الكاتب : د. فاضل حسن شريف
—————————————
ان الاستعانة أو الركون الى الظالم مثل المدعو الرافعي الذي بسبب فتواه استبيح دم التركمان والأزيديين وشباب سبايكر وغيرهم من الأبرياء فيكون مصير كل معين له وجلبه الى بغداد نار جنهم جاء في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله تعالى “وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ” ﴿هود 113﴾ تَرْكَنُوا: تَرْكَنُ فعل، وا ضمير. تركنوا: تميلوا و تتقَوَّوا. أو تطمئنوا. لا تركنوا: لا تَمِلْ قلوبكم بالمحبّة. وَ لا تَرْكَنوا: لا تميلوا و لا تستعينوا و لا ترضوا. أن الركون المنهي عنه في الآية أخص من الولاية المنهي عنها في آيات أخرى كثيرة فإن الولاية هي الاقتراب منهم بحيث يجعل المسلمين في معرض التأثر من دينهم أو أخلاقهم أو السنن الظالمة الجارية في مجتمعاتهم وهم أعداء الدين، وأما الركون إليهم فهو بناء الدين أو الحياة الدينية على ظلمهم فهو أخص من الولاية موردا أي أن كل مورد فيه ركون ففيه ولاية من غير عكس كلي، وبروز الأثر في الركون بالفعل وفي الولاية أعم مما يكون بالفعل. ويظهر من جمع من المفسرين أن الركون المنهي عنه في الآية هو الولاية المنهي عنها في آيات أخر. قال صاحب المنار في تفسيره، بعد ما نقل عن الزمخشري قوله: إن النهي في الآية متناول للانحطاط في هواهم والانقطاع إليهم ومصاحبتهم ومجالستهم وزيارتهم ومداهنتهم والرضا بأعمالهم، والتشبه بهم والتزيي بزيهم، ومد العين إلى زهرتهم، وذكرهم بما فيه تعظيم لهم، وتأمل قوله: “ولا تركنوا” فإن الركون هو الميل اليسير، وقوله: “إلى الذين ظلموا” أي إلى الذين وجد منهم الظلم، ولم يقل: إلى الظالمين. انتهى. أقول: كل ما أدغمه في النهي عن الركون إلى الذين ظلموا قبيح في نفسه لا ينبغي للمؤمن اجتراحه، وقد يكون من لوازم الركون الحقيرة ولكن لا يصح أن يجعل شيء منه تفسيرا للآية مرادا منها، والمخاطب الأول بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والسابقون الأولون إلى التوبة من الشرك والإيمان معه، ولم يكن أحد منهم مظنة للانقطاع بظلمة المشركين، والانحطاط في هواهم، والرضا بأعمالهم. إلى آخر ما أطنب فيه. وقد ناقض فيه نفسه أولا حيث اعترف بكون بعض الأمور المذكورة من لوازم الركون لكنه استحقرها ونفى شمول الآية لها، والمعصية كلها عظيمة لا يستهان بها غير أن أكثر المفسرين هذا دأبهم لا ينقبضون عن نسبة بعض المساهلات إلى بيانه تعالى. وأفسد من ذلك قوله: إن المخاطب الأول بهذا النهي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والسابقون الأولون ولم يكونوا مظنة للانقطاع إلى ظلمة المشركين والانحطاط في هواهم والرضا بأعمالهم إلخ فإن فيه أولا: أن الخطاب خطاب واحد موجه إليه صلى الله عليه وآله وسلم وإلى أمته، ولا أول فيه ولا ثاني، وتقدم بعض المخاطبين على بعض زمانا لا يوجب قصور الخطاب عن شمول بعض ما في اللاحقين مما ليس في السابقين إذا شمله اللفظ.
جاء في موقع انفوبلسو عن منابر الفتنة تعود من بوابة الدولة: كيف سمحت بغداد بعودة رافع الرفاعي وأمثاله ولماذا تُعاد عجلة الدم إلى الوراء؟ في مشهدٍ أثار موجة غضب عارمة، عاد مفتي الديار العراقية السابق رافع الرفاعي إلى العاصمة بغداد، بعد سنوات من هروبه خارج البلاد وملاحقته بتهم تتعلق بالإرهاب والتحريض الطائفي، وهي التهم التي ارتبطت بشكل مباشر بمراحل مظلمة من تاريخ العراق الحديث، حين تحولت ساحات الاعتصام في الرمادي والفلوجة عام 2013 إلى منصات لخطاب الكراهية والدعوات المسلحة ضد الدولة. هذه العودة لم تكن مجرد حدث عابر أو مصالحة سياسية عادية، بل خطوة فتحت باب الأسئلة المقلقة على مصراعيه: من أعاد الرجل؟ ولماذا الآن؟ ومن المستفيد من إعادة تدوير رموز التحريض بعد عقدٍ من الدماء والدمار؟ منذ الإعلان عن وصول الرفاعي إلى مطار بغداد، وانتشار صور استقباله الرسمي من قبل وفدٍ ترأسه مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي غضباً واستغراباً، بينما اكتفت الحكومة بالصمت المطبق، وكأنّها غير معنية بمشاعر العراقيين الذين ما زالوا يدفنون أبناءهم في المقابر الجماعية التي خلفها الإرهاب الذي غذّاه خطاب هؤلاء. كان المشهد أشبه بصفعة للذاكرة الوطنية، التي لم تنسَ بعد أصوات التحريض المنطلقة من المنابر في ساحات الفتنة، حين كان رافع الرفاعي يتحدث باسم “الثوار”، فيما كانت عبوات “الثوار” تحصد أرواح الجنود والمدنيين على حد سواء. المدون علاء الخفاجي كتب على صفحته تعليقاً لاذعاً: “عمي احنا الإرهابية، وهو رجل فقير! السوداني إذا أخذ دورة ثانية يصير أمير المؤمنين، والحسين خرج عن إمام زمانه” فيما علّق آخرون بمرارة، قائلين: “بغداد تفتح أبوابها للإرهابيين وتغلقها بوجه الفقراء والشهداء”. هذه التعليقات الشعبية تعبّر عن وعيٍ جمعيّ يرى في عودة الرفاعي خيانة صريحة لدماء الشهداء، وتراجعاً خطيراً عن مبادئ العدالة والمحاسبة التي يُفترض أن تكون خطاً أحمر لا يُمَسّ. ضغوط خارجية: المحلل السياسي إبراهيم السراج قال إن عودة الرفاعي “ليست ضمن برنامج الحكومة ولا ضمن سيادة القرار الوطني، بل هي نتيجة ضغوط خارجية واضحة”، مؤكداً أن “الرفاعي ما زالت له تسجيلات ومقاطع صوتية يُمجّد فيها العمليات الإجرامية ويشيد بالإرهابيين، بل يدعو لتقبيل أيديهم”. ويضيف السراج أن هذه العودة تمثل “نقطة ضعف كبيرة تسجل ضد الحكومة، لأنها لم توضح للرأي العام الأسباب القانونية التي دفعتها لإسقاط التهم، ولا الجهة التي توسطت سياسياً لإعادته، ولا حتى الكيفية التي تم بها ترتيب هذا الاستقبال الرسمي وكأنه بطل قومي عاد من المنفى”. عودة الخطر بلباس المصالحة: يرى مراقبون أن الحكومة الحالية فتحت الباب أمام خطرٍ مزدوج: فهي من جهة أضعفت ثقة الشارع بسيادة القانون، ومن جهة أخرى منحت المجموعات الطائفية في الداخل والخارج شعوراً بأن بغداد باتت مهيأة لتكرار سيناريو “ساحات الفوضى” التي سبقت سقوط ثلاث محافظات بيد تنظيم داعش عام 2014. فعودة الرفاعي، كما يقول خبراء أمنيون، لا يمكن فصلها عن مشروعٍ سياسي أكبر يُدار من الخارج لإعادة تشكيل الخريطة السنية عبر إعادة تدوير الوجوه القديمة التي كان لها دور في انهيار الأمن الوطني. قبل ذلك، سمحت الحكومة بعودة علي حاتم السليمان، المتهم بالتحريض ضد القوات الأمنية، وألغت قرار منعه من الظهور الإعلامي. وبمجرد عودته، بدأ بإطلاق تصريحات “تسمّم” الفضاء السياسي مجدداً، متحدثاً بلهجة التحدي والشماتة، في تكرارٍ لمشهد 2013 حين كانت كلماته تُترجم إلى عبواتٍ ناسفة واستهدافاتٍ للجيش والحشد الشعبي. واليوم، يبدو أن السيناريو ذاته يُعاد بوجوهٍ جديدة، لكن بمباركة رسمية هذه المرة.
صمت الدولة وضجيج الشارع: السكوت الحكومي المريب تجاه غضب الشارع، فتح باب التأويلات على مصراعيه. فالبعض يرى أن الأمر يأتي ضمن تسويات سياسية تهدف إلى “ترطيب” العلاقة مع زعامات عشائرية سنية تميل إلى دعم أطراف معيّنة في الانتخابات المقبلة، فيما يعتبر آخرون أن بغداد ترضخ لضغوط إقليمية مصدرها الدوحة وأنقرة اللتان طالما سعتا لإعادة نفوذ التيار السلفي المعتدل ظاهرياً، لكن المشبع بخطاب الكراهية باطناً. المدون علي كامل كتب غاضباً: “أحد مشايخ (قادمون يا بغداد) كان يهدد بإسقاط النظام ويصف الجنود بالكفار، واليوم يُستقبل بالدفوف والابتسامات من قِبَل الحكومة وكأنه عاد من رحلة علمية في الفضاء”. بينما كتب الناشط سجاد يوسف: “هذه الحكومة وباء على كل العراقيين، والمضيّ بقراراتها هو العار الأكبر”. وتحوّلت هذه التعليقات إلى موجة رفض رقمية غير مسبوقة، فالمئات من الحسابات العراقية عبّرت عن غضبها بعبارات مثل “دماء الجيش لا تُنسى”، و”أين العدالة؟”، و”من أعاد مفتي الإرهاب سيعيد داعش يوماً ما”. العدالة في مواجهة النسيان: من الناحية القانونية، يرى خبراء القضاء أن تبرئة الرفاعي بهذه السرعة، ورفع تهم الإرهاب عنه، تمثل إهانة للمنظومة القضائية العراقية التي سبق وأن أصدرت مذكرات توقيف بحقه مدعومة بالأدلة الصوتية والمرئية. عودة الماضي على هيئة الحاضر: التاريخ القريب لا ينسى. قبل عقدٍ فقط، كان الرفاعي يقف على منابر الرمادي يصف الجيش العراقي بـ”الميليشيات”، ويدعو إلى “الثورة” على الحكومة. كانت كلماته شرارةً أشعلت نار الفتنة التي التهمت مدناً بأكملها. واليوم يعود الرجل ذاته إلى بغداد، ليُستقبل بالأحضان الرسمية، وكأن كل تلك السنوات من الدم والدمار لم تحدث. يقول أحد المحللين: “إنها ليست عودة شخص، بل عودة مرحلة كاملة من الانقسام والخراب”. ويؤكد أن السماح بعودة رموز التحريض ليس خطوة نحو المصالحة كما يروّج البعض، بل إعادة تدوير للأزمة، لأن الفكر لا يُغيّر بالتصريحات ولا بالتجميل السياسي، خصوصاً إذا كان صاحب الفكر ذاته لم يعلن توبته ولم يعتذر للشعب العراقي علناً. ما حدث مع رافع الرفاعي ليس مجرد صفحة جديدة في دفتر السياسة العراقية، بل صفعة موجعة لذاكرة وطنية لم تندمل جراحها بعد. فالذين فقدوا أبناءهم في معارك تحرير الأنبار وصلاح الدين ونينوى، يرون اليوم رموز الفتنة يعودون مكرّمين، فيما عوائل الشهداء ما زالت تبحث عن رفات أحبائها بين المقابر.
جاء في كتاب القضاء والشهادات للسيد ابو القاسم الخوئي عن قضاء الفاسق: أن لا يكون فاسقاً، وإلاّ فلا ينفذ حكمه، وذلك مضافاً إلى عدم الخلاف والتسالم على ذلك للنهي عن الركون إلى الظالم”وَلاَ تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِن دُونِ اللّه مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ” (هود 113) ولا شك في أنّ الركون إلى حكم الفاسق في المحاكمة ركون إلى الظالم. أما بالنسبة إلى اعتبار العدالة في الشاهدين فقد دل على ذلك الكتاب كقوله تعالى: “وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنكُمْ” (الطلاق 2) وكذا الروايات الدالة على اعتبار العدالة فيهما، والحكمة في هذا الاعتبار لعلها واضحة، إذ لو لم تعتبر فيهما لاختل النظام، وحصلت المفاسد الكثيرة بشهادة غير المتجاهر بالفسق، وبذلك تبطل حقوق الناس وأموالهم، ولا يمكن التعدي من ذلك إلى قاضي التحكيم الذي يتراضى به المترافعان، إذن فلا تعتبر العدالة فيه.
عن المحرمات في الشريعة الاسلامية للسيد علي السيستاني: معونة الظالمين والركون اليهم، وكذلك قبول المناصب من قبلهم الا فيما إذا كان اصل العمل مشروعاً و كان التصدي له في مصلحة المسلمين (هود 113) و (قصص 77) و (المائدة 2) و (الممتحنة 4) و (النساء 85)
جاء في موقع شفقنا عن مقالة نهضة عاشوراء ومبادئها القرانية: تكرر من الإمام الحسين عليه السلام، ذكر حديث عن النبي صلى الله عليه وآله في رسالته عليه السلام إلى رؤساء أهل الكوفة، وفي خطابه لأصحابه، وفي خطابه لجيش الحرّ، فكان عليه السلام يستدل بذلك الحديث النبوي كثيراً، ويطبقه على بني أُميّة. وهذا الحديث هو: (مَن رأى سلطاناً جائراً مستحلاً لحرم الله، ناكثاً لعهد الله، مخالفاً لسنّة رسول الله عليه السلام، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يُغيّر عليه بفعل، ولا قول كان حقاً على الله أن يُدخله مدخله). إنَّ هذا التوجيه النبوي ـ والذي نظَّم الإمام الحسين عليه السلام ثورته في كربلاء على أساسه ـ مأخوذ من القرآن الكريم، فالقرآن يُقبّح الظلم، ويستنكره في آيات كثيرة، ويعدُّ الظلم سبباً في عذاب بعض الأُمم، بل أوجبت الآيات العقاب على مَن مال إلى الظالمين وركن إليهم. قال الله تعالى: “وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّـهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ” (هود 113). ثمّ يجيز الله تعالى الجهاد لكلّ مظلوم، فيقول: “أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّـهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ” (الحج 39). نعم، إنّ دين الله تعالى، وكذا الإمام الحسين عليه السلام، بل وجميع الأُمّة الإسلامية كانوا تحت ظلم يزيد وبني أُميّة. وقد صوّر الإمام الحسين عليه السلام هذا الظلم والقائمين به بقوله: (يزيد رجل فاسق، معلن بالفسق، يشرب الخمر، ويلعب بالكلاب والفهود، ويبغض بقية آل الرسول)، (قاتل النفس المحترمة ومثلي لا يبايع مثله)، وقال أيضاً: (يا فرزدق، إنّ هؤلاء القوم لزموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد في الأرض، وأبطلوا الحدود، وشربوا الخمور، واستأثروا في أموال الفقراء والمساكين)، (وأحلّوا حرام الله، وحرَّموا حلاله، واستأثروا بالفيء). وفي مثل هذه الشرائط والظروف، فإنّ وظيفة كلّ مسلم ـ وطبقاً لما جاء في القرآن الكريم ـ أن يهبَّ لمبارزة الفساد والظلم، وهكذا فعل إمامنا الحسين عليه السلام.