Dr Fadhil Sharif

الكاتب : د. فاضل حسن شريف
—————————————
من الثقافة الدينية التعرف على المذاهب والمعتقدات الاسلامية مثل الزيدية، الاباضية، الاسماعيلية، الأحمدية، الأشاعرة، المعتزلة، والوهابية. وبما أن القرآن الكريم هو المصدر الأساس في التشريع الاسلامي فيمكن بواسطته معرفة الاختلافات التفسيرية لآياته المباركة. علماء المذهب أو المعتقد الزيدي لهم تفاسيرهم الخاصة بهم وان لم يبتعدوا في معظم آيات القرآن الكريم عن المذاهب الاسلامية الا أنهم يختلفون في تفسيرهم لبعض الآيات القرآنية. من المواقع التي تهتم بالزيدية: الكاظم الزيدي، شبكة الثقلين الثقافية، عرفان، الزيدي، صفحة الزيدية، والزيدية والرد على شبهاتهم.

كتاب تثبيت الإمامة – الهادي يحيى ابن الحسين: بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين “الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون” (الانعام 1) لا تشرك بالله ولا نتخذ من دونه إلها ولا وليا، نحمده على ما خصنا به من نعمه، ودلنا عليه من طاعته، واستنقذنا به من الهلكة برحمته، وبصرنا من سبيل النجاة، وابتدأنا به من الفضل العظيم والاحسان الجسيم بمحمد البر الرؤوف الرحيم صلى الله عليه وآله وسلم. أرسله إلينا فكان كما قال عز وجل: “لقد جاء كم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم” (التوبة 128). فبلغ عليه وعلى آله الصلاة والسلام رسالة ربه، ونصح لامته، وأدى ما ائتمن عليه، واحتج لله ودعا إليه بالموضعة البالغة والحكمة الجامعة، وأجهد نفسه، واجتهد في أمره، واحتمل الأذى في دينه، واصطبر على كل محنة وبلوى، حتى قبضه الله عز وجل إليه وقد رضي فعله وشكر سعيه وغفر ذنبه، فقال سبحانه: “إنا فتحنا لك فتحا مبينا (1) ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر” (الفتح 1-2). (إتمام الرسول للحجة). فمضى صلى الله عليه وآله وسلم وقد بين للأمة وأدى إليهم جميع ما يحتاجون إليه مما فرض الله عليهم في محكم تنزيله على لسان نبيه من الحلال والحرام والحدود والمواريث والأمر والنهي. فقبض وليس لاحد على الله حجة بعدما كان منه صلى الله عليه وآله من البيان والشرح والأمر والنهي والترغيب والتحذير، وكذلك قال سبحانه – فيه وفي من كان قبله من الأنبياء: “رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل” (النساء 165). (ما خلف النبي من بعده) فترك صلى الله عليه وآله بين أظهرهم من كتاب الله الكريم حجة عليهم، وما فيه بيان ما يحتاجون إليه وما يعملون به، هدى وشفاء لما في الصدور، فيه أصل كل شئ وفرعه، كما قال سبحانه: “ما فرطنا في الكتاب من شئ” (الانعام 38). وكيف يجوز أن يكون فيه تفريط، وهو جامع لما افترض الله سبحانه على عباده، وفي كل آية منه (لله) سبحانه وتعالى حجة وبيان لما حرم وأحل وحدد وفرض؟ وقد حفظه الله، فلم تزل منه آية، ولم تذهب منه سورة، لما ذكرنا من إكمال الحجة على عباده، وذلك قوله عز وجل: “إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون” (الحجر 9) وقال سبحانه وتعالى: “في لوح محفوظ” (البروج 22) وقال سبحانه: “وإنه لكتاب عزيز * لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد” (فصلت 41-42) فما حفظه الله سبحانه وتعالى فغير ضائع وما حاط فغير ذاهب. (تضييع أحكام الكتاب الكريم) فعند فقد الأمة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضيع الكتاب، وما افترض الله عز وجل عليهم، فلم يعمل بما أنزل الله تعالى فيه، ولم يلتفت إلى شئ مما جرت به الاحكام عليه. (الاختلاف) واختلفت الأمور عند قبضه عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام، وانقصمت الظهور وبدت من الأقوام عليه وعلى عترته عليهم السلام ما كانوا يخفون من ضغائن الصدور.

قال الإمام الحسين بن القاسم العياني عليه السلام: “فَإن قَال بَعض الجهّال: فَلِمَ زَعمتُم أنّه لا يَرحُمُ أهل النّار؟ ولا يَنقُلُهم إلى دَار الأبرار؟ قِيل لَه: ولا قوّة إلا بالله العَظيم: لأنّ إخراج الفَاسِقين مِن العذابِ الأليم، إلى الجنّة والثّواب الكَريم، يَدعوهُم إلى البَطر والفَساد، وإلى مَا كَانوا فيه مِنَ الكُفر والعِناد، والعَبث والظلم للعبَاد، وذَلك قول الواحِد الرّحمن، فِيما نزل مِن محكم القرآن: “بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ” (الأنعام 28)، فَكيفَ لا يستحقّ هَؤلاء الفَاسقون، مَا صاروا إليه مِن العَذاب المهين؟ مَع مَا عَلِم الله مِن كُفرهم وفَسَادِهم، وفُجورِهم وعِنادِهم، حتى أنه عَلِم أنه لو أخرَجَهم مِن العَذاب، لعَادُوا لِمَا نُهوا عَنه من الأسبَاب، فَكيف يَا أخي أكرمَك الله بثوابه، ونجّانا وإياك مِن عذابه يُرجي لهؤلاء أبداً ثوابه؟ أو يُنتظرُ مِنهم إنابة؟ أو تنَفع فِيهم مَوعِظة أو تَذكير؟ مَع مَا سمع من قول العليم الخبير ومتى يُرجي لهم فَلاح؟ أو صَبر أو رجعة أو صَلاح؟ إذا لم يَزجروا أنفسهم عن اللذات، ويقطعُوها قطعاً عن الشّهوات، ويُجاهدوها جِهاداً عَن المُهلِكَات).

جاء في موقع عرفان: تقديم السيد مجد الدين على كتاب الزيدية نظرية وتطبيق: جاء واسعاً رحباً ليستوعب مختلف قضايا البشرية في مختلف المجتمعات والعصور ويضع لها الحلول الاِيجابية الناجعة، وإلاّ لما كان القرآن آخر الكتب السماوية المنزلة، ولما كان محمد خاتم الرسل والاَنبياء وآخرهم حتى قيام الساعة. فإذا كان هذا هو الطابع الاَوّل للمذهب الزيدي فمن المستحيل نسبه إلى الاِمام الثائر زيد الشهيد الذي لم ترث منه الزيدية إلاّ بضع أحاديث من غير تحليل. والكلام الحقّ إنّ الزيدي عبارة عن من يقول بالعدل والتوحيد وإمامة زيد ابن علي بعد الاَئمة، الثلاثة علي والسبطين عليهم السلام ووجوب الخروج على الظلمة، واستحقاق الاِمامة بالفضل والطلب، هذا هو العنصر المقوم في كون الرجل زيدياً، وأما سوى ذلك مما يوجد في كتبهم فهو عطاء علمائهم المفكرين طيلة القرون. وهناك من أعلام الزيدية من يصرّ على خلاف تلك النظرية، فيرى أنّ إطلاق اسم الزيدية على أتباع الاِمام زيد يرجع إليه مستدلاً بقول الاِمام محمد بن عبد اللّه النفس الزكية: (أما واللّه لقد أحيا زيد بن علي ما دثر من سنن المرسلين، وأقام عموداً إذا اعوجّ ولم ننحو إلاّ أثره ولم نقتبس إلاّ من نوره). يلاحظ عليه: أنّ النص لا يدلّ على وجود التسمية، كما لا يدل على أنّ هناك منهجاً كلامياً أو فقهياً لزيد الثائر، وإنّما يدلّ على اتباع أثره في أصل واحد وهو الثورة على الظالمين لاِحياء ما اندثر من السنن، ونحن بدورنا نجلّ زيد الشهيد عن أن يفرق وحدة المسلمين وبالاَخص شيعة جده أمير الموَمنين ويقسمهم إلى زيدي وغير زيدي فيوسع الصدع بدل رأبه، قال سبحانه: “قُلْ هُوَ القَادِرُ على أن يَبعَثَ عَلَيكُمْ عَذاباً مِن فَوْقِكُم أوْ مِنَ تَحتِ أرْجُلِكُمْ أو يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآياتِ لَعَلّهُمْ يَفْقَهُون” (الاَنعام 65). وفي نهاية المطاف إنّي أُرجح قول من يقول إنّ هذه النسبة لم يطلقها الاِمام زيد على أتباعه ولا أطلقها في البداية أتباعه على أنفسهم، ولما جاء الثائرون بعد زيد، ناهجين منهجه، صارت اللفظة إشارة لمن يسلك مسلكه في مجال الخروج على الظلمة وإنقاذ المسلمين من كابوس الاَُمويين أو العباسيين، من دون أن يكون فيه دلالة على مذهب كلامي أو فقهي. وعلى ذلك فالزيدية شعار حرية وعزة وكرامة، وجهاد وتضحية في سبيل اللّه وليس شعاراً لمذهب خاص سوى ما عرفت من الاِيمان بإمامة الاِمام علي وسبطيه عليهم السلام. في عقائد الزيدية: قد ساقنا الغور في حياة زيد الثائر الشهيد، إلى الحكم بأنّه لم يكن صاحب منهج كلامي، ولا فقهيّ فلو كان يقول بالعدل والتوحيد، ويكافح الجبر والتشبيه، فلاَجل أنّه ورثهما عن أبيه وجده عن علي عليهم السلام وإن كان يفتي في مورد أو موارد فقد كان يصدر عن الحديث الذي يرويه عن الرسول الاَعظم عن طريق آبائه الطاهرين وهذا المقدار من الموَهلات لا يصيّر الاِنسان، من أصحاب المناهج في علمي الكلام والفقه. نعم جاء بعد زيد، مفكرون وعاة، وهم بين دعاة للمذهب، أو بناة للدولة في اليمن وطبرستان، فساهموا في إرساء مذهب باسم المذهب الزيديّ، متفتحين في الاَُصول والعقائد مع المعتزلة، وفي الفقه وكيفية الاستنباط مع الحنفية، ولكن الصلة بين ما كان عليه زيد الشهيد في الاَُصول والفروع وما أرسوه هوَلاء في مجالي العقيدة والشريعة منقطعة إلاّ في القليل منهما. أين زيد ربيب البيت العلويّ، من القول بالاَُصول الخمسة التي تبناها واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد، ومن جاء بعدهما من أعلام المعتزلة، حتى صارت مندسّة في مذهب الزيدية، بلا زيادة ونقيصة إلى يومنا هذا؟ أين زيد الذي انتهل من المعين العذب العلويّ الذي رفض العمل بالقياس والاستحسان، من القول بأنّهما من مصادر التشريع الاِسلامي كما عليه المذهب الفقهي للزيدية؟ ومن ألمّ بحياة أئمة أهل البيت ابتداءًَ بالاِمام علي عليه السلام وانتهاءً إلى حياة الاَئمة كالصادقين والكاظم والرضا، يقف على أنهم عليهم السلام في منتأى من القول بهذا وذاك، كيف وكان النزاع بينهم وبين مشايخ المعتزلة قائماً على قدم وساق وقد حفظت كتب الحديث والسير، لفيفاً منها، وكان الرفض للقياس والاستحسان والظنون التي ما أُنزل بها من سلطان، شعار مذهبهم، به كانوا يُعرفون وبه كانوا يمُيزون لكن للاَسف نجد دخول هذه العناصر في مذهب الزيدية الذي ينتمي إلى أئمة أهل البيت، عليّ عليه السلام ومن بعده. اتفقت الاَُمّة الاِسلامية ولا سيما الاِمامية والزيدية على أنّ الرسول أوصى بالتمسك بالثقلين وأنّه لا يعدل بهما إلى غيرهما، وشبّه الرسول الاَعظم صلى الله عليه وآله وسلم أهل بيته بسفينة وقال: (مثل أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق). وبالتالي أمر بركوبها في تمام الطريق، ولايشك أحد في أنّ الباقرين والكاظمين من أئمة أهل البيت، ومع ذلك فقد فارقت الزيدية هوَلاء في حياتهم العلمية والعملية وبالتالي اقتدوا ببعض الاَئمة دون البعض الآخر، وركبوا السفينة في بعض الطريق لا في جميعها وصار هذا وذاك سبباً لحدوث شقة كبيرة بين المذهب الزيدي، وماكان عليه متأخرو أئمة أهل البيت الذي وعاه عنهم شيعتهم من عصر الاِمام علي إلى آخر الاَئمة الاثني عشر عليهم السلام، واشتهر باسم المذهب الاِمامي. ولا أُغالي إذا قلت: إنّ المذهب الزيدي مذهب ممزوج ومنتزع من مذاهب مختلفة في مجالي العقيدة والشريعة ساقتهم إلى ذلك، الظروف السائدة عليهم وصار مطبوعاً بطابع مذهب زيد، و إن لم يكن له صلة بزيد إلاّ في القسم القليل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *