رياض سعد
أنا الذي أذابتني الإشارة
لم أخرج إليك سائرًا،
بل خرجتُ محترقًا...
لم أطلبك دليلًا،
كنتَ الجرحَ الذي علّمني الطريق…
كنتُ أظنّ أني أسير إليك،
حتى اكتشفتُ أني كنتُ أفرّ منك إليك،
كمن يهرب من النار إلى دفء اللهب …
كلما ذكرتُك … ؛ تساقط اسمي ؛ كلما ناديتُك … ؛ تبعثر وجهي … ؛ حتى صرتُ بلا ملامح …
إلا تلك الرجفة التي إذا مرّ طيفك بها
سجدت وتمايلت لوجهك …
قالوا: جُنَّ... ؛ وما علموا أن الجنون أن أراك ولا أذوب …!!
قالوا: ضاع... ؛ وما علموا أن الضياع أن أبقى واقفًا عند نفسي...
كنتُ إذا اشتدّ الشوق … ؛ ضاق عليّ الجسد … ؛ وكأن العروق لم تُخلق لهذا الامتداد … ؛ وكأن القلب أكبر من القفص الذي أُلبس له …
كنتُ أحملك في صدري كحريقٍ بلا دخان … ؛ وكبحرٍ يريد أن يخرج من قطرة...
طرقتُ بابك لا بيدي … ؛ بل بانكساري.
ناديتك لا بصوتي… ؛ بل بما تبقّى مني بعدي… ؛ ففتحت… ؛ لا بابًا … ؛ بل غيابًا...
وفي الغياب رأيتُك … ؛ وفي الفناء وُجدتُك … ؛ وفي السقوط وصلتُ … ؛
وفي الموت عشتُ …
لم أعد أعرف
أأنا الذي أحبك
أم أنت الذي تحب نفسك بي؟
أأنا الذي ذاب
أم أنت الذي تجلّى فلم يترك لي بقية؟
الآن…
لم يعُد لي أثرٌ يدلّ عليّ،
ولا اسم يُنادى،
ولا جهة أعود منها...
أنا النداء…
وأنا الإجابة،
وأنا الحيرة التي إذا اشتدّت
صارت يقينًا.