د. فاضل حسن شريف
وردت سريع العقاب في آيات قرآنية قال الله عز وجل “إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ” ﴿الأنعام 165﴾، و “إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ” ﴿الأعراف 167﴾. عن أبي عبد الله عليه السلام (سألناه عن رجل ضرب رجلا بعصا فلم يرفع عنه الضرب حتى مات أيدفع إلى أولياء المقتول؟ قال: نعم، ولكن لا يترك يعبث به، ولكن يجهز عليه بالسيف) ونحوه خبر سليمان بن خالد وخبر موسى بن بكير وغيرهما من النصوص الشاملة بإطلاقها لمن قصد القتل بالمفروض الذي هو مما يقتل مثله غالبا وعدمه ولكن قصد الفعل. عن أبي عبد الله عليه السلام (إنما الخطأ أن تريد شيئا فتصيب غيره، فأما كل شيء قصدت إليه فأصبته فهو العمد). وقول الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير (لو أن رجلا ضرب رجلا بخزفة أو بآجرة أو بعود فمات كان عمدا) مؤيدا ذلك كله بعدم مدخلية الآلة لغة وعرفا في الصدق. والمرسل عن ابن سنان (سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول: قال أمير المؤمنين عليهالسلام في الخطأ شبه العمد أن يقتله بالسوط أو بالعصا أو بالحجارة: إن دية ذلك تغلظ، وهي مائة من الإبل).
جاء في موقع آدم عن مركز آدم يناقش آليات منع الإفلات من العقاب: الشيخ مرتضى معاش: تحطيم فلسفة العفو: – الشيخ مرتضى معاش رئيس مجلس إدارة مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام، “من المؤيدين للعفو باعتبار أنه من المؤمنين بنظرية اللاّعنف والتسامح لكن المشكلة لدينا أن العفو يشمل الجناة ويعاقب الضحايا، وهنا لابدّ أن نفرق بين العفو وبين الإفلات من العقاب وأن لا نضعهم في سلة واحدة، فكلا من العفو والإفلات من العقاب له جانب معين. بالنسبة للعفو لابدّ أن نلاحظ المخرجات، التي تسهم في قضية العفو، فالعفو هو لبناء السلم الاجتماعي والمصالحة الاجتماعية، ومن ثم تحقيق الوفاق الاجتماعي فنحن عندما نتكلم عن القصاص فهناك أحاديث تشجع ولي الدم على العفو عن الجاني، معناها أنّ الشريعة تريد أن تحقق نوعاً من التسامح والرحمة بين الناس، لذلك لابدّ أن نلاحظ هذا الشيء من أجل بناء إطار الرحمة والتسامح لبناء المصالحة المجتمعية، ولكن ما يحصل الأن هو استغلال تلك القضايا لمصالح فئوية او لصفقات سياسية حزبية تؤدي إلى إفلات الجناة من العقاب. “ومن ثم فالعفو عن من لا يستحق العفو يؤدي إلى المزيد من الجرائم ولا يؤدي إلى المصالحة والوئام الاجتماعي حتى نحقق السلم الاجتماعي الكامل، لكن سياسة العفو المتبعة الأن قد تؤدي الى الإفلات من العقاب الأن، وخصوصا الفساد وإفلات الفاسدين مع ان الفساد هو سبب التطرف والجريمة، لذلك فان الإفلات من العقاب قد يكون سبباً قويا في تحطيم فلسفة العفو، امّا بالنسبة للعشائر فلها دور كبير في السلم الاجتماعي وهي عبارة عن كتل تقليدية وهي واقعا تستطيع ان تساهم في بناء المجتمع المدني، ويجب أن لا نحطم هذه الكتل بل يجب أن نطور تفكيرها للذهاب نحو السلم الاجتماعي وتطبيق القانون وتطبيق الأنصاف خصوصا وإن العشائر ليس لها ثقة بالنظام، والعشائر تساهم في عملية المصالحة ويجب أن نستثمر الجوانب الإيجابية في قضية العشائر من أجل تحقيق السلم والمصالحة المجتمعية ومعالجة الثغرات”.
التوصيات: – إستكمال الأطر التشريعية اللازمة لضمان عدم الإفلات من العقاب. – أن تعمل الحكومة العراقية والدبلوماسية العراقية والتوقيع على اتفاقات دولية لتبادل المعلومات الإستخبارية. – تعزيز سلطة القضاء وعدم التدخل في شؤونه. – تحقيق مبدأ فصل السلطات. – تشجيع المواطن على تحمل مسؤولية الوطنية. – أولا لابد من توفير السلم الاجتماعي والذي يأتي متزامنا مع الثقة بالنظام السياسي. – دعوة منظمات المجتمع المدني والمركز البحثية لرفع مستوى الوعي الثقافي الاجتماعي. – عدم خلط القضايا السياسية مع القضايا القانونية والقضائية التي تخص الحق العام. – دعوة المخلصين في البرلمان والحكومة لمتابعة موضوع الإفلات من العقاب.
جاء في شبكة النبأ المعلوماتية عن مبدأ عدم الإفلات من العقاب ومكافحته في إطار الوثائق الدولية للدكتور علي هادي حميدي الشكراوي: النتائج: من خلال ما تقدم، يمكن إجمال اهم النتائج وكما يأتي: 1- يشير الإفلات من العقاب إلى الغياب القانوني أو الفعلي لتحميل المسؤولية الجزائية والمدنية والإدارية لمرتكبي الأنتهاكات والجرائم ضد حقوق الأنسان. 2- يؤدي الإفلات من العقاب إلى مزيد من الأنتهاكات والجرائم ضد حقوق الأنسان، ويجعل الضحايا يفقدون الثقة في النظام القانوني الوطني. 3- تطبق المسؤولية الجنائية الوطنية والدولية على الأشخاص الطبیعیین الذين يرتكبون جرائم ضد حقوق الأنسان، مهما كان مركزهم القانوني أو السياسي، فيتوجب مسائلتهم قضائياً ومعاقبتهم في حالة الإدانة. 4- عدم كفاية الإجراءات المتخذة في العراق لمكافحة الإفلات من العقاب. ثانياً-المقترحات: يمكن تقديم المقترحات الآتية: 1- تكوين قوات أمنية خاصة بالتعامل مع التظاهرات السلمية المشروعة، لها زي عسكري خاص، وهيكل قيادي خاص ومتخصص في هذا المجال. 2- يتعين على مفوضية حقوق الأنسان في العراق أن تقوم بمهام الأنذار المبكر بحالات الأزمات المحتملة أو الناشئة في مجال الأنتهاكات أو الجرائم ضد حقوق الأنسان، وتوصيل صوت الضحايا، والإسهام في تطوير نصوص القانون الوطني الخاصة بحقوق الأنسان وضماناتها ومكافحة عدم الإفلات من العقاب. 3- يتوجب تعزيز النظام القضائي العراقي والعمل على معالجة الثغرات التي تعيق عمله في مكافحة الإفلات من العقاب، والعمل على إصلاح الإطار القانوني وتطويره بما ينسجم مع التطورات المستجدة في جميع المجالات، وبما يمكن القضاء من تحقيق العدالة بصورة مستقلة وفعالة. 4- يتعيّن صياغة وإقرار استراتيجية وطنية شاملة لحفظ الأمن وتأمين المظاهرات، وتضمن الوصول الآمن والمفتوح إلى الهيئات الدولية لحقوق الأنسان، لا سيما الأمم المتحدة وممثليها وآلياتها في مجال حقوق الأنسان.
قوانين القصاص قبل الإسلام: فكان إذا قتل الذكر الحر الذكر من أشراف القوم لم يكتفوا بقتله بل طلبوا فيه ما يقدرونه وفق منزلة هذا الشريف بخمسة أشخاص أو عشرة أو مائة وهكذا، وكان العبد إذا قتل الذكر الحر لا يكتفوا بقتل العبد بل يطلبوا فيه الذكر الحر المقابل. وكانت الأنثى إذا قتلت ذكرا لا يكتفوا بقتل الأنثى بل يطلبوا فيه الذكر الحر المقابل. وهكذا كانت تختل الموازين ويفتح باب الثأر حيث لا توجد قواعد ثابتة والأمر يخضع للتقديرات والأهواء الشخصية. فأراد ربك أن يضع تقنينا مبدئيا يقضى على تلك العادات الجاهلية ويغلق باب الثأر، وفي ذات الوقت يقبل من تلك العقول التي عاشت عقودا طويلة تحت تأثير أحكام الجاهلية. قانون القصاص الأول في الإسلام: فكان فرض قانون القصاص الأول من خلال قوله تعالى “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى ۖ الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنثَىٰ بِالْأُنثَىٰ ۚ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ۗ ذَٰلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ ۗ فَمَنِ اعْتَدَىٰ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ” (البقرة 178) والذي يقوم على أساس المقاصة البدنية أو المالية وفقا لتقديرات البيئة الجاهلية في ذلك الوقت بأن للحر ديته – وللعبد ثمنه – وللمرأة نصف دية الحر. وبناء على ذلك ووفقا لقانون القصاص الأول يكون ما يلي: الحر إذا قتل الحر أيا كانت منزلتهما فإنه يقتص منه بقتله ولا يتم تجاوزه إلى غيره – أو يعفى عنه وتستلم دية الحر. العبد إذا قتل الحر أيا كانت منزلته فإنه يقتص منه بقتل العبد بالإضافة الي استلام دية الحر مخصوما منها ثمن العبد – أو يعفى عن العبد وتستلم دية الحر كاملة. الحر أيا كانت منزلته إذا قتل العبد فإنه يقتص منه بقتل الحر على أن يقوم صاحب العبد بدفع دية الحر إلى أهله مخصوما منها ثمن العبد – أو يعفى عن الحر ويستلم صاحب العبد ثمن العبد. الأنثى الحرة إذا قتلت ذكرا حرا أيا كانت منزلتهما فيقتص منها بقتل الأنثى على أن يدفع أهل الأنثى الحرة نصف دية الذكر الحر إلى أهله – أو يعفى عنها ويستلم دية الذكر الحر كاملة. الذكر الحر إذا قتل أنثى حرة أيا كانت منزلتهما فيقتص منه بقتل الذكر الحر على أن يدفع أهل الأنثى الحرة نصف دية الذكر الحر إلى أهله أو يعفى عنه ويستلم دية الأنثى الحرة نصف دية الذكر الحر. وهكذا يكون أمر القصاص وفقا لقواعد محددة وواضحة من المقاصة البدنية والمالية. حتى إذا استقرت الأمور وأغلق باب الثأر وتهيأ المجتمع نفسيا نزل قانون القصاص الثاني من خلال قوله تعالى “وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنفَ بِالْأَنفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ ۚ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ ۚ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ” (المائدة 45) فتم التسوية بين الجميع وإقرار العدالة الكاملة. وهكذا نقف على تطبيق جديد من تطبيقات المنهجية الإسلامية في إقرار التشريعات وفق مبدئ التدرج، مراعاة للأحوال القائمة بالمجتمع واتساقا مع أحد السنن الإلهية في التعامل مع النفس الأنسانية (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسعها” (البقرة 286).