بمناسبة مؤتمر مكافحة المخدرات (والذي خبث لا يخرج الا نكدا) (ح 4)

د. فاضل حسن شريف

عن الوكالة الوطنية العراقية للانباء 20 نوفمبر 2025: انطلقت صباح اليوم الخميس، فعاليات المؤتمر العلمي السنوي لمكافحة المخدرات، برعاية الهيئة الوطنية العليا لشؤون المخدرات والمؤثرات العقلية في وزارة الصحة، تحت شعار ” نحو مجتمع خال من المخدرات بالعلم والتعاون نبني المجتمع “، بحضور ممثلي المؤسسات الصحية والطبية والبعثات الدولية والجامعات ووزارات الداخلية والعدل والتعليم العالي والتربية والعمل، حيث سيعرض المؤتمر عبر جلسات حوارية مباشرة بحوثا علمية ودراسات تخصصية حول مكافحة ظاهرة المخدرات. ويتضمن المؤتمر، استعراضا لأبرز الإنجازات التي حققتها الهيئة الوطنية العليا لشؤون المخدرات والمؤثرات العقلية خلال العام الحالي، كما يتناول كميات المخدرات التي تم ضبطها وإتلافها بالتعاون مع الجهات الأمنية والقضائية المختصة، فضلا عن عرض قصص نجاح لمتعافين من الإدمان في مراكز وزارة الصحة المتخصصة بالتأهيل العلاجي والنفسي. وسيتم كذلك تنظيم معرض توعوي للصور حول مخاطر المخدرات وآثارها، أعده مكتب المستشار الوطني للصحة النفسية، بهدف تعزيز الوعي المجتمعي بهذه الآفة. وانعقدت يوم امس الأربعاء، جلسات علمية تتناول المحور الأمني والاستخباري، ومحور التشريعات والقوانين، ومحور الرعاية والتأهيل الصحي، ومحور التوعية والتثقيف، على أن تُعرض التوصيات النهائية خلال المؤتمر.

عن تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله تعالى “وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ ۖ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا ۚ كَذَٰلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ” ﴿الأعراف 58﴾ ثم بين سبحانه حال الأرض التي يأتيها المطر فقال “والبلد الطيب” معناه: والأرض الطيب ترابه “يخرج نباته” ﴿الأعراف 58﴾ أي: زروعه خروجا، حسنا، ناميا، زاكيا، من غير كد، ولا عناء “بإذن ربه” بأمر الله تعالى، وإنما قال “بإذن ربه” ليكون أدل على العظمة، ونفوذ الإرادة، من غير تعب، ولا نصب “والذي خبث لا يخرج إلا نكدا” ﴿الأعراف 58﴾ أي: والأرض السبخة التي خبث ترابها، لا يخرج ريعها إلا شيئا قليلا، لا ينتفع به، عن السدي. ومعناه إلا عسرا ممتنعا من الخروج. ولو أراد سبحانه أن يخرج من الأرض النكدة أكثر مما يخرج من الأرض الطيبة لأمكنه، إلا أنه أجرى العادة بإخراجه من الأرض الطيبة، ليكون ذلك باعثا للإنسان على طلب الخير من مظانه، ودلالة له على وجوب الاجتهاد في الطاعات، فإذا حمل نفسه على ابتغاء الخير اليسير الذي لا يدوم، وربما لا يحصل، فأن يبتغي النعيم الدائم الذي لا يفنى، ولا يبيد بالأعمال الصالحة أولى. “كذلك نصرف الآيات” ﴿الأعراف 58﴾ أي: الدلالات المختلفة “لقوم يشكرون” معناه: كما بينا هذا المثل نبين الدلالات للشاكرين. وقيل: كما صرفنا الآيات لكم بالإتيان بآية بعد آية، وحجة بعد أخرى، نصرفها لقوم يشكرون الله على إنعامه عليهم، ومن إنعامه عليهم: هدايته إياهم لما فيه نجاتهم، وتبصيرهم سبيل أهل الضلال، وأمره إياهم تجنب ذلك، والعدول عنه. وروي عن ابن عباس، ومجاهد، والحسن أن هذا مثل ضربة الله تعالى للمؤمن والكافر، فأخبر بأن الأرض كلها جنس واحد، إلا أن منها طيبة تلين بالمطر، ويحسن نباتها، ويكثر ريعها، ومنها سبخة لا تنبت شيئا، فإن أنبتت فما لا منفعة فيه، وكذلك القلوب كلها لحم ودم، ومنها لين يقبل الوعظ، ومنها قاس جاف لا يقبل الوعظ، فليشكر الله تعالى من لان قلبه لذكره.

جاء في موقع الألوكة الشرعية عن دور المؤسسات الدينية في الوقاية من المخدرات للدكتور شعبان رمضان محمود مقلد: إن تعريف المخدرات أمر هام، في سبيل فهم طبيعة هذه المواد، وخصائصها والنتائج والآثار المترتبة على تعاطيها وإدمانها، وإن كان تعريفنا لها هنا ليس من صلب بحثنا، فهذا له أبحاثه المستقلة، ولذلك سيكون تعريفنا لها من باب الاستضاءة على موضوعنا الذي نتحدث فيه. واسم المخدرات يطلق على مجموعة من المواد الكيميائية والنباتية أخذت تنتشر بين الناس في كثير من المجتمعات – وأكثرهم من الشباب – وبذلك ينتشر معها وابل من الأمراض الجسمية والنفسية. والمخدرات لغة: مشتقة من الخِدْر.. وهو ستر يُمد للجارية في ناحية البيت، والمخَدر والخَدَر: الظلمة، والخدرة: الظلمة الشديدة، والخدر: الكسل والفتور والخادر: الكسلان، والخَدرُ من الشراب والدواء: فتور وضعف يعتري الشارب… والخدرة: ثقل الرجل. أما المخدرات اصطلاحاً: فمن خلال قراءاتي لم أعثر على تعريف اتفق عليه العلماء والمتخصصون، بحيث يوضح مفهوم المواد المخدرة بوضوح. جدت عدة تعريفات اصطلاحية للمخدرات حسب تخصصات أصحابها على النحو التالي: أولا: المفهوم العلمي للمخدرات: هي مادة كيميائية تسبب النوم والنعاس وغياب الوعي المصحوب بتسكين الألم. لذلك لا تعتبر المنشطات ولا العقاقير المهلوسة وفق التعريف العلمي من المخدرات. بينما يعتبر الخمر من المخدرات. ثانيًا: عند القانونيين: هي مجموعة من المواد التي تسبب الإدمان وترهق الجهاز العصبي، ويحظر تداولها أو زراعتها أو صنعها إلا لأغراض يحددها القانون، ولا تستعمل إلا بواسطة من يرخص له بذلك. ثالثًا: التعريف الطبي: هي كل مادة ذات خواص معينة تؤثر على متعاطيها، وتجعله مدمنًا لا إراديًا عليها، سواء كانت نباتية أو كيميائية أو مركبة، باستثناء تعاطيها لغرض العلاج من بعض الأمراض – وحسب إشراف طبي – وتشكل ضررًا على المتعاطي، سواء كان هذا الضرر نفسيًا أو صحيًا أو اجتماعيًا. كما أنها عرفت بتعريفات أخرى نذكر منها: أنها: المادة التي يؤدي تعاطيها إلى حالة تخدير كلي أو جزئي، مع فقد الوعي أو دونه، وتعطي هذه المادة شعوراً كاذباً بالنشوة والسعادة، مع الهروب من عالم الواقع إلى عالم الخيال. أو هي: كل مادة خام أو مستحضرة تحتوي على جواهر منبهة أو مسكنة، من شأنها إذا استخدمت في غير الأغراض الطبية والصناعية الموجهة أن تؤدي إلى حالة من التعود والإدمان عليها، مما يضر بالفرد والمجتمع جسمياً ونفسياً واجتماعياً. أو هي: كل مادة تؤدي إلى افتقاد قدرة الإحساس لما يدور حول الشخص المتناول لهذه المادة، أو إلى النعاس، وأحياناً إلى النوم لاحتواء هذه المادة على جواهر مضعفة أو مسكنة أو منبهة، وإذا تعاطاها الشخص بغير استشارة الطبيب المختص أضرته جسمياً ونفسياً واجتماعيًا. أما الُمفتّر لغة: من الفتور: وهو ما يكون منه حرارة في الجسد واللسان وفي الأطراف، مع الضعف والاسترخاء في الأطراف قوة وضعفاً، حسب حالة وقدرة الشخص الصحية.

حكم المخدرات في الإسلام: ليس هناك من شك في أن الله عز وجل قد حرم الخمر بنص الكتاب والسنة وبإجماع الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وأدل آية على ذلك في القرآن الكريم قول الله سبحانه: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ العَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ” (المائدة 90-91). قال ابن الجوزي: قوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ” (المائدة 90) في سبب نزولها أربعة أقوال. أحدها: أن سعد بن أبي وقاص أتى نفرًا من المهاجرين والأنصار، فأكل عندهم، وشرب الخمر، قبل أن تحرم، فقال: المهاجرون خير من الأنصار، فأخذ رجل لحي جمل فضربه، فجدع أنفه، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فنزلت هذه الآية. وقال سعيد بن جبير: صنع رجل من الأنصار صنيعًا، فدعا سعد بن أبي وقاص، فلما أخذت فيهم الخمرة افتخروا واستبوا، فقام الأنصاري إلى لحي بعير فضرب به رأس سعد، فإذا الدم على وجهه، فذهب سعد يشكو إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنزل تحريم الخمر في قوله: “إِنَّمَا ٱلْخَمْرُ” (المائدة 90) إلى قوله: “لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ”.

وعن تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله تعالى “وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ ۖ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا ۚ كَذَٰلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ” ﴿الأعراف 58﴾ النكد القليل. والآية بالنظر إلى نفسها كالمثل العام المضروب لترتب الأعمال الصالحة والآثار الحسنة على الذوات الطيبة الكريمة كخلافها على خلافها كما تقدم في قوله: “كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ” (الأعراف 29) لكنها بانضمامها إلى الآية السابقة تفيد أن الناس وإن اختلفوا في قبول الرحمة فالاختلاف من قبلهم والرحمة الإلهية عامة مطلقة.

يعتبر مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة التابع لمنظمة الأمم المتحدة، أهم وكالة عالمية معنية بالمخدرات. اوضح المكتب أن حوالي 275 مليون شخص تعاطوا المخدرات في جميع أنحاء العالم، وقد عانى الكثير منهم اضطرابات تعاطي المخدرات. وفي العراق فان 90 بالمئة من الذين تم القبض عليهم بسبب تعاطي المخدرات في نفس الوقت تقريبًا كانوا عاطلين عن العمل لعدم توفير مجالات لعملهم ظاهرة المخدرات رغم تغولها وانتشارها حالياً بين الشباب هي حالة دخيلة على المجتمع العراقي، بعد تم القضاء عليها في اواخر ستينات القرن الماضي.