ديسمبر 6, 2024
3906bcb97

الكاتب : فاضل حسن شريف

الجناس المصحف، ما كان اختلاف الحرفين في الكلمتين فيه بسبب النطق فقط. المثال: قول الله تعالى حكاية عن إبراهيم عليه السلام: (إبراهيم 79-80) الجناس بين اللفظي (يسقين) و(يشفين)، والحرفان المختلفان في النطق هما: السين في (يسقين) و الشين في (يشفين ) وأيضا القاء في (يسقين) والفاء في (يشفين)

جاء في موقع اسلام ويب عن المحسنات اللفظية في القرآن الكريم: يُقصد بـ (المحسنات) ما بها تحسين الكلام بعد رعاية المطابقة لمقتضى الحال، ورعاية وضوح الدلالة بخلوها عن التعقيد المعنوي. والمحسنات البديعية ضربان: معنوي يرجع إلى تحسين المعنى أولاً وبالذات، وإن كان بعضها قد يفيد تحسين اللفظ أيضاً. وضرب لفظي يرجع إلى تحسين اللفظ أصلاً، وإن تبع ذلك تحسين المعنى، لأن المعنى (إن) عُبِّر عنه بلفظ حسن، استتبع ذلك زيادة في تحسين المعنى. في مقال سابق تحدثنا عن المحسنات المعنوية، ونتحدث في هذا المقال على المحسنات اللفظية، والتي تشمل: الجناس، وائتلاف اللفظ مع المعنى، والإيجاز، والإرداف، والتمثيل. والبداية مع الجناس. أولاً: الجناس: عُرف الجناس بتعريفات عدة، حاصلها أنه تشابه اللفظين مبنى، واختلافهما معنى، فـ (البَيْن) هو الفراق، وهو الوصل أيضاً، و(الجَوْن) الأبيض، وهو الأسود أيضاً، و(الصارخ) هو المغيث، وهو والمستغيث أيضاً، و(الصريم) الليل المظلم، وهو الصبح أيضاً، و(غَبَر) الشيء بقي، وهو مضى أيضاً، و(القَرء) الطهر، وهو الحيض أيضاً، و(الناهل) العطشان، والريان أيضاً، و(وراء) بمعنى خلف، وقد يكون بمعنى قُدَّام. وأسلوب الجناس في القرآن كثير، وهو أنواع، ومن أمثلته الآتي: قوله تعالى: “ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة” (الروم 55) فقد تضمنت الآية جناساً، لاختلاف معنى اللفظين، إذ “الساعة” الأولى: القيامة، والثانية: المراد بها اللحظة من الزمن. ويسمى عند البلاغيين الجناس التام. – قوله سبحانه: “والذي هو يطعمني ويسقين * وإذا مرضت فهو يشفين” (الشعراء 80) فالجناس بين: يسقين ويشفين. وهذا من الجناس المصحَّف، وضابطه أن تختلف الحروف في النقط. – ومنه قوله عز وجل: “ولقد أرسلنا فيهم منذرين * فانظر كيف كان عاقبة المنذرين” (الصافات 73) فالجناس بين منذرِين ومنذرَين. وهذا من الجناس المحرَّف. وضابطه أن يقع الاختلاف في الحركات. – وقد اجتمع الجناس المحرف والمصحَّف في قوله تعالى: “وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا” (الكهف 104).

وعن  تفسير الميسر: قوله جل اسمه عن يسقين “وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ” ﴿الشعراء 79﴾ يُطْعِمُنِي: يُطْعِمُ فعل، نِي ضمير.  وَيَسْقِينِ: وَ حرف عطف، يَسْقِي فعل، نِ ضمير. قال إبراهيم: أفأبصرتم بتدبر ما كنتم تعبدون من الأصنام التي لا تسمع ولا تنفع ولا تضر، أنتم وآباؤكم الأقدمون من قبلكم؟ فإن ما تعبدونهم من دون الله أعداء لي، لكن رب العالمين ومالك أمرهم هو وحده الذي أعبده. هو الذي خلقني في أحسن صورة فهو يرشدني إلى مصالح الدنيا والآخرة، وهو الذي ينعم عليَّ بالطعام والشراب، وإذا أصابني مرض فهو الذي يَشْفيني ويعافيني منه، وهو الذي يميتني في الدينا بقبض روحي، ثم يحييني يوم القيامة، لا يقدر على ذلك أحد سواه، والذي أطمع أن يتجاوز عن ذنبي يوم الجزاء. قوله سبحانه عن يشفين “وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ” ﴿الشعراء 80﴾ يَشْفِينِ: يَشْفِي فعل، نِ ضمير. قال إبراهيم: أفأبصرتم بتدبر ما كنتم تعبدون من الأصنام التي لا تسمع ولا تنفع ولا تضر، أنتم وآباؤكم الأقدمون من قبلكم؟ فإن ما تعبدونهم من دون الله أعداء لي، لكن رب العالمين ومالك أمرهم هو وحده الذي أعبده. هو الذي خلقني في أحسن صورة فهو يرشدني إلى مصالح الدنيا والآخرة، وهو الذي ينعم عليَّ بالطعام والشراب، وإذا أصابني مرض فهو الذي يَشْفيني ويعافيني منه، وهو الذي يميتني في الدينا بقبض روحي، ثم يحييني يوم القيامة، لا يقدر على ذلك أحد سواه، والذي أطمع أن يتجاوز عن ذنبي يوم الجزاء.

وعن تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله جل اسمه عن يسقين “وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ” ﴿الشعراء 79﴾. قوله سبحانه عن يشفين “وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ” ﴿الشعراء 80﴾ من الصفات المعدودة من قبيل ذكر الخاص بعد العام فإنها جميعا من مصاديق الهداية العامة بعضها هداية إلى منافع دنيوية وبعضها هداية إلى ما يرجع إلى الآخرة. ولوكان المراد بالهداية الهداية الخاصة الدينية فالصفات المعدودة على رسلها وذكر الهداية بعد الخلقة، وتقديمها على سائر النعم والمواهب لكونها أفضل النعم بعد الوجود. وقوله: “والذي هو يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين” هو كالكناية عن جملة النعم المادية التي يرزقه الله إياها لتتميم النواقص ورفع الحوائج الدنيوية، وقد خص بالذكر منها ما هو أهمها وهو الإطعام والسقي والشفاء إذا مرض. ومن هنا يظهر أن قوله: “وإذا مرضت” توطئة وتمهيد لذكر الشفاء فالكلام في معنى يطعمني ويسقيني ويشفين، ولذا نسب المرض إلى نفسه لئلا يختل المراد بذكر ما هو سلب النعمة بين النعم، وأما قول القائل: إنه إنما نسب المرض إلى نفسه مع كونه من الله للتأدب فليس بذاك. وإنما أعاد الموصول فقال: “الذي هو يطعمني” إلخ، ولم يعطف الصفات على ما في قوله: “الذي خلقني فهو يهدين” للدلالة على أن كلا من الصفات المذكورة في هذه الجمل المترتبة كان في إثبات كونه تعالى هو الرب المدبر لأمره والقائم على نفسه المجيب لدعوته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *