د. فاضل حسن شريف
جاء في موقع صيد الفوائد عن الإسلام والروح الرياضية للدكتور بدر عبد الحميد هميسه: فإن الإسلام هو دين الجلال والكمال الذي ارتضاه الكبير المتعال لجميع الناس من عرب ومن عجم وجعله صالحا لكل زمان ومكان بما حوى من تشريعات ومباديء ومثل فكل شيء في الإسلام يتحول إلى عبادة للملك العلام، إذا أخلص فيه المرء النية وصحح الطوية وعبد الله بما شرع، فالضحك إذا كان غرضه الترويح عن النفس لتجديد النشاط واستكمال الهمة فهو عبادة، والرياضة إذا كان غرضها تقوية الجسم واستعادة نشاطه وجعله قادراً على العمل وتعمير الأرض فهي عبادة وهكذا كل شيء إذا خلصت فيه النية لله، وتحققت فيه المنفعة يُعد عبادة. حث الإسلام على ممارسة الرياضة المفيدة النافعة وجعلها أداة لتقوية الجسم،لأنه يريد أن يكون أبناؤه أقوياء في أجسامهم وفى عقولهم وأخلاقهم وأرواحهم ولقد مدح الله تعالى القوة في كتابه الكريم، فقد وصف الله تعالى نفسه فقال: “ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ” (الذاريات 58). ومدح أمين الوحي جبريل عليه السلام بالقوة فقال: “إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (21)” (التكوير 19-21). وامتن على الخلق بنعمة القوة فقال: “اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ (54)الروم. وقال على لسان نبيه نوح عليه السلام: “وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ” (هود 52). وافتخرت ملك سبأ بذلك فقالت: “قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ (32) قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (النمل 33). وأمر الله تعالى عباده المؤمنين بأن يعدوا لأعداء الله كل ما يستطيعون من قوة فقال “وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ” (الأنفال 60).
ويستطرد الدكتور هميسة قائلا: فالمؤمن القوي سليم الجسم لا شك أنه خير وأحب الله من المؤمن الضعيف، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (الْمُؤْمِنُ الْقَوِىُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِى كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلاَ تَعْجَزْ فَإِنْ أَصَابَكَ شَىْءٌ فَلاَ تَقُلْ لَوْ أَنِّى فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا. وَلَكِنْ قُلْ قَدَّرَ اللَّهُ وَمَا شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ). أخرجه أحمد 2/366(8777) ومسلم 8/56 و النَّسائي في”الكبرى 10383. انظر حديث رقم: 6650 في صحيح الجامع. لأن الجسم القوي أقدرُ على أداء التكاليف الدينيّة والدنيويّة، وأن الإسلام لا يُشَرِّع ما فيه إضعاف الجسم إضعافًا يُعجزه عن أداء هذه التكاليف، بل إن الإسلام خفّف عنه بعض التشريعات إبقاءً على صحّة الجسم، فأجاز أداء الصلاة من قعود لمَن عجز عن القيام، وأباح الفِطر لغير القادر على الصّيام، ووضع الحجّ والجهاد وغيرهما عن غير المُستطيع، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو بن العاص وقد أرهق نفسَه بالعِبادة صيامًا وقيامًا: (صُمْ وأفْطِرْ وقُمْ ونَمْ، فإنّ لبدنِك عليك حَقًّا وإنّ لعينِك عليك حقًّا). ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحث أصحابه دائماً على ممارسة الرياضة وينتهز الفرص السانحة في تطبيق ذلك عملياً عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ أَبُو طَلْحَةَ يَتَتَرَّسُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِتُرْسٍ وَاحِدٍ، وكَانَ أَبُو طَلْحَةَ حَسَنَ الرَّمْيِ،فَكَانَ إِذَا رَمَى يُشْرِفُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم،فَيَنْظُرُ إِلَى مَوْضِعِ نَبْلِهِ.أخرجه أحمد 3/265 (13836) والبُخَارِي 4/46 (2902). وعنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شَِمَاسَةَ،أَنَّ فُقَيْمًا اللَّخْمِيَّ قَالَ لِعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ: تَخْتَلِفُ بَيْنَ هَذَيْنِ الْغَرَضَيْنِ، وأَنْتَ كَبِيرٌ،يَشُقُّ عَلَيْكَ ؟ قَالَ عُقْبَةُ: لَوْلاَ كَلاَمٌ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ أُعَانِهِ،قَالَ الْحَارِثُ: فَقُلْتُ لاِبْنِ شَِمَاسَةَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: إِنَّهُ قَالَ:مَنْ عَلِمَ الرَّمْيَ،ثُمَّ تَرَكَهُ،فَلَيْسَ مِنَّا،أَوْ قَدْ عَصَى. أخرجه مُسْلم 6/52 (4987). عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ،قَالَ: رَأَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، وجَابِرَ بْنَ عُمَيْرٍ الأَنْصَارِيَّيْنِ يَرْمِيَانِ،فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: كُلُّ شَيْءٍ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ اللهِ، فَهُوَ لَهْوٌ وَلَعِبٌ، إِلاَّ أَرْبَعٌ: مُلاَعَبَةُ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ، وتَأْدِيبُ الرَّجُلِ فَرَسَهُ، ومَشْيُهُ بَيْنَ الْغَرَضَيْنِ، وتَعْلِيمُ الرَّجُلِ السِّبَاحَةَ. أخرجه النَّسَائِي، في الكبرى 8889 أخرجه النسائي في كتاب عشرة النساء (ق 74 / 2) و الطبراني في” المعجم الكبير” (1 / 89 / 2 ) الألباني فيالسلسلة الصحيحة 1 / 562.
جاء في موقع نصوص معاصرة عن شرعيّة الرياضات الروحيّة وحدودها / دراسةٌ في ضوء مواقف أهل البيت واحتجاجاتهم للدكتور السيد أبو الفضل الموسوي و الدكتور محمد فنائي الإشكوري و ترجمة: علي الوردي: المقدّمة: لقد تعرَّض مفهوم الرياضة المبتغاة دينياً، منذ صدر الإسلام وإلى اليوم، للتشويه من قِبَل الجهّال المتنسِّكين، واتُّخِذ أحياناً أخرى سبيلاً للاسترزاق والإثراء من قِبَل العلماء المتهتِّكين، الأمر الذي عزَّز ضرورة القيام بمراجعةٍ جديدة لهذا المبدأ الديني في ظلّ تراث أنوار العصمة أئمّة أهل البيت، بغية إنارة الطريق للقاصدين. و(الرياضة) مشتقّة من روض، وهي من حيث المعنى تنقسم إلى قسمين: الأوّل: بمعنى (وفرة الماء) في المروج الخضراء، وكأنّ الروضة سُمِّيَتْ روضةً لاستراضة الماء فيها. ووردت في القرآن الكريم بنحو المفرد والجمع، لتشير إلى مروج الجنان وبساتينها: “فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ” (الروم 15)،”فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ” (الشورى 22). الثاني: التمرُّس على ترويض النفس، وهو غالباً ما كان يستعمل في الإشارة لترويض الدوابّ، ثمّ انتقل ليستخدم في ترويض النفس الإنسانية. يقول الراغب: (الرياضة: كثرة استعمال النفس ليسلس ويمهر، ومنه: رُضْتُ الدابّة). كما يمكننا أيضاً، بوجهٍ من الوجوه، إرجاع المعنى الأوّل إلى الثاني، أو دمج المعنيين، وذلك إنْ قلنا: إنّ بقاء الماء على سطح التربة لبرهةٍ من الزمن ثمّ التخلُّل فيها يجعل منها تربةً مطواعة ومرتاضة. ويمكن أن يكون هناك محرِّكان أو باعثان للـ الرياضة موضوع بحثنا، والتي يُراد بها التمرُّن لترويض النفس البشرية: أوّلهما: الباعث النفسي، والثاني: الباعث الإلهي. وأمثلة الباعث النفسي: التكسّب والرياء والتمكُّن من إظهار الخوارق للعادات، وذلك في الرياضات الشاقّة. وهذا كلُّه يدخل ضمن ترويض الجزء (البهيمي) من النفس، لإرضاء الجزء الآخر الشيطاني أو السبعي. في حين أن الرياضة التي ينشدها الدين لا تخرج عن سياق الطاعة لأمر الباري عزَّ وجلَّ في جميع مراتبها، وهي بهذا المعنى، على اختلاف أشكالها، وتعدُّد مستوياتها، تشكِّل البُعْد الباطني للتكاليف الشرعية، وقد ورد في الأثر: الشريعة رياضةُ النَّفْس، أي جوهر الشريعة. وما تسمية الأوامر والنواهي الشرعية بالتكاليف إلا دليلٌ على محورية الرياضة وأهمّيتها بالنسبة إلى الشريعة، فالتكليف مشتقّ من مصدر كلف، وهو إلزامُ فعلٍ فيه مشقّة). ونقرأ في القرآن الكريم: “رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ” (البقرة 286). وكما هو واضحٌ من سياق الآية الكريمة أن دعاء المؤمنين يتمحور حول استبدال ما لا يُطاق من التكاليف والرياضات الشاقّة بما يُطاق منها، وليس إلغاء أصل التكليف. لذلك لا يمكن إنكار أصل وجود التكليف والرياضة، ودَوْرها المحوري في الشريعة. وما يجب البحث فيه ودراسته هو حقيقة الرياضة المبتغاة دينياً وحدودها، لا البحث في أصل وجودها وثبوتها. ويمكن تقسيم الرياضة الشرعية بشكلٍ عامّ إلى قسمين: (الرياضة العامّة)، و(الرياضة الخاصّة). فالرياضات العامّة تشمل كافّة التكاليف الشرعية الواردة في مجال العبادات والمعاملات والأخلاقيات، وتستهدف عامّة المسلمين، وتدلّ عليها أغلب آيات القرآن الكريم. فالصلاة والصيام والحجّ والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والخمس والصدقة بأنواعها والزكاة، وكذلك المبادئ الخُلُقية، كالصبر والإيثار وكظم الغَيْظ والسخاء والحلم، كلّها تندرج تحت عنوان الرياضة النفسية، نظراً لمغايرتها طبع النفس. لكنْ ما تتمحور حوله هذه الدراسة وما تهتمّ به هو الرياضة الخاصّة، التي نادراً ما يحالف التوفيق شخصاً لمزاولتها، وهي ليست ضمن قائمة الأوامر الشرعية المعروفة والمباشرة، كحمل النفس على الإكثار من المستحبّات، كالصلاة والصوم المستحبين والذكر والتواضع في المأكل والملبس والخلوة والاعتزال وغير ذلك، ممّا ينضوي تحت مفهوم الرياضة الخاصّة. ان هنا فإن أصل الرياضة ومحوريتها في الشريعة أمرٌ ثابت لا يمكن إنكاره، وما يهمّنا في هذا المضمار هو الرياضة الخاصّة، المفهوم الذي طالما احتدم الخلاف حوله، نتيجة استغلاله السيّئ من قِبَل بعض فرق الصوفيّة المنحرفة على مرّ الوقت، وهو لا يزال إلى الآن يحمل في طيّاته زوايا مُبْهَمة بحاجةٍ لمزيدٍ من الإضاءة.
وبعبارةٍ أخرى: يمكن الاستنتاج من المأثور النبويّ أن للإيمان الحقيقي ثلاثة مؤشّرات، أو قُلْ: إنه مثلّث مؤلّف من ثلاثة أضلاع: أولاها: مراعاة الحلال والحرام، وثانيها: الرياضة المعتدلة، التي تحمل المرء على ذكر الموت والحساب والاستعداد للقاء الباري عزَّ وجلَّ، وثالثها: الكفّ عن الإفراط في الارتياض، بما يهدر حقّ الأسرة والمجتمع، وينتهي بكفران النِّعَم الإلهية. من هنا نجد النبيّ|، بالرغم من شدّة عبادته وتنسُّكه وخلوته، أُمر بالتهجُّد وقيام الليل، بالتزامن مع تكليفه بإبلاغ الوَحْي وتحمُّل المسؤولية الإلهيّة والاجتماعية: ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً * إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحاً طَوِيلاً﴾ (المزمّل: 6 ـ 7). وقد ذكر المفسِّرون للآية الكريمة معاني متعدّدةً، قريبةً من بعضها، ومن جملتها: (إنك تتحمّل في النهار مشاغل ثقيلة ومساعي كثيرة، فعليك بعبادة الليل، لتقوى بها روحك، وتستعدّ للفعاليات والنشاطات الكثيرة في النهار). وبالتالي لن يؤثِّر النشاط الاجتماعي للفرد سَلْباً على عبادته الفردية وتهذيب النفس، بل يسهم في تناميه وتعزيزه. ويترتَّب على ذلك ضرورةً تصحيح النظرة إلى التهجُّد والعبادة، فإنها مفردات لا تعبِّر عن هَدْر الوقت والجهد، وإنما تساهم في رقيّ الروح الإنسانية، فتزيد همّة المرء، ويعوّض عن قلّة النوم بقوّة الإرادة والعزيمة. تمثِّل الرياضة الروحية في الإسلام جوهر الأحكام الشرعية ولبابها، التي لا يمكن من دونها مغادرة المنزل النفساني إلى رحاب الفضاء الربّاني. وقد أخطأ بعضٌ فَهْمَ هذا المبدأ المهمّ، وبالتالي وقع في كمين التطرُّف حين التطبيق، إفراطاً وتفريطاً. وقد نوَّه أئمّة أهل البيت^ إلى بعض هذه الانحرافات في محاججاتهم مع الفِرَق الأخرى، ونوجزها بنقاطٍ: 1ـ يجب تحمُّل الرياضة الروحية مهما بلغت مشقَّتها إذا كان ذلك في سبيل الله سبحانه، كما كان على ذلك أصحاب الصُّفّة. لكنّ ابتداع رياضاتٍ روحية شاقّة لم يَرِدْ فيها تصريحٌ من الشارع المقدَّس مرفوضٌ، بل يُعَدّ من جملة الكفر بأنعم الله وآلائه. 2ـ اذا كان الفقر سائداً بين الرعيّة وجب على الحكّام وأصحاب المناصب التحاف الفقر كنَمَطٍ من أنماط الرياضة الروحية. ولا تجب هذه الرياضة عند الرخاء، أو عند الوجود خارج دائرة السلطة. 3ـ تمّ نسخ الآيات التي تحثّ المسلمين على الإنفاق الشديد والإيثار المبالَغ، بآيات أخرى تحثُّهم على الاعتدال في الإنفاق. 4ـ يعتبر مبدأ (الأَوْلوية) و(تقديم الأهمّ على المهمّ) في تحديد نَمَط الرياضة الروحية المبتغاة أهمّ ما يميِّز الرياضة الروحية الإسلامية عن الرهبانيّة النصرانيّة والهنديّة وغيرها من الرياضات المنحرفة. وبالتالي إذا كان الحفاظ على بيضة الإسلام على رأس الأَوْلويات فإنّ الرياضة الروحية للأنبياء والأئمّة ستكون في مقدّمة التكاليف، يليها تقديم حقّ الأسرة والأمّة على الحقّ الفردي. وتمنع الأحكام الاجتماعية الإسلامية، المتمثِّلة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإنفاق والصدقات والزكاة و…إلخ الرهبانية الفردية المُبْتَدَعة. 5ـ انطلاقاً من قاعدة (لا ضَرَر) تحرم الرياضة الروحية الشاقّة، التي تسبِّب ضرراً معتدّاً به، إذا مُورست خارج الأُطُر الدينية والشرعية. أما أنماط الرياضة الروحية الأخرى التي تمارس في إطار المستحبّات الدينية، كالتهجُّد والصوم، فلا ضَيْرَ فيها، حتّى وإنْ تسبَّبت في أضرار بسيطةٍ، كتورُّم الأقدام والنحول وغيرها. وهذا ملحوظٌ في سيرة المعصومين عليهم السلام بكثرةٍ. كما لا تحرم العُزْلة المؤقَّتة التي تتضمَّنها بعض الطقوس والمستحبّات، كالاعتكاف وغيره، لكنْ على أن لا تتعارض مع حقِّ الأسرة والمجتمع. 6ـ إن اختلاف مستويات الرياضة الروحية بين أولي العزم من الرُّسُل، ويلحق بهم الإمام عليّ وفاطمة’، وبين الأنبياء الآخرين، كداوود وسليمان ويوسف عليهم السلام، ويلحق بهم الإمام الرضا عليه السلام، ومع الأخذ بنظر الاعتبار الصفة المشتركة بين الجميع، وهي تولّي مناصب حكومية، يخبرنا أن الطائفة الأولى التي عاشت حياة الفقر الشديد، والطائفة الثانية التي عاشت في أروقة القصور، لم تصنع أيٌّ منهما الواقع المحيط بهما، فلا الطائفة الأولى تسبَّبت في حالة الفقر التي كانت سائدةً آنذاك، ولا الطائفة الثانية شيّدت القصور التي عاشت فيها. إن ما يتنافى مع الزهد هو الإقبال على الدنيا رغبةً بما فيها. طبعاً لا بُدَّ من الإلفات إلى أنه كان بمقدور الطائفة الأولى بعد تولّيها السلطة اتّخاذ حياة التَّرَف والرفاه وتشييد القصور، لكنّها أعرضَتْ عن ذلك، وبالتالي تحمَّلت مشاقّ رياضتين روحيتين: الأولى: خارجة عن إرادتها، فرضتها الظروف الزمانية والمكانية، والثانية: بكامل إرادتها حين نأَتْ بنفسها عن التَّرَف والبذخ والرخاء، لذلك أحرزَتْ درجةً في الفضيلة أسمى من الطائفة الثانية، وتجلَّتْ فيها حقيقة أولي العَزْم بكلِّ وضوحٍ.
جاء في موقع اسلام ويب عن الرياضة في الإسلام: الرياضة عند النساء: لم يهمل النبي صلى الله عليه وسلم النساء بل دلت سيرته على اهتمامه بهن في هذا الجانب، كما اهتم بهن في كل الجوانب.. وليس أدل على هذا الاهتمام من حديث مسابقته لعائشة زوجته مرتين، سبقته مرة، وسبقها مرة.. فقال: هذه بتلك. وقد كانت النساء في عهده يخرجن للجهاد معه في بعض الأحيان، يسقين العطشى، ويعالجن الجرحى، ويداوين المرضى، وربما يشاركن في القتال، كما حدث في معركة أحد، كأم عمارة وعائشة وأم سليم رضي الله عنهن.. ومعلوم أن مثل هذا يحتاج إلى خفة ونشاط وقوة لا تتأتى بالخمول والنوم والبدانة والتنعم، وإنما بالجهد والتدريب والرياضة. وعموما فإن الرياضة للنساء أمر مباح إذا ما روعيت الضوابط الشرعية: كعدم الاختلاط، أو التكشف، أو الدخول فيما يخص الرجال، أو شغل المرأة عن واجباتها الشرعية، أو إخراجها عن طبيعتها الأنثوية ونحو ذلك. الرياضة عند الرجال: وأما الرياضة عند الكبار، واهتمام الإسلام بها فشيء لا تخطئه العين، ولا ينبو عن السمع، ولا ينكره العقل والفكر فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يربي أصحابه على القوة والفتوة والرجولة ومعالي الأمور، ويعدهم للحياة وللجهاد.. فكان يقيم لهم المسابقات، وينافس بينهم في المصارعات، وكان هو القدوة لهم في ذلك، وقد صارع ركانة بن يزيد، وكان من أقوى الرجال في الجاهلية، فطلب أن يصارع النبي عليه الصلاة والسلام فصارعه النبي. أن النبي صلى الله عليه وسلم في إتحاف المهرة: سابق بين الخيل والإبل. وفي الصحيح قال صلى الله عليه وسلم: لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر (رواه الترمذي وهو حسن). وقد روى البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقيم السباقات بين الخيل المضمرة وغير المضمرة.. فعن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: أَجْرَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا ضُمِّرَ مِنْ الْخَيْلِ مِنْ الْحَفْيَاءِ إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ، وَأَجْرَى مَا لَمْ يُضَمَّرْ مِنْ الثَّنِيَّةِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ. قَالَ سُفْيَانُ: بَيْنَ الْحَفْيَاءِ إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ خَمْسَةُ أَمْيَالٍ أَوْ سِتَّةٌ، وَبَيْنَ ثَنِيَّةَ إِلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ مِيلٌ. قَالَ اِبْن عُمَر وَكُنْت فِيمَنْ أَجْرَى فَوَثَبَ بِي فَرَسِي جِدَارًا”،”فَسَبَقْتُ اَلنَّاسَ”. قال ابن حجر في فتح الباري: “وَفِي اَلْحَدِيثِ مَشْرُوعِيَّة اَلْمُسَابَقَةِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ اَلْعَبَثِ بَلْ مِنْ اَلرِّيَاضَةِ اَلْمَحْمُودَةِ اَلْمُوصِلَةِ إِلَى تَحْصِيل اَلْمَقَاصِد فِي اَلْغَزْوِ وَالانْتِفَاعِ بِهَا عِنْدَ اَلْحَاجَةِ، وَهِيَ دَائِرَةٌ بَيْنَ اَلاسْتِحْبَابِ وَالإِبَاحَةِ بِحَسَبِ اَلْبَاعِث عَلَى ذَلِكَ”. وكان عليه السلام يشجع المسلمين على الرمي ويأمرهم بتعلمه وينهاهم عن تركه بعد إتقانه: فمر يوما على جماعة من الأنصار يرمون فقال: ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا، وروى مسلم عن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يقول: “وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّة ” (الانفال 60). ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي. وقال عليه الصلاة والسلام: من تعلم الرمي ثم تركه فليس منا (رواه أصحاب السنن وصححه الألباني).