فبراير 5, 2025
maxresdefault

اسم الكاتب : عبدالاله الصائغ

 الاعلام في تأهيله ثانية في وجدان العراقيين بعد حمامات الدم ووكالات الفضيحة غب 8شباط الاسود 1963 وغب براءة احمد حسن البكر ورفاقه من حزب البعث اتقاء غضب الشارع ودبابات عبد السلام عارف الذي انقلب على البعثيين وجرعهم العلقم ! اهمية الاعلام عند البعثفاشية تتأتى من محاولة غسيل سمعته وتسويق اهدافه الدموية بين صفوف الجماهير العراقية المتعبة ! وقد وجد البعثيون ضرورة فتح مكتب للاعلام برياسة العربي الاحول ناصيف عواد بالتعاون مع المسؤول الحزبي للمكتب طارق حنا عزيز ! وكان مقر المكتب مقابلا لدار الاذاعة العراقية في الصالحية الذي اصبح فيما بعد معهداً للتدريب الاذاعي !

الشاعر الشعبي فلاح عسكر الحلي

وقد برز على شاشة التلفاز الشاعر الحلي الموهوب فلاح عسكر ! ويتذكر البعض منا قصيدته التي قربته من احمد حسن البكر وثبتت اقدامه في القصر الجمهوري :

شوباش اخذني الحلم واعبرت ليل الهم

وتروح كلها الزلم فدوة لبو هيثم

وكان فلاح عسكر بوجهه الوسيم وجسده الرشيق وصوته الرخيم قد حقق سمعة طيبة في صفوف الغوغاء والقتلة من البعثيين فتحول من عامل بسيط في بانزين خانة الحلة الى شخصية جذابة ضاغطة بحيث بات بمقدوره تبديل محافظ بابل متى شاء وصارت بعض عوائل السجناء تزور قصر فلاح عسكر لكي يشفع لاولادهم المسجونين ! كنت التقيه في دار الاذاعة العراقية وهو يبادر بتحيتي ويبالغ في الترحيب بي من نحو اهلا استاذنا !! اهلا عزيزي الدكتور ! اما انا فكنت اتجنبه دائما ! فلدي اصدقائي من الشعراء الشعبيين الكبارمثل علي بيعي وعزيز السماوي وابو سرحان وعريان السيد خلف ! ثم تشاء المقادير ان يدعوني الدكتور صالح هويدي للعشاء في نادي اتحاد الادباء العراقيين فرع بابل وقد بالغ هويدي في اكرامي مع ان الود بيننا ممحوٌّ لأسباب لامجال لذكرها الآن ! وكان لدينا الكثير لنتحدث عنه بصدد جامعة الكوفة التي اوسست قبل وقت قريب وبصدد كليات تربية البنات والآداب والفقه ! وكان زميلي في الدكتوراه الدكتور صالح هويدي قد علم من نائب رئيس جامعة الكوفة الدكتور مالك الدليمي انني انا الذي فرضت البروفسور الدكتور زهير غازي زاهد( صديق طفولتي وابن مدينتي !! ) المنقول للتو من جامعة البصرة رئيسا لقسم اللغة العربية في تربية البنات بعد ان كان الدكتور هويدي مرشحاً لرياسة قسم اللغة العربية في تربية البنات بل وصدر امر بتنسيبه رئيسا للقسم المذكور! وقد شرحت للدكتور هويدي ان درجة زاهد العلمية هي الأرقى في عموم الجامعة ! درجة فل بروفسور ودرجته ( صالح هويدي ) مدرس او استاذ مساعد وهذا غير جائز اكاديميا فتدخلت بوصفي عضواً في مجلس جامعة الكوفة ومسؤول لجنة الادب واللغة العربية !! فعمداء الكليات الإنسانية وان كانوا معي في مجلس الجامعة الا انهم يحولون الترقيات الى لجنتي ويخضعون لقراراتها ! وبينا كنا في غمرة هذا الحديث الذي سيقودنا مجددا الى مساحة الحساسيات ! فقد اشاع البعثيون ان النجفيين يستأثرون بمناصب الجامعة ويحرمون اساتذة المدن الأخرى من فراديس المناصب ( كذا ) في هذا المأزق أطل علينا فلاح عسكر !! فصافحنا بلهفة كبيرة مرحبا بنا اجمل ترحيب ! لم يكن يعرف الدكتور هويدي فاضطررت لان اقدمهما لبعضهما ! استأذن بالجلوس بيننا فرحبنا به وعلمنا فيما بعد انه دفع حسابنا كاملا بدلا من مضيفي الدكتور صالح هويدي ! اما آخر مرة رأيت فيها الشاعر فلاح عسكر رحمه الله فكانت في الصحن الحيدري الشريف ايام انتفاضة شعبان 1991 فقد وقع فلاح عسكر اسيرا بايدي المنتفضين ! حين حشد البعثيون المهزومون المترنحون عدداً كبيرا من رفاقهم ووضعوهم في اللوريات وقالوا لهم مهمتكم الحفاظ على مدينة النجف من ايدي الغوغاء ( يعني الجماهير الغاضبة ) فكان ممن جاء الى النجف الدكتور مجيد سعيد ( اصيب بجروح قاتلة ) وهو شقيق حميد سعيد وكان ضمن قسم اللغة العربية في كلية الآداب الذي كنت رئيسه ! والفنان محمد نعمة ( قتل ) والشاعر فلاح عسكر واسماء اخرى معظمهم سقط بين قتيل وجريح واسير ! وكان فلاح عسكر ممن وقعوا في اسر الثوار !! كنت متمتعا باحترام الثوار

في النجف لأسباب كثيرة بينها مثلا انني استاذ في كلية الفقه وكانت مواقفي مشهودة ضد عميدها البعثي المتهور عبد الأمير الأعسم ! والطلبة يميلون اليَّ ويتقربون مني ! ومنها انني جد السيد مسلم الحسيني الصائغ (وهو نجل الشهيد السيد طاهر ابن اخي السيد جبر السيد علي الصائغ الحسيني) وكان مسلم الحسيني قائدا لانتفاضة النجف ومقره الرسمي في الصحن الحيدري تحيط به الحماية وهو في العشرينات من عمره ! وكانت اذاعة الثورة الشعبانية تبث من الصحن الشريف بيانات موقعة باسم السيد مسلم الحسيني ! والثائر السيد مسلم كان حين يراني يقبل يدي امام الناس !! فتعين علي ان انقذ كثيرا من الأبرياء الذين وقعوا في قبضة الثوار المخلصين او الغوغاء النهازين ! واذكر للمثال فقط انني اخرجت الدكتور مالك الدليمي عميد كلية الآداب نائب رئيس جامعة الكوفة من السجن وقبل تنفيذ حكم الموت فيه بنصف ساعة وكان مالك مثالا للخلق القويم رغم انه بعثي ومسؤول كبير ولكنني مطلع شخصيا على حبه لمدينة النجف وسموه فوق العنعنات الطائفية حتى اطلق عليه البعثيون ( مالك الشيعي ) ! ودبرت له سيارة حملت عائلته ايضا مع كمية كافية من البنزين مع عدم تعرض عليه ختم السيد مسلم الحسيني ! وكنت سعيدا بهذا الدورالذي اقوم به و طلبتي يحترمون تدخلي رغم انهم لايرضون في دخيلتهم عني ! اذكر صديقي وتلميذي الشاعر الحداثوي الشاب عبد الله الخاقاني فقد وجدته معمما ويتدلى من حزامه مسدس كبير الحجم وكان كلما شاهدني عانقني واسمعني كلمات جميلة ! وعلمت ان الشيخ كان رئيس المحكمة او عضوا فيها او مديرا للسجن الذي ضاق بالبعثيين القتلة الذين كانوا ومازالوا يستخفون بعقاب الجماهير لهم !! كنت اقضي معظم الوقت في بيتي فأنا لا استطيع مشاهدة مناظر القتل والدماء فضلا عن انني مؤمن تماما بان انتفاضة شعبان ستفشل وستكون العاقبة كارثية ! ثمة جسد للانتفاضة ولكن دون رأس ! والحر تكفيه الحجارة ! سمعت الدكتور زهير غازي زاهد يناديني كي افتح له الباب ففتحتها فامسك يدي وقال لي تعال انشوف مسلم الحسيني فعندي قائمة بعوائل مشرفة على الموت جوعا ! وبأسماء مسجونين ابرياء ! وانا اثق بزهير زاهد فارتديت ملابسي على عجل ووصلنا دورة الصحن الشريف وكانت مئات النساء قد تجمعن فيما يشبه مظاهرة اسناد للانتفاضة ! وجدت باب الصحن مغلقا فطرقناه بالمدقة التاريخية الكبيرة ففتح لنا باب صغير داخل الباب الكبير !! واطل منه معمم مدجج بالسلاح وسألنا بفضاضة : شتريدون مو كسرتوا الباب ؟ فقلت له بلهجة صارمة اريد السيد مسلم الحسيني لأمر عاجل ! فابتسم المعمم وهز يده وقال لي ابهاي البساطة اتشوف السيد مسلم ! فقررت ان استفزه فقلت له ليش منو سيد مسلم قابل هو الله ! فصرخ المعمم تسكت لو اكومك عله الكَاع ! فقال له الدكتور زهير زاهد بعد ان سخن الموقف : اسمع شيخنا الدكتور الصائغ جد السيد مسلم وعم ابيه السيد طاهر ! فاعتذر المعمم وادخلنا الى الصحن واغلق الباب الصغير بقفل كبير! كان السيد مسلم يصلي اماما لرفاقه في سطح الكيشوانية المواجهة لباب القبلة ! فقررنا زهير وانا ان نتمشى في الصحن الشريف فسمعت صوتا مبحوحا ينادي دكتور عبدالإله دخيلك دكتور !! التفت فوجدت الشاعر فلاح عسكر يكلمني من شباك السرداب الواقع تحت مقر الكليدارية الرفيعية ! فاقتربت منه فإذا بوجهه كثير الكدمات ويده مشدودة بياشماغ ويبدو انها مكسورة لانه كان يعلقها بالياشماغ على عنقه ! فقلت له سلامات فلاح اشخيرك . ؟ فقال حظي الاسود ! فقلت له انت في الحلة اشجابك للنجف فتبرع احد السجناء من الحلة وقال دكتور والحسين اجبرونه وخلونه باللوريات واحنه مندري النجف سقطت بيد الجماعة ! فسألت فلاح عسكر هل تريد شيئا اقدمه لك ؟ فقال اريد اسرك واجتمع وياك وحيدتنا ! فطلبت ذلك فادخلوني معه في مقبرة ( بهيئة غرفة مفروشة بالسجاد القاشاني ومزدانة بالثريات والصور والفسيفساء والشموع والبخور كذلك مقابر الصحن داخل الأواوين ) واقفلوا الباب علينا ! فجلسنا في الظلمة وحزنت لحاله فقد كان منهارا تماما ! قال دكتور شتشوف ايكتلوني لو يعفون عني ؟ فقلت له : ليش اتفكر بالموت راح يعفون عنك ان شاء الله فبكى ! ثم قرأ لي قصيدة يشتم فيها صدام حسين وحزب البعث فلم اشجعه على اكمالها فقد فات الأوان ! ثم قرأ لي قصيدة جميلة جدا في استشفاع الحسين واتذكر انه قال فيها انك يا ابا عبد الله ستشفع لقاتليك وسابي نسائك يوم القيامة وانا فلاح عسكر لم اقتل احدا ولم اغتصب امرأة ! غرني الشيطان فمدحت صدام هذا كل ذنبي فاشفع لي ! واشهد ان قلبي كان يتفطر لمرآه ! وطلبت القصيدة الحسينية منه فلم يوافق فقال لا دكتور اريدها وياي فهي تحفظني ! ويبدو ان احدهم كان يصغي الى حوارنا ففتح الباب وقال لفلاح عسكر : مو انته اتكَول اتروح كلها الزلم فدوة لابو هيثم ؟ شبيك متروحله فدوه ؟ ليش خايف وتتوسل بالدكتور ؟ فنهرت المتدخل واخذت اصرخ في وجهه : اطلع بره اطلع برة كلامك ويه فلاح عسكر السجين مو دليل بطولة ابدا بل دليل جبن ! ودخل بعض طلبتي واخرجوا ذلك الرجل ! وقلت للطلبة اجلبوا لفلاح عسكر طعاما وشرابا وقولوا لصديقي الدكتور عدنان الحبوبي ان يأتي فورا لمعالجة فلاح ! وحقا لم اغادر الا بعد ان جاء الطبيب وعالجه واعطاه مسكنات وجع ! فطلبت من الطبيب ان يعطيه فاليوم مع اقراص منومة والا بعد ان جلب له الطعام والشراب فشكرني فلاح عسكر وتركته بعد ان اعيد للسرداب المشؤوم ! واوصيت السيد مسلم الحسيني بالعفو عن فلاح عسكر فقال من جهتي نعم ولكن هناك هيئة محكمة عليا ولست عضوا فيها ! ثم تركت الدكتور زهير زاهد يتكلم مع السيد مسلم الحسيني بصوت خفيض وكان ذلك آخر عهدي بفلاح عسكر الذي اصدرت المحكمة عليه حكما بالاعدام رميا بالرصاص فليرحمه الله وليكن مصيره عبرة لكل من يظن انه بمنجاة من عضب الجماهير ! فوالله جولة البعث ساعة وجولة العراقيين حتى قيام الساعة .

الشاعر الشعبي هادي العكايشي النجفي

اعترف ان فلاح عسكر كان شاعرا ذا عبارة انيقة مع سفالة المعاني التي يتناولها ! ففي شعره صور فنية وجرس تطريب ! مثلا ! لكن هادي العكايشي كان طارئا على الشعر الشعبي ! فهو ناظم شعر وليس شاعرا ! لذلك كان يمثل ويستعين بيديه وحاجبيه وتحولات صوته لكي يمرر هشاشة الجملة الشعرية عنده ! اضطر الى تطويل شعره من الخلف لأنه اصلع ! وكان حين تنقصه موهبة الشعر يشرح للناس مايريده نثرا !! مثلا مرة كتب قصيدة يهاجم فيها الشعب الايراني ويردد الاتهامات الطائفية ضد المذهب الجعفري فيقول الفرس المجوس ! قال نثرا : ياناس ياهو حاضركم يبلغ غايبكم راح الباجة ترخص بالعراق لأنه بدال راس الخروف راح انقدم راس مجوسي ايراني ! وقد ترنم بالنثر كأنه يقرأ شعرا ! وقد جلبت هذه التشبيهات الدموية المقرفة نقمة الناس جميعا ! واتذكر انني كنت في نادي اتحاد ادباء الموصل وشاهدنا معا هادي العكايشي يبشر برخص الباجة التي تشتهر بها الموصل ! حين قال ذلك بصق على الشاشة الشاعر البعثي عبد الوهاب اسماعيل وقال طاحظك عكايشي حمار لعبت نفسي والله بعد ما آكل باجة !

مرة اطل من التلفاز وهو يشتم السيد الخميني رحمه الله بكلمات بذيئة جدا جدا فيصف سيقان الخميني وثدييه ( كذا ) !! وكان يجد التشجيع من سعدون شاكر مدير الامن ووزير الداخلية ! وبقية الرفاق ! ولعل الناس تتذكر كيف كان يعير السيد الخميني نور الله ثراه حين لجأ الى العراق هربا من سافاك الشاه محمد رضا بهلوي صديق صدام حسين ! والعكايشي يخاطب السيد الخميني ويسأله ( دجاج العرب ماغزر ؟؟ ) !! ومرة قرأ قصيدة المغالطات واذكر منها ( هذا جامع الخضرة وذاك مقام زين العابدين ! كَلي ثواب ابوك اشراح من الدين ؟؟ ) وكان الناس يقولون ( كَلي اثواب ابوك اشبقه من الدين ) ! كان في شعره يتطاول على رموز الشيعة والسنة معا ! وقد اصبح هادي العكايشي عملة صعبة فلا احدا يرد له شفاعة ولا طلبا ! وكان المنافقون من النجفيين والبغادنة يقيمون له الولائم الداعرة التي تكلف كل دعوة ثمن بيت في بغداد ! كانت بعض المجالس تجمعنا فاتجاهله ويتجاهلني ومرة قال له صديق مشترك اسمح لي اعرفك بالدكتور الصائغ فلا التفت الي ولا التفت اليه وبعد ساعة قال لي انته دكتور مال شنو ؟ فأجبته دكتور بيطري ! كان يعرف انني استاذ في كلية الآداب ولكنه مولع بتجاهل من هم اعلم منه واشرف وفي هذه يختلف مع فلاح عسكر فقد كان فلاح خجولا ومجاملا اما العكايشي رحمه الله فهو على قدر لايحسد عليه من قلة الذوق او من قلة الادب ! مرة اقترح احد المنافقين ان تقام له احتفالية في الجامعة يمنح خلالها وشاح الجامعة فاعترضت وقلت ابعدوا الجامعة عن مثل هذه الاحتفاليات رجاء وقد تعاطف معي كثير من العمداء ورؤساء الاقسام !! المهم كانت اخبار مزرعته والفضائح التي تزكم الأنوف حديث المجالس النجفية السرية ! وكان بعض القوادين يعمل سائقا في امن النجف وخادما عند هادي العكايشي وفي ذات مرة اراد اختطاف طالبة كوردية من كلية تربية البنات ( …) وقد نشبت اظافرها في رقبته بحيث نزف السائق واغمي عليه وخابرتنا الطالبة من مركز الشرطة فذهبنا رئيس قسمها البروفسور د. زهير غازي زاهد واستاذها عبد الاله الصائغ وعادت معنا الى الكلية لكننا زهير وانا كنا نتلقى التهديدات تلو التهديدات لاننا كنا نحمي الطالبات الكورديات اللواتي ابعدن الى النجف ظلما وعدوانا ! لقد تحدثت عن هذه الحادثة في مقالات محبة كتبتها لشعب كوردستان ويمكن للقاريء العودة اليها ! وتمر الأيام الثقال حبالى ! ومرة خابرني صديق طفولتي الاستاذ جواد كاظم الشمس وقال لي تهيأ سيدنا سامر عليك بسيارتي واصطحبك الى مسجد الطوسي لحضور فاتحة يقيمها السادة البوشامة ! وبعد نصف ساعة كنا في مجلس الفاتحة وكان كل من يدخل مسجد الطوسي يقرأ الفاتحة على عجل ويخرج ! واصحاب العزاء كانوا يضعون المناديل المعطرة على انوفهم وافواههم ! دخلت الجامع وكأنني تورطت فقد منعتني الرائحة العفنة النفاذة من قراءة الفاتحة او تقديم مراسيم التعزية كانت العفونة فوق طاقة احتمالي فشعرت برغبة للقيء ! فارتبك اصحاب العزاء واعتذروا لي وقالوا ان الرائحة تنبعث من تابوت المرحوم هادي العكايشي المركون داخل الجامع قرب المحراب ! فقد عثر على جسده مقطعا بطريقة انتقامية بعد اسبوع من اختفائه ولأن الفصل كان صيفا فقد تفسخت الجثة وربما عاثت بها الكلاب والثعالى والذئاب !! كنت وانا في حالة الغثيان لا اصدق ماتسمعه اذناي ! اذن هكذا انتهى الشاعر النجفي هادي العكايشي الذي كانت تخاطبه رفيقته الشاعرة الشعبية الكوفية اقبال بأستاذي المفدى فلتأت اقبال ولتفده ان استطاعت ! بعدها علمت ان المعارضة في النجف ارسلت اليه فتاة شريفة كان يتعرض لها ويسمعها اقذر الكلمات وهي ابنة شهيد واخت شهيد وزوجة شهيد ! وكلفت الفتاة باستدراجه الى مزرعته دون حماية لانها من عائلة معروفة وهي تخاف ان يفتضح امرها ! بل وعليه ان يصرف سائقه وخدمة وفلاحيه لكي لا يفتضح سرها ففعل كل ما طلبته منه لان غايته ان يضيفها رقما الى ضحاياه !وضمن اتفاق بين الفتاة ورجال المقاومة الذين كانوا منتشرين في مزرعة هادي العكايشي التي اهداها له صدام حسين كما اهدى غيرها الى حزبيين ورجال امن ومخابرات !! لكن مزرعة هادي العكايشي كانت الاكبر !!

وتقع على الطريق بين النجف وكربلاء ! ومع الظلام وصلت سيارة العكايشي ومعه الفتاة الباسلة ولأن المزرعة دون فلاحين وخدم وحماية فقد انفرد به اعداؤه تحت جنح الظلام وانهالوا عليه بالسكاكين ثم قطعوا اطرافه ولم يسلم منهم حتى عضوه ( كذا ) وإنا لله وانا اليه راجعون اللهم لا شماتة في الموت وكل نفس ذائقة الموت ولكن ميتة الرفيع تختلف عن ميتة الوضيع ! فلتكن نهاية الشاعر المرحوم هادي العكايشي عبرة لكل بعثي يظن ان اللعبة تنطلي على الناس وان ثياب الرياء والنفاق لاتشف عما تحتها ! واكرر القول انني حقا وصدقا اتمنى ان يعدل القراء الاعزاء روايتي فقد يكون لديهم الاضافات المهمة والتعديلات الضرورية ورحم الله امرأ صوب غلطا ولم يغلِّط صوابا .

مشيغن المحروسة

الأربعاء 27 جولاي تموز 2005

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *