اسم الكاتب : د. نبيل جعفر عبد الرضا
المحور الاول : واقع العمالة الاجنبية في العراق
منذ بدايات قيام الدولة العراقية الحديثة احتضن العراق الكثير من الوافدين إليه، وقد كان معظمهم من جنسيات عربية كالفلسطينيين والسوريين والمصريين والسودانيين، قدم معظمهم للاستقرار والعمل وحصل بعضهم على الجنسية العراقية فيما بعد، لكن الطفرة الإقتصادية التي عرفتها البلاد نهاية الستينات وبداية السبعينات قد جعلت من العراق مقصدا للكثير من العمال والفلاحين، الذين بدءوا بالتوافد لا سيما من مصر والسودان، حيث امتلأت المصانع والورش والمزارع بالعمال الوافدين، وبدأت العمالة العربية الوافدة بالانتشار في سوق الأعمال البسيطة، حيث كان معظمهم عمال بناء ومزارعين وبعضهم عمل في مهن حكومية، وقد سهلت الحكومات العراقية السابقة هذا الأمر ومنحت أصحاب الجنسيات العربية حق الإقامة والعمل في البلاد دون أي قيود، حتى وصل عدد المصريين العاملين والمقيمين في العراق قبل احتلال الكويت إلى أكثر من أربعة ملايين، فيما بلغت أعداد السودانيين نحو ثلاثة ملايين شخص، ثم استقطبت سوق العمل جنسيات أخرى كالبنغلاديشيين والهنود وغيرهم، إلا أن وقوع حرب الخليج الثانية والحصار الإقتصادي الذي عاناه العراق في التسعينات دفع معظم هؤلاء للمغادرة إلى دول أخرى أو العودة إلى بلدانهم الأصلية، وفضل بعضهم البقاء رغم صعوبة الظروف أيام الحصار .
وقد استقطبت سوق العمل العراقية في السنوات الأخيرة جنسيات مختلفة معظمها غير عربية، حيث امتلأت المراكز التجارية والمطاعم ومؤسسات القطاع الخاص والمحلات في المناطق السكنية بعاملين أغلبهم من دولة بنغلادش، وأعدادهم تتزايد باستمرار بسبب إقبال أرباب العمل على التعاقد معهم لبساطتهم والتزامهم وانضباطهم الشديد، وترتفع نسب البطالة في العراق بين الشباب الى حوالي 40% عام 2016 على وفق تقديرات صندوق النقد الدولي ؛ بسبب تداعيات الحرب وتفاقم أعداد النازحين، والأزمة الإقتصادية التي تعصف بالبلاد منذ أكثر من عامين، وضعف القطاع الخاص في العراق، وعدم قدرة الحكومة على استيعاب المزيد من الشباب في وظائفها وهو ما يجعل قدوم عمالة أجنبية يؤثر سلبا على سوق العمل المحلية، ويزيد من صعوبة الحصول على عمل للشباب العراقي .
وقد بدأت تنتشر مؤخرا مكاتب لاستقدام العمالة الأجنبية، بعد أن زاد الطلب عليهم من أصحاب المحلات والمراكز التجارية والمطاعم إضافة إلى الأسر الثرية والمتوسطة، حيث تلجأ بعض النساء الموظفات إلى جلب مربيات يجالسن أطفالهن أثناء وجودهن في العمل، وكذلك بعض الأسر التي فيها رجال أو نساء طاعنين في السن ويحتاجون إلى مجالسة ومتابعة مستمرة، إذ أن هناك إقبالا كبيرا على التعاقد مع خادمات من الهند وبنغلادش والفلبين وإندونيسيا والنيبال وغيرها، ويتم انتقائهن بعد التأكد من مستويات النظافة والترتيب بالإضافة إلى التعليم أحيانا، فكثير من النساء يحرصن على أن تكون جليسة أطفالهن متعلمة تعليما أوليا على الأقل، ثم يتم تدريبهن على الطبخ العراقي حتى يستطعن أن يغطين غياب النساء عن بيوتهن.
تقوم المكاتب العراقية بالتعاقد مع مكاتب في الدول التي يأتي منها العاملون مقابل مبلغ من المال فضلا عن تكاليف السفر واستخراج الفيزا، ثم يسافر العامل أو المربية ويتم استقبالهم من قبل المكاتب العراقية وإكمال الإجراءات الأمنية واستخراج الإقامة وأجراء الفحوص الطبية، وتأمين سكن خاص بهم لحين التعاقد مع الأسر الراغبة باستضافتهم.
أن العقد مع هؤلاء الوافدين يكون لسنتين، ويتم منح المكاتب المستقدمة لهم مبلغا من المال يتراوح ما بين 500 إلى 1000 دولار كتغطية لتكاليف السفر والإجراءات اللاحقة، أما الأجور التي يتقاضونها العمل الاجانب فتبلغ ما بين 400 إلى 450 دولار شهريا بالنسبة للشباب، و 300 إلى 350 دولار للفتيات، هذا بالإضافة إلى توفير السكن والطعام والرعاية الصحية لهم.
أن النساء العراقيات يفضلن المربيات والخادمات الإندونيسيات أكثر من غيرهن لإتقانهن اللغة الإنكليزية وتمتعهن ببعض المهارات المنزلية، أما في أصحاب المصالح التجارية فيفضلون البنغاليين لالتزامهم بالعمل وتحملهم الشديد. فقد بدأت بعض المكاتب في الآونة الأخيرة باستجلاب مربيات من روسيا وبيلاروسيا وبعض دول أوربا الشرقية لكن أعدادهن ما زالت قليلة وأجورهن مرتفعة.
ولأن بعض المهن لم يعتد العراقيون على ممارستها إلا نادرا، كالخدمة في المنازل وتربية الاطفال؛ تسعى بعض الأسر إلى استقدام عاملات أجنبيات ليتولين رعاية أبنائهن أثناء غياب ربة المنزل عن بيتها، ورغم بعض العراقيل القانونية التي بدأت الحكومة تضعها مؤخرا من أجل ضبط استقدام العاملين الوافدين؛ إلا أن وتيرة قدومهم في تزايد مستمر، وقد اعتاد العراقيون على رؤيتهم في الأماكن العامة والتعامل معهم بشكل طبيعي، لا سيما وأن معظم هؤلاء الوافدين تعلموا اللغة العربية وأصبح تفاهمهم مع الناس سهلا، فيما بدأت وسائل إعلام محلية في التطرق لأوضاعهم ومناقشتها في برامج تلفزيونية، ودخلوا مؤخرا إلى عالم البرامج الكوميدية عبر إسناد بعض الأدوار الجانبية لهم التندر بطريقة نطقهم للهجة العراقية بشكل يشبه تعاطي الدراما الخليجية مع الموضوع.
أن أعداد العاملين الأجانب في العراق قد تصل إلى 200 ألف شخص، من جنسيات مختلفة عربية وغير عربية، تسعى السلطات الحكومية إلى “ترتيب أوضاعهم قانونيا وحماية حقوقهم وضمان عدم تعرضهم للابتزاز أو المضايقة”، كما أن الحكومة “حريصة على إقامة توازن بين السماح بتغطية احتياجات السوق العراقية للعمالة الاجنبية إلى جانب تلبية حق الشاب العراقي في الحصول على عمل يحميه من الفقر والحاجة”، لذا تم التركيز على وضع نسبة خاصة لأعداد الأجانب في أماكن العمل، وتطبيق هذا القانون على الجهات التي لا تلتزم به، على حد قوله.
ظاهرة العمالة الأجنبية الآسيوية لم تكن مألوفة في العراق قبل عام 2003، الا انها ظهرت للأسباب التالية:
1.استقدام تلك العمالة للعمل داخل المنطقة الخضراء على وفق عقود أبرمتها القوات المتعددة الجنسيات..
2.قيام بعض مكاتب التوظيف الاهلية المتخصصة باستقدام اعداد كبيرة من العمال الاسيويين الى العراق.
3. افتقار العامل العراقي الى المهارات والكفاءة في ادارة وتشغيل المكننة الحديثة التي انقطع عنها ما بين (20-30) عاما.
ان العمالة المستقدمة الى العراق على نوعين الماهرة وغير الماهرة:
1.العمالة الماهرة مثل العمالة الطبية من اطباء وممرضين والتي تفيد قطاع الصحة في العراق فضلا عن الكفاءات التي تحتاجها مدة اعادة الاعمار.
2. العمالة غير الماهرة وهم عمال الخدمات الذين ينتشرون في المطاعم والفنادق والمحال وحتى في المنازل.
أما اسباب انتشار العمالة الاجنبية في العراق فيرجع الى ما يلي :
1.تدني اجور العمالة الاجنبية مقارنة بالعمالة العراقية (400-500 دولار شهريا).
2.وجودها في موقع قريب من العمل، ما يجنبها تأخير التنقل في الوصول الى مواقع العمل، عكس العمالة العراقية التي تتحجج بالمشاغل الاجتماعية واحيانا التمارض لتبديد أوقات العمل، ما يؤثر سلبا في انتاجيته.
3.ارتفاع عدد ساعات عملها والتي تتراوح بين (12-14ساعة) وأكثر يوميا وتميزها بطاعة رب العمل واحترامه.
المحور الثاني : مخاطر العمالة الاجنبية في العراق
أن خطورة هذا الموضوع تكمن في أن ضخ مزيد من العاملين الأجانب في السوق العراقية في ظل وجود أعداد كبيرة من الشباب العاطلين عن العمل يمكن أن يزيد من نسب البطالة، ويدفع بالشباب إلى الهجرة أو الإنحراف والجنوح إلى ممارسة الجريمة، خاصة وأن جرائم الخطف والمساومة أصبحت منتشرة بشكل واسع في السنوات الأخيرة، مضيفا أن على القطاع الخاص تغطية العجز الحكومي في التوظيف والسعي لتوفير فرص عمل بأجور جيدة للشباب، لكن ما يحدث هو استمرار تدفق العمالة الوافدة لا سيما من البنغاليين إلى السوق العراقية، وهم غالبا ما يشتغلون في أعمال يأنف منها الكثير من العراقيين أو لم يعتادوا على ممارستها، ويتقاضون أجورا لا يقبل بها العاملون المحليون. لكن كثيرا من أصحاب العمل يقولون أنهم مضطرون إلى الإستعانة بالعاملين الأجانب للميزات التي يتمتعون بها، وعلى رأسها الإلتزام والإنضباط، وعدم التمرد على قوانين العمل أو المطالبة بأجور مرتفعة .
عدد العمالة الاجنبية المسجلة والداخلة الى البلاد من خلال تعاقد الشركات الاجنبية مع القطاع الحكومي بلغت 140 الف عامل اجنبي من خلال 1022 شركة فيما لم يتجاوز عدد العمالة الوافدة عن طريق القطاع الخاص 400 مدبرة منزل، لكن الآلاف منهم ادخلوا بطرق غير شرعية ولا يعرف عددهم .
وقد استغلت الشركات والمكاتب الاهلية الظروف الامنية التي يمر بها العراق فقامت بادخال العمال الاجانب الى العراق من دون اية موافقات من الجهات المعنية ، اذ ان اية وزارة لم تتصد لهذه الظاهرة الا بعد استفحالها والشعور بخطر تزايدها على امن العراق اولا وتسببها في زيادة اعداد العاطلين ثانيا فضلا عما تجلبه هذه العمالة الوافدة من سلوكيات وامراض تهدد المجتمع العراقي ، وكان الحاكم المدني الأميركي السفير بول بريمر قد أصدر قرارا يقضي بجلب العمالة الأجنبية وتشغيلهم داخل العراق وحدد عملهم داخل المنطقة الخضراء (التي تضم مباني السفارتين الأميركية والبريطانية وكذلك مقرات الحكومة العراقية) . وقد لوحظ في الاونة الاخيرة تزايد دخول العمال الاجانب الى العراق بشكل واسع عن طريق بعض الشركات الاهلية التي تقوم بادخالهم وتركهم دون الحصول على عمل أو عدم اعادتهم بعد انتهاء الحاجة منهم.
ان صعوبة متابعة العمال الاجانب العاملين في العراق من قبل الاجهزة الأمنية يجعلهم عبئا على الوضع الأمني والاجتماعي و تحسبا من انخراطهم مع بعض المجاميع الارهابية ولذلك ينبغي عدم ترويج طلبات استقدام العمالة الأجنبية إلا بعد تقديم الشركات المختصة العقد المبرم بين الشركة المعنية والعمال الأجانب, واستحصال موافقة وزارة العمل والشؤون بعد تقديم نماذج الفحص الطبي على أن تكون مصدقة من قبل دوائر وزارة الصحة وطلب تعهدا خطيا من الجهة الداعية تتعهد فيه بتحمل السكن والمعيشة وتامين إحضارهم في حالة طلبهم من أية جهة أمنية.
ان البلاد تواجه ظاهرتين متقاطعتين هما ارتفاع اعداد البطالة واستقدام الايدي العاملة الاجنبية، وهذا الامر يتطلب التأني في دراسة هذه المسألة وعدم اتخاذ التشريعات والقوانين لحماية تدني مستوى مهارات العامل المحلي والعمل على الارتقاء بمستواها بالشكل الذي يوازي العمالة الاجنبية التي تفوقت على العمالة المحلية بكفاءتها وقلة اجورها وازدياد ساعات العمل مقارنة بالعامل المحلي، ان هذه الظاهرة لها اثر كبير على الجانب الامني فهي عمالة غير مسيطر عليها ومصدر للاخلال بالامن ويمكن توظيفها من قبل جهات عديدة لاغراض تضر بالبلاد، ولذلك تقتضي الضرورة منع دخول العمالة الاجنبية الى العراق الا بموافقات رسمية وايقاف تراخيص جميع المكاتب الاهلية التي تجلبها،
أن استخدام هذه العمالة يتم بعشوائية كبيرة من دون ان يكون في الحسبان اي تصور لتبعات هذه القضية وتاثيراتها السلبية على عملية العرض والطلب للعمالة الوطنية التي تعاني من البطالة في الوقت الحاضر بعد الركود الواضح في القطاعات الانتاجية الصناعية والزراعية وهذا يزيد في القضية تعقيدا، واستقادم هذه العمالة الاجنبية والاسيوية تحديدا أسهم في ارباك سوق العمل اكثر مما يؤدي الى ادخال البلاد في ازمات اقتصادية ومالية جديدة. كما ان دخول العمال الأجانب من شأنه أن يخلق مشاكل اجتماعية على المدى البعيد، وهذا ما يجب الالتفات له من قبل الجهات الحكومية المختصة لتفادي المشاكل التي تعاني منها حاليا دول الخليج في هذا الجانب، فضلا عن انه سيقلل من فرص العمل أمام العمال المحليين ، الى جانب اثرها السلبي الذي سينعكس على المجتمع العراقي، وبالخصوص في الجانب الاقتصادي إذ يعاني العراق من مشكلة البطالة التي تقدر بحسب الإحصائيات الأخيرة بين (5-6) مليون عاطل عن العمل .
ودعت منظمة العمل العربية في تقرير لها الى مراجعة سياسات التشغيل في الدول العربية والعمل على اعطاء الاولوية للمواطنين والى تنمية فرص العمل من خلال دفع عملية التنمية الشاملة ومن بينها حسن استخدام الموارد المتاحة والاهتمام بعنصر التنمية البشرية وتنظيم عملية النمو السكاني المتزايد، واكدت ضرورة وضع خطة طويلة الامد وخطط فرعية مرحلية للمواءمة بين مخرجات التعليم والتدريب وحاجة سوق العمل والى التوسع في انشاء مؤسسات لتدريب العمالة العربية وتاهيلها والاهتمام بقضية الانتاج وزيادة الانتاجية . كما دعت الى العمل على تعميق روح الانتماء لدى الشباب للمشاركة في صنع التنمية في المجتمع والى زيادة نشر الوعي عبر مختلف وسائل الاعلام باهمية دور التدريب المهني في اعداد الشباب للعمل والى تشجيع الشباب على تحمل مسؤولية العمل للحساب الخاص وعدم الاعتماد على الحكومة في التوظيف. وشدد على ضرورة دعم مشاركة المراة العربية في قوة العمل وفق قدراتها وفي اطار القيم المجتمعية ودراسة اسواق العمل الخارجية والعمل على رفع مستوى مهارة العمالة العربية في ضوء حاجة السوق الخارجية . واكدت اهمية مراجعة نظم التعليم والتدريب للوقوف على مدى ملاءمتها مع احتياجات سوق العمل ووضع برامج محددة لاستقطاب العقول العربية المهاجرة وضرورة حل جميع المشكلات التي تعترض سوق العمل العربية والمساهمة في حل مشكلة البطالة.
وعلى العموم يمكن تحديد اهم الآثار الاقتصادية والاجتماعية لاستقدام العمالة الأجنبية الى العراق بما يأتي :
1.الاثر السلبي على ميزان المدفوعات في الحساب الجاري من خلال تحويلات العاملين الاجانب الى خارج العراق التي تصل الى نحو الميار دولار سنويا في حين ان العمالة العراقية خارج البلد لا تقوم بالتحويلات المالية الى العراق، وانما تستقبل هذه الحوالات المالية من داخل العراق.
2.من الممكن أن تعتمد الشركات المحلية وكذلك الأجنبية المستثمرة على العمالة الاجنبية في المستقبل نتيجة لانخفاض التكاليف وزيادة الأرباح مما يؤدي الى تقليل فرص العمل أمام العمالة الوطنية.
3.يؤدي ارتفاع أعداد العمالة الأجنبية الى زيادة الضغط على السلع والخدمات.
4.إن استقدام العمالة الاجنبية خرق للدستور كونه يهضم حقوق العامل العراقي بالحصول على فرصة عمل
5.إن العامل قد يأتي بعقائد قد لا تتناسب مع المجتمع، وقد يكون بعضهم مصابا بامراض معدية قد تؤثر سلبا في صحة المواطنين.
6.صعوبة متابعة العمالة الأجنبية من قبل الاجهزة الأمنية يجعلهم عبئا على الوضع الأمني والاجتماعي و تحسبا من انخراطهم مع بعض المجاميع الارهابية.
7.تراكم عمالة آسيوية معظمها من الرجال العزاب قد يتسبب في نمو أنماط الجرائم الأخلاقية.
8.تهرب العمالة من مغادرة البلاد بعد انتهاء عقودها قد يؤدي إلى فوضى وارتكاب جرائم يصعب كشفها.
9. ان الاعتماد الكبير والمتصاعد، والمزمن على الايدي العاملة المهاجرة رخيصة التكلفة من آسيا قد أدى الى حالة من التراخي والتمادي في استخدام هذه العمالة، وابتعاد العراقيين عن العديد من الاعمال وبخاصة ذات الصبغة الحرفية واليدوية.
المحور الثالث : الاطار القانوني للعمالة الاجنبية في العراق
يعتمد العراق حاليا في تعليمات دخول العمالة الاجنبية على قانون العمل رقم 71 لسنة 1987 ، والذي لا يسمح بتشغيل اي عامل اجنبي الا بعد الحصول على رخصة”، كما أوجب “مراعاة شرطين رئيسين، الاول هو الحاجة الفعلية وموافقة الجهات الامنية “. كما ان القانون أوجب ان “يقوم العامل الاجنبي بتدريب عامل عراقي او اكثر بقصد نقل الخبرات”، على أن تكون “مدة الاجازة سنة واحدة قابلة للتجديد، ولا تلغى الا في حال اعطاء العامل معلومات خاطئة او تسبب وجوده بضرر أمني”. اما الاستثناءات من القانون، فانها “تشمل البعثات الدبلوماسية والدول التي لها معاهدات مع العراق”، فضلا عن “الخبراء بعقود عمل قصيرة شهر مثلا، والذين يحتاجهم العراق للصناعة النفطية او للقيام بصيانة بعض المنشآت.
هناك مشروع قانون قُدم منذ ثلاث سنوات لتنظيم العمالة الأجنبية في العراق لكنه لم يشرع حتى الآن، وقد ألزم هذا القانون أن يكون استقدام العمالة الأجنبية إلى العراق بتقديم شهادة عمل وتصريح، كما ألزم قوانين الاستثمار بتشغيل أكثر من 50% من العراقيين إلى جانب العمالة الأجنبية للقضاء على البطالة وإلزام الشركات المستثمرة بذلك.
أصدر مجلس الوزراء قرارا خاصا بتنظيم العمل للأجانب في البلاد حمل رقم (130) يلزم أصحاب الشركات وأرباب العمل بأن تكون نسبة العراقيين 50% بين العاملين على الأقل، من أجل توفير فرص عمل للشباب العراقي، أن القرار يعطي الحق للشركات الأجنبية العاملة في العراق بأن توظف ألف عامل أجنبي كحد أقصى، لكن بعضها أصبحت تتحايل على القانون وتجلب أعدادا كبيرة قد تصل إلى خمسة آلاف عامل وتقوم بتوزيعهم في السوق بالاتفاق مع بعض أصحاب المكاتب الخاصة، وهو ما يعرض المسؤولين عن ذلك للغرامة المالية وترحيل العمالة الفائضة.
المحور الرابع : الوسائل الضرورية لمواجهة العمالة الاجنبية في العراق
1. الحالة الطبيعية في الاقتصاد تحدد زيادة العمالة بمدى زيادة الطلب على السلع والخدمات المقدمة اما في الاقتصاد العراقي فالوضع مقلوب اذ يؤدي زيادة الطلب الى زيادة الاستيراد وذلك بسبب سوء الادارة خلال السنوات السابقة مما يستدعي اعادة تشغيل الصناعات المتوقفة ودعم القطاع الزراعي وانشاء المدن الصناعية لتحريك عجلة الانتاج الوطني وتقليص معدلات البطالة المحلية.
2.وضع خطط استراتيجية ورؤى مستقبلية يمكن من خلالها معرفة الاحتياج الفعلي للايدي العاملة في السوق المحلية وكيفية تطويرها على وفق التطورات التكنولوجية الحديثة.
3.العمالة العراقية تمتاز بعددها الهائل لكنها تفتقر للنوعية في عدد كبير من جوانب العمل المختلفة وخاصة في القطاع النفطي مما يستدعي اقامة دورات تدريبية وتأهيلية لتحويل العمالة غير الماهرة الى عمالة ماهرة تلبي احتياجات الشركات الأجنبية العاملة في القطاع النفطي.
4.تشريع قانون بنظم عمل العمالة الاجنبية الوافدة الى العراق بالاتجاه الذي لا يسمح فيه للمشروع ان يستخدم اكثر من 20% من العمالة الاجنبية بغية فسح المجال لاستخدام الايدي العاملة العراقية . وإن يجري استقدام العمالة الاجنبية من قبل مكاتب مجازة رسميا لكي يسهل تنظيم ومراقبة والاشراف على عمل العاملين الاجانب في العراق سواء من النواحي الامنية او القانونية او الانسانية .
5.من الضروري اقتصار استخدام العمالة الاجنبية التي تمتلك مهارات وخبرات غير متوفرة او شحيحة في الكوادر العراقية . مع ضرورة فرض ضرائب مرتفعة على العمالة الاجنبية غير الماهرة لغرض الحد من استقدامها اولا وزيادة ايرادات الدولة ثانيا .