” الواقعة على الفرات الاوسط سنة 1014 م، وقام فيها منهم ثمانية أمراء أولهم أبو الحسن المذكور، وثامنهم الأمير علي ابن دبيس، واستمر حكمهم حتى عام 1150م. ومن سياق أسم (حلة) العربية من مصدر (حل)، يرد أسم (حلبجة) أي طفلة حله او “الحلة الصغيرة ” تمييزا لها عن ” الحلة” شقيقتها الواقعة على الفرات (29).
و نجد من التسميات المرتبطة بالأعلام من ذوي الحيثيات أو متزلفيهم، والتي بدأت بالمتوكلية على تخوم سامراء (نسبة الى المتوكل) ثم العمادية إبان العهد السلجوقي (نسبة الى الأمير عماد الدين زنكي الأتابكي (1127-1146) ثم سار الترك بها بعد قرون فنجد(خرسباد) وحقيقتها خسرو اباد. ثم السليمانية جاءت تملقا من محمود باشا بابان عام 1778 م للوالي سليمان الكرجي (أبو ليلى)، أو المدحتية (قرب الحلة على أسم مدحت باشا) أو الناصرية (على أسم الشيخ ناصر السعدون 1870التي تعتبر أول مدينة حداثية في العراق حيث أستدعي لتخطيطها المهندس البلجيكي (جوليوس تلي (JULIUS TILLY فخطط المدينة تخطيطا عصريا(رقعة الشطرنج) كما مدن اوربا القرن التاسع عشر.
ولبعض المدن العراقية تسميات لها دلالات جغرافية أو طوبغرافية، كما الحال لمدينة (الشطرة) حيث تأخذ صفة إنشطار (نهر الغراف) قبل انحطاطه إلى (الشطرة الحالية) بخمسة كيلومترات الى شطرين يذهب الأيسر منهما إلى (هور الحمار)، ويسمى (شط البدعة). والحال نفسه ينطبق على (القرنة) حيث يأتي من إقتران النهرين ووردت بتسمية أخرى في المدونات التاريخية حيث وردت لدى الرومان في القرن الأول للميلاد (دقبة أو دكبة Digba)، و ذكر المؤرخ (لين) في كتابه (المعضلات البابلية) نقلا عن التاريخ الطبيعي (لبلّيني). وقد زار القرنة وكتب عنها الرحالة الفرنسي (تافرنيهTavernier) المتوفى عام 1689، وقد أطلق عليها القرنة وهذا يعنى ورود اسمها في القرن السابع عشر. ثم وصفها الرحالة الدانمركي نيبور عندما زارها عام 1766م.
وترد بعض التسميات من صفات الموقع أو أسم قوم أو سلالة، مثل (سوق الشيوخ) حيث كان يسمى قديما بسوق النواشي، والنواشي يقال أنهم فخذ من بني اسد. ويقول يعقوب سركيس في مباحث عراقية أن سوق الشيوخ لم تشيد إلا بعد سنة 1781م). وبنفس السياق العشائري نجد أن (تل قوينجق) قرب الموصل وردت من تسمية تركية مركبة من (كوي) يعني قرية و(أنجك) أسم عشيرة تركمانية. وكذلك الحال لسنجار حيث يذكر ياقوت عن أبن الكلبي أنها سميت كذلك بسبب أول نازلها سنجار بن دعر الواصل نسله لأبراهيم الخليل(ع) (30) أما إبن خلدون فقد قال بأن أهلها ينتسبون الى سنجاريف إبن أثور إبن نينوى إبن آثور(31).
وإقتباس الصفة في التسميات ينطبق على (العمارة) وارثة ميسان الآرامية، حيث وردت في شعر عبدالغفار الأخرس عام 1861، بما يدلل على عمارة لثكنة عسكرية تركية بنيت في ذلك الموضع. ومن الجدير ذكره هنا أن أسم ميسان قد ورد لدى الرحالة اليونان بموضع آخر وعرف باسم ” كرخينا” المشتق من اسم “خاراكس” ويذكر هنا أن المدينة بناها الاسكندر الكبير في عام 324 ق م عند ملتقى نهر كارون بنهر دجلة العوراء اي ” شط العرب ” و هذا يثير لغطا لدى الباحثين بان مدينة ميسان او خاراكس هي مدينة المحمرة الحالية في الاحواز. و الجدير بالذكر ان المنطقة الجنوبية من الاحواز أي مناطق الحويزة و البسيتين و الخفاجية. . . . كانت تسمى بـ ” دست ميسان أي (دجة ميسان) و بعد سيطرة البهلويين (منذ 1924) على الاحواز وفي إطار سياسة التفريس غيروا اسمها الى”دشت ميشان” و بعد مجئ الخميني عام 1979 ومن أجل تكريس تفريسها أطلق عليها تسمية (دشت آزادغان). ومن أسماء الصفات يرد الاسم التركماني لمدينة (ألتون كبري) ويعني (الجسر الذهبي).
و من الصفات التي أكسبت المدينة أسمها ترد (الديوانية) من أصل دار ضيافة أنشأها رؤساء الخزاعل أيام شيخهم حمد آل حمود حوالي سنة (1747 م) ليقيم فيها كاتبهم للجباية ولينزلها ضيوفهم، ولا يزال العراقيون يطلقون اسم (الديوا نية) على غرفة استقبال الضيوف. ثم صار الناس ينشئون حولها الصرائف، فلما اخذ النفوذ القبلي يتضاءل عنيت بها الحكومة فجعلتها مركز قضاء في سنة (1858 م) فأصبحت مدينة.
وقد وردت بعض التسميات المتكررة لبعض المدائن بما يحاكي منظومة(ham-city-town) للمدن الأنكليزية، مثل (كوت) و(كرخ) و(دور). وأكثر تلك المدائن شهرة هي (الكوت) وارثة صيت (واسط) الإسلامية، والتي أسسسها الحجاج 703م. و كلمة الكوت يشاع إنها هندية، وربما برتغالية أو تعني الساحل أو قلعته المحرف من كلمة (Coast) اللاتينية. ونجزم أنها تعود لجذور أعمق بالثقافة المحلية. ومفهومها في العراق ما يبنى لجماعة من الفلاحين على حافة نهر او ساحل بحر ليكون مأوى لهم او مسكنا من القصب والبواري(حصر القصب)، واما من الطين واللبن، وقد يبنى وحده او تبنى حوله الأكواخ، واقرب ما يكون لتعريفه الميناء او المجمع البحري، او مخزن الذخائر الحربية. واليوم مدينة ” الكوت، تعود بالتسيمة لـ (سبع بن خميس) احد شيوخ عشيرة ال مياح، حيث شيد قلعة في هذا الموضع سنة 1812م فكانت نواة نهضتها العمرانية ونسبت اليه ” كوت سبع ” وهو اسم لا يزال يطلقه عليها بعض المعمرين ولاسيما من الأعراب. وقد يقال لها ” كوت العمارة “. كما وردت في كتاب فريزر لوقوعها على شط دجلة من جهة، ولتتميز عن بقية “الأكوات” من جهة أخرى، فإن في العراق قرى عديدة يقال لها ” كوت ” مثل كوت الزين وكوت المعمر وكوت الإفرنجي وكوت العصيمي وكوت الباشا وكوت ابن نعمة. . الخ. ويذكر أمين الحلواني في كتابه (مختصر مطالع السعود – عام886 1 م) أن” الكوت ” كانت موجودة في زمن ولاية سليمان باشا الممتدة منذ(1779 م). وينقل لونكريك فقرة عن تقرير الوكيل البريطاني في العراق المرفوع الى حكومة الهند في سنة (1855م)عن عزل شيخ بني لام وتعيين آخر بدله. وجاء ذكرها كذلك في رحلة ايليس ايرون الذي انحدر الى البصرة في (نيسان 1178 م) خلال دجلة باسم (كوت العمارة) الذي أشتهرت به في الحرب العالمية الاولى.
نمط البلدات الجبلية في شمال الوطن
ومن الأسماء المكررة اسم (كرخ)، ويكنى به الصوب الغربي لبغداد و كان قد أحتضن المدينة المدورة (مدينة أبو جعفر المنصور)، وهناك الكثير من المواضع التي تحمل هذا الأسم مثل كرخ باجدا وكرخ البصرة وكرخ خوزستان وكرخ جدان وكرخ سامراء كما ورد في معجم البلدان (32)، وذكر بان الكلمة أرامية وتعني القلعة، و هناك من يضن بأنها يونانية عربت وتعني المكان الفسيح. وبنفس السياق نجد صوب بغداد الشرقي الذي يدعى (رصافة)، وقد تكرر أستعماله حتى في الاندلس الإسلامية. والكلمة واردة من الأكدية بصيغة (رصابو Rasapo) وتعني المعنى العربي عينه أي الطريق المرصوف والرصيف جانبه. ومن الكلمات المشابهة كلمة (رصبو) التي تعني رصف الحجارة وفي الآرامية بصيغة (رصاب) (33).
والحال نفسه ينطبق على كلمة (دور) الواردة من الأكدية بصيغة (دورو Duru)، وتعني ديار أو قرية أو مدينة، وتطلق على السور والحصن والجدار. وقد حلت بالآرامية بصيغة (دور)، ونجدها متكررة في مواضع عراقية عديدة مثل المدينة المقدونية (دور يوربس) الباقية آثارها اليوم عند الصالحية، وكذلك اسم (دور أيلو) بالقرب من بدره اليوم على الحدود مع إيران وكذلك (دور كوريكالزو) أو عقرقوف المدينة الكوتيه الواقعة شمال بغداد في الكاظمية. كما ذكرتكرر تلك الكلمة ياقوت الحموي (34)، بانها جاءت سبعة مرات هي دور تكريت، ثم دور عربايي ودور الخرب كم سماه إبن حوقل في (المسالك والممالك) أو دور سامراء كما سماه ياقوت بين سامراء وتكريت، وكذلك دور بني اوقر ودور متاخمة لدير الروم قرب بغداد والتي تعرف كذلك بدور الوزير أبن هبيرة، والدور قرب سميساط ثم دور نيسابور ودور حبيب قرب الدجيل.
وشهدت تسميات المدن حركة تغيير واسعة عندما حلت السلطة الملكية في العراق بعد العام 1921، حيث غيرت بعضها، بما أرتأته مناسبا مع الوضع التاريخي، أو السياسي أو السكاني متماشيا مع نزعة قومية”عروبية”. ومن تلك التسميات قضاء (الرفاعي)، تيمنا بأسم الصوفي المعروف أحمد الرفاعي الذي ينحدر من قبيلة رفاعة العربية، وقد كان يسمى في السابق (قضاء الكرادي)، و مركزه لا يزال يدعى الكرادي. والكرادي قرية كبيرة ” تأسست عام 1893 م باسم كنية مؤسسها الحاج عباس الكرادي (من كرادة بغداد) وكان قد سكن (قصبة سوق الشيوخ) مدة فابتاع مزارع الكرادي الحالية من ا ل مناع وانتقل إليها، وهي قائمة على شاطئ نهر الغراف الأيسر في موضع يبعد عن الناصرية (83) كيلومترا شرقا.
والمقدادية هو الإسم الجديد لمدينة شهربان وهي كلمة كردية-فارسية مركبة من (شهر) أي مدينة، و (آبان) وهو اسم رجل شيدت باسمه قرية بجوار شهرابان ا لحالية فنسبت اليه تيمنا. و(دلتاوة) – ويكتبها ويلفظها بعضهم ديلتاوة – أصلها ” دولة آباد ” أو ربما الأسم الآرامي (تيلو تيلا) وتعني التل المرتفع كما هي صفتها. كما أصبحت ” شقلا آباد” الى ” شقلاوة ” وهي من قرى النهروان في قديم الزمان. والحال كذلك لناحية (السعدية) وقد بدلت بعد ماكانت تدعى (قزلرباط) – وربما حرفت من مركب (خسرو آباد)، وكذلك (خرنابات) المحرفة من أسم (خرم أباد) أي مدينة التمر ومكثت هكذا. والحال نفسه ينطبق على (الشامية) والتي كنيت” الحميدية ” منذ سنة 1897 م في عهد السلطان عبدالحميد الثاني، ثم أبدلتها الحكومة العراقية باسم ” الشامية ” عام 1942 م كما أبدلت أسماء عدد كبير من القصبات والقرى الأخرى. وهكذا لكل مدينة أو قرية في العراق جذورا تنغرس في طينه ولها قصة مع أرضه التي بقيت شاهدا على أول التجارب الحضرية في الدنيا.
وتحتاج التسميات، والمسميات، اليوم إلى بحث حيادي مجرد من التعصب، بعد أن عربتها السلطة الملكية منذ تأسيس الدولة العراقية 1921، وختمتها السلطة البعثية. وحدث أن “كردتها” السلطة القومية الكردية بنفس الطريقة، خلال تسعينيات القرن العشرين بعد قرار الحماية للشعب الكردي الذي طبقته الولايات المتحدة على شمال العراق، حيث نجد أن كل التسميات الآشورية والآرامية قد أمست كردية، كما هو الحال لمدينة أربيل الآشورية التي أصبحت (هولير)، و قرية “عينا دنونى” أصبحت (كاني ماسي). . الخ. و نجد الكثير من أسماء الأحياء في المدن وقد كردت إلى أسماء (ازادي – الحرية) و(نيشتمان – الوطن) و(برايتي -التآخي) و(خبات – النضال) و(رابرين – الانتفاضة) و(شورش – الثورة) و(رزكاري – التحرر) و(كوماري – الجمهورية) وغيرها من الاسماء (29). وبعيدا عن التعصب وسطوة الدرن القومي الذي نخر كيان العراق أمة وتراثا، ربما سنشهد في الحقب القادمة إعادة التسميات التاريخية لمدنه و قراه وأحياءه، مثلما هي واردة في المدونات التاريخية، فتصبح كركوك بدلا من التأميم والسماوة بدلا من المثني، والثورة بدلا من صدام أو الصدر.
الهوامش
1. ترجمة طه باقر من ملحمة كلكامش-
2. أحمد صبري الدبش- القدس العربي عدد 4593 1-آذار 2004.
3. سورة الكهف- الآية 19.
4. سورة الأعراف الآية 163
5. سورة الإسراء الأية 16
6. سورة الإسراء الأية 58
7. سورة الأحزاب الآية 33
8. طه باقر-معجم الدخيل في اللغة العربية- ص 44 –بغداد-1974
9. مصطفى الموسوي: العوامل التاريخية لنشأة وتطور المدن العربية الإسلامية. دار الرشيد-بغداد 1982. ص355.
10. بونغارد ليفين – الجديد حول الشرق القديم. .
11. الجبانة وهي تعني بالأصل لغويا الصحراء، وأستعملها أهل الكوفة، وتعني المقبرة.
12. باقر أمين الورد – بغداد. بغداد 1992
13. سليم مطر – الذات الجريحة.
14. عبدالرزاق الحسني-العراق قديما وحديثا- الطبعة الثالثة1958.
15. إبن عبدالحق- مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع.
16. إبن الفوطي-الحوادث الجامعة والتجارب النافعة في المئة السابعة الهجرية
17. الجواليقي-المعرب من الكلام الأعجمي.
18. طه باقر- معجم الدخيل في اللغة العربية.
19. يرد أسم تيم في الكثير من المدونات، ومنها الكتابة الموجودة فوق مدخل خان مرجان.
20. طه باقر- المصدر السابق
21. مازال العراقيون يقولون سابوح للسابح ولاعوب لللاعب وباطول للباطل. . الخ على الصيغة الآرامية.
22. عبدالرزاق الحسني-المصدر السابق.
23. طه باقر-معجم الدخيل ص92.
24. الشيخ محمود هو جد المؤرخ العراقي عبدالرزاق الحسني.
25. طه باقر -معجم الدخيل في اللغة العربية ص174.
26. سورة الانعام الآية 127
27. من كتاب (حصاد الفكر في اللغة العربية) – لجنة باحثين – ص 286 – 285
28. تاريخ الطبري.
29. عبالرزاق الحسني-المصدر السابق
30. ياقوت الحموي-المعجم-ج3\ص263.
31. إبن خلدون-تاريخه ج2\ص130.
32. ياقوت الحموي \ المعجم ج4/ص252.
33. طه باقر-معجم الدخيل
34. ياقوت الحموي- المعجم ج 22/ص615
35. نشرت جريدة الزمان في العدد(1277) أسماء كل المدن والقرى والقصبات والأحياء التي شملها التغيير القومي الكردي.