الحقيقية الغائبة لمناورة “السيسي” لحفظ ماء وجه الوفد العراقي في قمة “شرم الشيخ” بعد الانتقاد الحاد من السيد الصدر للسوداني؟

صباح البغدادي


(*) العراق لديه نفط كثير ولكن لا يعرفون ما يفعلون به … ترامب مخاطبا السوداني مباشرة !.

(*) لم ينسى الرئيس “ترامب” أن يطلب من دول الخليج الأغنياء في كلمته بتمويل إعادة إعمار غزة لان لديهم الاموال الطائلة ولانها لحظة تاريخية للجميع !.

(*)كلمة رئيس الوزراء البكستاني وما قاله في حق الرئيس “ترامب” من عبارات وكلمات المديح والغزل والثناء في خطابه كان أشبه بـ “ما لم يقله مالك في الخمرة ” وبالاخص تأكيده على منح جائزة نوبل للسلام ودعوته الى اللجنة بمنحها الى الرئيس “ترامب” خلال السنة القادمة ,وهذه العبارة بالتحديد التي أطرب كثيرأ لسماعها سيكون لها مردود إيجابي في اعادة المعونات والمساعدات العسكرية الأمريكية لباكستان؟.

(*) يخيل اليك بان الرئيس “ترامب” أذا لم يحصل على جائزة نوبل للسلام في السنة القادمة 2026 سوف يقصف العاصمة “ستوكهولم” أو على الأقل يفرض عقوبات على اللجنة !؟.

 لم تمر الزيارة المفاجئة وغير المعلن عنها حتى أقرب حلفائه التي سارع فيها رئيس الوزراء العراقي “محمد شياع السوداني” إلى مصر لحضور قمة شرم الشيخ للسلام قد مرت مرور الكرام، حيث أثارها زعيم التيار الوطني الشيعي السيد “مقتدى الصدر” بانتقاد لاذع على منصة اكس (تويتر سابقا)، واصفا إياها بصورة واضحة لا جدل فيها أو لبس أو تأويل “بوصمة العار ” وعلى الأحزاب الشيعية الحاكمة المنضوية تحت مظلة ومسمى “الإطار التنسيقي لادارة الدولة “، معتبرا في الوقت نفسه السيد الصدر :” بأنها تمثل خطوة نحو التطبيع مع إسرائيل”، وخاصة مع نشر ترجيحات إعلامية كانت قبل ساعات من ان يكون تواجد رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” في القمة أمرا حتميا . وهذا الانتقاد الحاد، الذي جاء في تغريدته صباح يوم الإثنين , وبعد ساعات قليلة من وصول “السوداني” إلى القاهرة، هذا الانتقاد الحاد قد أجبر مكتب رئيس الوزراء على إصدار بيان رسمي مفاجئ يعلن بموجبه وفيه الانسحاب من القمة في حال مشاركة “نتنياهو” ، ومما يبرز التخبط والعشوائية الدبلوماسية العراقية في لحظة حرجة .ولم يكتف السيد الصدر بتغريدته  – بأنها معيبة ومخجلة، ووصمة عار على جبين الأحزاب الشيعية الحاكمة التي تدعمها إيران . وأضاف : “هذه القمة ليست للسلام، بل للتطبيع مع الصهيونية وحل الدولتين، وهذا خيانة للقضية الفلسطينية وللشعب العراقي”، ومشددا في الوقت نفسه على أن :” أي حضور لها يعني توطيد الحضور الإسرائيلي في المنطقة”. هذه التغريدة التي تابعتها وشاركت بردودها والتعليق عليها فور نشرها ، والتي حصدت آلاف التفاعلات في دقائق، أعادت إلى الأذهان موقف الصدر التاريخي ضد أي شكل من أشكال التطبيع، وكما في معارضته “لاتفاقيات أبراهام ” عام 2020، والتي كررها الان وانا اتابع عن كثب كلمة الرئيس الأمريكي ترامب في قمة السلام حول الترويج مرة اخرى للطلب من الدول العربية الانضمام إلى “معاهدات ابراهام” السيد الصدر ومن خلال هذا الانتقاد الحاد والانفعال يعزز معه صورته للراي العام كصوت شيعي مستقل عن تكتل احزاب وفصائل “الإطار التنسيقي” الحاكم. والانتقاد لم يقتصر على الجانب السياسي فقط ؟ بل  ربط  السيد الصدر هذه الزيارة المفاجئة والتي لم يكن مدعوا لها السوداني بالضغوط الأمريكية على بغداد لتحجيم الميليشيات والفصائل والأحزاب الولائية، ومعتبر بالوقت نفسه أنها نهج جديد لمؤامرة أمريكية-صهيونية لتفكيك المقاومة الإسلامية، وهذا التصريح أثار موجة من التعليقات على منصة اكس،، ومع دعم من أنصار الصدر ومعارضة وبين من مؤيدي الحكومة الذين يرون في الزيارة فرصة للدبلوماسية العراقية لاعادة هيبتها.يمثل هذا المواجهة ذروة حقيقية لمزيد من التوتر الداخلي العراقي، حيث يسعى ويستغل السيد “الصدر” هذه  القمة لتعزيز نبرة وحدة انتقاده وبلاغته المضادة للحكومة قبل حلول موعد الانتخابات البرلمانية بعد أقل من اسابيع ، ومؤكدا على المقاومة الشيعية كبديل عن التبعية الأمريكية. ومن ناحية أخرى قد ينضر اليها ، بانها مجرد عرض الإعلان الحكومي لبغداد لخطر ومزيد من العزلة الدبلوماسية الدولية ، وحيث تأتي القمة في أعقاب تداعيات خطاب “ترامب” في الكنيست اليوم ، وتشمل مناقشات حول إعادة إعمار غزة وتحجيم دور الإيراني بالمنطقة وانهاء برنامجها النووي والميليشيات الولائية في العراق .وكسياق استراتيجي لمحاولة قدر الامكان لتلافي أو الحد منه قدر الامكان , بين التوتر الأمريكي-العراقي والدور المصري كوسيط إقليمي لذا تأتي زيارة “السوداني” في وقت يشهد فيه العراق ضغوطًا أمريكية متزايدة، ناتجة عن سياساته المُلْتَزِمَة والدوران في دوامة “فلك الإيراني”، وعدم نجاحه في تحجيم دور الميليشيات الولائية مثل كتائب “حزب الله” أو “عصائب أهل الحق” أو الحشد الشعبي، والتي تُصنَّف كإرهابية من واشنطن. منذ توليه المنصب في ت1 2022، صحيح انه حاول جاهدآ أن يسعى بدوره “السوداني” إلى توازن دقيق بين طهران وواشنطن، وكما في إعلانه عن إحباط 29 محاولة إطلاق صواريخ من قبل الميليشيات نحو إسرائيل خلال “الحرب الإسرائيلية-الفلسطينية” في  تموز 2025، ولكنه لم يُترجم هذا التوازن  إلى إجراءات جذرية وصارمة ضد هذه الفصائل. وهذا التوتر بلغ ذروته في  حزيران 2025، عندما أجرى وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو مكالمة مع “السوداني” للتنديد بهجمات على البنية التحتية النفطية الأمريكية في العراق، ومطالبًا بمحاسبة الجناة. ومن منظور استباقي لنا وكقرائة ، قد يُمثِّل حضور “السوداني” وهذا ما نرجحه لتكون له  فرصة لـ”لقاء غير رسمي” مع الرئيس “ترامب” وعلى هامش القمة، وبرعاسة خاصة من الرئيس  السيسي ورغم عدم الإعلان الرسمي عن ذلك حتى كتابة هذا المقال ولغاية الآن، ومما قد يُعالج بصورة اكثر لسد الفراغ والفجوة  في العلاقات العراقية-الأمريكية بعد غياب زيارة بغداد لواشنطن.

ولكن يبقى لنا السؤال الأبرز والمهم والاهم والذي يتمثل بــ – ما هو “المقابل” الذي دفعَه السوداني لمصر لتقريب وجهات النظر مع ادارة المكتب الابيض واستغلال فرصة مؤتمر السلام لتقريب وجهات النظر ؟ – فهل هناك ستكون إلى صفقات اقتصادية غير شفافة، تتناسب مع نموذج السيسي الذي يجمع بين الدبلوماسية والاقتصاد العسكري. وذا قد تكون الاحتمالات الاستباقية تشمل على سبيل المثال وليس الحصر : مثل صفقات إنشائية مباشرة للجيش المصري: قد تشمل منح عطاءات لشركات مثل “الهيئة العربية للتصنيع” (تابعة للجيش) لمشاريع في بغداد، مثل بناء محطات كهرباء أو طرق، بقيمة تصل إلى 5 مليارات دولار، دون مناقصات عامة، مُتَجَاوِزًا قوانين الشفافية العراقية، كما حدث في صفقات سابقة مع الأردن. أو ستكون شحنات نفطية تفضيلية  والعراق، ثاني أكبر منتج للنفط في أوبك، قد يُقدِمْ شحنات بأسعار مخفضة (أو شبه مجانية) إلى مصر، التي تواجه عجزًا طاقيًا، مشابهًا للاتفاق مع الأردن في 2024، حيث بلغت قيمة الشحنات 1.5 مليار دولار سنويًا، مُعْزِزًا أمن الطاقة المصري مقابل الوساطة. أو من خلال سيطرة مصرية على مشاريع استراتيجية: دخول شركات مصرية (مثل “السويدي إليكتريك”) في استثمارات مشتركة في موانئ أم قصر أو حقول نفط كردية، بحجة “الشراكة العربية”، مما يُعْطِي القاهرة نفوذًا اقتصاديًا في العراق، مقابل دعم سياسي أمريكي للسوداني في ملف الميليشيات . ولان هذه الصفقات قد تُعلَنْ في أسابيع قادمة ، ومُحَوِّلَةً الزيارة إلى “عقد استراتيجي” يُعْزِزْ الاقتصاد العراقي (بنمو 4% متوقع في 2026) ولكنها تُثِيرْ مخاوف من “استعمار اقتصادي” مصري، خاصة مع ملفات الفساد الكثيرة والمتشعبة التي يزرح تحتها جميع الوزرارات ومؤسساتوالدوائر الحكومية الإطار. واما ان تكون مجرد وبوضع قصير المدى ويتمثل إذا لَقِيَ “السوداني” “ترامب”، قد يُؤَدِّيَ بدوره إلى محاولة “تخفيف العقوبات” ومُعْزِزًا استقرار حكومته، ولكن قد يكةون هناك رفض اللقاء وهذا محتمل (بسبب “الفلك الإيراني”) او حتى ضيق جدول الاعمال ومما قد يُعْرِضْ بغداد لعقوبات جديدة، ومُؤَثِّرًا على أسعار النفط العالمية. والزيارة تُعْزِزْ فرصة “الديانة الإبراهيمية” الترامبية وبإضافة العراق كشريك محتمل وعلى الطريق، وتُمَكِّنْ مصر من لعب دور “الوسيط العربي” في قمم مستقبلية (مثل قمة بغداد 2026)، لكنها قد تُثِيرْ توترات مع طهران في المستقبل القريب، ومُهَدِّدَةً بتصعيد حدودي سوري-عراقي.  ومع هذا قد تُمَثِّلْ زيارة السوداني المفاجئة “رهانًا استراتيجيًا” يجمع بين الضرورة القصوى والفرصة المتاحة التي يجب استغلالها ، حيث يُخْرِجْ العراق من عزلته مقابل تنازلات اقتصادية لمصر وهذا ما نتوقعه ، ومُعْزِزًا دور الرئيس “السيسي” كلاعب محوري . وعلى كل حال الأيام القادمة ستكشف الخفايا، ولكن النتيجة المحتملة هي إعادة تشكيل التحالفات نحو “سلام مشروط” يُفَضِّلْ الاستقرار على المواجهة، مع مخاطر تصعيد إذا فشلت الوساطة. 

وفي الختام ومن خلال المشاهدة والمتابعة لهذا الحدث وفي مشهد لم اكن اتمنى ان اشاهده فيه على الرغم من الاختلاف والصدام ، فقد التقطت كاميرات التلفزة صورة لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني وهو يجلس في الصف الأخير خلال قمة “شرم الشيخ للسلام”، ونلاحظ فيه وبوجه عابس ومكسور، كأنه ليس ممثلًا لدولة العراق العظيمة، مهد الحضارات الذي يمتد تاريخه لسبعة آلاف سنة، بل مجرد مواطن محروم لم تُصرف حصته التموينية هذا الشهر! هذا المنظر، الذي ينضح بالإحباط، يُعدّ إهانة دبلوماسية فادحة للعراق، ويعكس تهميشًا مقصودًا لمكانته وفي محفل دولي يُفترض أنه يحترم التاريخ والسيادة. كيف يُسمح لرمز أمة عريقة أن يُعامل بهذا، وأين كرامة العراق وسط هذا التجاهل المُخجل؟تفاصيل المشهد ، التي جمعت قادة أكثر من 20 دولة توقيع المرحلة الأولى من خطة السلام في غزة، ظهر “السوداني” متراجعًا في الصفوف الخلفية، بعيدًا عن الأضواء التي استحوذ عليها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والملك الأردني بمعنى آخر أن الأردن ما تزال تسجل نقاط على العراق في المحافل الدبلوماسية الدولية. 

sabahalbaghdadi@gmail.com