خيانة المنافق
دُعاء أبوطالب
إلى من خانوا الصف، ولبسوا ثوب الإخلاص زوراً…
في زمنٍ كثرت فيه الأقنعة، لم تعد الطعنة تأتي من الخلف، بل من يدٍ صافحتك بالأمس.
لماذا جعل الله المنافقين في الدرك الأسفل من النار، وليس الكفار؟
لأن الكافر، وإن أظهر عداوته، كان واضحاً في خصومته، مكشوفاً في نواياه.
قتلك أو حاصرك، فشهد الناس بذلك، وعرف العالم من هو عدوك.
أما المنافق، فقد شاركك الحصار والجوع، تقاسم معك الألم، وشاطرك رغيف الخبز، وتذوّق معك لذة النصر، ثم كان هو من أزهق روحك، لا من خلف الجدار، بل من قلب الصف، برصاصة بندقيته التي لم تكن موجهة للعدو، بل لك.
فالخيانة ليست مجرد فعل، بل انهيار ثقة، وانكسار قلب.حين يخونك من شاركك الألم، يصبح الجرح أعمق، لأنك لم تتوقعه.الكافر قد يواجهك بعداوة، لكن المنافق يبتسم وهو يطعن لأنه خان الثقة، وخدع القلوب، وتلطّخ بالخيانة وهو يبتسم.
فكان جزاؤه الدرك الأسفل من النار،كما كان في الدنيا تحت أقدام أعداء الأمة، خادماً لهم، فهو في الآخرة في أسفل دركات العذاب، حيث لا نور ولا نجاة.لذلك، كان جزاء المنافقين في الدرك الأسفل من النار، لأنهم خانوا النور وهم يدّعون أنهم منه.
اللهم لا تجعل في قلوبنا غِلاً للذين آمنوا، ولا تجعلنا ممن يخونون العهد، أو يبيعون دينهم بدنيا غيرهم.
اللهم ارحم شهداءنا، وارفع درجاتهم، واجعلهم في الفردوس الأعلى، وارزقنا صدق النية، وثبات القلب، وحسن الخاتمة.
اللهم اجعلنا ممن إذا وعد وفى، وإذا أُوكل أمانة حفظها، وإذا ابتُلي صبر، وإذا نُصر شكر.