الشريف العارف بالله محمد ( جمال الدين ) بن عبد الرحمن الجنيد

أحلام الصوفي

الشريف العارف بالله محمد (جمال الدين) بن عبدالرحمن الجنيد

أحلام الصوفي

هو الشريف محمد جمال الدين بن عبدالرحمن بن أحمد بن عمر بن شيخ بن سالم الحضرمي بن عبدالله بن عبدالرحمن بن عبدالله بن عبدالرحمن بن محمد مولى الدويلة بن علي بن محمد بن علوي بن محمد الفقيه المقدم بن علي بن محمد صاحب مرباط بن علي خالع قسم بن علوي بن محمد بن علوي بن عبدالله بن أحمد المهاجر بن عيسى بن محمد بن علي العريضي بن الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمد الباقر بن الإمام علي زين العابدين بن الإمام الحسين بن الإمام علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب بن هاشم.

امتدادٌ راسخٌ للنسب العلوي الحسيني، وامتدادٌ روحيٌّ ومعرفيٌّ لذلك السِّفر النبويّ الخالد، بزغ نوره الشريف من سلالة الطهر، فجاء محمد جمال الدين الجنيد حاملًا عبق الرسالة، ومثالًا للعالم الرباني، والعابد الصادق، والمرشد العارف.

اتّخذ من الصراري في جبل صبر بمحافظة تعز مستقرًا له، وكان وجوده هناك نقطة إشعاع روحي وعلمي، جذب إليه طالبي العلم والسالكين من مختلف الأقطار، لينهلوا من معينه العذب، المتصل بسند أهل البيت في العلم والعمل، والسلوك والصفاء.
تشرب من ينابيع النور، فصار علمًا كجده الكرار، وبذلًا كزين العابدين، وهداية كأحمد المهاجر. لا يُذكر اسمه إلا ويُذكر مقامه، ولا تُروى سيرته إلا ويُستحضر ما في حضرته من مهابة ونفحات.

كان من أولئك القلائل الذين يُذكّرونك بالله إذا رأيتهم، وتزداد هداية إن سمعتهم، وتُطَمئنّ القلوب بوجودهم. لم يكن زاهدًا في الدنيا فحسب، بل عامرًا لها بطاعة الله، ومربيًا للنفوس، وموصلًا للأرواح إلى مقام الصدق.

أبناؤه وأحفاده من بعده لم ينقطعوا عن النهج، فحملوا رسالته المباركة، ونشروا العلم وبنوا الأربطة، وأسّسوا الهُجَر العلمية، وهاجروا إلى نواحي اليمن والجزيرة، حاملين معهم نَفَس جدّهم، ونور علمه، ومهابة ورعه.

وقد انتشرت ذريته المباركة في محافظات عدّة: تعز، الضالع، إب، الحديدة، والبيضاء، وكانوا حيث حلّوا دعاة حق، ومصابيح هدى، يحملون لواء العترة الطاهرة، ويثبتون أنّ النسب تكليف، لا تشريف فقط، ومسؤولية لا ترف.

توفي الشريف العارف بالله محمد جمال الدين في الثلث الأول من القرن العاشر الهجري، ودُفن في الصراري، حيث لا يزال ضريحه شاهدًا على مقامه الرفيع، تعلوه الأنوار، وتغشاه النفحات، ويقصده الزائرون من كل الأصقاع.

ورغم ما شهدته الصراري من اعتداء آثم ضمن عدوان تحالف الشر على اليمن، واقتحام المرتزقة والحاقدين على ضريحه ومسجده وترويع أهله، إلا أن سيرة الشريف ظلت عصيّة على الطمس، شاهدة على صدق رسالته، وخلود أثره.
ولم تستطع معاول الحقد أن تهدم مجده، ولا أن تمحو جذور النور الممتد من قلبه الطاهر، لأن الأرواح العلوية لا تُدفن، بل تبقى حيّة في الذكر والبركة، ولأن ذريته الصادقة ما زالت تحيي سنته، وتسير على دربه، وتثبت في كل زمن أنها من معدن لا يصدأ.

فرحمة الله عليه، وعلى آبائه الطاهرين، وجزاه الله عن الإسلام وأهله خير الجزاء، وبارك في ذريته الذين ما زالوا يحفظون الأمانة، ويجددون العهد، ويرفعون راية العلم والجهاد والدعوة الخالصة لوجه الله، في زمن كثرت فيه الفتن وقلّ فيه الصدق.