عز الدين البغدادي
بما ثار من نقاش حول قضية الموظفين ومن يدخل منهم الى النار او الى الجنة، لا سيما مع النقاش حول هذه المسألة أود القول بأن واقع الدوائر عندنا معروف، فالمواطن في الغالب يعاني أشد المعاناة في سبيل انجاز معاملته، وأحيانا بل كثيرا ما يشعر بإهانة وربما يتعرض لابتزاز، وهو يتنقل من موظف الى موظف، خصوصا عندما تؤجل معاملته، وتزداد الصعوبة أضعافا عندما تكون من محافظة ومراجعتك في محافظة أخرى.
إلا أن من يتحمل المسؤولية الحقيقية ليس الموظف كشخص فقط، بل هناك أسباب أعلى منه، فالمشكلة تتعلق بحالة النظام الاداري في البلد، وفشله في ادارة الامور. الأسئلة التي ينبغي أن تطرح هي: من المسؤول عن تضخم اعداد الموظفين لأسباب تتعلق بكسب الأصوات؟ من المسؤول عن تعيين مدراء وتوزيع المسؤوليات واستحداث دوائر زائدة لأسباب حزبية؟ من المسؤول عن اغلاق الكثير من المصانع؟ من المسؤول عن التباين الهائل في الرواتب بين الموظفين؟ من المسؤول عن تجميد القطاع الخاص؟
لذا إذا أردت ان تفهم سلوك فرد فلا بد أن تفهم المتغيرات المؤثرة عليه، وإذا أردت أن تغير سلوك شخص فمن خلال تغيير ظروفه وليس من خلال الوعظ. مشكلة الخطاب الديني هو ان ادواته لا تتجاوز مفردتي الحلال والحرام والجنة والنار، لا يتمكن من تحليل المشكلة للوصول الى حلّ لها. لهذا انتقدت توزيع الموظفين بين الجنة والنار، واعتقد ان هذا الخطاب لا يحل مشكلة بل هو خطاب يعبر عن أزمة فكرية عميقة وخطيرة… والله المستعان
عز الدين البغدادي