صباح البغدادي
في البداية لنتكلم بصراحة وواقعية أكثر في ما يجري ألان من العلاقات بين معظم الدول وفي ظل أرقام الاستثمارات الهائلة وغير المسبوقة في مجال تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي , ولكي لا نتيه في صحراء دائرة الجدال العقيم وما يخص تحديدا ملف “حقوق الإنسان” كما تُمارَسه بدورها بصورة فعلية وواقعية كمنهاج مفتعل لا أساس له في قواعد السياسة الدولية ومصالحها الاستراتيجية ، وليس كما تُروَّج له إعلامياً , بحيث أتضح لنا يوم أمس وبصورة واقعية ومباشرة ومن دون أي مساحيق لتجميل الصورة , بأن موضوع ما يسمى بـ “حقوق الإنسان” في الاستخدام الغربي المعاصر – وبالتحديد الأمريكي والأوروبي – ليست مبدأً أخلاقياً مطلق ؟ بل أنه في حقيقة الأمر يمارس كأداة سياسية مرنة تُرفع أو تُخفَض حسب درجة القرب أو البعد من واشنطن وباقي عواصم حلف الناتو . إنها وبكل بساطة وبتجرد من إي أحكام مسبقة ، تعتبر اليوم أحد أبرز أدوات الضغط والابتزاز والتشهير السياسي الموجَّه أساساً نحو الدول العربية والإسلامية والدول الفقيرة التي لديها ثروات طبيعية هائلة ولكن ينهشها الفقر والحروب الداخلية وانقلابات العسكرية بشكل خاص ، وبينما تُغمَض العين تماماً هذه الدول الغربية ( الديمقراطية) عن انتهاكات أفدح وجرائم بشعة وحروب إبادة منهجية ترتكبها دول حليفة أو شريكة استراتيجياً , ومنها على سبيل المثال وليس الحصر ما جري ويجري من قبل إسرائيل في قطاع غزة ؟ وقد شاهدناها جميعاً هذه المعايير المزدوجة تتجلى بوضوح تام خلال المؤتمر الصحفي المشترك في البيت الأبيض وعلى الهواء مباشرة يوم أمس الثلاثاء 18 ت2 . عندما وجَّه أحد الصحفيين سؤالاً مباشراً للرئيس “ترامب” حول قضية اغتيال وتصفية “جمال خاشقجي”، فقد جاء الرد السريع والحاسم والمنتفض ودفاعاً صريحاً عن السعودية وعن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بصفة شخصية جدآ ومؤثرة . فلم يتوانَ الرئيس “ترامب” بأن يقف لحظة في إغلاق الملف تماماً والى الأبد ومن دون رجعة بالمستقبل ، ومؤكداً في حديثه المنفعل والمرتجل :” بأن الشراكة الاستراتيجية مع الرياض تفوق بأضعاف أي اعتبار آخر . حتى لو كان خاشقجي مواطناً أمريكياً خالصاً “، ولكن لو كانت القضية وقعت مع دولة غير مرحَّب بها في واشنطن ومغضوب عليها كإيران أو روسيا أو الصين كمثال ، لتم تضخيمها إعلامي بصورة هائلة ومبالغ فيها جدا ، ولكن في حالة السعودية والشراكة الاستراتيجية فبسهولة يتم فبركة مئات التهم الإضافية للخاشقجي –من صلات مُلفَّقة بتنظيم القاعدة وشيخها الراحل أسامة بن لادن وإلى تمويل سري للإرهاب والترويج له – وليخرج الرجل بعدها في صورة «الشيطان المطلق» والذي يستحق كل أنواع العقوبات . ولكن مع السعودية، التي تُمثل اليوم الشريك الأكثر أهمية في المنطقة، اختفى الملف كأنه لم يكن. هل يظن أحدٌ فعلاً أن ضجيج بعض وسائل الإعلام أو حملات الضغط اليسارية التي قد تنتج داخل “الكونغرس” ستكون قادرة على إجبار إدارة “ترامب” على فرض عقوبات على “الرياض”، وبالتالي تفويت استثمارات سعودية تتجاوز التريليون دولار خلال السنوات القادمة، وإضعاف تحالف استراتيجي يخدم المصالح الأمريكية في مواجهة كل من إيران والصين وروسيا وغيرهما؟ فما لكم كيف تحكمون ؟ ولكن يبقى لنا بأن الجواب سيكون واضح وبسيط : فمن المستحيل لان الرئيس “ترامب” وكرجل المال والإعمال لديه ميزان ضمير يتمثل بالربح والخسارة وليس ميزان استعمال اللغة الدبلوماسية المنمقة والمزيفة – بواقعتيه المعهودة– لم يسمح للصحافة المعادية وأخبارها المزيفة والتضليلية كما يصفها دائمآ , بأن تتعشى به، بل هو الذي تغدَّى بهم وبأجنداتهم في لحظة واحدة. المصالح الاستراتيجية الكبرى هي التي تحكم التحالفات الحقيقية، وليس الشعارات الإعلامية العابرة.
ولان في حقيقة خطوة هذه الزيارة والتي عكست كمرآة عن مدى ما وصلت أليه طوال العقود الماضية وعمق الروابط التاريخية والاستراتيجية بين الرياض وواشنطن ، بمراسم استقبال رسمية فخمة شملت حفل ترحيب مهيب، وعرض جوي لطائرات مقاتلة، وعشاء رسمي أقيم في القاعة الشرقية بحضور قادة الأعمال والسياسيين من البلدين . هذا الاستقبال، الذي وصف بأنه يفوق في فخامته ما قدم لأبرز الحلفاء التقليديين، ولأول مرة يحدث في تاريخ البيت الأبيض لاستقبال “ولي عهد” وليس “ملك متوج” يؤكد مكانة المملكة كشريك رئيسي في تعزيز الاستقرار الإقليمي والعالمي، ويبرز الدور المحوري الذي تلعبه في تمثيل المصالح العربية والإسلامية على الساحة العربية والإسلامية والدولية .تأتي هذه الزيارة التاريخية في سياق تعزيز الشراكة الثنائية التي تمتد لأكثر من ثمانية عقود، لتفتح آفاقاً جديدة نحو تعاون أعمق في مجالات الأمن، والاقتصاد، والتكنولوجيا المتقدمة. وتؤكد النتائج الملموسة لهذه الزيارة على تحول نوعي في العلاقات، مع التركيز على بناء تحالف مستدام يدعم رؤية المملكة 2030 ويسهم في استقرار الشرق الأوسط وازدهار الاقتصاد العالمي. ويمكن تلخيص أبرز الإنجازات والتوجهات المستقبلية والتي نتج باكورة هذه الزيارة بانه تم الإعلان الرسمي عن تصنيف المملكة العربية السعودية كـ”حليف رئيسي من خارج حلف الناتو” (Major Non-NATO Ally)، ومما سوف يفتح الباب بالتالي وبصورة واسعة ومن دون أي عوائق أمام جميع أنواع التعاون الدفاع وبما في ذلك تسهيل نقل التكنولوجيا العسكرية المتقدمة وتعزيز القدرات الدفاعية المشتركة. وهذا التصنيف يعكس الثقة المتبادلة ويمهد لشراكة أمنية طويلة الأمد تساهم في مواجهة التحديات الإقليمية.
والحفاظ بالتالي على الموقف الثابت والصريح فيما يخص تحديدا وتجاه القضية الفلسطينية ومن خلال ما أكد سمو ولي العهد :” بأن أي تقارب أو انضمام محتمل إلى اتفاقيات إبراهيم يظل مشروطاً بضمان مسار واضح وغير قابل للتراجع نحو حل الدولتين وقيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة”. هذا الموقف الراسخ، الذي يرفضه حالياً رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” ومن ورائه المتطرفين الوزراء في “حزب الليكود”، يعزز دور المملكة كقائد للإجماع العربي والإسلامي، ويضمن أن أي تطور إقليمي يراعي الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، مما يعزز فرص السلام الشامل في المستقبل. صحيح بان إسرائيل تتخوف جدآ وسوف تعمل المستحيل لـ “شيطنة الرياض” ومن خلال قوة الضغط اللوبي في أمريكا لتحديث القوات الجوية السعودية بطائرات F-35 المتقدمة للمملكة، ومما يجعلها ثاني دولة في الشرق الأوسط تمتلك هذه المقاتلات الشبحية بعد إسرائيل. هذه الخطوة ستعزز التوازن الإقليمي وتدعم قدرات الدفاع الجوي السعودي، مع الحفاظ على التفوق النوعي للحلفاء. ومع تطوير القدرات الدفاعية الشاملة وتشمل الاتفاقيات توريد أنظمة دفاع جوي وبري متقدمة تكنولوجياً، بالإضافة إلى صفقات أخرى تشمل دبابات وأسلحة حديثة، مما يعكس التزاماً مشتركاً ببناء قدرات دفاعية متكاملة قادرة على مواجهة التهديدات المستقبلية بكفاءة عالية. والاهم استثمارات هائلة في التكنولوجيا والاقتصاد لتصل من 600 مليار دولار إلى تريليون دولار خلال السنوات المقبلة، ومع تخصيص عشرات المليارات لقطاع الذكاء الاصطناعي والشرائح الإلكترونية المتقدمة. هذه الاستثمارات ليست مجرد صفقات تجارية، بل شراكة استراتيجية ستدفع عجلة الابتكار المشترك، وتخلق آلاف الوظائف في البلدين، وتضع المملكة في صدارة الاقتصاد الرقمي العالمي، مع آفاق توسع مستمرة في مجالات الطاقة النووية المدنية والمعادن الحرجة.
ويبقى السؤال الأهم والمهم والذي لم تستطع الصحافة الأمريكية ولا حتى مراسليها بالتفكير به وطرحه ولو كفرضية جدلية وبالسؤال مباشرة إلى الرئيس “ترامب” ولكننا سوف نطرحه بصراحة على الرأي العام إلا وهو ولنفرض جدلآ :” بان السعودية وإسرائيل قد دخلت في حالة حرب فأين سوف يقف الرئيس ترامب وأين سوف تقف الحكومة الأمريكية ومجلس الشيوخ والكونغرس هل مع الحليف الاستراتيجي أم مع الحليف الاقتصادي المهم ” لو افترضنا جدلياً –وكما طرحنا أعلاه – سيناريو نشوب حرب مباشرة بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل (وهو وعلى الرغم من انه قد يعتبر سيناريو بعيد الاحتمال تماماً وبالأخص ما شهدته منطقة الشرق الأوسط خلال السنتين الماضيتين من إنهاء دور حزب الله وسقوط نظام الأسد وتحجيم الدور الإيراني لأبعد الحدود وتأخير برنامجها النووي وهذا ما رحبت به السعودية جدا ليس ظاهريا ولكن خلف الأبواب المغلقة وفي ظل الواقع الجيوسياسي المعاصر حاليا )، فإن السؤال الذي لم تجرؤ وسائل الإعلام الأمريكية الرئيسية على طرحه يصبح : على أي جانب ستقف الولايات المتحدة فعلياً؟ ومع “الحليف الاستراتيجي التاريخي / إسرائيل” أم مع “الشريك الاقتصادي والأمني الجديد العملاق / السعودية” وقد يكون الجواب، ومن وجهة نظر واقعية بحتة وبعيداً عن الشعارات ، نعتقده سوف يميل بقوة وبشكل حاسم نحو العاصمة “الرياض” وقد يكون حول الوزن الاستراتيجي الجديد للسعودية في المعادلة الأمريكية ؟ لأنها ليست مجرد مصدر نفط أو مشترٍ للسلاح بل أصبحت اللاعب الوحيد القادر على ضخ تريليون دولار استثمارات مباشرة في الاقتصاد الأمريكي خلال السنوات القادمة، وفي الذكاء الاصطناعي والرقائق والطاقة النظيفة والدفاع. بل في حقيقة الأمر وغير المنظور بانها تعتبر حاليا الشريك الوحيد القادر على تمويل عجز الميزانية الأمريكية جزئياً، وشراء الدين الأمريكي بكميات هائلة، وخلق مئات آلاف الوظائف في الولايات المتأرجحة سياسياً. والتغيّر في خريطة التهديدات الأمريكية الخصم الاستراتيجي رقم 1 لواشنطن اليوم هو الصين، ثم إيران. السعودية هي الركن الأساسي في أي تحالف سني-عربي-خليجي لمواجهة إيران، وهي الدولة الوحيدة التي تستطيع قيادة جبهة عربية موحدة ضد النفوذ الصيني في الشرق الأوسط وأفريقيا. إسرائيل، مهما كانت أهميتها، لا تملك هذا الحجم من التأثير الإقليمي ولا هذه القدرة المالية. والواقع السياسي الداخلي الأمريكي بعد 2025 إدارة “ترامب” الثانية التي بينيت على الشعار الانتخابي ” أمريكا أولاً ” وهذا يعني لنا وبمعناه الحرفي بأن :” المصالح الاقتصادية والوظائف فوق كل اعتبار ” والكونغرس نفسه –حتى في جناحه المؤيد لإسرائيل تقليدياً– سيجد صعوبة بالغة في تفسير للناخب الأمريكي لماذا يتم التضحية باستثمارات سعودية بتريليون دولار وآلاف الوظائف من أجل حرب لا تهدد الأمن القومي الأمريكي مباشرة . واللوبي السعودي الجديد (من خلال الاستثمارات والشراكات مع كبرى الشركات الأمريكية) أصبح اليوم أقوى تأثيراً في الكواليس من أي وقت مضى وسوف يدخل حرب قادمة مع اللوبي إسرائيلي وبالتحديد ايباك . والسيناريو العملي في حالة التصعيد لو وقعت مواجهة –لا سمح الله– فإن الولايات المتحدة ستسارع إلى فرض وقف إطلاق نار فوري، ثم ستضغط بكل ثقلها على إسرائيل للتراجع، تماماً كما فعلت معها في مناسبات سابقة عندما تعارضت مصالحها الكبرى. لن تسمح واشنطن بأن تُدمَّر شراكتها الجديدة مع الرياض (التي بُنيت بعناية طوال السنوات الماضية) من أجل حكومة إسرائيلية يمينية متطرفة قد لا تبقى في السلطة أكثر من دورة انتخابية أو اثنتين.
لذلك، نعم، لو أُجبرت أمريكا على الاختيار في هذا السيناريو الافتراضي البعيد، فإن كفة الميزان سترجح –بقوة وبدون تردد كبير– لصالح الرياض ، ليس حباً أو عاطفة ، بل لأن المصالح الاستراتيجية والاقتصادية الأمريكية الكبرى أصبحت مرتبطة بالرياض أكثر من أي وقت مضى، ولأنها باتت تملك أوراقاً لا يمكن لأي إدارة أمريكية عاقلة أن تتخلى عنها. هذا هو التحول الحقيقي الذي أنجزته القيادة السعودية في السنوات الأخيرة: تحويل المملكة من «حليف مهم» إلى «شريك لا غنى عنه». وهذا بالضبط ما جعل الصحافة الأمريكية المعروفة بشجاعتها والتي خانتها وتتجنب طرح السؤال… لأن الجواب واضح، وهو يؤلم الكثيرين ويوجعهم لحد الصراخ والعويل ويكون بالصميم .
الصحف الإيرانية الرسمية الصادرة اليوم وما تم طرحه ومن خلال البرامج الحوارية السياسية , قد حاولت التقليل من شأن الزيارة في البداية ، ولكن من خلال ملاحظاتنا ومتابعتنا لهذه البرامج فأن لغة الجسد قد فضحتهم في التصريحات العلنية والتحركات الإعلامية السريعة وكشفت عن عمق الصدمة : إدارة ترامب الثانية لم تكتفِ بإعادة الشراكة الاستراتيجية مع الرياض فحسب، بل رفعتها إلى مستوى لم تصل إليه حتى في أوج عهد نظام الشاه المخلوع . وانهيار أسطورة “العزلة السعودية” التي روّجت لها طهران طوال العقود الماضية والتي كانت تعتمد بصورة أو بأخرى على منهاج وشعارات تصدير الثورة الإسلامية الشيعية بطابع ولاية الفقيه وجعلها منهاج ديني وشرعي ثوري لمواجهة الشيطان الأصغر والمتمثل بإسرائيل والشيطان الأكبر المتمثل بأمريكا . حيث كان النظام الإيراني يراهن على أن قضية “خاشقجي” والحرب في اليمن وملف حقوق الإنسان ليبقى السعودية دائما تراوح في قفص الاتهام الأمريكي إلى الأبد . ولكن الزيارة دمرت كل هذا الوهم تماماً والى الأبد ومن دون أن يكون هناك خط رجعة وفقدان آخر أوراق الضغط على واشنطن ؟ صحيح بأن إيران كانت تأمل أن تظل السعودية يروج لها بـ “الطفل المشاغب” في البيت الأمريكي، كي تتمكن معها من اللعب على التناقض بينهما . اليوم أصبحت الرياض “الابن المدلل” الجديد، وهو ابن اصبح قادرآ ومتمكن بأن يدفع “تريليون دولار ” ويقود جبهة عربية موحدة ضد النفوذ الإيراني. وعلى الرغم من التأكيد السعودي على حل الدولتين ، فإن طهران سوف تقرأ حتما بالايام القادمة وفي المستقبل وبين السطور العلنية والخفية وما يتم تسريبه خلف الأبواب المغلقة بأن : ” بيع F-35 للسعودية يعني أن واشنطن لم تعد تخشى “التوازن” مع إسرائيل ، بل أصبحت تبني تحالفاً جوياً مشتركاً (أمريكي-إسرائيلي-سعودي) قادر على توجيه ضربة وقائية مدمرة للمنشآت النووية الإيرانية في أي لحظة إذا فكرت أيران بالمستقبل وبشيء من التهور والعنجهية بان تقصف مصافي النفط السعودية أو الخليجية في حالة المواجهة المرتقبة مع إسرائيل . والحرس الثوري يعلم أن رفع مستوى الشراكة السعودية-الأمريكية سيتبعه حتماً تصعيد أمريكي في الخليج ، سوريا، لبنان، واليمن. والسؤال المُقلق المحير والذي يطرح الآن في أروقة نظام الحكم في طهران الآن: هل يستطيع النظام تحمل مواجهة مفتوحة مع تحالف بقيمة تريليون دولار وقوة نارية غير مسبوقة؟ ولهذا السبب وغيرها من الاساب التي سوف يتم افتعالها ، فلا نستبعد وأن نتوقع في الأسابيع والأشهر القادمة سوف تكون تهديدات إيرانية عالية النبرة، وهي محاولات يائسة للتصعيد عبر الوكلاء في اليمن أو العراق أو لبنان ، وربما عرض مفاجئ لـ”حوار إقليمي” من طهران… وكلها ستكون مجرد محاولات لكسر الحصار قبل أن يُغلَق تماماً . ولكن في قرارة أنفسهم، يعلم قادة طهران جيدآ بالحقيقة المرة والتي أصبحت واضحة جدآ وخالية من أي شوائب وتتمثل بأن :
“الزيارة التاريخية لولي العهد بن سلمان إلى البيت الأبيض لم تكن مجرد لقاء دبلوماسي، بل كانت إعلاناً رسمياً بنهاية الحقبة التي كانت فيها إيران تظن نفسها بأنها ستبقى “القوة الصاعدة” في المنطقة، ولكن الزيارة التاريخية ستكون لانتهاء حقبة سابقة كانت تمارس فيها طهران ألاعيب ما يسمى بمحور الممانعة والمقاومة ” وبداية لحقبة جديدة تكون فيها الرياض هي المحور الذي تدور حوله الاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط بلا منازع ؟.