الكاتب : جمال الناصري
في مقهى عامة تكتظ بالزبائن، كالعادة جلست على احدى المصاطب فيها، وكان يجلس الى جانبي شخص لا أعرفه، وهذا أمر عادي في بلدان الشرق الذي لايملك حواجزا في ثقافته الأجتماعية، دار بيننا حديث تسلل الى الخصوصية الفردية، فعرف انني من جيل شقيق له أسمه ( ياسر) .. فوجيء الرجل عندما علم أنني أعرفه، وهو زميل سابق لي في المرحلة الأعدادية وقد تفرقنا بعد القبول المركزي في اماكن دراسية عدة .. – ياسر ، قالها بحسرة صدرت من فؤاده، وقد أتم حديثه متنهدا، راح ياسر رحمة الله عليه .. كنت اعرف ان ياسر قد اعدم من قبل أجهزة النظام خلال الحملة على المتدينين في مطلع الثمانينيات .. توقف قليلا في لحظة ذهول، ثم أنبرى في سؤال : – ماذا تعرف عن ياسر، وكأنه يقتفي أثر أخيه الذي فارقه وضاعت معه أسرار كثيرة .. قلت : لا اعرف الكثير عنه، لكن لا اظن ان اخاك كان متورطا في تنظيم ديني او سياسي، اعرف انه هادئا، عاقلا ، قليل الأختلاط .. قال :- نعم ، وهو لا يتعدى سلوكه سوى الحضور مع جماعة لقراءة الدعاء و الزيارات ..وصار متدينا خلال دراسته الجامعية في البصرة . انتهى حديثنا بحزن ، حيث ان الناس لايعرفون مصير أبنائهم وحقيقة اعدامهم ، فراحوا يقتفون أثارهم من خلال أحاديث عابرة .. ليس ياسر وحده بهذا المصاب، بل رحل الكثير من أمثال ياسر الى حيث المجهول ..!!