مليارات دنانير القمة العربية ببغداد تُحرق على مسرحية هزلية بينما أطفال مرضى السرطان يصرخون الموت يلاحقنا في صمت

صباح البغدادي

وجهت جمعية مرضى سرطان الدم في العراق نداء استغاثة عاجل إلى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني التدخل مباشرة في توفير العلاجات الأساسية، مؤكدة أن مرضى سرطان الدم الحاد يواجهون الموت لنفاذ علاجهم. وقال رئيس الجمعية محمد كاظم جعفر في تصريح صحفي إن «مرضى سرطان الدم الحاد يواجهون الموت البطيء بسبب نفاذ علاجهم في المستشفيات الحكومية».

في مشهدٍ يدمي القلب ويثير الغضب، تستعد بغداد لاستضافة قمة عربية جديدة، تُنفق فيها مليارات الدنانير على استعراضاتٍ براقة، فنادق فارهة، ومؤتمراتٍ مكيفة، وسيارات حديثة وبهرجة اعلامية سخيفة وساذجة !!؟ بينما مرضى سرطان الدم في العراق يواجهون شبح الموت بسبب نفاد أدويتهم الأساسية. يا لها من مفارقةٍ مضحكة وقاتلة! بين قاعات القمة المزينة بالثريات، حيث تُلقى الخطب الرنانة وتُكتب البيانات الجوفاء الرعناء ، يصرخ رئيس جمعية مرضى سرطان الدم في العراق بنداء استغاثةٍ موجع: “أنقذونا! العلاجات نفدت، والروتين الحكومي يقتلنا، والمسؤولون لا يكترثون!”

هل هذه هي الأولويات يا سادة؟ مليارات تُصرف على قمةٍ لا تُذر ولا تُغني من جوع، بياناتها الختامية مجرد حبرٍ على ورق، وشعاراتها تتلاشى مع أول نسمة هواء؟ في الوقت الذي يُنفق فيه المسؤولون أموال الشعب على استعراضاتٍ هزلية سياسية، يتوسل مرضى السرطان، أطفالاً وشباباً وشيوخاً، للحصول على جرعة دواءٍ قد تُبقيهم على قيد الحياة. أي عارٍ هذا؟ أي ضميرٍ مات ليسمح لهذا الإهمال القاتل أن يستمر؟

رئيس جمعية مرضى سرطان الدم وجه نداءه مباشرةً إلى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، متوسلاً تدخلاً عاجلاً لتوفير العلاجات الأساسية. لكنه، وللأسف، ليس النداء الأول، ولن يكون الأخير. فالروتين الحكومي، هذا الوحش البيروقراطي، يُحكم قبضته على رقاب المرضى، يُعطّل الميزانيات، ويُماطل في تخصيص الأموال. بينما تُنفق مليارات على قمةٍ ستُنتج، كالعادة، وعوداً فارغة وصوراً تذكارية، يموت المرضى في صمتٍ، متروكين لمصيرهم المؤلم دون من يسمع صرخاتهم.

أليس من العيب أن تُعقد قمةٌ عربية بمثل هذا البذخ في بلدٍ يعاني مواطنوه من انهيار الخدمات الصحية؟ أليس من الخزي أن تُصرف أموال الشعب على مهرجاناتٍ سياسية بينما الأطفال المصابون بالسرطان ينتظرون الموت لعدم توفر دواءٍ بسيط؟ يا للعجب! كيف ينام المسؤولون قريري العين وهم يعلمون أن هناك من يصارع الموت بسبب إهمالهم؟

إن هذا الواقع المرير ليس مجرد فشل إداري، بل جريمة أخلاقية بكل المقاييس. إنفاق المليارات على قمةٍ لن تُغير شيئاً في حياة العراقيين، بينما يُترك المرضى للموت، هو دليلٌ صارخ على انفصال المسؤولين عن هموم شعبهم. أين الأولويات؟ أين الضمير؟ أين العدالة في بلدٍ يُنفق على البهرجة بينما مواطنوه يموتون جوعاً للدواء؟

إلى رئيس الوزراء، السيد محمد شياع السوداني، نناشدك: كفى ظلماً! توقف عن هذا العبث السياسي وانظر إلى شعبك. مرضى السرطان ليسوا أرقاماً في تقارير، بل أرواحٌ بشرية تُعاني وتتألم. تدخل الآن، وأوقف هذا النزيف. وإلى المسؤولين الذين يُشرفون على تنظيم هذه القمة: اتقوا الله في شعبكم! أعيدوا النظر في أولوياتكم، وتذكروا أن التاريخ لن يرحم من أهمل صرخات المرضى من أجل صورةٍ فوتوغرافية أو تصريحٍ إعلامي.

قمة بغداد العربية، بكل أسف، ليست سوى مسرحيةٍ سخيفة وهزلية تُكلف الشعب العراقي ثمناً باهظاً. بينما تُرفع فيها الأعلام وتُلقى الخطب، يموت مرضى السرطان في المستشفيات، متروكين لقدرهم، في بلدٍ يُنفق ملياراته على السراب. فهل من معتبر منكم ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *