سامي الموسوي
يظهر ان محمد شياع السوداني رئيس مجلس الوزراء العراقي قد تعرض الى خداع من قبل نظام دولة أيران فهو قبل ان يغادر الى طهران صرح مكتبه ان الزيارة هذه المرة مختلفة ولكن الذي صار هو انها زيارة مكررة بائسة. بدأت مع رئيس إيران والدعوة لمؤتمر إقليمي في بغداد ولد ميتا وتصريحات تخدم الاعلام وليس السياسة وانتهت بزيارة علي خامنئي مرشد إيران. وبنفس الطريقة التي يستقبل بها رؤساء الدول فهو يجلس على كرسي والرئيس الإيراني وضيفه يجلسان على اريكة صغيرة لنفرين وكأن خامنئي رئيس لكليهما بل هو خليفة الله في الأرض وهذا هو معنى تلك اللغة الجسدية.
لعل السوداني كان يريد ضوءً اخضرا لحل الحشد الشعبي الذي دعا اليه علي السيستاني وقد خدعوه بان خامنئي سوف يؤيد السيستاني بذلك ولكن ما قاله خامنئي هو العكس. فهذا الأخير أكد على تقوية الحشد الشعبي وليس فقط الحفاظ عليه وطرد المحتل الأمريكي من العراق. ولقد سمى خامنئي التواجد الأمريكي بالاحتلال الذي يجب طرده وبواسطة الحشد الشعبي طبعا ولكنه أغفل عن ان هناك نوع اخر من الاحتلال الا وهو الاحتلال السياسي والذي تقوم به إيران في العراق. وقد صرح العديد من كبار المسؤولين الإيرانيين أنفسهم بأنهم يملكون السيطرة والتأثير السياسي على أربعة عواصم عربية ومنهم علي أكبر ولايتي وعلي رضا زاكاني، رئيس مركز الأبحاث في البرلمان الإيراني، والمرشح للانتخابات الرئاسية والعديد من كبار قادة الحرس الثوري.
وقد كشف واقسم الدكتور برهان غليون الذي يعمل كأستاذ في جامعة السوربون في فرنسا بانه دار بينه وبين مبعوث خامنئي حديث وقد بث ذلك على قناة خليجية وموجود على اليوتيوب يقول الدكتور غليون انه بعد أسابيع رد مبعوث خامنئي على السؤال التالي: ماذا يريد الإيرانيون منا في سوريا لكي تتوقف الحرب؟ فجاء الرد من ايران ان ايران تريد سوريا كلها وان سوريا هي جزء من الحضارة الفارسية وليس جزء من (البدو) الذين انتم تتبعونهم أي السوريون والعرب! ويقسم د. غليون على ذلك واللقاء موجود على اليوتيوب تحت عنوان: الدكتور برهان غليون يكشف ما دار بينه وبين مبعوث “خامنئي” والعرض الذي قدمه. فاذا كان خامنئي ضد ذلك فليرد عليه.
يبدو ان على خامنئي لا يفهم بأن هناك احتلال اخر أخطر من الاحتلال العسكري وهو الاحتلال السياسي وهو نوع من السيطرة التي تمارسها قوة خارجية على دولة أو منطقة، حيث تُفرض على السكان المحليين أنظمة سياسية وقوانين وأداء إداري يتماشى مع مصالح القوة المحتلة – وهذا ما تفعله إيران في العراق منذ عام ٢٠٠٣. في هذه الحالة، تُعتبر السلطة السياسية المحتلة هي التي تحدد السياسات العامة والخطوات الحكومية، مما يؤدي إلى تهميش أو إلغاء الأنظمة السياسية المخالفة لنظام المحتل وان كانت وطنية – وهذا ما فعلته ايران ولاتزال منذ عام ٢٠٠٣ بعدما تعاونت مع المجرم جورج بوش لاحتلال العراق.
هذا ويترافق الاحتلال السياسي مع مجموعة من الممارسات، مثل: تغيير النظام السياسي وفرض قوانين وأنظمة من قبل الدولة المحتلة دون اعتبار لرغبات أو احتياجات السكان المحليين والإبقاء على قوات او ميليشيات مسلحة لحماية مصالح تلك الدولة مع تهميش دور الجيش الوطني وهذا ما تفعله وفعلته إيران منذ عام ٢٠٠٣ في العراق.
ويبدو ان تصريحات السوداني المسيئة للجيش العراقي وبطولاته في الحرب مع إيران خميني قبيل زيارته لطهران كانت لاسترضائهم أي الفرس. كما ويؤدي الاحتلال السياسي الى تقييد حرية التعبير والتنقل والتنظيم للشعب المحتل – وهذا ما فعلته وتفعله إيران في العراق منذ عام ٢٠٠٣. ومثلما يتصرف الاحتلال العسكري في الموارد الطبيعية للبلد المحتل فان الاحتلال السياسي يفرض نوع اخطر من التحكم في الموارد المحلية لصالح القوة المحتلة –وهذا ما تفعله إيوان بالعراق منذ عام ٢٠٠٣.
ان الاجدر بعلي خامنئي وهو في هذا العمر المتقدم ان يتفرغ للعبادة والاستغفار من ذنوبه ولكنه حب السلطة والتسلط والجاه: قال تعالى: وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا ﴿٦٤ الإسراء﴾ فهي الخيلاء والقوة وان كانت جوفاء والسلطة والوهم وما الوهم الا من الشيطان وما الحق الا من الرحمن.