نارٌ تُضيء ظِلال الروح

رياض سعد

كلما انفتحَت أفواهُ العاشقين بذكرِ أحبابهم، وكلما تمتمَ مُحبٌّ باسمِ من يسكنُ قلبه، ترتجُّ في داخلي نبرةٌ خفيّة، كأنَّ قشعريرةً مُجنَّحة تمرُّ على أطرافي، فتهزّني كما تهزُّ الريحُ سنابلَ القمحِ ساعة الفجر… ؛  ألتفتُ حولي كمن يطاردُ طيفًا أو يسمعُ وقع خطواتٍ لا تُرى، وتنفلتُ من صدري زفراتٌ دافئة، تحملُ سرَّهم وسرّي، لأنّ أصواتهم — رغم براءتها — لا تلبث أن تذكّرني بك … .

عندها تشتعلُ في روحي نارٌ لا تهدأ، نارٌ كُبرى ترفضُ الانطفاء، كأنها خُلِقت لتهمسَ: لا يُطفئها سوى لَمَى خدّيكِ، ورطوبةِ شفتَيكِ، وبردِ صدركِ الذي يشبهُ سحابةً وُلدت فوق صحراءِ قلبي … ؛  فأنا، ما إن تمرّ ذكراكِ أمامي، حتى أغدو كالغارقِ في لجّة بحرٍ هائج؛ يغمره الماءُ من الخارج، وتلتهمه النارُ من الداخل، وفي صدره تتلاحمُ ألسنةُ الشوق مع رماد الأسى، حتى يظنَّ أنه يحملُ كونًا كاملًا يشتعلُ ويبردُ في آنٍ واحد... .

نعم، حالي معك هو جمعُ الأضداد في جسدٍ واحد، واحتضانُ النقائض في عشقٍ واحد؛ فأنتِ لهيبٌ وماء، قربٌ وبُعد، نعمةٌ وابتلاء، وأنا بين يديكِ ككائنٍ ينسى منطِق الأشياء، وينهضُ من رماده كلّما ناداه اسمك… ؛  لأنكِ وحدكِ، دون كلِّ العالم، تجعل الفوضى في داخلي تكتسبُ معنى، ويغدو الاحتراقُ شكلًا آخر من أشكال الحياة …!!