اسم الكاتب : هادي حسن عليوي
ـ1- الزعيم عبد الكريم قاسم!
قادة عراق الأمس الميامين
ـ كان يسكن مع أهله في دار للإيجار.. ثم بعد أن أصبح برتبة عقيد انتقل للسكن ببيت مؤجر من الدور الحكومية
ـ لا يملك أي عقار.. سوى قطعة أرض في مدينة الصويرة.. ورثها هو وأسرته عن أبيهم
ـ تبرع بها للدولة.. وأقيمت عليها مدرسة.. مازالت قائمة حتى اليوم
ـ لا يملك سيارة خاصة به
ـ ليس أرصدة مالية لديه.. مات وفي جيبه ربع دينار فقط
ـ ورث تاريخاً مجيداً.. وحب العراقيين.. وأدى الأمانة كما أوصانا الله
ـ2- الرئيس عبد الرحمن محمد عارف
ـ يملك دار واحدة سكنه وعائلته.. الأرض استلمها من الدولة كأي ضابط.. وبناها بقرض العقاري
ـ ليس أرصدة مالية لديه أو لدى أسرته.. مات.. وقلبه ويديه بيضاء وضميره مرتاح
ـ ورث تاريخاً مجيداً.. وحب العراقيين.. وأدى الأمانة كما أوصانا الله
ـ3- أمير اللواء غازي الداغستاني.. قائد فرقة عسكرية
ـ معروف بين الضباط بنزاهته واستقامته بشكل يبهر الجميع.. وإلى حد (الحنابلة).. كما يقال.. فهو مثلا
ـ يأبى استصحاب خاله معه بسيارة الدولة أذا زاره في دائرته نهاية الدوام.. وإنما يستخدم سيارة أجرة
ـ فيكلم شركة تأجير السيارات بنفسه تلفونياً.. ولا يكلف ضابط ركنه ما دامت القضية شخصية
ـ وهو أن أحتاج لتقديم طلب اجازة مثلاً.. فورق الحكومة مقدس.. ولا يجوز استخدامه ألا للأغراض الرسمية.. فكان يشتري ورق من المكتبات القريبة من ماله الخاص…………… يا عالم.. أضحك.. أم أبكي ؟… هل حقاً نحن في العراق؟!!…. أفتونا يرحمكم الله
ـ عفيف لدرجة أن دار سكناه الموروث من والده بيعت.. بواسطة دائرة الإجراء تسديداً لقرض العقاري.. الذي لم يقدر على تسديده
ـ4- محمد رضا الشبيبي
نزاهته.. أعلى درجات النزاهة
ـ خدم العراق بنزاهة وإخلاص.. ولم يستغل المناصب التي أتت إليه.. ولم يسع إليها للثراء أبدا
ـ كان متنوراً يرى في الإصلاح ضرورة.. وأكد على العلم والمعرفة لكلا الجنسين
ـ فأنشأ مدارس البنات أسوة بمدارس البنين.. فحبه للوطن لم يكن محابياً لذكر على أنثى
ـ لم يملك من حطام الدنيا شيئاً.. لا مال ولا عقار.. سوى سكنه في منطقة الزوية بالكرادة في مدينة بغداد
كان بيته هادئاً وجميلاً.. مملوءً بالأشجار من أطرافه وأكتافه
ـ مرهوناً يوم وفاته بمبلغ ثلاثة آلاف دينار.. لكن صدام أمر بهدم دار الشبيبي متعمداً.. في محاولة بائسة هي الأخرى لمحو تاريخ قامة عراقية أصيلة
ـ ولم يبق من الدار إلا جزء من حديقته الخلفية وبعض أشجارها
ـ بعد تأسيسه المجمع العلمي العراقي.. تم اختياره ليكون أول رئيس له.. وكان آنذاك وزيراً للتربية.. إلا انه آثر التخلي عن منصب رئاسة المجمع العلمي.. لعدم جواز الجمع بين وظيفتين
ـ تم تنصيب رجل امن لحراسة داره العامرة بالزوار.. لكن الشبيبي رفض ذلك بشدة.. وقال: أنا حارس للشعب.. فلمً أحتاج شرطي لحراستي؟؟
ـ5- يوسف غنيمة .. وزير مالية لثمان مرات في العهد الملكي
ـ إداري ممتاز ومالي كفء.. نزيه.. يجيد اللغات: العربية.. والكلدانية.. والتركية.. والفرنسية.. والانكليزية
ـ شخصية اجتماعية.. ورائداً للقصة التاريخية
ـ كان باحثاً علمياً رصينا وأديباً ومثقفاً
ـ اهتم بقضايا العمال والفلاحين
ـ من القلة المثقفة الواعية في العراق بمستهل القرن العشرين.. ومن الذين لم يتركوا باباً إلا وطرقوه.. ولا موضوعاً إلا وبحثوه
ـ كان يجمع في شخصيته السياسي.. والأديب.. والمؤرخ.. والرحالة.. والصحفي.. مما أهله ذلك لتقلد أرفع الوظائف في الدولة العراقية
ـ يعتبر من أركان النهضة العلمية في العراق
ـ لا يملك بيتاَ.. ولا سيارة.. مرة قال مازحاً: يبدو إن راتبي لا بركة فيه
ـ الحقيقة إن زوجته كانت رئيسة جمعية أخوان الرفق بالفقير.. وتوزع نصف راتبه الى الفقراء بعلمه وموافقته
ـ6- إبراهيم كبه.. وزير الاقتصاد 1958 ـ 1962
نزاهته
ـ كان نزيهاً بقدر لا يوصف.. فنزاهته كانت جزء لا يتجزأ من كيانه وشخصيته.. وواضحة في كل تصرفاته.. والأمثلة لا تعد ولا تحصى.. منها
ـ قدم استقالته من الوزارة في أيلول 1958 “أي بعد ثلاثة أشهر على الثورة”.. بسبب الواسطات والضغوط التي مورست عليه.. لقبول ترشيح بعض الطلاب لبعض الزمالات الدراسية الخارجية
ـ محاولات التدخل في شؤون وزارته ضد مصلحة العراق.. خاصة من قبل رئيس مجلس السيادة في مشروع عملية التطهير.. الخاصة بالخبراء الأجانب المشبوهين في مصلحة مصافي النفط الحكومة
ـ كان يرفض بشدة قبول أية وساطة مهما كانت.. ولا تجد في وزارة الاقتصاد في عهده أنه عين أحداً من بيت كبة.. أو من أقربائه.. أو أصدقائه
ـ أهدى الاتحاد السوفييتي لإبراهيم كبه شخصياً وباسمه.. عند توقيع اتفاقية التعاون الاقتصادي سيارة حديثة العام 1959.. فأبلغ رئيس الوزراء بها رسمياً.. واستعملها كوزير.. وعند قبول استقالته أواسط العام 1960.. سلمً جميع مستحقاته.. ومن ضمنها السيارة المهداة له
ـ عندها تم الرد عليه.. بأنها هدية شخصية.. وليس لها أي تسجيل.. أو باب في ممتلكات الوزارة.. ومن حقه الاحتفاظ بها
ـ ردً إبراهيم كبه: “إن الاتحاد السوفييتي لم يهديني السيارة لسواد عيوني.. بل لكوني وزيراً وممثل للعراق.. وعليه فهي من حق الوزارة.. أوجدوا باب وضيفوها أليه”… كم أنت عظيم يا إبراهيم كبة
ـ كان حازماً وصارماً في تعامله مع الجميع في موضوعة النزاهة.. فلا يقبل الرشوة.. ولا المحسوبية.. بكافة إشكالها وصيغها.. ويؤكد أصدقاءه.. وأقاربه.. وأهله.. انه كثيراً ما ردً هدايا حتى من الأقارب.. رافضاً إياها.. لاعتقاده إنها عربوناً لطلبات أخرى
ـ رفض طلبات بعض أقاربه.. ومنهم مقربين جداً بشمولهم ببعثات وزمالات دراسية في الخارج.. لإكمال الدراسات العليا على حساب الحكومة.. مكرراً قوله: “إنهم يأخذون فرصة طلاب هم أكثر استحقاقا
ـ بقيً أن نقول: إن البيت الذي استوزر به إبراهيم كبه هو بيت عائلته.. تم شراءه العام 1956.. “أي قبل أن يكون وزيراً بسنتين”.. وهو نفس البيت الذي توفي به العام 2004
ـ ليس لديه أي عقارات أخرى.. أو بساتين.. عدا أملاك الأجداد.. التي يشارك بها عشرات.. وأحياناً مئات الورثة
ـ ليس لديه أي حساب مصرفي.. عدا حساب التوفير العائلي الاعتيادي
ـ7- مصطفى علي .. وزير العدل 1958 ـ 1961
– نزاهته لا توصف.. لم يستغل منصبه لخدمة مصالحه أبداً.. فمنذ العام 1925حتى وفاته العام 1980.. شغل عشرات مناصب رفيعة لمدة 28 عاماً.. قاضي.. ورئيس قضاة.. ونائب في البرلمان.. ووزيراً للعدل
ـ أسماه المواطنون: الوزير العادل
ـ نسجل هنا ثلاث حالات عن نزاهته المطلقة.. وحالتين عن رفضه الطائفية واللقب
الحالة الأولى
ـ كلف بإلقاء أحاديث أدبية في الإذاعة العراقية العام 1937.. وحين جاء المحاسب بأجر الحديث.. رفضً مصطفى تسلمه الأجر محتجاً.. ورفع مذكرة الى مدير المعارف العام يقول فيها: (لم أكن أتوقع أن يردني منكً كتاباً يدفع ليً أجراً عن محاضراتي.. لأنني قصدتً بها الخدمة العامة.. وان ما يعد لهذه الغاية لا يقدر بثمن.. وإذا قدرً فسدت الغاية.. فليس من اللائق أن أتقاضى في سبيل خدمة المجتمع أجراً
الحالة الثانية
ـ رشحته كلية الآداب خبيراً لأطروحة أحد الطلاب العرب.. وبعد أن دققها رفع تقريراً تقويمياً بها.. فأرسلت إليه الكلية مكافأة نقدية.. فأبى وأعادها الى الكلية معتذراً عن تسلمها.. موضحاً بأن العلم فوق المادة.. وتعد هذه مساهمة منه في خدمة عامة لا طمعاً في مادة
الحالة الثالثة
ـ أمضى في منصبه كوزير للعدل ثلاث سنوات.. أبى خلالها أن يدخل الفساد الى القضاء.. ويهز العدالة في العراق.. ووقف موقفاً صلباً.. خاصة من خلال تدخل بعض قادة الفرق العسكرية في شؤون المحاكم.. ومحاولة التأثير في سير القضاء.. وإخضاعه لمشيئتهم والتلاعب به.. لكن الروح العسكرية حالت بينه وبين القادة العسكريين.. فقدم استقالته الى الزعيم عبد الكريم قاسم التي رفضها
رفضه للطائفية.. واللقب.. بئس الاسم الفسوق
ـ كان مصطفى علي يرفض الألقاب والتفاخر بالنسب والعشيرة.. وفي بداية حياته الأدبية ونشره نتاجاته.. جاءه خاله الشيخ إبراهيم ألدروبي.. وقال له: (ولدي مصطفى انك تعلم بأن العصر الذي يضلنا عصر ألقاب وأنساب.. وانك سوف تضيع بهذا الاسم المجرد.. فأضف الى اسمك لقب (ألدروبي).. ليكون لك رداءً بين الناس وعوناً.. فالدروبين أسر كبيرة معروفة وستمتنع بهم.. ويشتد ساعدك وتقوى على زمانك).. ردً مصطفى عليه: (الدروبيون هم أخوالي.. وليسوا آبائي.. ثم إن الفتى من يقول ها أنا ذا).. فلم يقر له قولي وانصرف مغتاظاً
ـ يضيف مصطفى قائلاً: (عندما عينتُ بوظيفة كاتب عدل جنوب بغداد العام 1934 جاءتني جماعة من المراجعين.. حسبتهم لإنجاز معاملاتهم.. ولما سألتهم أجاب أحدهم: (إحنا ما عندنا معاملة.. لكن هل يوجد في عشيرة القيسيين عيب؟).. فقلتُ له: (حاشا لله ما علمنا عليهم سوءاً).. قال: (فلمً تأبى الانتساب إليهم.. ـ وأنت منهم.. من الصميم؟.. لِمً لا تكتب مصطفى علي القيسي؟).. فحاولتُ إفهامهم بأن الإنسان بعمله.. وان الإسلام الحنيف قد ساوى بين قرشيها وحبشيها.. فأصموا آذانهم وخرجوا مغتاظين
ـ وهناك عشرات المسؤولين النزيهين في عهود العراق الملكي والجمهوري.. نعتذر من تلك القمم على عدم ذكرها في هذه المقالة
ـ وبعد : ماذا يقول سياسيو ومسؤولي عراق اليوم ؟؟؟؟؟.. في قامات عراقية.. وتعتبر شخصيات عالمية.. كانت مثالٌ للصدق.. والأمانة.. والإخلاص.. والشرف.. وحب العراق.. والنزاهة بلا حدود
-8- فيصل السامر
ـ صادق.. متسامح.. يحب فعل الخير.. أخلاق رفيعة.. مثقف ذو معرفة واسعة.. مربي فاضل.. ورب أسرة ناجح.. وسياسي نقي.. ووطني مخلص غيور.. عالم في مجال اختصاصه.. متميز بصفات العلماء وتواضعهم.. مع جرأة في فهم التراث.. وقدرة عالية على الانفتاح والتعامل بوعي مع المرحلة التي عاشها.. نزيه حتى آخر رمق فيه
السيرة والتكوين
ـ فيصل بن جرئ بن مري بن نعمة بن مرزوق السامر.. من عشيرة الصيامرة من قبيلة بني تميم.. الساكنة في إحدى نواحي البصرة.. ولد فيصل السامر في 12 كانون الثاني / يناير/ العام 1924 في البصرة
ـ أوفد الى مصر بكلية الآداب بجامعة القاهرة على البكالوريوس (1947).. والماجستير1950
ـ العام 1954.. أسهم بفاعلية في حركة السلم التي انطلقت آنذاك.. وحضر مؤتمرها السري الأول في ذات العام.
ـ العام 1954.. فصل من الوظيفة لمواقفه المناوئة للحكم الملكي.. والحق في دورة الضباط الاحتياط العاشرة التي خصصت للمفصولين السياسيين.
.
ـ كان ليبرالياً يسارياً ولم يتحزب يوماً.. شارك في النشاطات السياسية.. وكان ضد النظام الملكي
السامر.. الوزير
ـ في 17 تموز العام 1959 استؤزر فيصل السامر.. وزيراً للإرشاد.. وفي عهده تطورت وزارة الإرشاد وتوسعت
ـ أيار العام 1961 استقال السامر من الوزارة.. فعين وزيراً مفوضاً للعراق في اندونيسيا وماليزيا على التوالي
السامر وانقلاب 8 شباط 1963
ـ أسقطت حكومة انقلاب 8 شباط 1963 الجنسية والجواز العراقيين عنه وعن أفراد أسرته
ـ العام 1963.. ترك ماليزيا الى جيكوسلوفاكيا.. وعمل أستاذاً في أكاديمية العلوم في براغ
ـ العام 1968 عاد الى العراق كبقية السياسيين.. حيث صدر قرار بعودتهم.. وأعيد الى قسم التاريخ بكلية الآداب ليعمل أستاذاً.. وقد انتخبه زملاؤه رئيساً للقسم
السامر.. المؤرخ
ـ نقل عنه رأيه في التاريخ والمؤرخين.. مقولته “أن المؤرخ.. لا يكون مجرد راوي أمين لأحداث الماضي فقط.. فهذا واجب من واجباته فحسب
ـ أن الواجب الأكثر أهمية وأصالة في أن يكون المؤرخ طرفاً نشيطاً في تفسير أحداث عصره تفسيراً واعياً.. (وفي رأيه أيضاً): إذا كان من واجب المؤرخ أن يكون بين القوى المنظمة للحياة الحاضرة والمساعدة على دفعها إلى الأمام.. فإن مؤرخينا مدعوون إلى أن يسلطوا الضوء على الحلقات المضيئة والعلامات الدالة على حيوية الحضارة العربية كي نجعل التاريخ حافزاً من حوافز نضالنا ونهوضنا الحديث
المبادئ.. ثروته في الحياة والوفاء
ـ تقول د. سوسن ابنة الدكتور فيصل السامر: “بسبب مبادئه كان طريقه محفوفا بالمخاطر.. فقد رشح والدي عدة مرات لمنصب عميد كلية الآداب كذلك رئيسا لجامعة بغداد.. إلا انه اعتذر واثر التفرغ العلمي والإشراف على طلبة الدراسات العليا.. لم تكن الطموحات المادية أو الوظيفية تشكل هما له.. بل كان يطمح لفعل كل ما يستطيعه لخدمة بلده وعائلته فقط”.
ـ وتضيف د. سوسن السامر: انه مثالي بكل المقاييس وبكل معنى الكلمة.. ربما تكون الثروة الوحيدة التي تركها السامر لأولاده هي المبادئ.. فعندما أصبح سفيرا مثلاً كان يسد النقص في المصاريف والأثاث من حسابه الخاص تاركاً كل شيء للسفارة بعد أن تنتهي مدة سفارته.. وحسابه بالبنك بعد وفاته لم يتعد العشرة دنانير
ـ وتضيف ابنته بحسرة وسخرية: “تعلمون إن طريق المبادئ محفوف بالمخاطر لقد تعرضنا للكثير من الضغوط خلال حكم النظام السابق.. الذي لم يتقبل كلمة إن والدي “مستقل”.. والغريب إن الناس يصفون المبدئي بالمتعصب والمتعنت وغيرها من المسميات
.
ـ هذا ما قاله الناس عن والدي.. عندما تخلى من كل المغريات في بلاد الغربة.. حيث كان أستاذا في جامعة براغ بتشيكوسلوفاكيا ويتسلم راتب وزير.. لكنه أصر على العودة للوطن.. فعانى الكثير في بلده حتى تحولت معاناته الى مرض خبيث أودى بحياته
نزاهته
:
ـ رشح عدة مرات لمنصب عميد كلية الآداب.. كذلك لمنصب رئيساً لجامعة بغداد.. إلا انه اعتذر واثر التفرغ العلمي والإشراف على طلبة الدراسات العليا
ـ عرضت عليه الحكومة التشيكية جنسيتها له ولأسرته.. فاعتذر عن قبولها.. اعتزازاً بعراقيته وجنسيته
ـ لم تكن الطموحات المادية أو الوظيفية تشكل هماً له.. بل كان يطمح لفعل كل ما يستطيع لخدمة بلده وعائلته فقط
ـ كان يسد النقص في المصاريف والأثاث من حسابه الخاص.. عندما أصبح سفيراً.. تاركاً كل شيء للسفارة بعد أن تنتهي مدة سفارته
ـ كان أستاذاً في جامعة براغ بتشيكوسلوفاكيا ويتسلم راتب وزير.. لكنه أصر على العودة للوطن.. وتخلى من كل المغريات في بلاد الغربة.. فعانى الكثير في بلده حتى تحولت معاناته الى مرض خبيث أودى بحياته
ـ لم يكن يملك داراً.. ولا أي عقار آخر.. لا في العراق ولا في الخارج
ـ حسابه بالبنك عند وفاته لم يتجاوز عشرة دنانير فقط
ـ كان مثالياً بكل المقاييس.. وبكل معنى الكلمة.. ربما تكون الثروة الوحيدة التي تركها السامر لأولاده هي المبادئ
ـ نزيهة ألدليمي
ـ هادئة.. متواضعة.. بسيطة.. ما يميز شخصيتها كطبيبة هي مهارتها المهنية.. حققت خلال ممارستها لهذه المهنة الإنسانية.. الكثير من الخدمات لأبناء وبنات الرافدين سواء في بغداد أو كربلاء والسليمانية والشاكرية وغيرها من مدن العراق وأزقتها.. فالتشخيص الطبي للدكتورة وعلاجها تميز بالدقة.. والمهنية العالية.. ما دفع العديد من العراقيين إلى التوجه لها لثقتهم بمهارتها الطبية.. ورعايتها خاصة للمرضى الفقراء والمعوزين.
السيرة والتكوين
:
ـ ولدت نزيهة جودت ألدليمي العام 1923 في محلة البارودية.. ببغداد العام 1923.. وهي الابنة البكر لعائلة مكونة من أربعة أخوة وأختين.. نشأت في أسرة ذات دخل محدود.. حيث كان والدها مستخدماً في إسالة ماء بغداد.. وسعى الى تنمية الاهتمامات الثقافية لدى بناته وأولاده عن طريق قراءاته للكتب التاريخية والاجتماعية.. إذ كان يقرأ لهم الصحف اليومية في لقاءاتهم المسائية.. فأصبحوا متعلقين بجريدة “حبزبوز”.. الجريدة الساخرة التي كانت تصدر آنذاك.. ونقدها للأوضاع بأسلوبها الساخر.. فنّمت لديهم القدرة على المناقشة والتساؤل وأزداد حبهم للوطن والشعب
.
ـ دخلت كلية الطب ببغداد العام 1941-1942.. وتخرجت العام 1947 بامتياز
نشاطها الطبي
:
ـ عينت أولاً في المستشفى الملكي في بغداد.. ثم نقلت الى مستشفى الكرخ.. وفي تلك الفترة تعرضت الى الملاحقة من قبل التحقيقات الجنائية.. بعدها نقلت الى السليمانية
ـ ثم نقلت الى كربلاء.. وكانت تجربة جديدة تختلف عن بغداد حيث محيط كربلاء ومجتمعها المقيد والمحافظ جداً تجاه المرأة.. فاضطرت الى ارتداء العباءة والى مراعاة أمور عديدة عندما كانت تذهب الى معاينة مريضة في البيت
نشاطها السياسي والنسوي
ـ تأثرت نزيهة بما كانت تدرسه من علوم وتحاول ربطها بما تشهده من الأوضاع ومن المعاناة المريرة التي يعيشها الشعب.. خلال دراستها الطبية.. وتأثرت بآراء صديقاتها وأصدقائها من الطلبة ذوي الآراء والأفكار الديمقراطية حيث توسعت مداركها عن طريق النقاش معهم
ـ في العاشر من آذار / مارس / العام 1952 أعلن عن تأسيس رابطة الدفاع عن حقوق المرأة.. التي بدلت اسمها في المؤتمر الثاني في آذار 1960 الى “رابطة المرأة العراقية
ـ انتخبت الدكتورة نزيهة عضواً في مجلس الاتحاد.. ثم في مكتبه.. وفيما بعد نائبة رئيسة الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي.. ولعبت دوراً مميزاً في نظام الاتحاد وبرنامجه وعمله فيما يخص موقف الاتحاد من الحركة النسائية سواء العربية أو من بلدان العالم الثالث.. وبقت الدكتورة تنتخب لهذه المناصب في الاتحاد حتى العام 1979 حيث تأزمت المواقف بين السلطة والرابطة
دورها.. في حركة السلم
ـ ساهمت نزيهة مساهمة فعالة وجدية ضمن الجهود العامة للتحضير لعقد المؤتمر الأول لأنصار السلام وضمن اللجنة التحضيرية للمؤتمر.. كان في حركة أنصار السلام شخصيات اجتماعية مختلفة الاتجاهات منهم: الدكتور صفاء الحافظ.. والدكتور طلعت الشيباني.. الدكتور محمد الجلبي.. عبد الكريم الماشطة.. والشيخ محمد الشبيبي.. وجلال الأوقاتي.. ونائل سمحيري.. وخدوري خدوري.. وتوفيق منير.. وغيرهم ومن الشخصيات الكردية الشاعر عبد الله كوران وإسماعيل شاويس
ـ كما كانت الدكتورة عضواً في السكرتارية العليا لتحرير مجلة (قضايا السلم والاشتراكية).. التي كانت تصدر في براغ / جيكوسلوفاكيا سابقا
.
أول وزيرة
ـ في الرابع عشر من تموز / يوليو / العام 1959 صدر التعديل الوزاري الذي ضم تشكيل وزارة باسم وزارة البلديات.. وتعيين نزيهة ألدليمي وزيرة لها
قانون الأحوال الشخصية:
ـ كان لها دورها في الدفع بتشريع قانون الأحوال الشخصية ذي الرقم 188 لسنة 1959.. الذي ضمن حقوق المرأة العراقية.. وكان قانوناً متقدماً في حينه وما يزال.. حتى أن بعض الباحثين يؤكدون بأن ذلك القانون يعد من أرقى قوانين الأحوال الشخصية في الشرق الأوسط وأكثرها تقدمية.
نشاطاتها البلدية
ـ كانت الوزيرة نزيهة ألدليمي تجوب كافة مناطق العراق.. وتعقد الاجتماعات مع كل رؤساء البلديات.. ففي العشرين من آب العام 1959.. عقد مؤتمر مهندسي مشاريع الماء والكهرباء في الجمهورية العراقية.. وكان الهدف منه وضع دراسة فنية لمشاريع الماء والكهرباء في كل لواء وقضاء وناحية.. سـواء من ناحية تأسيس مشاريع جديدة أو من ناحية توسيع المشاريع التي كانت قائمة.. إذ أن تلك المشاريع كانت تنفذ بشكل ارتجالي وعلى أساس تقدير غير دقيق.. وتنفذ بكثير من التبذير
ـ قدمت نزيهة ألدليمي خدمات كثيرة إثناء مدة تسلمها لوزارة البلديات على الرغم من قُصر تلك المدة.. إذ أنها لم تدم سوى عشرة أشهر.. حاولت خلالها تقديم الخدمات البلدية إلى كافة المناطق.. من خلال النزول إلى ميادين العمل والإشراف المباشر على تنفيذ المشاريع
– كما كان لها دور في إنشاء مدينة الثورة شرق بغداد.. حالياً “مدينة الصدر”.. ووزعت قطع الأراضي في منطقة الشعلة
ـ بعد خلاف عبد الكريم قاسم مع الشيوعيين.. أصبحت نزيهة وزيرة بلا حقيبة وزارية.. ففي الثالث عشر من أيار 1960.. صدر المرسوم الجمهوري بتعيين الدكتورة نزيهة ألدليمي بمنصب وزيرة دولة بدلاً من وزيرة البلديات.. وتعيين السيد عباس ألبلداوي بدلاً عنها
مغادرتها العراق
نتيجة لتلك الممارسات وشعوراً من قيادة الحزب الشيوعي العراقي بالخطر على حياة الدكتورة نزيهة ألدليمي.. صدر أمر من قيادته في آب العام 1961.. بإرسال وفد من كوادر الحزب للدراسة في المدرسة الحزبية في الاتحاد السوفيتي.. وكانت هي من ضمن أعضاء الوفد.. وبقيت هناك حتى قيام انقلاب الثامن من شباط 1963
ـ ثم انتقلت من موسكو إلى براغ.. وساهمت في تشكيل حركة الدفاع عن الشعب العراقي مع الشاعر محمد مهدي ألجواهري.. والدكتور فيصل السامر.. وشاكر خصباك
ـ في 4 نيسان / أبريل / 1964 أصدرت محكمة الثورة حكما بإعدامها.. ثم خفف الحكم إلى المؤبد مع الأشغال الشاقة
.
العودة للعراق
ـ تم تبرئتها من الحكم المؤبد الصادر بحقها
ـ العام 1968 سمح لها بالعودة إلى العراق.. كبقية العراقيين السياسيين المنفيين والهاربين الى خارج العراق
ـ عملت ضمن كوادر الحزب الشيوعي بشكل سري.. وفجعت بموت شقيقها.. ومن ثم مرض والدتها وموتها
ـ العام 1979 غادرت العراق ثانية.. وعاشت في ألمانيا.. بمدينة بوتسدام
أيامها الأخيرة
ـ كان آخر نشاطات الدكتورة نزيهة هو قيادتها لسينمار عقد في الثامن عشر والتاسع عشر من كانون الأول العام 1999.. في مدينة كولن الألمانية.. تحت عنوان “نحو عام 2000.. المرأة العراقية.. الواقع والتحديات.. أشارت فيه الى إننا على مشارف الألفية الثالثة تواجهنا عراقيل ومصاعب تتنافى وروح العصر.. وتمنعنا حتى من عقد سينمار أكثر سعةً من الناحية العددية.. وأكثر تنوعاً في التركيب
ـ واصلت الدكتورة نزيهة جهودها للإعداد وتنظيم عقد المؤتمر الخامس لرابطة المرأة العراقية.. الذي كان مزمعاً عقده في العام 2002.. لكنها أصيبت بجلطة دماغية في آذار من العام نفسه جعلها طريحة الفراش
راتب تقاعدي
:
في نيسان/ أبريل / العام 2004 اتخذ مجلس الحكم المؤقت في العراق قراراً بمنح الدكتورة نزيهة ألدليمي راتبا تقاعدياً شهرياً قدره “750 دولار” اعتباراً من نيسان 2004.. تثميناً لجهودها في خدمة الوطن ونضالها الطويل
وفاتها
ـ ظلت في المنفى.. وأصيبت بمرض عضال.. وتوفيت في التاسع من تشرين الأول العام 2007 في ألمانيا.. عن عمر يناهز ال84.. ونقل جثمانها إلى بغداد.. ودفنت في مقبرة الشيخ معروف ألكرخي.. بناء على وصيتها بأن تدفن في العراق.. وفي نيسان العام 2009 اقر مجلس الوزراء توصية أمانة بغداد بإقامة تمثال لها في بغداد
نزاهتها
ـ لا تملك داراً.. ولا أرضاً.. ولا أي شكل من أشكال العقار.. لا في العراق.. ولا خارجه
ـ ليس لها حساب مصرفي.. أو أي شكل من الحسابات والأمانات.. لا في العراق .. ولا خارجه
ـ كانت تعيش على راتبها.. فعيادتها الخاصة كانت شبه مجانية للعناية بالفقراء والمعوزين