احداث الشغب في المغرب ….الاسباب والمآلات

ميلاد عمر المزوغي

المغرب الاقصى وعلى مدى مساحته الجغرافية يشهد سلسلة من التظاهرات الجماهيرية
الغاضبة بشان الاوضاع المعيشية المزرية, الاحتجاجات دعت إليها مجموعة تطلق على نفسها
“جيل زد 212″ وتطالب بمحاربة ما تصفه بالفساد، وبتحسين خدمات قطاعي الصحة والتعليم
وتوفير فرص عمل. ذكرت مصادر بوزارة الداخلية, انه قد اصيب ما يقرب من 260 فردا من
المنتمين لقوى الامن المغربية(مكافحة الشغب), بجروح متفاوتة الخطورة اثناء تعاملهم مع
المتظاهرين, لكن المصادر لم تبلّغ عن عدد الذين تم احتجازهم بتهمة التعدي على النظام العام,
كما انها لم تذكر العدد الحقيقي للمصابين من المتظاهرين, والذي من المتوقع ان يكون مرتفعا
(مصادر غير رسمية تقول بان العدد تجاوز 400 جريح ومثل العدد من الموقوفين)لان
السلطات تتعامل بشراسة مع الشبان العزّل.
يقول الشبان المتظاهرون بان الحكومة تولي اهتماما خاصا بإقامة البنية التحتية الرياضية
استعداداً لتنظيم كأس أفريقيا 2025، وكأس العالم 2030, حيث تم تخصيص حوالي 2.5 مليار
دولار أمريكي لبناء الملاعب ومراكز التدريب، على أن يأتي مبلغ إضافي يقدَّر 1.7 مليار
دولار أمريكي من التمويل البنكي أو القروض الخاصة ويتوقع ان تكون مساهمة المغرب
ميزانية المونديال حوالي 6 مليارات دولار امريكي, ما يعد اثقالا لكاهل الدولة , يأتي ذلك على
حساب القطاعات الحيوية التي تمس حياة المواطنين اليومية وتهميش المناطق الروية والنائية,
وتردي الخدمات الصحية التي كانت احد اسباب التظاهرات اضافة الى قطاعات اخرى تشهد
ترديا في الخدمات ومنها على سبيل المثال قطاع التعليم الذي يعاني اساتذته من تدني مرتباتهم
التي لم تعد تفي بتلبية احتياجاتهم الضرورية ما اضطر العديد منهم لترك التعليم العام.
السيد اخنوش رئيس الحكومة اعلن تجاوبه مع مطالب المتظاهرين واستعداده للحوار معهم,
من جانبه المتحدث باسم وزارة الداخلية المغربية اكد أن 70 بالمئة من المشاركين في أعمال
التخريب والاشتباكات مع قوات الأمن في مختلف أنحاء المغرب من القصر. هذه الفئة الفاعلة
والنشطة مهمشة ولم تجد مواقع شغل تسترزق منها وتساهم في زيادة الدخل العام, الذي يعود
بالنفع على الجميع, ما يحدث بالمغرب دليل على الظلم والجور الواقع على الشعب الذي يعاني
الفقر والحرمان ولم تعمل السلطات لعقود على حلحلة الامور المستعصية بل آخذة في التفاقم,
الانسان يلجا الى التظاهر لأنه فقد الحياة الكريمة بينما اناس اخرون ينعمون بخيرات البلاد
،المظاهرات السبيل الوحيد لان يدرك الساسة ان الشعب لم يعد يحتمل المزيد وعليهم ان يقوموا
بتحسين الاوضاع او ان يرحلوا ويتركوا المجال لغيرهم.
الاتحاد الوطني للشغل، وهو نقابة عمالية، حذر الحكومةَ من تنامي الاحتقان الاجتماعي ودعاها
إلى اتخاذ إجراءات مستعجلة حفاظا على السلم الاجتماعي.
نخلص الى القول بان تفاقم الأوضاع الاجتماعية بالمملكة واستمرار تدهور القدرة الشرائية
للمغاربة وتنامي الإحباط والاحتقان في مختلف القطاعات، هو الذي ادى الى الاستياء والغضب
الشديدين من السياسات الحكومية الفاشلة.
السؤال الذي يتبادر الى الذهن, هل ستعمل الحكومة الى الاخذ بمطالب المتظاهرين والعمل على
خفض التوتر والاتجاه نحو المشاريع التي تمس مباشرة حياة الناس؟ ام ان ما تقوم به الحكومة
هو مجرد وعود لأجل امتصاص غضبة الشارع؟. ام ان الاحتجاجات ستطيح بالحكومة الحالية؟
كل ذلك رهن بالتطورات المتسارعة؟