من باع خور عبد الله ؟!

عبد الرضا البهادلي

أثار ملف خور عبد الله جدلاً واسعًا في الإعلام وفي أوساط المجتمع العراقي، إلا أن الكثير من الناس يجهلون الخلفيات التاريخية والسياسية لهذا الموضوع، ويغفلون عن الطرف الأول الذي تنازل رسميًا عن جزء من هذا الممر البحري للعراق .

📍الحقيقة أن أول من فتح الباب لهذا التنازل هو نظام صدام حسين البعثي، وذلك بعد غزوه للكويت عام 1990، والذي أدى إلى تدخل دولي واسع النطاق انتهى بإصدار مجلس الأمن قراره المرقم 833 عام 1993، وهو القرار الذي رسم الحدود البرية والبحرية بين العراق والكويت، بما في ذلك خور عبد الله.

📍صدام، وكعادته في السياسات الارتجالية التي أهدرت سيادة العراق، رفض القرار بدايةً، لكنه ما لبث أن أرسل في عام 1994 رسالة رسمية إلى الأمم المتحدة يقرّ فيها بقبول القرار 833، ويعترف به، مما جعل التنازل عن أجزاء من خور عبد الله أمرًا موثقًا دوليًا وبإرادة النظام البعثي نفسه.

📍أما ما جرى بعد 2003، فكان اتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبد الله بين العراق والكويت، التي وُقّعت عام 2012 ودخلت حيز التنفيذ في 2013، وهي لم تكن ترسيمًا جديدًا للحدود، بل جاءت بناءً على الحدود التي أقرّها صدام رسميًا عام 1994.

📍هنا يُطرح سؤال مشروع:
لماذا يتم تجاهل مسؤولية النظام البعثي عن هذا التنازل؟ ولماذا تركز الحملات الإعلامية والاحتجاجات الشعبية على الحكومات الشيعية فقط، متهمةً إياها بأنها من “باعت” خور عبد الله، بينما الوثائق الأممية تُثبت أن أصل التنازل تم في عهد النظام البعثي؟

📍نعم، من حق العراقيين اليوم، بعد أن أدركوا خطورة ما جرى ، أن يطالبوا حكومتهم بإعادة النظر في هذه الاتفاقيات، سواء عبر الحوار المباشر مع الكويت أو عبر المسارات الدولية كالأمم المتحدة. وهذا يتطلب وحدة الموقف بين جميع القوى الحاكمة ودعم شعبي قوي من اجل استعادة الخور بكامله الى العراق …

📍لقد اخذت الكويت من العراق تعويضات مالية تفوق الـ50 مليار دولار، وهو مبلغ يمكن أن يُشيّد عشرات المدن، وليس مدينة بحجم الكويت فقط. ومن هذا المنطلق، يُنتظر من الجارة الكويت أن تُظهر تفهّماً عقلانياً وإنسانياً في هذه القضية، انطلاقًا من منطق حسن الجوار. فما أُخذ من العراق في لحظة ضعف، قد يعود مضاعفًا إذا ما استعاد العراق عافيته وقوته ومكانته …..

📍ومن هنا، اقول للشعب العراقي لا مبرر لإثارة الفوضى بذريعة قضية خور عبد الله، خاصة إذا كانت تلك الفوضى تُستغل من قبل البعثيين أو الأطراف الدولية والإقليمية، التي كانت – في الأصل – سببًا في فرض القرارات الدولية المجحفة على العراق، نتيجة سياسات النظام البعثي الصدامي المجرم ….