التشبيه في القرآن الكريم

د. فاضل حسن شريف

عن مركز تفسير للدراسات القرآنية: بلاغة التشبيه في القرآن الكريم للدكتور عليّ ميرلوحي فلاورجاني: بيان إمكان المشبَّه بإيراد التشبيه كبرهان له، كما في قول الشاعر: فإنْ تَفُقِ الأنامَ وأنت منهم * فإنَّ المسكَ بعضُ دمِ الغزالِ. فقد أراد الشاعر أن يُثبت لممدوحه (أنّه فاق الأنام وفاتهم إلى حدٍّ بَطَلَ معه أن يكون بينه وبينهم مشابهة ومقاربة، بل صار كأنه أصلٌ بنفسه وجنسٌ برأسه وهذا أمر غريب، وهو أن يتناهى بعض أجزاء الجنس في الفضائل الخاصّة به إلى أن يصير كأنه ليس من ذلك الجنس، وبالمدعى له حاجة أن يصحّح دعواه في جواز وجوده على الجملة إلى أن يجيء إلى وجوده في الممدوح، فإذا قال: (فإنّ المسكَ بعضُ دمِ الغزالِ)، فقد احتجّ لدعواه وأبان أنّ لِما ادّعاه أصلًا في الوجود). والأغراض الثلاثة الباقية يعود أمرها إلى الإيضاح والتبيين وتفهيم المعنى وتقريبه إلى ذهن السامع أو قلبه بأخصر بيان وأبلغ كلام، فإذا قال القائل: (هو كالرّاقم على الماء)، في تقرير حال مَن لا يحصل مِن سعيه على طائل، فقد أخرج المعنى من صورته المعقولة إلى صورة مشابهة لها محسوسة، ووضعه على مسرح الحسّ والعيان، وفي تبيين مقدار حال المشبَّه في قوله تعالى: “الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا ‌كَوْكَبٌ ‌دُرِّيٌّ” (النور 35)، ينتقل المخاطب والسامع من الوصف بالسماع إلى الرؤية بالأبصار، وهذا غاية في البلاغة والبيان، وكذا يحصل للسامع في بيان حال المشبَّه في قوله تعالى: “يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ ‌كَطَيِّ ‌السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ” (الأنبياء 104)، من تصوّر حال المشبّه ووضوحه ما لا يخلفه أيُّ تعبير ولا يسُدّ مسَدّه أيُّ بيان. إثبات توحيد الله سبحانه بالتشبيه البرهاني: من الواضح أن إثبات التوحيد بالتشبيه البرهاني لا يتأتى إلا في القضية السالبة لا الموجبة، لأنه تعالى بالبرهان العقلي وبالدليل النقلي كما في قوله سبحانه: “لَيْسَ ‌كَمِثْلِهِ شَيْءٌ” (الشورى 11) تنزّه عن أن يكون له مثل أو نظير، فكيف يمكن إثبات وحدانيته بالقياس إلى غيره قياسًا إيجابيًّا. أمّا إثبات توحيده بالتشبيه البرهاني وفي قضية سالبة تقرن بدليل ينفي المشابهة والمماثلة بين الله وغيره فهذا أمر ممكن، ومما جاء في كلام الله تعالى قوله: “أَفَمَنْ ‌يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ” (النحل 17)، فقد نفى اللهُ حكمَ المساواة والمماثلة بين طرفي التشبيه المفروض وقرن به العلّة وهي تضاد الطرفين في أنّ المشبه المفروض قادر على الخلق والمشبه به المفروض غير قادر عليه، فينتفي بذلك المشابهة.

جاء في موقع موضوع عن أمثلة عن التشبيه البليغ في القرآن للكاتبة أحلام بكري: فيما يأتي أمثلة متنوعة من القرآن الكريم على التشبيه البليغ الذي يعدّ أحد أنواع التشبيه في علم البيان من البلاغة العربية: “مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَّا يُبْصِرُونَ” (البقرة 17) أمثلة على التشبيه البليغ من الثلث الأول من القرآن الكريم من الأمثلة على التشبيه البليغ من الثلث الأول من القرآن الكريم ما يأتي: قوله تعالى: “صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ” (البقرة 171) المشبّه: الكفّار، المشبّه به: صمّ وبكمّ وعمي، وجه الشّبه: محذوف، أداة التشبيه: محذوفة، نوع التّشبيه: بليغ. قوله تعالى: “صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ” (البقرة 18) المشبّه: الذين كفروا، المشبّه به: الصمّ والبكمّ والعمي، وجه الشّبه: محذوف، الأداة: محذوفة، نوع التّشبيه: بليغ. أمثلة على التشبيه البليغ من الثلث الثاني من القرآن الكريم من الأمثلة على التشبيه البليغ من الثلث الثاني من القرآن الكريم ما يأتي: قوله تعالى: “وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ” (النمل 88) المشبّه: مرور الجبال، المشبّه به: مرور السحاب، وجه الشّبه: محذوف، الأداة: محذوفة، نوع التّشبيه: بليغ. قوله تعالى: “وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا” (الكهف 51) المشبّه: المضلين، المشبّه به: عضدًا، وجه الشّبه: محذوف، الأداة: محذوفة، نوع التّشبيه: بليغ. أمثلة على التشبيه البليغ من الثلث الثالث من القرآن الكريم من الأمثلة على التشبيه البليغ من الثلث الثالث من القرآن الكريم ما يأتي: قوله تعالى: “النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ۖ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ” (الأحزاب 6) المشبّه: أزواج النبي، المشبّه به: الأمّهات، وجه الشّبه: محذوف، الأداة: محذوفة، نوع التّشبيه: بليغ. قوله تعالى: “أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا * وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا * وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا” (النبأ 6-8) المشبّه: الأرض، المشبّه به: مهادًا، وجه الشّبه: محذوف، الأداة: محذوفة، نوع التّشبيه: بليغ. المشبّه: الجبال، المشبّه به: أوتادًا، وجه الشّبه: محذوف، الأداة: محذوفة، نوع التّشبيه: بليغ. قوله تعالى: “وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا” (النبأ 10) المشبّه: الليل، المشبّه به: لباسًا، وجه الشّبه: محذوف، الأداة: محذوفة، نوع التّشبيه: بليغ. قوله تعالى: “وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا * وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا” (النبأ 19-20) المشبّه: السّماء، المشبّه به: أبواب، وجه الشّبه: محذوف، الأداة: محذوفة، نوع التّشبيه: بليغ. المشبّه: الجبال، المشبّه به: سراب، وجه الشّبه: محذوف، الأداة: محذوفة، نوع التّشبيه: بليغ. قوله تعالى: “اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللهِ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ” (المجادلة 16) المشبّه: أيمانهم، المشبّه به: جنة، وجه الشّبه: محذوف، الأداة: محذوفة، نوع التّشبيه: بليغ. قوله تعالى: “وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ ۖ وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ ۚ إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا” (الأحزاب 33) المشبّه: التبرج، المشبّه به: تبرج الجاهلية الأولى، وجه الشّبه: محذوف، الأداة: محذوفة، نوع التّشبيه: بليغ.

جاء في موقع كتاب المعجزة الكبرى القرآن للشيخ محمد أبو زهرة: (التشبيه في القرآن) ١٠٥- انتهينا إلى أن التشبيه في القرآن ليس هو مقياس البلاغة، لأن البلاغة القرآنية العالية كما تكون في حال التشبيه والاستعارة والمجاز، تكون أيضًا في الكلام الخالي من كل هذا، وأخص ما يكون ذلك في آيات الأحكام، وقد يكون في القصص والاستدلال، وغير ذلك مما نعرض له، وقد تلونا آيات من آيات الأحكام، وجدنا فيها النص الكريم في حقائقه، وفي بعده عن كل المحسنات البديعية أعلى من كل كلام، وهو بديع في ذاته من غير حاجة إلى البديع الصناعي، أو الاصطلاحي، فإنه فوق قدر البشر، وفوق ما يصطنعه البشر، وما يصطلح عليه العلماء، وإنه يتعلم منه، وإن كان لا يحاكي، ويؤخذ منه، وإن كان الوصول إلى مقامه غير ممكن. لقد ذكر الرماني في رسالته “النكت في إعجاز القرآن”: “التشبيه: هو العقد على أن أحد الشيئين يسد مسد الاخر في حس أو عقل، وإن ذلك التعريف يضع المشبه والمشبه به في مرتبة واحدة، وإني لا أرى ذلك، ولا يراه علماء البلاغة الذين جاءوا بعد أبي الحسن الرماني المتوفى سنة 386هـ- فإنهم يعرفونه بأنه جعل أحد الشيئين في مقام الشيء الآخر لأمر مشترك بينهما. وهو في ثانيهما أقوى مظهرًا أو أبين مخبرًا، كما تقول على كالأسد في الشجاعة، فهو في الأسد أظهر، ولا يمكن أن يقال: “إن أحدهما يسد مسد الآخر، صورة ومعنى”. ولنترك التعريف مع رأينا فيه، ولننظر في قوله من بعد، فهو يقول: “وهذا الباب يتفاضل فيه الشعراء، وتظهر فيه بلاغة البلغاء، وهو على طبقات في الحسن، فبلاغة التشبيه الجمع بين شيئين بمعنى يجمعهما، والأظهر الذي يقع فيه البيان بالتشبيه على وجوه” ويذكر وجوه التشبيه وأنواعه فيقول في ذلك: “منها إخراج ما لا تقع عليه الحاسة إلى ما تقع عليه الحاسة، ومنها إخراج ما لم تجر به عادة إلى ما جرت به عادة، ومنها إخراج ما لا يعلم بالبديهة إلى ما يعلم بالبديهة، ومنها إخراج ما لا قوة له في الصفة إلى ما لا قوة من الصفة، فالول نحو تشبيه المعدوم بالغائب، والثاني تشبيه البعث بعد الموت بالاستيقاظ بعد النوم، والثالث تشبيه إعادة الأجسام بإعادة الكتاب، والرابع تشبيه ضياء النهار”. ولا شك أن هذه الوجوه لا تشمل كل أقسام المقسم، فهن التشبيهات ما ليس بوجه من هذه الوجوه، كتشبيه غير الواضح بالواضح، كما ترى ذلك في كثير من الآيات القرآنية، وكالتشبيه الذي يقصد به بيان ما أكنَّه سبحانه، وما خلق وما دبَّر فهو تقريب بالمغيب عنه إلى المعلوم لنا، وما عند الله أعظم وأكبر، وقد يكون التشبيه لتقريب المعنى الكلي من المعنى الجزئي، أو لتصوير المعنى الكلي في بعض جزئياته، كقوله تعالى: “وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ” (الحشر 21) فإنه كان عقد المشابهة بين المعنى الكلي وهو المعنى الجامع الذي يوضح به الحقائق بالأمثال التي ضربها وبينها للناس، ومن ذلك الأمثال التي تضرب لتقريب أصل الخلق والتكوين من عقول الملكفين، وهكذا. وقد يكون هذا يتضمنه مطوى كلامه، ولكنه غير بيَّن.