يناير 26, 2025
468013031_2048676852252637_2102944009952645860_n

الكاتب : جمال الناصري

في ذلك المكان المعلق ما فوق الارض وما تحت الارض، اقرب الى القبر منه الى اي مكان اخر قد زرع الجلاد فيه شياطينه، ففي كل بقعة هناك شيطان يحسب الانفاس والسكنات والحركات ويلاحقك حتى في الاحلام، من ثم يقوم بتسليم جسدك لتنهشه سياط الجلاد في حفلة تعذيب واستهتار وعبث بأمانة الرب في الارض والتي اوصى بها في تعاليمه السماوية، فجعل على كل ارش هناك دية فكيف بتحطيم العظام وتكسيرها ارضاء للجلاد ولكي تكتمل ساديته في مربع يتشكل من القهر والمرض والموت وخنق الانفاس.

 يفر النوم من وسط تلك الاعداد المتزاحمة في المكان حتى تشعر ان الارض قد ضاقت اطرافها ونقصت ثم ضاقت جميع الاماكن ومنها هذا المكان حتى امسى النوم المتواصل مستحيلا او اشبه بالمستحيل، لم يطرق النوم الهانيء المتواصل ابواب سجن ابو غريب طيلة سنوات عشر ، كان النوم يشبه الى حدما سكرات متقطعة يسترقها الجسد المتعب من المرض والحسرات لعله ينسى ولو للحظات واقعه المأساوي المفعم بكل انواع مرارة الحياة   اضحت لذة الطعام المقترنة في قرقعة المفاتيح ضربا من الخيال، بعد كل قرقعة لمفاتيح الجلاد تضطرب الامعاء والاعصاب الحسية للانسان كردة فعل لما سيفعله الجلاد لاحقا وبعد وصول وجبة الطعام المكررة والمليئة باعقاب السجائر او في حبيبات الاسهال  قرقعة المفاتيح اصبحت هي من ادوات السلوك الشرطي للتعليم، فقد اقترنت بغرائز الجلاد المتوحشة، ما ان تسمع تلك القرقعة القاتلة في وقت الظهيرة او عند العشاء حتى تمتد الرقاب مشرأبة لتعرف من سيكون هذه الساعة في حضرة الجلاد، وبعد ان يفتح شياطين الجلاد باب الزنزانة ليخرج منها جسدا متهالكا من الجوع والمرض لتتلقفه السياط لتاكل ماتبقى في جسده من قوة ليظهر بعدها الجلاد في ابشع صوره الوحشية، وهو يتلذذ بتعذيب الضحية أشد تعذيب، فيلقي الحزن بعد ذلك بظلاله على المشهد بعد أن يمتزج مع الصراخ الذي يملأ السجن كله ، لتتحول الصورة اكثر قتامة فتنسد النفوس فتطير منها شهوة الجوع امام طعام شحيح، واقرب الى القيء الممضوغ لتكتمل كل ألوان العذاب في كل زوايا الحياة في تلك البقعة من الارض التي اسموها ( ابو غريب) ان كان هناك فيها شكلا للحياة أصلا..

(بوابة عزرائيل) هو عنوان الرواية القادمة التي ستروي جزءا من الحكاية  التي تأبى جراحها ان تندمل !!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *