الكاتب : جمال الناصري
بعد أيام قلائل أكون قد بلغت السابعة والستين من العمر…
وآه أي عمر ذاك الذي مضى وأي سنين باقية في الانتظار!!
بالأمس وكأنني في حلم…
عند كل مساء من ليالي الصيف نصعد فوق (السوباط) وعلى فراش بارد، عيوننا نحو السماء، وفي الليالي الصافية، نرى أضواء النجوم تتلألأ من بعيد…
نرفع أصابعنا الناعمة في الفضاء، وبفرح الصبيان نصيح:
– هذه النجمة لي، وهذه النجمة لك وهذه لفلان، وهذه لذاك…
فيقول آخر:
– انظروا إلى سرب النجوم وهن يحملن نعش أبيهن، ها هن بنات نعش…!!
كنت أتمنى أن يكون لي جناحان لأطير إلى هناك، لأرى عن قرب ماذا هناك في قلب السماء…
أحزن كثيرا، لأنني في الأرض ولا أستطيع أن أحلق بمتر واحد فوق (السوباط)…
في مشهد آخر…
عندما يطل القمر حزينا، فيتلاشى سطوعه شيئا، فشيئا، كنا نرقب المشهد بخوف وفزع…
الحوت يبتلع حبيبنا القمر… ونحن عاجزون أن نفعل شيئا…
ليس بأيدينا حيلة… سوى أن نصرخ… ونصرخ ونصرخ…
(يم كفشه، هدي، هدي، هذا أعور شلك بيه).
في كبد السماء كانت تظهر غمامة سوداء وكانها راس عليه شعر منفوش يلتهم القمر..
لقد كان الأعور جميلا، لأنه أعور…
إنه أجمل أعور في الكون…
لو كان له عينان اثنان، لأصبح نشازا…!!
مضت السنون مع الأعمار…
لتبدأ الحكاية من النهاية…
ومن النهاية الى البداية ..
ولا بد ان يغيب القمر في بطن الحوت الى الابد..لتنتهي الحكاية..