مَنْ هم الفلسطينيين وأصولهم عبر التاريخ ؟ الجزء الأول

فريدة رمزي شاكر

بعد الطوفان عاش أولاد نوح الثلاثة في القارات الثلاثة: سام في آسيا، وحام في أفريقيا، ويافث في أوروبا. أنجب حام أربعة أولاد منهم «كَنْعَان» و«مصرايم».
مصرايم ابن حلم أنجب «كسلوحيم» الذي أنجب « فِلِشْتِيم». وكَنْعَانَ ابن حام خرجت منه11 قبيلة مذكورة أسمائهم في جدول الأمم (تك10: 15-19) وإستوطنوا سوريا ولبنان وأرض كَنْعَانَ، منهم ستة قبائل كنعانية « صيدون والحثي واليبوسي والأموري والجرجاشي والحوي » إستوطنوا المنطقة التي جنوب صيدون.

الفلسطينيين الأصليين الأوائل الذين استوطنوا أرض كنعان هم أحفاد الأفريقي «فِلِشْتِيم» حفيد مصرايم مع عمهم الإفريقي «كَنْعَان» أخو الإفريقي مصرايم. وقبائل الفلسطينيين تسعة، بجانب قبيلة عمهم كنعان هم: « الْقِينِيِّينَ وَالْقَنِزِّيِّينَ وَالْقَدْمُونِيِّينَ وَالْحِثِّيِّينَ وَالْفَرِزِّيِّينَ وَالرَّفَائِيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ وَالْكَنْعَانِيِّينَ وَالْجِرْجَاشِيِّينَ وَالْيَبُوسِيِّينَ» ــ تكوين15: 19-21



إذن الكَنْعَانَيون الذين من أصل أفريقي تسمت الأرض باسمهم وجزء من الأرض استوطنه الفلسطينيين الأوائل الذين من نسل « فِلِشْتِيم»، وهم الذين كانوا موجودين عندما جاء إبراهيم وكانت الأرض كلها تسمي «أرض الكنعانيين – أرض كَنْعَان» بما فيها سوريا ولبنان، والأرض التي تسمت فيما بعد بفلسطين نسبة إلى فِلِشْتِيمُ حفيد مصرايم، كما كان يُطلق اسم « كَنْعَان» على الأرض التي تقع «غرب نهر الأردن». وكانت حدودها الأصلية مدخل حماة شمالاً وبادية سورية شرقاً وحتى حدود بادية العرب جنوباً وساحل البحر المتوسط إلى الغرب. كما كانت «أرض كَنْعَان» تطلق على منطقة فلسطين الغربية. وكان اسم «الكَنْعَانَيين» يدل على ساكني الأرض ككل بدون تحديد لأصولهم العِرقية لأن جميع القبائل التسعة بالإضافة إلى قبيلة كنعان، جميعاً من نسل حام ابن نوح الذي سكن أفريقيا، قبل دخول بني إسرائيل لأرض الميعاد. ـــــ أما اسم « أرض فلسطين» فأطلق في الأصل على الساحل الذي كان يسكنه « الفلسطينيون الأصليون» الكنعانيون وهم نسل فِلِشْتِيمُ حفيد مصرايم ابن حام.
إلا أنه يقصد بالاسم بمفهومه الواسع الآن، ما كان يُقصد بأرض كَنْعَانَ كلها، وكان الفينيقيون والعبرانيون يعتبرون فينيقية جزءاً من كَنْعَانَ. بينما كان الفينيقيون يتمركزون حول مدينتي صور وصيدون وكانوا يُعرفون باسم الكَنْعَانَيين حتى زمن السيد المسيح:

«ثُمَّ خَرَجَ يَسُوعُ مِنْ هُنَاكَ وَانْصَرَفَ إِلَى نَوَاحِي صُورَ وَصَيْدَاءَ. وَإِذَا امْرَأَةٌ كَنْعَانِيَّةٌ خَارِجَةٌ مِنْ تِلْكَ التُّخُومِ صَرَخَتْ إِلَيْهِ قَائِلَةً: «ارْحَمْنِي، يَا سَيِّدُ، يَا ابْنَ دَاوُدَ! اِبْنَتِي مَجْنُونَةٌ جِدًّا» ــ متى 15: 21-22
«ثُمَّ قَامَ مِنْ هُنَاكَ وَمَضَى إِلَى تُخُومِ صُورَ وَصَيْدَاءَ، وَدَخَلَ بَيْتًا وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ لاَ يَعْلَمَ أَحَدٌ، فَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَخْتَفِيَ، لأَنَّ امْرَأَةً كَانَ بِابْنَتِهَا رُوحٌ نَجِسٌ سَمِعَتْ بِهِ، فَأَتَتْ وَخَرَّتْ عِنْدَ قَدَمَيْهِ. وَكَانَتْ الامْرَأَةُ أُمَمِيَّةً، وَفِي جِنْسِهَا فِينِيقِيَّةً سُورِيَّةً. فَسَأَلَتْهُ أَنْ يُخْرِجَ الشَّيْطَانَ مِنِ ابْنَتِهَا.» ــ مرقس 7: 24

نلاحظ أن إنجيل متى ومرقس وصفوا المرأة بأنها كنعانية .فينيقية سورية من الأمميين

ـــــ لنبدأ القصة عندما خرج إبراهيم وسارة ولوط من مدينة حاران بين النهرين وذهبوا إلى أرض كنعان:
«وَخَرَجُوا لِيَذْهَبُوا إِلَى أَرْضِ كَنْعَانَ. فَأَتَوْا إِلَى أَرْضِ كَنْعَانَ» ــ تثنية 23: 7
«وَكَانَ الْكَنْعَانِيُّونَ وَالْفَرِزِّيُّونَ حِينَئِذٍ سَاكِنِينَ فِي الأَرْض»ــ تك 13: 5
إذن زمن إبراهيم حوالي عام 2100ق.م.، كانت تلك المنطقة تسمى «أرض كنعان» قبل وصول إبراهيم ( تك 11: 31 ؛ 12: 5 ). فعندما وصل «وَكَانَ الْكَنْعَانِيُّونَ حِينَئِذٍ فِي الأَرْضِ»ــ تك 12: 6.
وفي جميع سفر التكوين، تُسمى «أرض كنعان» أربعين مرة، ومن زمن إبراهيم حتى أيام يوسف (1800ق.م.) وعد الله بإعطاء اليهود «أرض كنعان» وليس أرض فلسطين، عندما قال الله لموسى: « وَأَيْضًا أَقَمْتُ مَعَهُمْ [ يقصد بني إسرائيل] عَهْدِي: أَنْ أُعْطِيَهُمْ أَرْضَ كَنْعَانَ، أَرْضَ غُرْبَتِهِمِ الَّتِي تَغَرَّبُوا فِيهَا» ــ خروج 6: 4

ـــــ الفلسطينيين الأصليين من نسل « فِلِشْتِيمُ»، كانوا أيضاً موجودين بالأرض حين جاء أبينا إبراهيم لأرض كنعان.
نلاحظ أن هناك فجوة مقدارها أكثر من ستة قرون ونصف، بين الفلسطينيين الكنعانيين زمن إبراهيم والمذكورين في سفر التكوين، وبين «الفلسطينيون الكفتوريون» اليونانيين الذين نزحوا من جزيرة «كريت» في الرُبع الأول من القرن الـ12ق.م. وظهروا لأول مرة باسم شعوب البحر، عندما حاربهم رعمسيس الثالث سنة 1190 فهربوا إلى« أرض العويين» وهم أحد فروع الفلسطينيين الأصليين «تثنية2: 23»:
« وَالْعُوِّيُّونَ السَّاكِنُونَ فِي الْقُرَى إِلَى غَزَّةَ، أَبَادَهُمُ الْكَفْتُورِيُّونَ الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ كَفْتُورَ وَسَكَنُوا مَكَانَهُمْ.»
وهذا حقيقي لأننا سنلاحظ أن التوراة تكلم عن أكثر من شعبين تسموا باسم الفلسطينيين ولكن بمواصفات مختلفة لكل منهما حين جاءوا إلى هذه الأرض، لأن فِلِشْتِيمُ وكفتوريم خرجوا من كَسْلُوحِيمَ :
« وَفَتْرُوسِيمَ وَكَسْلُوحِيمَ، الَّذِينَ خَرَجَ مِنْهُمْ فِلِشْتِيمُ وَكَفْتُورِيمُ »ــ تك10: 14.

ولكن وُصِف كل شعب بصفات جوهرية مختلفة. والكلام هنا عن أول من تسمت الأرض بإسمهم « فِلِشْتِيمُ ابن كسلوحيم ابن مصرايم» وهم من نسل حام، إذن فِلِشْتِيمُ وكنعان جذورهما أفريقية وليسوا من نسل سام. وكنعان حفيد نوح وُلد حوالي منتصف الألفية الثالثة قبل الميلاد.

ــــ في محاولة بائسة للعرب اليوم، يستميت بعضهم في الترويج لأكذوبة أن الكنعانيين والفلسطينيين والفينيقيين أصولهم عربية، بدون أي أدلة تاريخية أو توثيق أثري تاريخي، قمة السخرية أنهم يصدقون أكاذيبهم بصدق وأمانة!!
رغم أن الكنعانيين والفينيقيين والفلسطينيين عهد التوراة لا ينتمون للعرب وسأوضح الأسباب التاريخية في الأجزاء القادمة، لا ينتمون العرب لغوياً ولا إثنياً ولا عِرقياً ولا جغرافياً، لسبب بسيط أنه لا توجد أي سجلات تاريخية تثبت أن العرب كانوا موجودين أساساً كهوية أو كقومية أو لهم أي كيان سياسي أو أي ذِكر تاريخي !! وإلا فليثبتوا لنا بأن الكنعانيين والفلسطينيين من العرب كما يزعمون اليوم؟!
هل كان العرب موجودين بعد زمن الطوفان مباشرة في منتصف الألفية الثالثة قبل الميلاد؟!
كيف نصدق إدعاءاتهم والعرب أنفسهم يفتخرون أنهم جنس سامي وليسوا من نسل حام الإفريقي، ومعروف أن سام هو من أتي من نسله إبراهيم وذريته ؟!
ــــ ولي تكملة في جزء جديد عن علاقة الكنعانيين بالفلسطينيين ومواصفات الفلسطينيين الأصليين، وهل توجد أي إشارة تاريخية تقول بأن العرب كانوا موجودين زمن الكنعانيين والفلسطينيين الأصليين ؟!