ديسمبر 27, 2024
download (8)

الكاتب : محمود الدباغ

هكذا ساهم التركيز على التوظيف الحكومي الى أزمة مستقبلية ومتنامية لدى الشباب .

في ظاهرة لا تعد جديدة، يخرج العديد من الخريجين إلى الشوارع للمطالبة بحقوقهم، لكن هذه المرة كانت التظاهرة في بغداد أمام مقر السفارة اللبنانية لدى العراق، وهي احتجاجات نظمتها فئة من خريجي الدراسات العليا في لبنان.

في السنوات الأخيرة، أصبح التوجه السائد بين خريجي التخصصات غير الطبية هو السعي لإتمام الدراسات العليا (ماجستير ودكتوراه) في دول الجوار، حيث تتصدر لبنان وإيران قائمة الوجهات المفضلة للباحثين عن شهادات علمية، في وقت يكثر الحديث عن تسهيلات تقدمها بعض الجامعات مقابل مبالغ مالية، مما يتيح للطلاب الحصول على درجات علمية دون بذل جهد أكاديمي حقيقي. هذه الظاهرة ساهمت في تحويل الحصول على الشهادات إلى تجارة سهلة بالنسبة للباحثين عن ألقاب علمية فارغة من محتواها.

تعد هذه التوجهات جزءًا من رغبات العديد من الشباب والموظفين في العراق الذين يسعون للحصول على تعيين حكومي أو ترقية في مكان عملهم، في حين يغفلون أهمية القطاع الخاص، وهو ما يتناقض مع سياسات الدول المتقدمة التي تركز على تطوير هذا القطاع وتحديث التشريعات اللازمة لذلك. في مقارنة بين العراق والولايات المتحدة، نجد أن عدد الموظفين الحكوميين في الولايات المتحدة، التي يبلغ عدد سكانها حوالي 330 مليون نسمة، يقتصر على 800 ألف موظف فقط، في حين أن العراق، الذي يزيد عدد سكانه عن 44 مليون نسمة، يضم أكثر من 4 مليون موظف حكومي. هذه الفجوة ساهمت في تقويض نمو القطاع الخاص في العراق وزيادة الاعتماد على القطاع الحكومي، وهو ما يعكس ضعف السياسات الاقتصادية وعدم قدرة وزارة التخطيط على وضع استراتيجيات وطنية طويلة المدى تدعم التنوع الاقتصادي وتطوير الموارد البشرية.

من الجدير بالذكر أن العديد من الطلاب في التخصصات التي تضمن لهم تعيينًا حكوميًا لا يدرسون تلك التخصصات بدافع الرغبة الأكاديمية، بل لتحقيق حلمهم في الحصول على وظيفة حكومية. هذه الظاهرة هي نتيجة لغياب تحديث السياسات التعليمية والإدارية، والتي جعلت الأجيال الجديدة تقتصر رؤيتها على تحقيق أهداف ضيقة تخدم مصالح القوى السياسية المتنفذة. في المقابل، تتجه معظم دول المنطقة إلى تعزيز دور القطاع الخاص ودعم الفرص الاستثمارية، مع التركيز

على الابتعاد عن الاعتماد المفرط على الطاقة الأحفورية وبناء خطط استراتيجية تهدف إلى تأمين مستقبل مستدام للأجيال القادمة وتقوية المؤسسات الوطنية.

🔹 محمود الدباغ

نائب رئيس مركز الرشيد للتنمية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *