نوفمبر 22, 2024
89433092_763472300727584_1795794872351850496_n

اسم الكاتب : رياض سعد

ارتفعت معدلات الجريمة المنظمة الحكومية و جرائم ارهاب الدولة في العراق ؛ بعد مجيء بعثية الفئة الهجينة والطائفية السنية الكريمة الى سدة الحكم عام 1968 ؛ بما فيها جريمة القضاء المبرم على العوائل , فقد اباد النظام البعثي التكريتي عوائل بأكملها , واخرجها من السجل المدني ؛ اذ دمر النظام الصدامي  عوائل  عراقية بأكملها وابادها واهلكها  وحطم أحلامهم في  الحياة ونغص عيشها وقطع نسلها .

ومن اولى جرائم النظام البعثي الدموي بحق الاغلبية والامة العراقية ؛ وقتل العوائل الامنة بدم بارد ؛ ما قام به المجرم البعثي ( ابو طبر ) , وبعدها جرائم اختفاء عوائل الفيلية والتبعية الايرانية الشيعية وتصفيتها فيما بعد ؛ واليكم قصة عائلة الشهيد سمير غلام الفيلي ؛ و التي اعدمها النظام البائد بعد اتهامه بتفجير الجامعة المستنصرية  … ؛ فقد افتعلت المخابرات البعثية واجهزة الامن الصدامية هذه الحادثة ؛ لتكون السبب الرئيسي في انطلاق عمليات الاعتقال والاعدام والتهجير والتسفير الواسعة والممنهجة ضد عوائل الفيلية والتبعية الايرانية بل وبعض العوائل العراقية العربية الشيعية الاصيلة .

وعائلة الشهيد سمير الفيلي تم ابادتها بالكامل دون اي مسوغ قانوني ولا محاكمة عادلة  ؛ ولا بسبب  اي ذنب او جريمة تم اقترافها من قبل هؤلاء الابرياء من الرجال والنساء والاطفال …  !!

فالشهيد سمير غلام هو ضحية مؤامرة قادها النظام البائد لتصفية وتهجير عشرات الآلاف من العوائل العراقية وإبعادهم الى ايران  ؛ وهي القضية التي أظهر فيها صدام  حقده الدفين ضد  الفيلية والتبعية الايرانية بل والاغلبية العراقية الاصيلة ؛ حيث اعاد النظام  الاجرامي الطائفي عمليات التهجير القسري بشكل لم يسبق له مثيل من اسقاط الجنسية العراقية والاعتقالات والإعدامات بشكل عشوائي مخالفا لكل الاعراف الدولية والحقوقية  والانسانية … . 

 والطالب سمير الفيلي كان في المرحلة الثالثة في قسم الفيزياء عند استهدافه واستشهاده في ما عرف بعملية المستنصرية المفتعلة من قبل النظام الذي اتهم فيها الشهيد سمير زورا بمحاولة اغتيال المجرم الماسوني ( طارق حنا عزيز ) … ,  وخلال ساعات  فقط قامت زمرة البعث بمحاصرة دار الحاج نور علي والد الشهيد سمير في ساحة بيروت  ببغداد ، لينتهي الامر الى اعتقال جميع افراد العائلة وإعدامها بمن فيهم الأطفال … ؛  وتم مصادرة اموالهم المنقولة وغير المنقولة  .

و الطفلان الشهيدان (وسام وامير) كانوا من بين المعدومين  … ؛  حيث كان الاول بعمر ثماني سنوات والاخر بعمر عشر سنوات  … ؛  وَإِمَّا قصة الطفلة وسن والطفل علي أبناء (الشهيد احمد شكر رحيم ) صهر الشهيد سمير زوج السيدة سعدية نور علي الفيلي ؛  فقد  داهمتهم الأجهزة الأمنية الارهابية  بعد منتصف الليل لتعتقل الاب والام ويبقى الاطفال في وحشة الدار الخالية  – من  الوالدين – وهول المصيبة … ؛  لا يعرفان اين يتجهان … ؛  لتصل اليهم احدى العوائل الغيورة والشريفة من الجيران لرعايتهما والاعتناء بهم ، وبعد ان يئس الجار من عودة الوالدين وخوفه من  سطوة النظام قام المسكين بتسليمهم الى دار الايتام … ؛  وبعد سنوات من الاعتقال في غياهب السجون تم تسفير سعدية نور علي الي ايران واما الزوج فقد تم اعدامه وبقي الطفلان في دار الايتام … ؛  لتتبناهم عائلتان مقتدرتان فاصبح اسم الولد (علاء فؤاد عبد الغني) والبنت (وسن ضياء هاشم) ولا يعلم احدهما شيئا عن الاخر ولم يعرف مصيرهما حتى سقوط النظام الصدامي الدموي … ؛ وبعد عودة الكثير من العوائل المهجرة ومن بين هؤلاء أقرباء العائلة المنكوبة ؛ تم التعرف على مكان اقامتهما ولم شملهم مع امهم التي فارقتهم 24 عاما …!! .

وتعتبر قصة الشهيد السعيد سمير وعائلته واحدة من آلاف القصص الموثقة  ؛ والتي تبقى شاهدة على جرائم النظام البعثي التكريتي الصدامي المروعة .  

ولعل قصة عائلة الشاعرة العراقية الاصيلة سحر الخفاجي ؛ تؤكد ما قلناه انفا ؛ فحملات التسفير الصدامية والتهجير الطائفية ؛ شملت حتى العوائل العراقية العربية الشيعية ؛ ففي احد الايام  – من شهر حزيران عام ١٩٨٠ – زار المجرم صدام يرافقه الرئيس الموريتاني محمد خونة ولد هيدالة ؛ حي المنصور ؛ ودخل منزل المحامي عبد الامير الخفاجي ؛ وكانت عائلة المحامي عبد الامير من العوائل المحترمة والملتزمة دينيا واخلاقيا ؛ وابناء العائلة كلهم متوفقون في الدراسة ؛ ف سمير :  طبيب , و سميرة  : مهندسة بناء وإنشاءات , و علي :  مهندس ميكانيك , وباسم : مهندس زراعي , و ليلى :  طالبة طب في  السنة الخامسة , وحسين  طالب هندسة كهرباء في السنة الثانية , و محمد  طالب ادارة واقتصاد في السنة الاولى , وغالب :  طالب حاسبات … .

وقد تجول سمير –  الابن الأكبر للعائلة –  مع السفاح صدام  في البيت … ؛  فاخذ صدام ومعه الرئيس الموريتاني جولة في المطبخ والبيت وسأل  صدام سمير عن عدد افراد عائلته وعن مصدر زرقهم وامور اخرى … ؛ و لاحظ المجرم صدام وضع العائلة الاخلاقي والتزامهم الديني ؛ حيث لم يرقص  او يصفق  له احد  , ولم تزغرد وتهلهل له امرأة … ؛ وقد اضمرها صدام في نفسه المريضة ؛ وقبل الخروج وانتهاء الزيارة اوصاهم صدام بضرورة مراجعة والدهم للقصر الجمهوري … ؛ ومن ثم ألتفت صدام للحماية طالبا منهم تأثيث بيت المحامي عبد الامير الخفاجي ؛ على الرغم من كونه مؤثثا ولا ينقصه شيء …!!  .

و قبيل الغروب من نفس اليوم ؛ جاءت الزمر الصدامية و زبانية الطائفية بالأثاث ؛ وادخلت عائلة المحامي عبد الامير الاثاث الى داخل البيت مرغمة ؛ واخرجت اثاث البيت السابق الى فناء الدار … ؛ ولم يدر ببال احدهم ان الاثاث ملغوم بأجهزة التنصت والتجسس … ؛  وسارت  حياة العائلة المتدينة المثقفة بهدؤها وسكينتها … ؛ واستقبالها للضيوف والاحباب والاقرباء ؛ واستمرت احاديثها المعتادة … ؛ وبعد شهر تقريبا ؛ وبينما العائلة المحترمة تتهيأ للسحور  – في احد ايام شهر رمضان – ؛ واذا بالزبانية الطائفية والوحوش الصدامية تدخل البيت خلسة ؛ وهم مدججون  بالأسلحة  … ؛ وانتشر ازلام النظام الهجين في كل مكان من البيت ؛ وقام احدهم بتمزيق مقاعد الكراسي التي اهداها لهم المجرم صدام , واخرج ( اللاقطات ) منها ؛ متظاهرا بأنه يبحث عن منشورات وقنابل وممنوعات … ؛ واقتادوا نصف العائلة المظلومة ؛ فقد اعتقلوا : حسين ومحمد وعلي وباسم وليلى … ؛ واخذوهم بعيدا حيث مطامير الظلام وغياهب السجون الصدامية الرهيبة … ؛ و ما إن خرجوا … ؛  حتى تهيأت العائلة لإحراق الكتب الدينية  المهمة في المكتبة ومنها كتب السيد الشهيد الصدر ؛ وحال البدء بالإحراق … ؛ رجعوا اليهم كرة اخرى ؛ ليطلبوا من الباقين الحضور الى مديرية الامن لمدة خمس دقائق فقط  … ؛ ثم يرجعون , وهذه ( الكليشة ) معروفة لدى الاغلبية والامة العراقية ؛ اذ كلما جاءت ضباع البعث و زبانية صدام لاعتقال هذا المواطن الاعزل او ذلك الموظف البريء ؛ اخبروا اهله , بأنه سيبقى معهم لمدة خمس دقائق ويرجع … .

وعندما اخرجت العائلة بأكملها من المنزل ؛ قام صاحب الدار المحامي عبد الامير الخفاجي باغلاق ابواب البيت ؛ وعندها انتزع ضابط الامن الصدامي مفتاح المنزل من يد المحامي عبد الامير ؛ قائلا له : ( بعد ما تملكون شيء بالعراق … ؛ ما دمتم تحبون الخميني الى هذا الحد فسنرميكم عنده ) .

فاحتج الاب قائلا : وكيف ذلك وكل اوراقنا تثبت انا عراقيون … ؛  فرتب الخبيث الطائفي والهجين الصدامي على طاولته وخط على جميع الهويات بقلم احمر … ؛ وقال : (  اهذا كل الذي تخافه ؟؟ اصبحتم عجما الان ! ) .

ثم أخذوا الاب المحامي عبد الامير وبنته سميرة للأمن …  ؛ وتبين انهم اعتقلوا سمير من وحدته العسكرية ... ؛ وانتهى بهم المطاف في مسالخ البعث ومثرامات ومحارق اللحم البشري والقتل الصدامي … ؛ واصبحوا أثرا بعد عين .

ومن ثم تحول النظام الهجين لإبادة وتصفية الاكراد في شمال العراق , من خلال حملة الانفال عام 1988 ؛ و قد أوكلت قيادة الحملة إلى  المجرم علي حسن الكيماوي الذي كان يشغل منصب أمين سر مكتب الشمال لحزب البعث وبمثابة الحاكم العسكري للمنطقة، وكان وزير الدفاع العراقي الأسبق  المجرم سلطان هاشم القائد العسكري للحملة … ؛ اذ تم تدمير 4000 قرية , وقتلوا عشرات الالاف من الرجال والشباب والشيوخ والاطفال والنساء والرضع والعجزة … ؛ وقصفوهم بالأسلحة الكيماوية والمحرمة دوليا , وقد ساق النظام الاجرامي الاف الاطفال الاكراد بطوابير طويلة في عمليات الانفال , ولعل اغلبنا شاهد صورة الطفل الكردي البريء والذي يقف في احدى طوابير الموت البعثي الزؤام وهو ينتظر دوره بينما كان فرحا مبتسما منفرج الاسارير , لعله كان يعتقد ان هؤلاء الاوغاد سوف يأخذونهم الى الالعاب …!!

بالإضافة الى ذلك كانت اجهزة النظام البائد القمعية تعتقل عوائل بأكملها بما فيها الاطفال والرضع ؛ و يزخر سجل العراقيين في زمن النظام الصدامي الهجين المنكوس بحكايات وقصص تبدو غريبة وعجيبة وغير معقولة … ، عوائل بالكامل بما فيها الأب والأم والأطفال كلهم وضعوا داخل زنزانات صغيرة – مساحتها لا تتجاوز ال9 متر مربع – تفتقر لأبسط المتطلبات الموجودة في سجون العالم ، وقد عاشت العوائل معاناة حقيقية لا يمكن ان تنساها … , ولكن الذي ألمني هذه القصة التي ذكرها لي عبدالرحمن عن ابيه : أحضر ملازم اسمه اسامة الجحيشي – وكان في جهاز الامن – زوجة أحد الضحايا المعتقلين بصورة عشوائية إلى غرفة التعذيب وجردها من ثيابها وعذبها أمام زوجها ثم هدد بقتل الابن الرضيع الذي كان يصرخ في الغرفة ويرى بعينيه الصغيرتين اما وابا يعذبون ويصرخون مثله ؛ وعندما رفض الأب والأم الاعتراف بما لم يرتكبانه اصلا , قام الجلاد المنكوس بضرب الطفل الرضيع بالحائط و بقوة حتى ارتطم رأسه الطري بالجدار وسالت دماءه الزكية امام ناضري والديه !!.

وعندما اندلعت الانتفاضة  عام 1991 ؛ في أربعة عشر محافظة من أصل ثمانية عشر محافظة التي يتكون منها العراق أي بمعنى خروج أكثر من 77% من الشعب العراقي منتفضاً على النظام الحاكم الهجين  آنذاك واستمرت الانتفاضة إلى أن أُبيدت بتدخل عسكري وإبادة بشرية كبيرة من قبل النظام الارهابي الحاكم الذي كان يرأسه السفاح صدام … ؛ و قامت اجهزة القمع التكريتية والحرس الجمهوري والجيش بالهجوم على وسط وجنوب العراق ؛ فقاموا بدفن  وقتل مئات الالاف من الرجال والنساء والاطفال والرضع وهم احياء في المقابر الجماعية … ؛ فضلا عن ان جثث الاطفال الذين يلفظون انفاسهم الاخيرة في سجن نقرة السلمان ترمى الى الكلاب والذئاب في الصحراء , اما باقي المعتقلات فيتم التخلص منهم بطرق شتى .

وقد نقل اللواء نجيب الصالحي لنا هذه الحادثة البشعة ومن على احدى شاشات القنوات العربية الفضائية : امر الفريق الركن الهجين احمد الحماش التكريتي بقتل طفل في مدينة العمارة وقد راه يلعب في الشارع عام 1991 , فسأله ضابط ركن قائلا : (( سيدي هذا طفل عمره 6 سنوات ليش تقتله ؟ ) فأجابه : (( هذا مو يكبر ويصير غوغائي )) .

واغلب الناس شاهدوا التصوير الموثق  للمقبور المجرم   محمد حمزة الزبيدي  مع زبانية العوجة و وحوش تكريت ومجرمي النظام  في الناصرية عام 1991 ؛ وهو يتوعد عشائر ال جويبر  البطلة  والشيخ كاظم الريسان … ؛ ويطلب منهم القضاء على عشائر ال جويبر وابادتها عن بكرة ابيها , وهم فرحون بما سمعوا من اوامر السفاح صدام ؛ وعلق احدهم قائلا : ( هذا يوم عيد … دمهم مهدور لعشرين سنة قادمة … ) .   

ومن قصص الرعب الصدامي والخسة الطائفية والغدر البعثي ؛ قصة ابادة عائلة السيد البكاء ؛ فقد أمر المجرم  صدّام بإعدام عائلة البكّاء في صباح يوم 19 / 2 / 1980 م  … ؛  ففي منطقة سبع بكار  ببغداد  … ،  اذ طوّقت مجموعة من منتسبي دائرة الأمن العام المجرمين  بأسلحتهم منزل عائلة السيد عبد الامير محمود البكّاء ,  واعتقلوا كل مَن في الدار وهم :

1- فائز مواليد 1946.

2- فاروق مواليد 1950.

3- فريدة مواليد 1953.

4- فرزدق مواليد 1955.

5- علاء مواليد 1957.

6- سندس مواليد 1961.

7- ذكريات مواليد 1964.

  فقد انقضّوا عليهم يجرجرونهم من دارهم … ، وخرج الجيران ينظرون إليهم خلسة ويتساءلون بخوف عن سرّ اعتقالهم  … ؛  فشاهد أحد الضباط الشابة فريدة تهمس في أذن جارتها قائلة : ((  بالله عليكِ إلاّ ما آويتِ أختي الصغيرة أنوار حينما تعود من المدرسة ظهراً ، وتحافظين عليها حتى يُفرِّج الله عنّا ))  

سألها الضابط على الفور بفضاضة : وأين أنوار الآن ؟ ردَّت فريدة بهدوء : ((  إنّها في المدرسة … ؛  فحملت سيارات الأمن تلك العائلة وانطلقت باتجاه المدرسة ، وأخرجوا الطفلة أنوار من صفِّها الخامس الابتدائي ، وهي تحمل حقيبتها الجميلة ، واصطحبوها مع أهلها صوب مديرية الأمن العامة  … ؛  وقد تعرضت تلك العائلة العراقية للتعذيب الهمجي المستمر ؛ والذي لم يتوقف في يوم من الأيام طيلة ثلاث سنوات متتالية من الاعتقال الجهنّمي … ، وأخيراً تمّ إعدامهم جميعاً بما فيهم الطفلة أنوار التي لم تبلغ الثانية عشرة من عمرها ، بتهمة المساس بأمن واستقلال ووحدة البلد وسلامة أراضيه … !! .

وشهد المواطن احمد عبد الامير الكربلائي ؛ بما يلي : هجم ضباع الامن في احدى الليالي السوداء من عام 1979 ؛ على احد البيوت في كربلاء ؛ وقد اعتقلوا عائلة السيد محمد علي الموسوي بأكملها بما فيهن زوجات الابناء ( الجنات )  وكن حديثات عهد بالزواج ؛ وكان عدد العائلة يتكون من خمسة رجال وثلاثة اطفال وسبعة نساء … ؛ وانقرضت هذه العائلة ولم يعثر منها على أثر ؛ وتمت مصادرة بيتهم .

وادلى المواطن ابو انور الموسوي بما يلي :  في عقد الثمانينات  ؛ و في مدينة الحرية الثانية  ؛ هجمت قوات امنية كبيرة على منزل  عبد الكريم حسن – المتهم بالتزامه الديني –  , واعتقلت العائلة بكاملها الاب والام و الشاب عبدالكريم وثلاث بنات ؛ بينهن طفلة صغيرة عمرها تقريبا سنة وتم إعدامهم فيما بعد , وتمت مصادرة الدار .  

ومما ذكره الكاتب السيد  مضر الحلو في هذا الجانب ؛ انه سأل احد القائمين على ملفات الرعب الصدامي والعذاب البعثي , والمسؤولين عن هذه الملفات الخطيرة ؛ عن أبشع ما مر عليه في هذه الملفات من احكام جائرة واجراءات غاشمة … ؛ فأجابه المسؤول قائلا : انها كثيرة ولكن سأطلعك على عينة منها فسحب ملفا منها وطلب مني ان اقرأ ما فيه – (ماعدا ورقة واحدة قال لي لقد تعاهدنا ان لا نطلع احدا على اسم كاتب التقرير على صاحب الملف) – ، وقرأت الملف فصدمت للحكم الصادر بحق الشخص صاحب الملف اذ حكموا عليه بالإعدام والى هنا فإن الحكم يبدو مألوفا آنذاك  … ؛ ولكن ما صدمني واصابني بالذهول عبارة ألحقت بالحكم وهي عبارة (ويقطع نسله) لم افهم مؤداها  … ؛ اذ ان الشخص بعدما يقتل بالضرورة سيقطع نسله فما مغزى تكرار العبارة والمفروض ان مؤداها تحصيل حاصل … ؛  فسئلت صاحبي الذي اصبح خبيرا بلغة ملفات القسوة والرعب هذه  : فأخبرني ان المقصود بها ان يتم تتبع كل من له صلة نسب بالمحكوم عليه من أب او ام او زوجة او أبناء او احفاد الخ فيقتل كل هؤلاء… ؛  لم أكد استوعب القصة فسحب لي ملفا اخر وهو يخبرني انه اكثر بشاعة من الاول  ؛ وإذا بجلاوزة البعث يحكمون على أطفال قصر بالإعدام وبما ان المحكوم عليهم قاصرون فيودعونهم في محاجر خاصة الى ان يبلغوا سن البلوغ فيقتلونهم … ؛  فأصابني ما يشبه الانهيار فاعتذرت عن مطالعة ملف اخر سحبه من بين ملفات تعد بالملايين تم سحبها من الشعبة الخامسة سيئة الصيت والتي أحصى فيها جلاوزة النظام آنذاك حتى انفاس أبناء الشعب العراقي …!! . (1)

ان نظام البعث التكريتي جاء بنظرية منكوسة وايدلوجية مدمرة ؛ وقد اعد هذا  النظام الهجين لتنفيذ هذه المهمة القذرة ؛ بدفع من الانكليز والامريكان والقوى المعادية الدولية و الاقليمية وغيرها ؛ فقد اراد اوباش النظام و زبانية الطائفية وعملاء الاستكبار والاستعمار وذيول الانظمة العربية الحاقدة ؛ ابادة الامة والاغلبية العراقية عن بكرة ابيها ؛ وقد كانت عمليات الاعدامات والاعتقالات الجماعية تتم بصورة مدروسة ومدعومة من قبل كافة اجهزة الدولة بل ان رأس النظام ورجال الحكومة الكبار كانوا يشرفون على عمليات الابادة والقتل والاعدام والتصفيات الجسدية والاغتيالات والاعتقالات بأنفسهم … ؛ بدءا من حفلات التعذيب في قصر النهاية وقصة ( ابو طبر ) مرورا بحوادث السير الغامضة ورمي الجثث على قارعة الطرق والشوارع ؛ وانتهاءا بالحروب الخاسرة ومعارك الوكالة والنيابة الحاقدة والمقابر الجماعية وعمليات التطهير العرقي والطائفي وتجويع ابناء الاغلبية العراقية الى حد هلاك الاطفال وبمئات الالاف جوعا ومرضا …!! .

……………………………………..

  1. جذور الفساد في العراق / السيد مضر الحلو  / بتصرف .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *