
فاضل حسن شريف
د. فاضل حسن شريف
جاء في تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله تعالى ” شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ” (البقرة 185) قوله “فمن شهد منكم الشهر فليصمه” فيه وجهان (أحدهما) فمن شهد منكم المصر وحضر ولم يغب في الشهر والألف واللام في الشهر للعهد والمراد به شهر رمضان فليصم جميعه وهذا معنى ما رواه زرارة عن أبي جعفر أنه قال لما سئل عن هذه ما أبينها لمن عقلها قال من شهد شهر رمضان فليصمه ومن سافر فيه فليفطر وقد روي أيضا عن علي وابن عباس ومجاهد وجماعة من المفسرين أنهم قالوا من شهد الشهر بأن دخل عليه الشهر وهو حاضر فعليه أن يصوم الشهر كله (والثاني) من شاهد منكم الشهر مقيما مكلفا فليصم الشهر بعينه وهذا نسخ للتخيير بين الصوم والفدية وإن كان موصولا به في التلاوة لأن الانفصال لا يعتبر عند التلاوة بل عند الإنزال والأول أقوى.
جاء في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله تعالى ” شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ” (البقرة 185) قوله تعالى: “فمن شهد منكم الشهر فليصمه”، الشهادة هي الحضور مع تحمل العلم من جهته، وشهادة الشهر إنما هو ببلوغه والعلم به، ويكون بالبعض كما يكون بالكل. وأما كون المراد بشهود الشهر رؤية هلاله وكون الانسان بالحضر مقابل السفر فلا دليل عليه إلا من طريق الملازمة في بعض الاوقات بحسب القرائن، ولا قرينة في الآية.
جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى “يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ۖ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ۗ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَن تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَـٰكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ” ﴿البقرة 189﴾ كما اتّضح من سبب نزول هذه الآية الشريفة من أنّ جماعة سألوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الهلال وما يحصل عليه من تغييرات متدرّجة وعن أسبابها ونتائجها، فيجيب القرآن الكريم على سؤالهم بقوله “يَسْألونَكَ عَنِ الأهَلّةِ”. (أهلّة) جمع (هلال) ويعني القمر في اللّيلة الاُولى والثانية من الشهر، وقال بعضهم أنّ التسمية تطلق عليه لثلاث ليالي من أوّل الشّهر وبعد ذلك يُسمّى (قمر)، وذهب بعضهم إلى أكثر من هذا المقدار. ويرى المرحوم (الطبرسي) في مجمع البيان وآخرون من المفسّرين أنّ مفردة (الهلال) هي في الأصل من (استهلال الصبي) ويعني بكاء الطفل من بداية تولّده، ثمّ استُعمل للقمر في بداية الشهر، وكذلك اسُتعمل أيضاً في قول الحجّاج في بداية مناسكهم: (لبيّك لبيّك). بصوت عال، فيقال (أهلّ القوم بالحج) ولكن يُستفاد من كلمات الرّاغب في المفردات عكس هذا المطلب وأنّ أصل هذه المفردة هو الهلال في بداية الشهر وقد استفيد منه (استهلال الصبي) أي بكائه عند ولادته. وعلى كلّ حال يُستفاد من جملة (يسألونك) الّتي هي فعل مضارع يدل على التكرار أنّ هذا السؤال قد تكرّر مرّات عديدة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. ثمّ تقول الآية “قل هي مواقيت للنّاس والحجّ”. فما يحصل عليها من تغييرات منتظمة تدريجيّة، يجعل منها تقويماً طبيعياً يساعد الناس على تنظيم اُمورهم الحياتية القائمة على التوقيت وتحديد الزمن، وكذلك على تنظيم اُمور عباداتهم المحدّدة بزمان معيّن كالحجّ والصوم، والهلال هو المرجع في تعيين هذا الزمان، وبالإستهلال ينظّم الناس اُمور عبادتهم وشؤون دنياهم.
جاء في معاني القرآن الكريم: شهد الشهود والشهادة: الحضور مع المشاهدة؛ إما بالبصر، أو بالبصيرة، وقد يقال للحضور مفردا قال الله تعالى: “عالم الغيب والشهادة” (السجدة/6)، لكن الشهود بالحضور المجرد أولى، والشهادة مع المشاهدة أولى؛ ويقال للمحضر: مشهد، وللمرأة التي يحضرها زوجها مشهد، وجمع مشهد: مشاهد، ومنه: مشاهد الحج، وهي مواطنه الشريفة التي يحضرها الملائكة والأبرار من الناس. وقيل مشاهد الحج: مواضع المناسك. قال تعالى: “ليشهدوا منافع لهم” (الحج 28)، “وليشهدوا عذابهما” (النور 2)، “ما شهدنا مهلك أهله” (النمل 49)، أي: ما حضرنا، “والذين لا يشهدوا الزور” (الفرقان 72)، أي: لا يحضرونه بنفوسهم ولا بهمهم وإرادتهم. والشهادة: قول صادر عن علم حصل بمشاهدة بصيرة أو بصر. وقوله: “أشهدوا خلقهم” (الزخرف 19)، يعني مشاهدة البصر ثم قال: “ستكتب شهادتهم” (الزخرف 19)، تنبيها أن الشهادة تكون عن شهود، وقوله: “لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون” (آل عمران 70)، أي: تعلمون، وقوله: “ما أشهدتهم خلق السموات” (الكهف 51)، أي: ما جعلتهم ممن اطلعوا ببصيرتهم على خلقها، وقوله: “عالم الغيب والشهادة” (السجدة 6)، أي: ما يغيب عن حواس الناس وبصائرهم وما يشهدونه بهما. وشهدت يقال على ضربين: أحدهما جار مجرى العلم، وبلفظه تقام الشهادة، ويقال: أشهد بكذا، ولا يرضى من الشاهد أن يقول: أعلم، بل يحتاج أن يقول: أشهد. والثاني يجري مجرى القسم، فيقول: أشهد بالله أن زيدا منطلق، فيكون قسما، ومنهم من يقول: إن قال: أشهد، ولم يقل: بالله يكون قسما، ويجري علمت مجراه في القسم، فيجاب بجواب القسم.
جاء في موقع براثا عن ملاحظات مهمة في رؤية الهلال للكاتب خضير العواد: يعتمد الشهر القمري في معرفة أيامه ولياليه على القمر ومنازله، أي كانت بداية الشهر تثبت مع رؤية العرب للهلال في الليلة الأولى وعلى هذه الرؤية يعتمد الحساب التاريخي أو اليومي قال الله سبحانه وتعالى “يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس” (البقرة 189)، ومن الأشهر التي يعطيها الناس الإهتمام الأكبر في معرفة بدايتها ونهايتها هو شهر رمضان بالإضافة الى ذي الحجة، لارتباط عبادات هذه الأشهر وهما الصوم والحج برؤية الهلال ومن ثم يتم تحديد الأيام والليالي، أي لهلال هذه الأشهر أهمية أكبر من بقية الأشهر القمرية الأخرى بسبب ذلك. ومن العوامل المهمة في رؤية الهلال أو تحديد بداية الشهر القمري هما معرفة مواقع البلدان بالنسبة لخطوط الطول والعرض والاقتراب والبعد من خط الأستواء ومتى يبدأ الشهر القمري.1- إن إختلاف مشارق ومغارب البلدان إنما يكون بسبب إختلاف خطوط الطول والعرض الواقعة عليها تلك البلدان، ويطلق على البلدان التي تتفق مشارقها ومغاربها أو تكون متقاربة (بلدان المتحدة الأفق) ويطلق على البلدان التي تختلف مشارقها ومغاربها (البلدان المختلفة في الأفق) 2-أن بداية الشهر القمري إنما تتحقق عند خروج القمر من المحاق و انتهاءه يكون بأنتهاء حالة المحاق ثانية (أي بخروج القمر من المحاق).ولكن رؤية الهلال في بلد ما هل تكفي لإثبات الشهر في سائر البلدان أولا، وقد بحث الفقهاء هذه المسألة ولهم فيها ثلاث أقوال:الأول: لزوم إتحاد الأفاق في الحكم بالهلال، بمعنى أنه لو شوهد الهلال في بلد ما يترتب الحكم على أهالي ذلك البلد والبلدان المتقاربة معه في الأفق ولا يصح ترتيب آثار رؤية الهلال في البلدان المتباعدة في الأفاق، ويتبنى هذا القول مجموعة من العلماء (الشيخ الطوسي، المحقق الحلي، العلامة الحلي، السيد اليزدي،السيد الخميني، الشيخ بهجت، السيد السستاني )الثاني: عدم لزوم أتحاد الأفاق بل يثبت الهلال في جميع أقطار العالم ويترتب عليه أحكام رؤية الشيخ بشير النجفي، وأما السيد الخوئي قيد الحكم بالمناطق المشتركة في الليل وأما التي فيها نهار والأخرى ليل فلا يحكم بأتحادهما بالحكم ويؤيده في الرأي السيد محمد الروحاني والشيخ التبريزي والشيخ وحيد الخراساني) الثالث: التفصيل بين البلدان الواقعة في شرق البلد الذي رئي الهلال فيه فلا يثبت الهلال فيها،وبين البلدان الواقعة في غربه فيثبت (أي حجيّة الشرق على الغرب وليس العكس) ويتبى هذا القول كلاً من العلماء (الشهيد الأول، الشهيد الثاني، السيد محسن الحكيم، السيد محمد الشيرازي، الشيخ المنتظري، السيد صادق الشيرازي، السيد محمد سعيد الحكيم، السيد الخامنئي) ولمساعدة الناس في تحديد البداية و النهاية الصحيحة للشهر إعتماداً على القواعد الشرعية ينبغي من المتصدين توضيح هذين العاملين للناس حتى يبتعدوا عن الإختلاف ويصبح عندهم طمأنينة في إثبات بداية ونهاية الشهر، عندما كانت عملية تعين بداية الشهر على الرؤية إعتماداً على الشياع العام من قبل فقهاء المسلمين قاطبةً سنة وشيعة، عندها يجب تشجيع الناس على الأستهلال ومساعدتهم في تحديد الزوايا أو الإتجاهات التي سيظهر فيها الهلال، ويمكن الأخذ بنصائح الفلكيين في مسألة تحديد يوم الولادة وساعتها ومن ثم معرفة إمكانية الرؤية من عدمها وبعدها تحديد الإتجاهات والوقت الذي سيظهر فيه الهلال.
جاء في کتاب الحديث النبوي بين الرواية والدراية للشيخ جعفر السبحاني: روَية اللّه يوم القيامة: أخرج الحميدي في مسنده، عن قيس، قال: قال لي جرير بن عبد اللّه: كنّا عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم، إذ نظر إلى القمر ليلة البدر. فقال: أما إنّكم سترون ربّكم، كما ترون هذا، لا تضامُّون في روَيته، فمن استطاع منكم لا يغلب على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا، ثمّ قال: “وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها” (طه 130). قوله: (لا تضامّون) امّا بالتخفيف بمعنى لا يحصل لكم ضيم، وبالتشديد أي لا تزاحمون. وحاصل الحديث: انّ ثمّة فرق بين روَية الهلال وإراءته للآخرين وبين روَية البدر، فالاَوّل لاَجل ضآلة روَيته فهو بحاجة إلى مشاركة الناس بغية روَيته، بخلاف البدر فهو لاَجل وضوح روَيته لا يحتاج إلى تلك العناية، بل يراه كلّ الناس في محله وموضعه.
جاء في موقع براثا عن رؤية الهلال ووحدة المسلمين – القسم العاشر للكاتب محمود الربيعي: ثبوت الهِلالمن كتاب الفتاوى الواضحة ثبوت الهلال الطبعة الاولى للسيد محمد باقر الصدر قدس سره مقدمة تتناول هذه الحلقة طبيعة دوران القمر بالنسبة للأرض والشمس، وتتابع الليل والنهار، وحالة المحاق، والظروف الخارجية المؤثرة على رؤية الهلال، والرأي في استخدام الاجهزة المكبرة، واختلاف خطوط الطول والعرض، والتفسير العلمي لهذه الظواهر، واهمية رؤية الشهود، وتأثير رأي الحاكم الشرعي، وبيان تفصيل حرمة صوم يوم العيد على وجه فقهي ومعالجة الحالات الاستثنائية الى غير ذلك من الامور نترك البحث فيها لصاحب الراي المجتهد الفقيه السيد محمد باقر الصدر رحمه الله.ولقد وجدنا ان من الافضل طرح آراء بعض القمم من المجتهدين والرواد وبيان رؤيتهم وان اختلفت بعض الشئ، وبذلك نكون قد وضحنا للمسلم طريقة تفكير عدد من المجتهدين يتبين منها طريقة كل مجتهد في التفكير بحيث يمكن أن ترى في كل الصور المختلفة جامع للحركة العقلية المنطقية التي يؤمن بها المسلم وذلك يعزز الوحدة بين الناس ويبعث على التسامح والاحترام خصوصا ان لكل مجتهد اسلوب وطريقة منطقية يعالج بها المسائل ويحاول ان يتوصل الى حلول مقنعة لمقلديه.ومما تقدم يمكن لنا ان نقول ان التطور الذي طرأ على الحياة من توسع البلدان والعمران وتطور المواصلات ووسائل الاتصالات وازياد الاختلاط بين الناس وتعدد ارائهم كل ذلك ساعد على التباين في وجهات النظر واصبحت الحياة واساليبها تختلف تماما عن طبيعة البلدة الصغيرة المعزولة التي يعيش فيها مجموعة صغيرة من الأفراد منقطعين عن بقية أجزاء العالم. وأدناه مجموعة من الشروحات والبيانات المفصلة وإجابات على بعض التساؤلات حول موضوع ثبوت الرؤية المستمدة من كتاب الفتاوى الواضحة ثبوت الهلال الطبعة الاولى للسيد محمد باقر الصدر قدس سره الصفحات من 708 الى 723 اي 15 صفحة من العلم النافع. وكما يعلم القارئ والباحث عن الحقيقة أن اطلاعه على آراء متعددة لعلماء كبار ومختصون له الاثر الكبير في جمع معلومات واسعة تساعدة على تكوين فكرة متقدمة عن الموضوع الذي إلى إيجاد حلول لمشاكله، وهنا لا بأس بالنظر إلى مختلف الآراء والاجتهادات فانها لا تتقاطع كثيرا وقد تصب في مصب واحد يجمع الآراء على هدف واحد، ومنه نحصل على حل يشفي الصدور بتفهم بعضنا البعض الآخر وفي ذلك راحة للناس ورضا الله سبحانه وتعالى، ويبقى الأمر متلق بالأساسيات من تحقق الرؤية وشهادة الشهود وحصول القناعة بين الناس.