فبراير 5, 2025
Dr Fadhil Sharif

الكاتب : فاضل حسن شريف

تعن فسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله تعالى “قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ” ﴿الأعراف 33﴾ بين سبحانه المحرمات، فقال: “قل” يا محمد “إنما حرم ربي الفواحش” أي: جميع القبائح والكبائر، عن الجبائي، وأبي مسلم “ما ظهر منها وما بطن” أي: ما علن منها، وما خفي. وقد ذكرنا ما قيل فيه في سورة الأنعام، ومعناه لم يحرم ربي إلا الفواحش لما قد بينا قبل أن لفظة “إنما” محققة لما ذكرنا فيه، لما لم يذكر، فذكر القبائح على الاجمال. ثم فصل للبيان، فقال: “والإثم والبغي” فكأنه قال: حرم ربي الفواحش التي منها الإثم، ومنها البغي، ومنها الإشراك بالله. وقيل: إن الفواحش هي الزنا، وهو الذي بطن منها، والتعري في الطواف، وهو الذي ظهر منها، عن مجاهد. وقيل: هي الطواف فما ظهر منها: طواف الرجال بالنهار، وما بطن: طواف النساء بالليل. والإثم: قيل هو الذنوب والمعاصي، عن الجبائي. وقيل: الإثم ما دون الحد عن الفراء. وقيل: الإثم الخمر عن الحسن، وأنشد الأخفش: شربت الإثم حتى ضل عقلي  * كذاك الإثم يذهب بالعقول. وقال آخر: نهانا رسول الله أن نقرب الخنا * وأن نشرب الإثم الذي يوجب الوزرا. والبغي: الظلم والفساد، وقوله “بغير الحق” تأكيد كقوله: “ويقتلون النبيين بغير حق”. وقيل: قد يخرج البغي من كونه ظلما، إذا كان بسبب جائز في الشرع، كالقصاص “وأن تشركوا بالله” أي: وحرم الشرك بالله “ما لم ينزل به سلطانا” أي: لم يقم عليه حجة، وكل إشراك بالله فهو بهذه الصفة، ليس عليه حجة، ولا برهان “وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون” أي: وحرم القول على الله بغير علم.

وعن تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله تعالى “قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ” ﴿الأعراف 33﴾ قد تقدم البحث المستوفى عن مفردات الآية فيما مر، وإن الفواحش هي المعاصي البالغة قبحا وشناعة كالزنا واللواط ونحوهما، والإثم هو الذنب الذي يستعقب انحطاط الأنسان في حياته وذلة وهوانا وسقوطا كشرب الخمر الذي يستعقب للأنسان تهلكة في جاهه وماله وعرضه ونفسه ونحو ذلك، والبغي هو طلب الأنسان ما ليس له بحق كأنواع الظلم والتعدي على الناس والاستيلاء غير المشروع عليهم، ووصفه بغير الحق من قبيل التوصيف باللازم نظير التقييد الذي في قوله: “مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا” ﴿الأعراف 33﴾. وكان إلقاء الخطاب بإباحة الزينة وطيبات الرزق داعيا لنفس السامع إلى أن يحصل على ما حرمه الله فألقى الله سبحانه في هذه الآية جماع القول في ذلك، ولا يشذ عما ذكره شيء من المحرمات الدينية، وهي تنقسم بوجه إلى قسمين: ما يرجع إلى الأفعال وهي الثلاثة الأول، وما يرجع إلى الأقوال والاعتقادات وهو الأخيران، والقسم الأول منه ما يرجع إلى الناس وهو البغي بغير الحق، ومنه غيره وهو إما ذو قبح وشناعة فالفاحشة، وإما غيره فالإثم، والقسم الثاني إما شرك بالله أو افتراء على الله سبحانه.

وعن التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله تعالى “قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ” ﴿الأعراف 33﴾ بعد أن أنكر سبحانه على من حرم الزينة والطيبات بيّن أصول المحرمات، وهي: 1 – “قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وما بَطَنَ”. تقدم بيانها عند تفسير الآية 151 من الأنعام، فقرة الوصايا العشر، رقم 4. 2 – “والإِثْمَ” وهو كل ما يعصى اللَّه به من قول أو فعل، وعطف الإثم على الفواحش من باب عطف العام على الخاص، نحو قوله تعالى: “كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ والنَّبِيِّينَ” (النساء 163). 3 – “والْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ” وهو الظلم، وفي الحديث: لو بغى جبل على جبل لجعل اللَّه الباغي منهما دكا. وقال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: من سلّ سيف البغي قتل به. 4 – “وأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً” وليس بعد الكفر والشرك ذنب، والشرك ضد التوحيد الذي يتلخص بقوله تعالى: “لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ” وتقدم الكلام عنه في الوصايا العشر الآية 153 من الأنعام. 5 – “وأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ” ومن ذلك ما كان عليه أهل الجاهلية الذين أشارت إليهم الآية 28 الأعراف: “وإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا واللَّهُ أَمَرَنا بِها” (الأعراف 28). ولا رذيلة أقبح من القول بلا علم، ولا فرق بين الافتراء على اللَّه، وبين الشرك به من حيث الحكم، قال الإمام علي عليه السلام: من ترك قول لا أدري أصيبت مقاتله.

في رواية عن الإمام الرضا عليه السلام لمحمّد بن سنان فيما كتب من جواب مسائله ذكر المفاسد المترتبة على جملة من الأفعال الّتي حرمها الله تعالى، فقال: (حرّم الله قتل النفس لعلة فساد الخلق في تحليله لو أحلّ، وفنائهم، وفساد التدبير، وحرّم الله تعالى الزنا لما فيه من الفساد من قتل الأنّفس، وذهاب الأنساب، وترك التربية للأطفال، وفساد المواريث، وما أشبه ذلك من وجوه الفساد. وحرّم الله عزّ وجلّ قذف المحصنات لما فيه من فساد الأنساب، ونفي الولد، وإبطال المواريث، وترك التربية، وذهاب المعارف، وما فيه من الكبائر والعلل الّتي تؤدي إلى فساد الخلق).

جاء في صفحة التوحيد: ما الفرق بين الفاحشة والفحشاء والفواحش؟ وكما حذرنا الحق سبحانه وتعالى من عدم السير في طريق الفواحش من بدايته وقال ساء سبيلا وكل كلمه سبيلا فى القران مستمره بأحداث متصله غير مقطوعه ولها توابع فإنه وضح لنا ما إذا يفعل الذين استجابوا لأوامر الشيطان وساروا في الطريق حتى نهايته أي ارتكبوا الفاحشة. وبالتالي فإن ما ينطبق على مرتكبي أعلى معصية من الفواحش وهي الفاحشة ينطبق على مرتكبي الفحشاء ومرتكبي الفواحش حيث يقول سبحانه وتعالى: “وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُون * أُوْلَـئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِين” (آل عمران 135-136). أي أن باب التوبة وطلب المغفرة مفتوح لمن ارتكب الفاحشة. عليه بذكر الله والاستغفار وعدم الإصرار على هذا الفعل وبالتالي سيكون جزاؤه المغفرة والجنة. إذن: الفحشاء لم يقع بها الشخص وكانت نظريه. الفاحشة من وقع فيها عمليا. الفواحش تحذير ولم يقع بها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *