الشيخ عز الدين البغدادي
هناك فرق بين اللفظ والكلام، فاللفظ هو الصوت البشري أما الكلام فهو لفظ ذو معنى، وقد أحسن النحوي عندنا عرفه بأنه “كلام مفيد”، ولم يقل “كلام مؤثر”، وواقعا فإن كثيرا من الخطاب الديني هو لفظ، مجرد لفظ لأنه لا يرجع إلى معنى حقيقي ناهض. الخطاب الديني الواعي هو الذي يبين للناس حقوقهم ولا يجلدهم فقط بالواجبات ولا يستعمل أسلوب التنفير والتعقيد. الموظف له حقوقه، وراتبه الذي يأخذه هو في الغالب أقل من جهده لكنه حلقة ضعيفة، وإلا لا اتوقع أن يقول أحد بأن 90% من الخطباء مثلا في النار.
قبل فترة حدث عطل في الكهرباء جاء عمال الكهرباء وقد تفاجأت عندما علمت ان مرتب العامل هو 400 الف دينار رغم ان عملهم فيه خطورة كبيرة، هناك عمال نظافة لا تقل رواتبهم عن 300 ألف، وقبل فترة ظهرت أمرأة عجوز تعمل مع عمال التنظيف وتدفع العربة لأن ولدها المعاق عامل تنظيف، ولأنه لا يستطيع القيام بعمله بمفرده فإن العجوز تخرج معه منذ الفجر لتساعده على عمله.
كان لي صديق مدرس توفي قبل سنوات اثر نوبة قلبية وله من العمر 55 سنة وكان له ولد وبنت، وقد توفي دون ان يملك دارا، بل كان يعيش في بيت الورثة في غرفة!! الداعية او المبلغ عليه أن يبين للناس حقوقهم، وليس التزاماتهم فقط والتي يردفها بالوعيد بالعذاب الشديد. والموظف الذي يضطر ليعمل عملا اضافيا ليسد الحد الادنى من متطلبات المعيشة يحتاج ان نساعده للمطالبة بحقه، وليس تهديده بالعذاب الشديد.
كل كلام له قبليات فكرية ينطلق منها، وما قاله الأخ المتكلم ليس كبوة أو خطأ في التعبير بل تعبير عن منطلقات فقهية وقبليات فكرية لا يمكن أن تنتج أفضل من هذا، لهذا كنت أقول دائما بأن الخطاب الديني يحتاج الى مراجعة الى قاعدة من الوعي يستند إليها ويرتكز عليها.
ملاحظة: رجاء أخوي: ان لا يكون هناك تجاوز باللفظ على المتكلم
عز الدين البغدادي