اسم الكاتب : عدنان القطان
تمكن هذا المجلس من إنجاز مشاريع تنموية وخدمية لا يزال العراق يحتفظ بقسم كبير منها كالسدود والمعامل والمصانع والنفط والغاز ومحطات للطاقة الكهربائية وإنشاء الطرق البرية وسكك الحديد إضافة لمشاريع الإسكان توزعت تلك المشاريع على جميع محافظات العراق.
تميز مجلس الاعمار بافتتاح مشاريعه المنجزة وخلال فترة عمله بالعهد الملكي في أسبوعين:
– الأسبوع الأول في نيسان ١٩٥٦م.
– الأسبوع الثاني في آذار ١٩٥٧م.
ابتدأ أسبوع الاعمار الأول في الأسبوع الأول من نيسان ١٩٥٦م، حيث تم افتتاح عدة مشاريع مهمة منها:
أولاً: مشروع الثرثار
يعتبر من المشاريع الذي غير وجه العراق المعاصر بإنهائه مشكلة الفيضان، وأصبحت بغداد في مأمن من هذه المعاناة التاريخية التي استمرت لعدة قرون وآخرها كان فيضان عام ١٩٥٤م. افتتحه الملك فيصل الثاني في ٢ نيسان ١٩٥٦م وهو مرتبط بنظام لتصريف مياه الفيضان في حالة حدوثه إلى منخفض الثرثار.
ثانياً: مشروع الحبانية:
وفي الخامس من نيسان، افتتح الملك فيصل الثاني مشروع الحبانية في مدينة الرمادي، والهدف منه القضاء كلياً على خطر الفيضان.
أما بقية المشاريع التي افتتحت فهي جسري الحلة والهندية، وقد قام بافتتاحها نوري السعيد (رئيس الوزراء آنذاك). وكذلك طريق الحلة – الكوفة – النجف، وقام بافتتاحها نوري السعيد أيضا، وكانت تكلفة المشاريع المفتتحة في هذا الأسبوع (٢١) مليون دينار عراقي.
– أسبوع الاعمار الثاني، وقد صادف الأسبوع الأخير من شهر اذار ١٩٥٧م:
ابتدأ الافتتاح الملك (فيصل الثاني) حيث افتتح جسر الملكة عالية (الجمهورية حالياً) الرابط بين كرادة مريم من جهة الشرق والباب الشرقي من جهة الرصافة، وصاحبه في الافتتاح ولي العهد (عبد الإله بن علي) ورئيس الوزراء (نوري السعيد).
بعدها تم افتتاح جسر الأئمة الرابط بين الكاظمية والاعظمية، كما وضع الملك فيصل الثاني حجر الأساس للمتحف العراقي الجديد في منطقة الصالحية والذي تم الانتهاء منه عام ١٩٦٦م، وهو من تصميم المعماري (فرانك لويدرايت)، كما افتتح الملك فيصل الثاني أيضاً معمل الألبان في أبو غريب الذي شيدت مبانيه الحكومة العراقية وقدمت منظمة اليونيسيف المكائن والمعدات.
كذلك وضع الملك فيصل الثاني حجر الأساس لمشروع إسكان غربي بغداد والمتضمن بناء خمسة وعشرين ألف بيت لغاية عام ١٩٦٠م، وهذا المشروع مقترح من قبل شركة دوسكيادس البولندية والمكلفة من الحكومة العراقية بوضع خطة لحل مشكلة السكن في العراق، وتقضي الخطة ببناء ٤٠٠ الف دار بحلول عام ١٩٨٠م في عموم العراق، وتم افتتاح (١٢٠) دارا ضمن المشروع في منطقة الوشاش وألف دار في منطقة الشالجية لعمال السكك، وفي نفس الأسبوع أقامت المؤسسة المذكورة معرض الإسكان في مديرية السكك الحديد بحضور مديرها، وعرضت الشركة رؤيتها لحل أزمة السكن في العراق وافتتح المعرض (نوري السعيد) رئيس الوزراء.
وفي عام ١٩٥٧م عهد إلى مؤسسة (مونوبريو وشركاؤه) – وهي شركة بريطانية للتخطيط الحضري – تقديم تخطيط أساسي لمدينة بغداد على مدة (٢٠) عشرين عاماً، إلا أنه استبدل التصميم الذي وضعته مؤسسة دوكسيادس، وخلال نفس الأسبوع افتتح الملك فيصل الثاني معمل النسيج القطني في الموصل ووضع حجر الأساس لمعمل السكر في الموصل، وبعدها تحول إلى السليمانية حيث افتتح معمل الإسمنت الحكومي في سرجنار وتفقد مشروع سد وخزان دوكان العملاق في مدينة السليمانية الجاري انشائه في وقتها، وبدأ العمل فيه عام ١٩٥٤م واكتمل بنائه سنة ١٩٥٩م.
وخلال الأسبوع الثاني أيضاً افتتحت عدة مشاريع أخرى من قبل الأمير عبد الإله بن علي (ولي العهد) آنذاك منها:
– وضع حجر الأساس لمحطة كهرباء المنطقة الوسطى وافتتاح محطة الإذاعة الجديدة في أبو غريب، وطريقي بغداد – المحمودية و بغداد – الفلوجة، كما افتتح نوري السعيد (رئيس الوزراء) أيضاً المكتبة الذرية التي أهدتها الحكومة الأمريكية للعراق، تزامناً مع انشاء العراق المختبر المركزي لبحوث الذرة المرتبط باللجة الذرية في مجلس الاعمار لمواكبة التقدم العالمي الحاصل في هذا المجال.
وافتتح وزير الاعمار (ضياء جعفر) محطة مبزل الصقلاوية ومشروع مزارع حديثة للفلاحين، وقد تجاوزت تكلفة المشاريع المنجزة في أسبوع الاعمار الثاني (٢٧) مليون دينار عراقي.
المشاريع التي أُكملت ونفذت بعد ١٤ تموز ١٩٥٨م:
كانت هناك مشاريع عدة قيد الانشاء أثناء قيام ١٤ تموز ١٩٥٨ وتغيير النظام من الملكي إلى الجمهوري، ومنها:
– بناية البرلمان العراقي في كرادة مريم.
– مدينة الطب في باب المعظم إضافة إلى الكليات المجاورة لها التي انتهت آخر مراحل تشييدها عام ١٩٧٠م.
– مستشفيات الكرخ والكاظمية وبناية جامعة بغداد في الجادرية التي اختار موقعها وصمم بنايتها وبوابتها الحالية المهندس الألماني (والترغروبيوس).
– المركز المدني في شارع الجمهورية الذي شيدت بناياته في مطلع الثمانينات والذي يضم مبنى أمانة العاصمة ومبنى دائرة إسالة ماء بغداد، ومن المفيد بالإشارة أن المركز المدني الذي كان مقرراً له من مجلس الاعمار أن تبنى فيه مكتبة عامة ومعرضا للفنون الجميلة وحدائق واسعة ليصبح مركزاً ترفيهياً وسط بغداد.
– كذلك هناك عدة سدود ومشاريع إروائية بدأ المجلس بتنفيذها وافتتحت بعد ١٤ تموز ١٩٥٨م، مثل (سد دربندخان) في السليمانية الذي بدأ العمل فيه سنة ١٩٥٦م وافتتح سنة ١٩٦١م، وسد (بطمة) المقام على نهر الزاب الصغير، وخزان (بخمة) المقام على نهر الزاب الكبير، وكان مقرراً ضمن خطة مجلس الاعمار التي تنتهي عام ١٩٦٠م إنشاء معمل الورق في البصرة ومعمل الحديد والصلب في جنوب العراق، واختيرت مدينة البصرة عند إنشائه، وطالب مجلس الاعمار وقتها بإنشائه لتلبية حاجة المشاريع المتزايدة من الحديد والفولاذ ولتقليل كلفة الاستيراد.
كما هناك مشاريع لمجلس الاعمار خطط لتنفيذها وتوقفت بعد ١٤ تموز ١٩٥٨، ولم تنفذ، ونلحظ أكثرها نفذ في سبعينات القرن الماضي، مثل دار الأوبرا المصممة من قبل المعماري الشهير (فرانك لويدرات) في كرادة مريم، ومطار بغداد الجديد في الدورة وفندق حديث في بغداد، وكان هناك اتفاق مع شركة هيلتون الامريكية الشهيرة لإدارته بعد اكتمال بنائه إضافة إلى فندق كبير في مدينة كربلاء وملعب رياضي لكرة القدم يتسع لسبعين ألف متفرج قرب المحطة العالمية في الكرخ.
بعد عرضنا بشكل موجز أهم المشاريع المنجزة وغير المنجزة لمجلس الاعمار في العراق خلال العهد الملكي نلحظ أن أهداف المجلس تركزت بالدرجة الأساسية على النهوض بالواقع العمراني والاقتصادي والصناعي في العراق ورفع مستوى معيشة الشعب وقد توزعت تلك المشاريع على جميع محافظات العراق تقريباً.
المصادر المعتمدة:
أولاً: عبد الله شاتي عبهول، مجلس الاعمار في العراق ١٩٥٠ – ١٩٥٨م، رسالة ماجستير، جامعة بغداد، كلية الآداب، ١٩٨٣م.
ثانياً: محاضر جلسات مجلس النواب العراقي، الدورة الانتخابية الثالثة عشر، الاجتماع الاعتيادي لسنة ١٩٥٠م، جلسات عدة تبدأ من ٢٥آذار ١٩٥١م.
ثالثاً: جواد هاشم وآخرون، تقييم النمو الاقتصادي في العراق ١٩٥٠ – ١٩٧٠م، ج٢، (بغداد).
رابعاً: عبد الرزاق الحسني، تاريخ الوزارات العراقية، ج٨، ط٩(بغداد، ١٩٨٨م).