طوفان الأقصى وطوفان القلم المقاوم: الدم والحبر جناحا الأمة وصمودها الخالد

 أحلام الصوفي

تمر الذكرى الثانية لعملية “طوفان الأقصى”، تلك اللحظة التي لم تكن مجرد حدث عابر في سياق الصراع الفلسطيني مع الاحتلال، بل محطة فاصلة في مسار مقاومة لا تعرف التراجع. في هذا اليوم، أعادت غزة صياغة معادلة الإرادة، وأثبتت أن مدينة صغيرة، محاصرة، يمكنها أن تهز كيانًا عسكريًا وإعلاميًا بحجم الاحتلال الإسرائيلي.

لم تكن غزة مجرد مدينة تتلقى الضربات، بل كانت ساحة اختبار حقيقية لكل معاني الصمود والبطولة. من شوارعها، منازلها، ومآذنها، خرجت رسالة المقاومة بأوضح صورها، حيث تحوّل كل بيت إلى متراس، وكل قلب فلسطيني إلى جبهة مفتوحة، تؤمن أن الحرية لا تُمنح، بل تُنتزع بالإرادة والتضحيات.

لقد كان “طوفان الأقصى” معركة شاملة، ليس في بعدها العسكري فحسب، بل في أبعادها الإعلامية، النفسية، والسياسية. واجه فيها الشعب الفلسطيني آلة الاحتلال بكل ما يملك من أدوات، فكان الدم الفلسطيني يكتب أسمى معاني البطولة، وكان كل مشهد في غزة تجسيدًا حيًا لعقيدة لا تنكسر.

كانت غزة، ولا تزال، مدرسة للبطولة، تكتب ملامحها بالدماء الطاهرة، وتؤكد للعالم أن الشعوب التي تؤمن بحقها لا تنكسر، حتى وإن تجمّعت ضدها كل قوى الاستكبار. طوفان الأقصى لم يكن فعلًا عسكريًا فحسب، بل كان نهوضًا شاملًا، شارك فيه المقاوم بسلاحه، والمدني بثباته، والإعلامي بصوته، وكل الأمة بدعائها وموقفها.

في خضم هذه المعركة، برز القلم كجزء لا يتجزأ من ساحات المواجهة، وهذا ما وثّقه الكاتب والمحلل السياسي السيد عدنان عبدالله الجنيد في مؤلفه “طوفان القلم المقاوم”، الذي أرّخ فيه للمرحلة بوعي ومسؤولية، مجسّدًا كيف يمكن للكلمة أن توازي الرصاصة في وقعها، وللوعي أن يسبق النصر على الأرض.

في كتابه، يبرز السيد عدنان عبدالله الجنيد العلاقة الوثيقة بين الدم والحبر، باعتبارهما جناحي الأمة التي لا تموت. فكما سُفك الدم دفاعًا عن الأرض والكرامة، كُتب الحبر توثيقًا وتخليدًا لهذه المواقف البطولية، كي لا تضيع وسط زحام الأخبار وسُبات الضمير العالمي.

“طوفان القلم المقاوم” لا يوثق الحدث فحسب، بل يربط بين معارك غزة ونبض صنعاء وصوت بيروت وضمير بغداد. إنه نداء للأمة كلها، أن تكون حاضرة بفكرها، بإعلامها، بموقفها، وبكلماتها التي ترفض النسيان.

ولعل أعظم ما في هذا الربط بين طوفان الأقصى وطوفان القلم، هو إيمان الكاتب أن المقاومة ليست بندقية فقط، بل هي مشروع حياة، يبدأ من الكلمة الصادقة، ولا ينتهي إلا بزوال آخر محتلّ.

وبين الدم والحبر تظل الشعوب الحيّة تكتب تاريخها،

 وتقاوم، لا بالكلمات فقط، بل بالإصرار على أن تبقى الحقيقة حيّة، لا يطمسها إعلام مُضلّل ولا يسكتها صمت متواطئ.

في الذكرى الثانية لطوفان الأقصى، يصبح “طوفان القلم المقاوم” بمضمونه وشهاداته مرآة لما تختزنه الشعوب من وعي متقد. فقد لا نملك جميعنا سلاحًا نحمل به، لكننا نملك الكلمة، والوعي، والقدرة على صناعة رأي عام لا يُدار من غرف الغرب، بل ينبض من صرخات المقهورين ومن دماء الشهداء.

إن الأمة التي تقرأ تاريخها جيدًا، وتحفظ سِيَر أبطالها، لا تموت. وها هو السيد عدنان عبدالله الجنيد، في كتابه، لا يكتب فصلاً عابرًا من الصراع، بل يحفر في ذاكرة الأمة ملحمةً تستحق أن تُروى، وأن تُدرّس، وأن تُنقل للأجيال القادمة.

لأن القلم المقاوم، حين يكتب بصدق، لا يخفت صداه… 

بل يبقى طوفانًا يُجدد الوعي، ويوقظ الضمائر، ويعلن أن المقاومة مستمرة، ما دام فينا نبضٌ يرفض الهزيمة.