ما دام السلاح شيعي فهو منفلت..!

عباس زينل

لو تمعّنا في القضية أكثر، لرأينا أن السلاح الشيعي، منذ الأزل، يُعتبر سلاحًا منفلتًا وغير نظامي في نظر الخصوم، بدءًا من فترة الأئمة وصولًا إلى يومنا هذا. ففي كل فترة من الفترات، كانت هناك مقاومة شيعية ضد الأنظمة القمعية. وحتى حين كان الشيعة على رأس الحكم، كان لزامًا عليهم الدفاع عن حكمهم بطرق غير تقليدية، لأن المؤسسات الأمنية الرسمية كانت مخترقة من قِبَل شخصيات أو جماعات هدفها النيل من الشيعة وتخريب حكمهم.

أما اليوم، فلننظر إلى إيران، الدولة الشيعية القوية. فرغم وجود مئات الدول التي تمتلك السلاح النووي رسميًا وعلنيًا، ولديها القدرة على استخدامه لأغراض عسكرية، نجد أن إيران، ورغم فتوى الإمام الخميني (قدس سره) بتحريم استخدام النووي في الحروب وإجازته فقط لأغراض الطاقة السلمية النظيفة، تُواجَه بمطالبات، خصوصًا من العرب، بعدم امتلاكه أصلًا!

وفي لبنان، لم يُسجّل التاريخ مرة واحدة أن الجيش النظامي دخل حربًا دفاعًا عن لبنان وكرامته وحدوده. الجيش الوحيد الذي دافع وضحّى هو “جيش حزب الله”. ومع ذلك، لا تتوقف المطالبات بنزع أو تسليم سلاحه إلى الحكومة.

أما في العراق، فالقضية ليست معقّدة كما هي في بقية البلدان، لأن الأمر واضح: المقصود هو نزع سلاح العراق، لا سلاح “المقاومة”. الفرقة الذهبية، على سبيل المثال، كانت تُسمّى يومًا ما بـ”الفرقة القذرة”، والجيش العراقي كان يُوصَف بـ”الجيش الهالكي”، والشرطة العراقية نُعتت بالخيانة لأنهم خدموا مع الأمريكيين، وجهاز الأمن الوطني عانى طويلًا حتى أثبت وجوده وفرض احترامه.

أما الحشد الشعبي، فرغم ما قدّمه من تضحيات في سبيل الوطن والعقيدة، ورغم أن البرلمان أقرّ قانونه، وأنه قوة تابعة لرئاسة الوزراء وتأتمر بأوامر الدولة، إلا أن ذلك لم يمنع المطالبات اليومية بحلّه أو دمجه في مؤسسات أمنية كانت يومًا ما محارَبة كما هو الحال معه اليوم.

وما يحدث اليوم مع الفصائل ليس غريبًا، فقد حدث الأمر نفسه مع الأجهزة النظامية، فكيف لا يحدث مع الفصائل؟

إذن، القضية ليست مطلبًا داخليًا بحتًا. فحتى إن وُجدت أصوات في الداخل تطالب بذلك، فبعضها قد تكون نواياها صادقة، وتطمح لتقوية الجيش النظامي، بشرط ألا تشمل تلك المطالب الحشد الشعبي، وبعضها الآخر يصدر تحت ضغط خارجي.

في كل الأحوال، يبقى الهدف غير حقيقي وغير منطقي، ولا يمتّ برؤية ناضجة كالتي تملكها المرجعية الدينية. فهذه المرجعية، التي أفتت بتشكيل هذه القوى، قادرة بكل بساطة على أن تُصدر فتوى بحلّها بجرة قلم، إن رأت أن الظرف يقتضي ذلك