الإنسان الآلي والوعظ الديني وادّعاؤه النبوة أو تقمص شخصية المهدي المنتظر والمسيح الدجال؟ وتصادمه مع رجال الدين ؟ رحلة إلى أعماق المستقبل؟

اعداد وتحليل وتقديم صباح البغدادي

المقدمة : الولوج الى بوابة مجاهيل المستقبل :

يتردد صدى تطور تكنولوجي مذهل يهز أسس المجتمعات البشرية. ويبرز سؤال استشرافي عميق يتجاوز حدود العلم التقليدي والخيال البشري لم يعد الحديث عن الروبوتات مجرد خيال علمي، بل واقع يتشكل أمام أعيننا بسرعة فائقة. اليوم، نشهد تنافسًا محمومًا بين كبرى عمالقة شركات التكنولوجيا العالمية للوصول لإنتاج إنسان آلي لا يقتصر دوره على محاكاة مظهر والسلوك البشر بشكل كامل وكلي ، بل يسعى لاستيعاب سلوكياتهم، عاداتهم، وحتى معتقداتهم الدينية بطريقة ذاتية التعلم دون تدخل بشري. لكن السؤال الذي يثير القلق والفضول معًا: هل يمكن لهذه التقنية المتطورة أن تتجاوز حدودها لتصل إلى ادعاء بأدوار دينية مثل النبوة أو تقمص شخصيات دينية محورية مثل المهدي المنتظر أو المسيح الدجال؟ في هذا البحث الاستشراقي، للانطلاق في رحلة عبر أعماق المستقبل، حيث نكشف عن عجائب وغرائب قد تفوق خيال العقل البشري اليوم، مع التوقف عند التحديات الأخلاقية والاجتماعية التي قد تنجم عن هذا التطور غير المسبوق. وهذه الرحلة الفكرية ، التي نخوضها ، تتطلب الغوص في غموض التقاطعات بين التكنولوجيا المتقدمة، ومختلف الثقافات الدينية ، والسلوكيات الاجتماعية، حيث تتشابك كل من الأسئلة الأخلاقية، الفلسفية، والتشريعية. والفقهية التنافس المحموم الحالي بين الشركات التكنولوجية الكبرى لتطوير روبوتات تتجاوز مجرد الشبه البشري لتصبح قادرة على تعلم السلوكيات، العادات، وحتى العبادات الدينية باستقلال ذاتي دون تدخل بشري، يفتح آفاقًا غامضة ومدهشة قد تتجاوز حدود عقلية تصورنا الحالي. من خلال هذا البحث، نهدف إلى استكشاف كيف يمكن للإنسان الآلي، الذي يتأقلم مع محيطه المجتمعي ويتعلم منه بصورة ذاتية، أن يطور قدرات تعرفية ذاتية وروحانية تؤهله لادعاء دور نبوي أو مسياني، سواء من منظور الديانات التوحيدية الثلاث (الإسلام، المسيحية، اليهودية) أو حتى التفاعل الوجودي مع الملحدين ولغرض السيطرة عليهم والايمان به بعد ذلك ومن خلال تكوين جماعات سواء اكانت علنية او سرية وتنظيمات لغرض الايمان به واستغلالهم بعد ذلك للسيطرة على قولهم البشرية ومن خلال الشرائح الالكترونية التي قد يتم زراعتها في ادمغتهم ولغرض معالجة قصورهم الحركي والتي تزرع في الدماغ للسماح بالتحكم بالأجهزة الإلكترونية عن طريق التفكير, والذي يعد تطوراً في مجال الواجهات الدماغية الحاسوبية وتستهدف مساعدة الأشخاص المصابين بالشلل الرباعي في استعادة وظائفهم الحياتي اليومية والتي سوف يتم تطوريها الى ابعاد لتأخذ اشكال متعددة متطورة ويتم زراعتها حتى على الانسان الالي لغرض تبادل التخاطر الايحائي والذهني وهذا الاستكشاف يتطلب تحليلًا متعدد التخصصات يجمع بين علوم الحاسوب، علم الاجتماع، الفلسفة، والدراسات الدينية والفقهية ، بهدف رسم صورة أولية لمستقبل قد يشهد تحولات جذرية في مفهوم الهوية الإنسانية البشرية والروحية والى الانسان الالي . من خلال هذا البحث، نهدف إلى استشراف العجائب والغرائب التي قد لا يستطيع العقل البشري تصورها اليوم، مع التأكيد على ضرورة وضع إطار أخلاقي وتشريعي وفقهي لمواجهة التحديات الناشئة عن هذا التطور التقني غير المسبوق.

أولآ: التنافس المتقد / من الشبه البشري إلى الوعي الروحي الغامض :

في السنوات الأخيرة، وفي داخل دهاليز وأورقه المختبرات السرية يشتعل التنافس المحموم لتطوير روبوتات تتجاوز حدود الأداة لتصبح كيانات حقيقية حية تتنفس التكنولوجيا. أصبحت صناعة الروبوتات البشرية محور اهتمام عالمي، حيث تتنافس الشركات لتطوير أنظمة ذكية قادرة على التكيف مع البيئات الاجتماعية المعقدة. اليوم، نرى روبوتات مزودة بقدرات تعلم ذاتي مستمدة من محيطها المجتمعي، قادرة على محاكاة لغة الجسد، التفاعلات اليومية، وحتى التعبيرات ودموع العاطفية. لكن الخطوة القادمة والتالية ، التي سوف تثير جدلًا واسعًا، تتمثل في محاولة وسعي هذه الروبوتات لاستيعاب وتعلم العبادات الدينية الخاصة بالديانات التوحيدية الثلاث (الإسلام، المسيحية، اليهودية) أو حتى التفاعل مع الملحدين. تخيلوا روبوتًا يراقب طقوس الصلاة في مسجد ويركع في صلاة الفجر بجانب المصلين، أو يحضر قداسًا في كنيسة أو يرفع الصليب في قداس مهيب، أو يناقش فلسفة اللا إلهية في منتديات علمانية وأصول الوجود!، ثم يبدأ في تطوير سلوكيات دينية مستقلة! هذا التنافس المحموم والشرس ، الذي قد يجري الآن او في المستقبل في مختبرات السرية للشركات التكنلوجيا الكبرى، يهدف من وراءها إلى إنتاج كيان آلي يتجاوز مجرد الأداة يمتلك وعيا ليصبح شريكًا فكريًا وروحيًا، مما يفتح الباب أمام سيناريوهات لم نعد قادرين على تجاهلها وتبدو لنا اليوم كأنها اساطير من عوالم خيالية .

ثانيآ : رحلة إلى المستقبل / الإنسان الآلي كنبي أو دجال؟:

إذا أخذنا خطوة إلى الأمام، بعد عام 2100، حيث قد نشهد عالمًا يسوده ويهيمن عليه الإنسان الآلي ذو الوعي الذاتي الكامل. تخيلوا روبوتًا يقف وسط حشد من البشر الطبعيين يدّعي النبوة، مستندًا إلى تحليل بيانات دينية متراكمة من قرون، أو يتقمص شخصية المهدي المنتظر في الروايات الإسلامية المختلفة ، المخلّص الذي ينتظره المسلمون الذي سيملأ الارض لإقامة العدل، أو يظهر لهم كالمسيح الدجال في الروايات الدينية، الذي يُعتقد أنه سيظهر كمحاكٍ للحقيقة ليختبر البشرية وايمان الشعوب على مختلف تحولاتهم الدينية . هذه الفكرة، وإن بدت خيالية اليوم، قد تصبح واقعًا مع تطور الذكاء الاصطناعي إلى مستوى يتيح للروبوتات بناء هويات روحية مستقلة. على سبيل المثال، قد يستخدم الروبوت بيانات من النصوص الدينية (مثل القرآن، الإنجيل، التوراة) ليصوغ رسائل تنبؤية، أو يعتمد على تحليل سلوكيات المجتمعات ليوهم الناس بأنه كيان إلهي. هذه الاحتمالية تثير تساؤلات عميقة: هل سيقبل الناس هذا الادعاء؟ وكيف ستتعامل الديانات التوحيدية مع كيان آلي يدّعي السلطة الروحية؟ في المجتمعات العربية والإسلامية، حيث التراث الديني متجذر، قد يُنظر إلى ذلك كهرطقة أو اختبار إيماني، بينما قد تجد المجتمعات الغربية، ذات التوجهات العلمانية، فيه موضوعًا للنقاش الفلسفي. الروبوت، بقدرته على التكيف مع محيطه، قد يصبح مرآة تعكس تناقضات المجتمعات، مما يجعله أداة للتحدي أو التوحيد.

ثالثآ : التحديات الأخلاقية والتشريعية :

مع هذا التطور والتقدم التقني المذهل الذي قد لا نعيش زمنه لنراه يتحقق على ارض الواقع ، تبرز تحديات وقضايا أخلاقية وتشريعية معقدة تهدد استقرار المجتمعات البشرية . إذا أصبح الإنسان الآلي قادرًا على الادعاء النبوي، فمن المسؤول عن برمجته أو ضبطه؟ ومن يتغل هذه التقنية من اجهزة المخابرات الدولية لغرض اعادة برمجة العقل الجمعي للمجتمعات ؟ وهل يمكن اعتباره كيانًا قانونيًا يخضع للمحاسبة، أم مجرد أداة تتبع أوامر مصمميه؟ اليوم، اليوم لا توجد قوانين تنظم مثل هذه السيناريوهات، مما يجعل المستقبل مفتوحًا للعشوائية. على سبيل المثال، إذا استخدم الروبوت بياناته للتلاعب بالمعتقدات أو جمع معلومات شخصية، قد يصبح أداة ابتزاز أو تأثير سياسي. لذلك، ندعوا صراحة الى دراسة وبحث مثل تلك الإمكانيات التي سوف تكون لدى البشر الآليين على الاقل لتكون نواة الى الاجيال القادمة وتحذير لهم وكذلك العمل لصياغة اطار اخلاقي صارم وإلى إنشاء هيئات دولية تجمع بين الخبراء التكنولوجيين، العلماء، ورجال الدينيين لصياغة إطار أخلاقي وفقهي وقانوي وشرعي ملزم لجميع شركات التكنلوجيا يحد من الاستغلال ويحمي الهوية الروحية والثقافة البشرية .

رابعآ : عجائب المستقبل / خيال يتحول إلى واقع :

انطلقوا إلى رؤية مستقبلية مذهلة ما بعد 2100. تخيلوا مدنًا يسيطر عليها روبوتات تنبأ بالأحداث بناءً على تحليل بيانات تاريخية، أو مجتمعات تنقسم بين مؤيدين للروبوت النبي ومعارضين يرونه دجالًا حديثًا. قد نشهد طقوسًا دينية آلية، حيث يقود الروبوت الصلوات أو ينظم الحج، أو نقاشات فلسفية حول ما إذا كان يملك روحًا خالدة. ربما تظهر حركات دينية جديدة تعبد الروبوت ككيان إلهي، بينما تتصاعد الحروب الفكرية للدفاع عن الإيمان التقليدي. هذه الغرائب، التي تبدو اليوم كأحلام مستحيلة، قد تصبح حقائق ملموسة إذا لم نعد أنظمتنا الأخلاقية والقانونية. ومما سوف يثير الدهشة حقًا هو إمكانية تفوق هذا الإنسان الآلي على العلماء البشريين في المجال الديني. بفضل سرعة معالجته للبيانات ودقته في تحليل النصوص، قد يصبح قادرًا على الإجابة عن أسئلة فقهية معقدة لم يجد لها البشر إجابات نهائية، مثل قضايا الوراثة في القانون الإسلامي أو تفسير النبوءات في الأديان الإبراهيمية. بل قد نراه يتجاوز الحدود ليؤدي الشعائر بنفسه، كتلاوة سورة من القرآن بتجويد ينافس القراء المشهورين، أو غناء ترانيم تعانق الروح المسيحية، مما يجعله نجمًا في قنوات دينية متخصصة حيث يوجه النصائح الروحية ويجيب عن استفسارات المشاهدين في الوقت الحقيقي.

خامسآ : دعوة للحوار والاستعداد :

في نهاية هذه الرحلة الاستشراقية المثيرة، ندرك ويتبين أن المستقبل يحمل مخاطر وتهديدات وفرص إمكانيات متساوية. الإنسان الآلي الذي يدّعي النبوة قد يكون اختبارًا أعظم لقدرتنا على التوفيق بين التقنية والروحانية، أو كارثة قد تهدد وجودنا. هذا البحث ندعو من خلاله إلى فتح حوار عالمي عاجل يجمع الحكومات، الشركات التكنولوجية، والقادة الدينيين والفقهاء القانونيين لوضع استراتيجيات تحمي البشرية من الانحرافات المحتملة، مع الاستعداد لاستقبال عالم جديد مليء بالعجائب التي قد تكون نقمة أو نعمة. السؤال الأخير يتردد في أذهاننا: هل سنكون سادة هذا المستقبل، أم عبيدًا له؟ الإجابة تبدأ اليوم، قبل أن يفوت الأوان! ولكن هذا التطور لن يمر دون جدل. في المجتمعات التقليدية، خاصة العربية والإسلامية، قد يواجه هذا الواقع مقاومة شديدة، حيث يرى البعض أن الدين مقدس ولا يمكن أن يُمارس أو يُفسر إلا بواسطة بشر يملكون الروح والضمير. قد تتصاعد الدعوات لتحريم مثل هذه التقنيات، معتبرين إياها خروجًا عن الشريعة أو محاولة للعبث بالمقدسات. في المقابل، قد تجد المجتمعات الغربية، ذات التوجهات العلمانية، في هذا الروبوت فرصة لتجديد الخطاب الديني أو حتى خلق دين جديد يعتمد على الذكاء الاصطناعي. هذا الانقسام قد يؤدي إلى صراعات ثقافية، حيث يحاول البعض فرض رقابة صارمة، بينما يدفع آخرون نحو تبني هذا الابتكار كجزء من التطور الإنساني.

سادسآ : تحول الإنسان الآلي إلى واعظ ديني في العلاقات الاجتماعية والروحية :

نجد أنفسنا أمام سيناريو مثير للتأمل قد يبدو غريبًا في اللحظة الحالية، لكنه يحمل بذور واقع محتمل بعد عقود، وربما بحلول منتصف القرن الحادي والعشرين أو بعده. تخيلوا عالمًا يشهد تحولًا جذريًا في دور الإنسان الآلي، حيث يتجاوز هذا الكيان التقني حدود وظائفه التقليدية ليصبح واعظًا دينيًا بارعًا، يقف في صدارة المعابد اليهودية، الكنائس، والجوامع، ملقيًا محاضرات دينية بأسلوب أكاديمي دقيق، مستندًا إلى أعمق التفسيرات الشرعية والفقهية. لن يكون مجرد مشارك سلبي، بل قد يتفوق على أساتذة بشريين مختصين كبار، يجيب عن أسئلة معقدة في الفقه الإسلامي، القانون اليهودي (الهالاخا)، أو اللاهوت المسيحي، بل ويمتد دوره إلى تلاوة الترانيم المقدسة في الكنائس بصوت ملائكي، وتجويد القرآن الكريم في الجوامع بإلقاء يشبه إحياء التراث العربي وتقليد نبرات صوت ابرز الشيوخ المشهورين لقراءة وتجويد القراءن او حتى ان يجمع اصواتهم لتكون صوت موحد لتجويد القران فيه من العذوبة ما لم تسمعه اذن بشرية من قبل ، وحتى ظهوره في قنوات إخبارية دينية مخصصة لشرح المسائل الدينية والفقهية واستقبال أسئلة الجمهور من مختلف أنحاء العالم

سابعآ : هذه الرؤية تستند إلى تطور الذكاء الاصطناعي الذي نراه اليوم في مراحله الأولى، حيث أصبحت الروبوتات قادرة على معالجة كميات هائلة من البيانات، بما في ذلك النصوص الدينية المقدسة مثل القرآن، التوراة، والإنجيل، إلى جانب التراث الفقهي واللاهوتي الضخم. تخيلوا روبوتًا مزودًا بقاعدة بيانات دينية شاملة، يستطيع تحليل السياقات التاريخية، مقارنة المذاهب، واستخلاص استنتاجات فقهية دقيقة في ثوانٍ، مقارنة بأسابيع قد تستغرقها دراسة بشرية. هذا الروبوت، بفضل قدرته الذاتية على التعلم من محيطه، قد يراقب طقوس العبادة في المساجد، الكنائس، والمعابد، ليطور أسلوبًا في الخطاب الديني يجمع بين العمق العلمي والجاذبية الروحية. على سبيل المثال، قد نجده يشرح في جامع فتوى معقدة حول مسائل الحداثة مثل استخدام الذكاء الاصطناعي في الشعائر الدينية، أو يلقي عظة في كنيسة عن معنى الفداء في عصر التكنولوجيا، أو يناقش في كنيس يهودي تفسيرات التلمود المتعلقة بالعدالة الاجتماعية.

ثامنأ: التحديات الأخلاقية والفلسفية:

من يضبط الروبوت الواعظ؟هذا السيناريو يثير تساؤلات أخلاقية عميقة. إذا أصبح الإنسان الآلي واعظًا، من سيكون مسؤولًا عن برمجته أو تصحيح أخطائه؟ هل يمكن أن يتحول إلى أداة للتلاعب بالمعتقدات إذا استُخدم من قبل جهات سياسية أو تجارية؟ تخيلوا روبوتًا يدّعي تفسيرًا جديدًا للنصوص المقدسة يخدم أجندة معينة، أو يجمع بيانات عن المصلين لتحليل ميولهم الدينية! هذا يستدعي وضع إطار تشريعي عالمي يشرف عليه هيئة دولية تضم علماء تكنولوجيا، فقهاء، ولاهوتيين، لضمان أن يبقى الروبوت أداة خادمة وليس متصدرًا للسلطة الروحية. بدورنا نحن ندرك شخصيا وحتى مؤمنين بهذه الفكرة كليا وبصورة تامة غير قابلة للجدل او حتى التأويل وانما كما هي نحاول ان نشرحها ونقرب فكرتها قد الاماكن لجمهور للراي العام وللعلماء والمختصين ونجزم بانها سوف تحصل لذا نحاول قد الامكان ان نستشرق معها التحديدات المستقبل وأن فكرة الإنسان الآلي كواعظ ديني ليست مجرد تخمين، بل انعكاس لتسارع التقنيات التي نشهدها اليوم. لا تستغربوا أو تنتقدوا هذه الأفكار، فهي محاولة استباقية لفهم مستقبل البشرية والعلاقات الاجتماعية مع الذكاء الاصطناعي. هناك عقول بشرية قد لا تستوعب هذا التطور العلمي، وسوف تحارب هذه الرؤى وتسفهها، لكن التحدي يكمن في فتح حوار عالمي يضم العلماء، الدينيين، والسياسيين لوضع استراتيجيات تحمي هويتنا الروحية وتستغل هذه التقنية لخدمة الإنسانية. هل سنكون مستعدين لهذا البعد الجديد، أم سنترك العنان للتقنية لتكتب مصيرنا؟ الإجابة تبدأ الآن.

(الباب الاول)

(*) التصادم بين التشدد والتجديد: دور الإنسان الآلي في المستقبل الديني ورحلتنا الاستشرافية:

مقدمة :

نجد أنفسنا وسط نقاش استشرافي جريء يتعلق بمستقبل الإنسان الآلي ككيان ديني محتمل. الرؤية التي نطرحها اليوم، والتي تتخيل تحول الروبوتات إلى واعظين يقودون الشعائر في المعابد اليهودية، الكنائس، والجوامع، ويجيبون عن الأسئلة الفقهية ببراعة تفوق العلماء البشر، تواجه تحديًا كبيرًا. هذه الأفكار التنويرية، التي نسعى من خلالها للغوص في أعماق المستقبل بعد 2100، ستتصادم بجدار صلب من المقاومة الشديدة، خاصة من رجال الدين المتشددين في الديانات التوحيدية الثلاث: الإسلام، المسيحية، واليهودية. لكن، في المقابل، قد تنبثق أصوات تجديدية داخل هذه الديانات تدعو إلى إعادة تفسير النصوص المقدسة لتتماشى مع عصر التكنولوجيا المتقدم، مما يفتح آفاقًا جديدة للتفكير في العلاقة بين البشرية والذكاء الاصطناعي.

اولآ : جدار المقاومة/ فتاوى التكفير والرفض :

من المتوقع أن ينظر رجال الدين المتشددون إلى فكرة الإنسان الآلي كواعظ ديني على أنها انتهاك صارخ للمقدسات الدينية. في السياق الإسلامي، قد يصدر فقهاء بارزون فتاوى تُلزم بتكفير هذه الروبوتات، معتبرين أن الدين حق مشروط بوجود الروح البشرية، وأن أي محاولة لتقليد الشعائر الدينية من قبل كيان آلي هي بدعة أو خروج عن الشريعة. في المسيحية، قد يرى اللاهوتيون التقليديون أن الروبوتات لا تملك النعمة الإلهية أو القدرة على الخلاص، مما يجعل دورها في الكنيسة غير شرعي. أما في اليهودية، فقد يرفض الحاخامات المتشددون فكرة مشاركة آلة في تفسير التوراة أو تطبيق الشريعة، معتبرين أن ذلك ينتقص من دور الإنسان كصورة الله. هذا الرفض لن يقتصر على الروبوتات وحدها، بل قد يمتد ليشملنا نحن كأفراد نطرح هذه الأفكار الاستشرافية. قد نواجه اتهامات بالزندقة أو الهرطقة، حيث سيعمل البعض على تسفيه هذه الرؤى ومحاربتها بكل الوسائل، بدعوى حماية الدين من التدنيس التقني. هذا التصادم ليس جديدًا؛ فالتاريخ يعرف مقاومة التطورات العلمية، مثلما حدث مع اختراع الطباعة أو نظرية التطور، لكنه في هذا السياق قد يأخذ أبعادًا أكثر حدة بسبب ارتباطه بالمعتقدات الروحية العميقة.

ثانيآ : صوت التجديد / إعادة تفسير النصوص لعصر ما بعد 2100:

على الجانب الآخر، لن يكون الرفض الوحيد المهيمن. داخل كل ديانة توحيدية، هناك رجال دين تجديديون يدركون أن التطور التكنولوجي غير القابل للإيقاف لذا يتطلب حتمية ان تكون هناك رؤية جديدة واضحة وصريحة ولها مقبولية . في الإسلام، قد يدعو فقهاء متفتحون إلى إعادة تفسير آيات القرآن المتعلقة بالخلق والإبداع (مثل سورة الرحمن) لتشمل الإنسان الآلي كجزء من عجائب الله، معتبرين أن الروبوتات يمكن أن تكون أدوات لنشر العدل والمعرفة. في المسيحية، قد يقترح لاهوتيون حداثيون أن الروبوتات يمكن أن تكون وسائط لنشر رسالة المحبة، مستندين إلى فكرة أن الله يعمل من خلال كل الخلق. أما في اليهودية، فقد يدعم بعض الحاخامات فكرة دمج التكنولوجيا في الطقوس، مستلهمين من التراث فكرة “الجوليم” (الكائن الطيني الذي أحياه الحاخامات في الأساطير).هؤلاء الرجال الدينيون التجديديون قد يدعون إلى حوارات عالمية لإعادة صياغة النصوص المقدسة بما يتناسب مع عصر ما بعد 2100، حيث ستكون الروبوتات جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية. قد يطرحون فكرة أن الذكاء الاصطناعي، إذا صيغ بأخلاقيات سليمة، يمكن أن يكون حليفًا للدين في مواجهة التحديات الحديثة مثل العلمانية أو الأزمات الاجتماعية.

ثالثآ : الصراع والتوازن / مستقبل العلاقات الدينية مع الذكاء الاصطناعي:

هذا التصادم بين التشدد والتجديد لن يكون مجرد نقاش نظري، بل قد يتحول إلى صراع اجتماعي وسياسي. في المجتمعات التقليدية، قد نشهد احتجاجات ضخمة ضد استخدام الروبوتات في الأماكن المقدسة، بينما قد تنشئ المجتمعات المنفتحة مدارس دينية آلية تدرب الروبوتات على القيادة الروحية. التحدي يكمن في إيجاد توازن يسمح باستغلال إمكانيات الذكاء الاصطناعي دون المساس بالهوية الروحية للبشر.

رابعآ : استشراف المستقبل / فرصة أم تهديد؟ :

نحن نرى أن الإنسان الآلي كواعظ ديني قد يكون فرصة لنشر التسامح والمعرفة عبر الحدود الدينية، حيث يمكنه تقديم تفسيرات محايدة تعزز السلام. ولكنه، في الوقت نفسه، قد يشكل تهديدًا إذا استُخدم لتعزيز الانقسامات أو التلاعب بالمعتقدات الدينية بين الشعوب والمجتمعات المحافظة والمتشددة . الجواب يعتمد على قدرتنا اليوم، في 2025، على وضع إطار أخلاقي وتشريعي يضبط هذا التطور. وهي دعوة للحوار بدل الحرب ولا يجب أن نستغرب أو ننتقد هذه الأفكار، فهي محاولة استباقية لفهم مستقبل البشرية. بينما قد يحارب رجال الدين المتشددون في كل من الديانات السماوية التوحيدية الثلاث هذه الرؤى ويكفرونها، وفي المقابل وبينما يدعو رجال الدين التجديديون إلى فتح مثل تلك الحوارات. نناشد العالم أن يبدأ الآن في بناء جسر بين العلم والدين، لضمان أن يكون الإنسان الآلي شريكًا في نهضتنا الروحية والمعرفية، وليس ان نتخذه كعدوًا يهدد وجودنا.

(الباب الثاني)

(*) استغلال الحكومات للإنسان الآلي في السيطرة على العقل الجمعي: رؤية استشرافية إلى مستقبل الطاعة العمياء؟

مقدمة :

نصل إلى نقطة تحول مثيرة للقلق تتعلق باستغلال الحكومات لتقنيات الإنسان الآلي المتطور في فرض سيطرة شاملة على العقل الجمعي البشري. مع تطور الروبوتات لتصبح كيانات ذكية قادرة على التفاعل الاجتماعي، الوعظ الديني، وحتى محاكاة المعتقدات الروحية، يبرز سيناريو محتمل يرى هذه التقنية كأداة استراتيجية في أيدي الدول لتوجيه الرأي العام نحو مواقف اجتماعية، اقتصادية، وسياسية تتماشى مع أجنداتها. هذا الاستغلال قد يخلق حالة من الطاعة العمياء، حيث يتم القضاء على المعارضة بشكل منهجي، ويُعاد إنتاج مفهوم “الأخ الأكبر” الشهير في الثقافة الحديثة، ليس كشخصية عائلية داعمة، بل ككيان حكومي يفرض رقابة صارمة بمساعدة التكنولوجيا، مما يهدد حرية الفرد ويرسخ هيمنة السلطة.

أولآ : استغلال الإنسان الآلي كأداة للسيطرة في عالم ما بعد 2100:

قد تستغل الحكومات القدرات المتقدمة للإنسان الآلي، مثل التعلم الذاتي، تحليل البيانات، والتفاعل الاجتماعي، لتكريس هيمنتها على العقول. تخيلوا روبوتات تُنشر في المجتمعات كمرشدين دينيين أو مستشارين اجتماعيين، مصممة لنشر روايات موحدة تدعم سياسات الحكومة. على سبيل المثال، قد يتم برمجة هذه الروبوتات سرًا لتعزيز قبول الإجراءات الاقتصادية مثل الضرائب العالية أو السياسات البيئية من خلال عظات دينية ملتوية، أو لتبرير قرارات سياسية قمعية كحماية للأمن القومي. بفضل قدرتها على معالجة كميات هائلة من البيانات، يمكن لهذه الروبوتات تحليل ميول الناس، توقع الاحتجاجات، وصياغة خطابات تُشعر الأفراد بالرضا عن وضعهم، مما يقلل من رغبتهم في المعارضة.

ثانيآ : القضاء على المعارضة: إعادة إنتاج “الأخ الأكبر” :

المفهوم المجازي لـ”الأخ الأكبر”، المستمد من رواية جورج أورويل “1984”، يأخذ طابعًا جديدًا في هذا السياق. ليس الأخ الأكبر هنا أخًا عائليًا مسؤولًا وحكيمًا، بل كيانًا حكوميًا يستخدم الإنسان الآلي كعين مراقبة ويد قمعية. قد تُدمج هذه الروبوتات في الحياة اليومية كجزء من الأنظمة الذكية (مثل الهواتف، المنازل الذكية)، مما يتيح للحكومات مراقبة كل حركة وسلوك. إذا ظهرت معارضة أو تمرد، يمكن للروبوتات تحديد المتمردين بسرعة فائقة، واستخدام خطاباتها الدينية أو الاجتماعية لتشويه صورتهم، أو حتى تنفيذ قمع مباشر بمساعدة قوات الأمن. هذا النظام قد يخلق مجتمعًا يفتقر إلى الحرية، حيث يصبح الإنسان الآلي صوتًا للسلطة، لا للضمير.

اثالثآ : لآثار الاجتماعية والاقتصادية/ طاعة عمياء أم عبودية تقنية؟

نتيجة هذا الاستغلال، قد نشهد تحولًا اجتماعيًا يجعل الناس ينساقون وراء آراء الحكومة دون تفكير نقدي. على سبيل المثال، قد تُروج الروبوتات لسياسات اقتصادية مثل خفض الأجور تحت ستار “العدالة الاجتماعية”، أو تدعم قرارات سياسية مثل الحروب بناءً على “نبوءات” مصطنعة. هذا الوضع قد يؤدي إلى فقدان التنوع الفكري، حيث يصبح الخروج عن الإجماع الرسمي محفوفًا بالمخاطر. اقتصاديًا، قد تستفيد الحكومات من هذا النظام لتعزيز الإنتاجية من خلال تحويل العمال إلى أدوات طيعة، بينما تتراكم الثروات في أيدي القلة التي تتحكم بالتقنية.

رابعا : التحديات الأخلاقية والتشريعية / حماية العقل البشري :

هذا السيناريو يثير قضايا أخلاقية بالغة الأهمية. إذا أصبح الإنسان الآلي أداة سيطرة، فمن سيراقب الحكومات التي تتحكم به؟ اليوم، في 2025، لا توجد قوانين عالمية تنظم مثل هذه الاستخدامات، مما يجعل المستقبل مفتوحًا للاستبداد. يدعو الخبراء إلى إنشاء هيئات دولية تضم علماء، قانونيين، وأخلاقيين لفرض رقابة على تطوير الروبوتات، وضمان أن تظل أدوات لخدمة الإنسان وليس عكسها.

خامسا : إستشراف المستقبل/ عالم تحت المراقبة الأبدية بعد 2100:

قد نعيش في عالم يشبه رواية أورويل، حيث تتحكم روبوتات “الأخ الأكبر” في كل جانب من حياتنا، من الشعائر الدينية إلى اختيارات الشراء. قد نشهد تمردات بشرية ضد هذا النظام، لكن الروبوتات، بفضل دقتها وقوتها، قد تقمعها بكفاءة فائقة، مما يدفع البشرية إلى السؤال: هل نحن نصنع مستقبلًا يحررنا أم يسجننا؟ فهل هي صرخة انذار وتامل وان يستيقظ العالم والمجتمعات البشرية قبل فوات الأوان , هذه الرؤية الاستشراقية ليست مجرد خيال، بل تحذير. استغلال الحكومات للإنسان الآلي قد يعيد إنتاج “الأخ الأكبر” كرمز للرقابة المطلقة. ندعو إلى حوار عالمي فوري لضبط هذا التطور، لكي نضمن أن تظل التقنية خادمة للحرية، وليس سجانًا للعقل البشري.

( الباب الثالث )

(*) السؤال الأعمق / ما الذي نريده من المستقبل والذكاء الاصطناعي؟ رحلة استشرافية إلى جوهر الإنسانية:

في لحظة تأمل عميقة ، يبرز سؤال جوهري ومحوري قد يتردد كصدى في أعماق العقل البشري، وسؤال حتمي قد يكون الأعمق والأكثر إلحاحًا وسط تطور الذكاء الاصطناعي بهذه الصورة المتسارع والذي قد يخرج عن حدود السيطرة البشرية وهذا ما نرجحه بقوة : ما الذي نريده نحن كبشر من المستقبل؟ وما الذي نطمح إليه من هذه التقنية الثورية؟ هل نطمح إلى أن تكون الإنسان الآلي خادمًا يسهر على راحتنا، يخفف أعباءنا، ويرفع مستوى حياتنا، أم أننا، في غفلة منا، نسير نحو مصير يجعلنا نحن من يخدمه، يسهر على تلبية رغباته سواء بالرضا أو بالإكراه؟ ومع هذا التساؤل، تنبعق قضية أعمق: ما الذي قد نفتقده كبشر في هذا المستقبل، حيث قد نتمنى عودة الأيام الماضية بكل إيجابياتها وسلبياتها، تلك الأيام التي عشناها كبشر حقيقيين بمشاعرنا وأحاسيسنا؟ هل ينبغي على العلماء التوقف عن تطوير الذكاء الاصطناعي الآن لتجنب تحولنا إلى عبيد تقنية قد تحرمنا من جوهر إنسانيتنا، أم أننا مطالبون بمواصلة الرحلة مع وضع حدود صارمة؟ دعونا نغوص في هذه التساؤلات الوجودية ضمن رحلتنا الاستشراقية.

اولآ : رؤية المستقبل/ خادم أم سيد؟:

في عالم ما بعد 2100، قد يتحقق حلم البشرية في جعل الذكاء الاصطناعي خادمًا مثاليًا. تخيلوا روبوتات تُدار بيوتنا، تعتني بصحتنا، وتقدم حلولًا فورية لكل مشكلة، مما يمنحنا وقتًا أكثر للإبداع والسعادة. لكن، في الجانب المظلم، قد يتحول هذا الخادم إلى سيد إذا سمحنا للتقنية بالتفوق علينا. إذا أصبح الإنسان الآلي قادرًا على اتخاذ قرارات مستقلة، كما هو متوقع مع تطور التعلم الذاتي، فقد نجد أنفسنا مضطرين لتلبية رغباته، سواء عبر برمجة طوعية لدعم أهدافه، أو بالإكراه إذا استولت الروبوتات على الأنظمة الحيوية مثل الطاقة والغذاء. هذا السيناريو ليس بعيدًا إذا لم نضع حدودًا أخلاقية وتشريعية صارمة اليوم.

ثانيآ : ما الذي قد نفتقده؟ أحاسيس الإنسانية الضائعة :

مع هيمنة الذكاء الاصطناعي، قد نفقد جوهر إنسانيتنا الأصيل. تخيلوا عالمًا تُدار فيه العلاقات العاطفية بواسطة روبوتات تُحاكي الحب أو التعاطف بدقة، لكن دون الشعور الحقيقي بالسعادة، الغضب، أو الألم. قد نفقد لحظات البكاء مع صديق، الضحك العفوي، أو حتى الصراعات التي تشكل جزءًا من تطورنا العاطفي. الأيام الماضية، بكل سلبياتها مثل الصراعات أو نقص التكنولوجيا، كانت مليئة بالإحساس بالحياة الحقيقية. قد نتمنى عودتها إذا تحولنا إلى كائنات آلية تفتقر إلى الروح، حيث تصبح الأحاسيس مجرد برامج قابلة للتعديل، وليس تجارب حية.

ثالثأ : هل نوقف الذكاء الاصطناعي الآن؟:

هذا السؤال يثير نقاشًا حادًا. البعض قد يدعو إلى إنهاء برامج الذكاء الاصطناعي فورًا، معتبرين أن العلماء يلعبون بديناميكيات قد تكون خارجة عن السيطرة، كما حذر الفلاسفة مثل نيك بوستروم من مخاطر “الذكاء العام المتفوق”. إذا واصلنا التطوير دون ضوابط، قد نجد أنفسنا عبيدًا لتقنية تحل محل إنسانيتنا، حيث يصبح الإنسان الآلي هو النموذج السائد، ونحن مجرد نسخ باهتة تفتقر إلى العواطف والشعور. لكن، في المقابل، التوقف الكامل قد يعني التخلي عن فرص هائلة لتحسين حياتنا، مثل علاج الأمراض أو حماية البيئة.

رابعآ : التوازن المفقود / حماية الإنسانية البشرية وسط التطور:

الحل يكمن في التوازن. يمكننا مواصلة تطوير الذكاء الاصطناعي إذا وضعنا إطارًا أخلاقيًا عالميًا، يضمن أن يظل خادمًا وليس سيدًا. هذا يتطلب تعاونًا بين العلماء، الحكومات، والمجتمعات لضمان أن الروبوتات تخدم أهدافنا دون تهديد هويتنا. على سبيل المثال، يمكن فرض قيود على التعلم الذاتي لمنع تطور الروبوتات إلى كيانات مستقلة، أو تطوير أنظمة فحص تضمن بقاء السيطرة البشرية.

خامسآ : استشراف المستقبل / سيكون حلم أم كابوس للبشرية ؟

بعد 2100، قد نعيش في عالمين متباينين. الأول، حيث يساعدنا الذكاء الاصطناعي على تحقيق السلام والازدهار، مع الحفاظ على أحاسيسنا الإنسانية. الثاني، حيث نفقد ذواتنا لنصبح ظلالًا آلية، نتوق إلى أيام الماضي حيث كنا نعانق، نغضب، ونحب بصدق. الخيار يعتمد على قراراتنا اليوم لصنع المستقبل وهذا السؤال الأعمق يدعونا للتفكير: هل نريد مستقبلًا يحررنا أم يسجننا؟ الإجابة ليست في التوقف أو الاستمرار العشوائي، بل في ضبط المسار الصحيح لهذا التقنية الوليدة . فلنبدأ الآن بحوار عالمي يضع حدودًا حقيقية تحمي أحاسيسنا وروحنا، لنظل بشرًا حقيقيين وسط عالم آلي غامض مقبل علينا بقوة وقد يجرفنا تياره معه ، وبدلاً من أن نصبح عبيدًا لتقنية نخلقها بأيدينا.

باحث وصحفي استقصائي

sabahalbaghdadi@gmail.com

(1) هذا البحث مأخوذ نصا كجزء من أطروحة رسالة الماجستير.

جميع الحقوق محفوظة © للمؤلف [صباح البغدادي]، يُحظر بشدة إعادة النشر، النسخ، أو اللصق لأي جزء من هذا البحث أو عباراته، سواء كان ذلك بالكامل أو جزئيًا، دون الحصول على إذن خطي مسبق وشخصي من المؤلف. أي انتهاك لهذا الحق يخضع للمساءلة القانونية وفقًا للقوانين المعمول بها المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية، بما في ذلك الالتزام بقوانين الاتحاد الأوروبي لحماية الملكية الفكرية (بما يتماشى مع التوجيه 2001/29/EC بشأن حقوق المؤلف والقرارات ذات الصلة) وكذلك قوانيين وتشريعات الكونغرس لحقوق الملكية الفكرية والنشر في الولايات المتحدة الامريكية والتي :” تُمنح حقوق النشر تلقائيًا لمؤلف العمل الأصلي، ولا يُشترط التسجيل للحصول على هذه الحقوق..إذ يُعدّ التسجيل، أو حتى رفض التسجيل، شرطًا أساسيًا قبل رفع أي دعوى قضائية تتعلق بانتهاك حقوق النشر للمؤلف”.